محيى الدين غريب
الحوار المتمدن-العدد: 4885 - 2015 / 8 / 2 - 16:45
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لو كنت الإله القادر،
لما كنت خلقت أديان تعتمد على تغييب العقل، وتدعو إلى قبول كل ماهو كائن على علاته، وتجيئ بشرائع وقوانين متضاربة لتناقض بعضها.
ولما كنت أستوحيتها من عبادات سابقة غير سماوية.
ولكنت أنزلتها فى كل مكان وزمان وليست قاصرة على سلالات معينة، أديان متطورة تناسب كل العصور وبلغة غير مكتوبة، لغة نتنفسها لا نقرئها، بلغة تقبع فى الضمير حتى يعقلها كل إنسان أينما كان.
لكنت خلقت أديان تكون آصرة تربط جميع بنى الإنسان، ولاتدعو لحروب فى سبيلها يتجلى فيها تفوق دين على آخر.
ولما كنت خيرت أمة أو شعبا وفضلتهما على العالمين.
لو كنت الإله القادر،
لما كنت صورت نفسى فاقدا القدرة ومغلول الأيدى، وعاجز على الدفاع عن نفسى، فأدعو الناس للقتال وحتى الموت في سبيل أن أمنحهم حبى. كما هو فى الكتب المقدسة.
ولما كنت اخترت وسطاء من البشر لنشر رسالتى، ليتحولوا إلى أنصاف آلهة ويصبحون هم الدين.
لو كنت الإله القادر،
لما كنت خلقت الجينات العدائية ونزعة القسوة والشر فى الإنسان والحيوان.
ولما كنت خلقت هذه الطبيعة العشوائية الطاغية الغير رحميمة القاسية التى يفترس فيها الأقوى الأضعف، وتعصف فيها الأعاصير والبراكين والزلازل لتقضى على الاخضر واليابس. تلك الطبيعة التى تعلم منها الإنسان القسوة والجبروت وعدم الرحمة وكل ماهو غير إنسانى.
لو كنت الإله القادر،
لما جئت بآيات فى الكتب المقدسة تحرض على التمييز العنصرى، وتشيع العبودية والرق والجواري.
ولما كنت أخرجت حواء من ضلع فى آدم، بل أخرجت آدم من ضلع فى حواء، وهو الأكثر منطقيا واقناعا.
لكنت أختصصت بنى آدم بميزات تختلف عن الحيوانات والحشرات، ميزات تتناسب مع ميزة العقل، فلا يكون بقاءه مرهوانا بالحصول على الأكل والشرب والأقتتال من أجل البقاء بمنطق القوة والشراسة، بل ميزات تتحلى باالتسامى والروحانيات.
ولما كنت أصدرت أحكام تهديد ووعيد وترهيب على بنى الإنسان الذى هو من صنعى.
فى معضلة قدرة الإله، نهر معلم العلوم اللاهوتية التلميذ ألبرت أينشتاين عندما رآه سارحا ينظر من النافذة فقال له: ما الذى يشغلك عن متابعة الدرس؟، قال البرت: هل يستطيع الله رفع هذا الحجر الضخم ؟ فرد عليه المدرس: بالطبع هو قادر ويستطيع ذلك. فقال له البرت: وهل يستطيع الله القادر صنع حجر بحيث لا يستطيع رفعه؟. وبالطبع تحير المعلم ولم يجب.
#محيى_الدين_غريب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟