|
حوار بين العقل والعاطفة رقم 45
ابراهيم الوراق
الحوار المتمدن-العدد: 1347 - 2005 / 10 / 14 - 10:14
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
اتذكر هذه الحكايات بعد مرور ردح من الزمن ، لانني امهلت في احشاء الحياة حتى رأيت اشياء تحث على التأمل والتذكر ، وتدعو الى اسرجاع الماضي ، فالزمن كفيل بان ينشر كل مخبوء متستر وراء عباءة الغيب . قلت لصديقي اذا كان هذا حال المفكرين الدينيين فما دور اتباع المدارس المادية من المفكرين والمثقفين ..؟؟ رد علي بصوت جهور : دورهم ان يكونوا همزة وصل بين الامية وعموم الامة ، او ان يشاركوا في عجلة الحضارة باسهاماتهم وابداعاتهم ، ويبقى السؤال المطروح اليوم ، اهل تستطيع النخب المثقفة ، في زمن يتبجح فيه اهل كل بضاعة بتسويق بضاعته ، ان تتحدى ، سقف النسق العام ، والموروث الشعبي ، والعادات والتقاليد المتجذرة في اعماق المجتمع ، وان تجد لها فسحة من حرية لتقول كلمتها في سماء الاراء والمقولات ...؟؟ لوقال احد انا ليبرالي ، او علماني ، او حداثي ، اهل ستسمح له سدنة الفكر الديني ، من سلفية ماضوية ، وصوفية معقمة ، واسلاموية سياسية ، ان ينتحي المنحى الذي يريد ، ام ستمارس عليه الرقابة والحجر ، لانه سفيه ، او زنديق ، او مفتن ، تخشى فتنته ، ويخاف على عقائد الناس منه ، ولكن لو قال احد العلماء ممن يكور العمامة على راسه، ويمشي مشية الهوينا في شارعه. : انا ليبرالي ، لقلنا زنديق مرتزق يريد ترويج بضاعته ، اوفاسد العقيدة يحاول صرف الناس عن الاسلام بتراهاته ، اوموتور يخشى ان تعود الامة الى رشدها فيفقد منافعه ، أوغريبة من غرائب الزمن ، او واحدة من النكايات التي ترزء الابدان. كيف تتحول خشبة مسرح الحياة الى مخدع تمارس فيه الازدواحية واللاعقلانية ؟؟ وكيف يسمح لهذا الصوت المبطبط في اوحال الترتزق ان يكون نغمة اليوم .وموسيقى الاحلام.؟؟ ان الحرية ثمنها بهيظ ، والتضحية من اجلها يضيع منك بهجة الحياة ، ويجعل الالسن الكاذبة تنال منك ، وتقصى من واقع وظيفة الوجود دورك ، هكذا ارى الحرية ، وهكذا بدت لي في زمن الوصاية ، وهكذا تجلت لي في حياة الشطارة والخيانة. اعود لحواري وانا ادونه في بيت صديقي ، وهويقول لي : دع عنك الكتابة واهلها ، وودع محبرتك وقلمها، وتعال الى فضاء العذارى ، وغدران العشق والتهيام، اتدري ياصديقي انني كنت اهيأ رسالة الماجستر ، و اكتب معلوماتي في مسودة اقدمها للاستاذ ليطالعها ، وحين التقي به ازجي له عبارات التحية والاكبار ، وادفع له ماحررته من وحدات الموضوع ، وتالله انه في غالب اوقاته ، يسرح النظر فيها صعودا وهبوطا .وينظر فيها يمنة ويسارا.ثم يقول لي اكمل بحثك ثم بعد ذلك اناقشك فيه ، وحين اتممت بحثي ، ووضعت الكتاب بين يديه ، و قدمت نسخا للجامعة ، وجاء دور المناقشة وتكلم الاستاذ بكلام معجب ، صرت معه لا ادري ، اهل قرأ البحث ام مر عليه مرور الكرام ، ام كان مشغولا عنه بأعمال اخرى . ولما انتهت المناقشة واجتزت هذه المرحلة ، سألت عن الاستاذ فقيل لي انه يعيش وضعية مأساوية !!! لم اسأل عن سببها ، ولكنني علمت انها وضعية المثقف حين يطلب منه الركوع والرضوخ . هكذا قيل لي وانا احكيه بأمانة ، والعهدة على القائل . تعجبت من هذا الكلام ، وقلت في قرارة نفسي : مالي وللجامعة ..؟؟ انا رجل دين ، لا ارضى ان يمتهن احد كرامتي ، لا ان يتبجح علي بعلم او ثقافة ، هكذا نشأت ، لاعلاقة لي ببهو الجامعة ، وطرائق التدريس فيها . كنت اظنها ميدانا تتبارى فيه الافكار ، وتتصارب فيه الاراء ، ويتنافس فيها المفكرون . لكن مقولة صديقي غيرت مفردات من قاموس تفكيري ، واضاءت عندي دهاليز مظلمة في خيالي . قال لي :اياك ان تغتر ...... ثم حكى لي طرائف عن الجامعة ، وعن نوعية العلاقة مابين الطالب والاستاذ ، وعن طريقة سحب النقط الثمينة من جيب الاساتذة الشحاح ، وعن طرق الوصول الى الوظيفة ، هذه القشة التي قصمت ظهري ، وعصفت بكياني .!!! فقارنت بين ماحكي لي ، وبين السمسرة التي تقام باسم الدين ، فوجدت الواقع متجليا في صفحات كون فكري ، حاضرا في غور وجداني !! قلت لصديقي : كيف ترضى ان تكون غريبا وحيدا هنا ؟؟وكيف استحليت العيش بلا وصال الاهل والاقران ...؟؟؟؟؟ قال لي : ان الزمن قد طعن كبرياء من يريدون تحرير الارض ، و فتح الباب لمن يروم طعن الاحرار قال لي :وهو متمدد على سريره ، وزفيره يصعد من جنبات روحه ، ياهذا : ثم عقد جلسته ، ونظر الي ، وكانه يستريبني ، كيف عاملك اهل ميدانك ..؟؟؟ اهل ظننت انني نسيت ذلك اليوم الذي رموك فيه عن قوس واحدة ، واتهموك بكل بلية ، ورزءوك بكل رزية ، بربك عليك لاتتناسى ، وكيف لي لن انسى !! وها انا في يومي هذا ، ومازال فحيح حقدهم يلم بي يوما بعد يوم ، اهل انسى حقدهم ، حسدهم ، كرههم ، وشايتهم ، تهمهم ، افكهم ، ام ماذا انسى ؟؟ قال :انني احمل دبلوم الدراسات العليا ..واهيأ رسالة الدكتورة في مقاصد الشريعة ، ولن اخفيك انني خبرت من صار العلم ميسم عار على جباههم ، وطعنة نجلاء في حياتهم ، ووخزة خزي في ضمائرهم . احكي لك عن استاذ يحمل دكتورة في العلوم الشرعية ، وكان كاتبا مجيدا يتفنن في تراكيب لغة الضاد ، اما دكاترتنا فلا يستطيعون ان يحرروا ورقة تقرير ، بله ان يحرروا مزبورات يدخرونها لابنائهم ، كتب مقالات حول عدم شرعيةحجاب المرأة في الاسلام ، فقامت ضجة كبيرة على كتاباته ، ففي يوم من الايام التقيت به في مكتبة يتبضع آخر الاصدارات في عالم الكتب ، وتقربت منه خطوات، وقلت له يا أستاذ : كيف تعامل معك المؤسسات الثقافة بعدما كتبت مقالتك..؟؟؟ قال لي : اما المبتزون باسم الدين فقد اقاموا الدنيا واقعدوها ، حفاظا كما يوهمون العوام للدين من المساس بسمعته ، واما علماء الوظائف فقد رحبوا بكتاباتي ، واستدعوني للمشاركة في صنع القرار، ولا ادري اهل رغبة منهم في عطائي ؟؟ ام استدراجا للاحتواء والابتزاز ؟؟ قلت :كيف علاقتك مع المنتقدين ؟؟قال هؤلاء الذين انتقذوني برؤية حضارية ، ورأيت ان لهم باعا في المعارف ، رددت عليهم بما اراني قد اجدته من افكار ، اما المتحجرون فقصارى جهدهم ان يملأوا مجالس الناس بالسب والتجريح .وان يصورونا زنادقة مرتدين ، فكفاني ماهم فيه من الرد عليهم ، لان الردعلى امثال هؤلاء مضيعة للوقت ، ومتلفة لخلايا العقل . ذكرني كلامه بحوار ، دار بيني وبين ....من ظن الناس خولا، ورآهم ابقارا .... اعبر بهذا التعبير لانني قد سمعت احدهم يدعوا ويقول : اللهم اجعل العوام ، -ويقصد به الذين لا ينتسبون الى اهل الدين- كالبقر على الشاحنة ...قلت له ..لم يكونون كالبقر المحمول على الشواحن . و لايكونون كالبقر المنقول على البواخر ........ فاجابني ..لان البقر على هذه الهيئة تختلف رءوسهم.وتنعكس ذواتهم ، اما لو اتجهوا متجها واحدا ، لدهسوك بقرونهم ...سبحان الله !!هكذا يتمنى هؤلاء ان تكون امة الاسلام ، امه خانعة ترضي غرور ذا او ذاك !! قلت لمحاوري لم تصبغون الاسلام بامراضكم النفسية وعقدكم الاجتماعية...؟؟ ان الكثير ممن يقودون حياة الناس باسم الدين ، لايتحركون الابمنطق الاستعلاء ، اوبعجرفة المستعبد. لقد التقيت بالكثير منهم ، ورأيت كيف تحبك الاعيبهم ، وكيف يستغلون الدهماء بدهاء ومكر ، وكيف يصوغون السم المنفوث في جسم العقائد والافكار ، وكيف يسوقونه الى اتباعهم . ربما قد تجوس افكار ، حول فهمي لاسرار الكلام الالهي .ومعرفتي باعماق التجربة الروحية العرفانية ، فيظنني منكرا لحقيقتها ، او شائنا لقيمتها.، انني لا اخفي عليك ، وغطاء الليل يسدلني ، أنني دافعت عنها بقلمي ولساني ، وعارضت من يرونها أداة للتخدير والتهجين ، وهلوسة تبتلى بها الادمغة والافكار ، لكنني ، وانا واقف على الضفة الاخرى ، ضفة العقل .....يأبى علي ، ان اسكت عن همجية رعناء. ، وسفسطة خرقاء ، تمارس باسم الدين ، او العرف ، او العادة ، او التقاليد ، وتهجر بها النفوس من مواطن الاحساس ، الى مغاسل الاموات ، وتحمل بها القلوب الى مستنقعات الكره والحقد ، وتحشى بها الارادات بخليط من الخمول واليأس. هذه أولى فصول الحوار ، وهذه مرآة الحقيقة ، وهذه يافطة الحرية.
في عالم الاوهام والخيالات ، تنفذ طفيليات المكر والخداع ، لترفع شعارات عريضة ، ويافطات مزركشة. شعار العودة الى الذات . شعار احياء الضميــــــــر. شعار البعث الدينــــــي. شعارات رفعها سدنة الفكر الظلامي ، ودعاة اللاعقلانية ، وهي شعارات يرفعها كل من رام ايقاع الناس في قيد الرق والاستعباد ، اوحاول الوصوا الى حياة الترف والرفاه باستغلال الدين ، فقد رفعها قتلة الانبياء وابناء المرسلين ، وما زالت ترفع والى اليوم ، وان انفتح العالم وصار قرية صغيرة. وسوف يرفعها في الزمانين الحاضر والمستقبل كل من حام فكره حول عالم الشهرة والاضواء. ولابد ان انحي عن ذهنك ، ايها القارئ عموم (اي تعميم )ما اكتب ، ففي كل مجال دائما طرفان يتصارعان، طرف دوافعه روحية تنشأ من منطلقات الايمان.وطرف تسميله الرياح العاصفة ، والسحاب الكثيف ، فحيثما هبت البركة نزل معها ، واذا ما ارتحلت طوى رحلة منتقلا معها ، انني لا اتحدث عن هؤلاء الذين تزكيهم في نفسك ، وتقدمهم بين يديك ، انما اتحدث عن طائفة قد تكون كثيرة ، او قليلة تستغل الدين ، وتستجمع به الحطام ، وتنال به المتع ، اما اؤلئك الذين يؤدون وظيقتهم ثم ينصرفون ، فلا اجد في نفسي نفرة منهم ، بل ادافع عنهم ، واطالب باحترامهم وحين استفسر عقلي اهل أنا مخطأ او مصيب في كرهي لهؤلاء المتصلفين في ميدان الخطابة والوعظ ؟؟؟؟ يتألى علي ، ويقول :انهما طريقان :طريق الاشواك ، وطريق الاضواء ، ولاادري وانا استفسرعاطفتي ، كيف تزرع الاشواك في طريق الورد..؟؟؟وكيف لايسمح لنا بالمرور الى باحة الانواربلا اضواء ؟؟؟ ان مقدار اصابتنا بالعجف في افكارنا ، يعرف بمدى قربها من ملابسات حياتنا ، وبعدها عن المزايدات الكاذبة ، والارقام الفارغة. واعود ، لاسال عقلي ، لماذا ، لايقبل العليل بعلته ، ويرضى العاجز بعجزه..؟؟؟؟؟ قال لي :هكذا الخلق.. ، حقيقة قرآنية ، ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ، ولكن اختلفوا على مذاهب عدة , فمنهم الصادق والكذوب. ووحين طرحت السؤال على صاحبي , وجدته غافيا , فقال لي : _ربما قد وعى ما تحدث به...او تخبط في كلامه ، فلم ادر ماقال.. _ ان مايعلب في مخابرهؤلاء..(من هم ...؟؟؟..النوم قد غلبه ..وعيناه ترمشان.. ربما احلام يقظة...المهم لم يقل من هؤلاء) بنيات صادقة ، او خادعة ، لايمس جوهر الحقائق في شيء ، انماهو اعادة تركيب للمشهد كما كان ، وترتيب للحقول التربوية والفكرية ، على شاكلة ماضيها بلا تغيير ولاتحوير.. وهذا وان اضاف الى رصيد ارتباطنا بماضينا التليد ، وقيمنا الحضارية الخالدة نوعا من الديمومة والاستمرار ، فإنه يقصي جانبا مهما من تحليل عقولنا ، وارتباطنا بحياتنا ، وربما قد يكرس هذا عندنا نظرية التقليد والتابعية للتراث ، ويهيمن على مساحات حرة من التفكير ، ويزيل سطور الابداع والتوليد من لوحات عقولنا، ويقصي تطلعاتنا الى حاضرنا الذي تهيمن عليه التقنية والآلة وانت ترى ياصديقي ، هذه المهاترات التي خيمت على مناخها الفكري ، وجثمت على اذهان كثير من الانتاج الفكري والادبي، بل حتى الابداع العلمي ، في وطننا الاسلامي تغلب عليه الحماسة والمزايدة ، والنظرةالارتجالية التي تختزل الواقع في جزئيات بسيطة تلف العلائق الآدمية بسواد الحقد والشنآن ... فهذا الاحساس الذي ارتبطت به نفوس هؤلاء ، لن يدع الفرصة سانحة لكل من اراد يتحرك من اجل الحرية والكرامة ، ولن يترك طريقا يعبر عليه اهل الرأي الا وقدعبد بالأشواك والمتاريس الشائكة، فمن يطيق الحركة في هذه الفضاءات المتعفنة ، والبساتين القاحلة ، انني لااظن احدا سيقامر بنفسه ، وينتزع من ذاته دماء باردة لتلقي ما سيصادفه من شواظ هؤلاء. ان اسلاك الوهم ، وحبائل الخداع ، .قد غلت بها عقولنا في زمن ندعي فيه ان فجر الحريةقد ظهر ، واخشى ان تتطور وسائل المقاومة عند المتحجرين الى الاثارة الكاذبة ، والاغراءات الفاتنة، اوالابادة والازالةمن باحة الوجود ، .فتنطمس للحق معالمه، وتداس للكرامة اهلها ، وربما يقضى عليهم فلايعودون الى مثلها ابدا........ جلست استمع اليه ، حتى اتم مزبوره، وانهى منطوقه ، ولم اساله بعد ذلك اهل كان نائما ام يقظا في الصباح الباكر ، وانا بعد لم استيقظ ، جاءني على حين غفلة..يتفل ويسب ..قلت له ياهذا : لاتتحامق ..ما الخطب...؟؟؟ أهل هذه هي قهوة الصباح ؟؟ قتلك الله من مشاكس !!! اجابني بسرعة ، ايها الشيخ الملثم في ازاره ، المتلفع في رداء نومه، انفض عنك هوج الاحلام ، واستقظ لليوم الجديد... نظرت اليه ، فاذا به يسخر من الزمان ، واظنه يقول لنفسه :لو علم النائم بخبري لرحم مني الشعور والألم ، ولما ذكرنا بايام سعدى وليلى ، ابتسمت بصدق ، وقلت له : من هذا المشنوءالذي عكر صفو مزاجك في هذا الصباح الصبيح ، ثم علتني ابتسامة استفز بها اعماق قلبه
، قال يامولاي : ليس للفضيلة في حياتنا موقع ولامكان . ظننته متشائما من هزات الحياة ، وعواصف الايام ، لكنه لم يترك لي فراغا لافكر ، ولا لابحث عن سر هذا اليوم !!! بل قال لي بسرعة فائقة : قرأنا نظريات الاخلاق ، واستمعنا الى محاضرات في علم الادب والسلوك ، ولم نر لهذا اثرا في سيرنا، ولا وجودا في سلوكنا ، اهل تظن ايها المغفل ، ان الحياة ارقام ومعادلات ..كلا ..!! انها حظوظ ..وما اقلها..ووسائط ..وما اكثرها..!!ووجاهةالاباء والاجداد...!! هذه جغرافية الحياة والوظيفة ،..فتذكرت اناسا افترشوا الذل ، وتوسطوا بالهبات ، وزوروا وثائق الانتساب الى المؤسسات التعليمية ، حتى حصلوا على مناصب وثيرة ، واحرزوا مقاعد يشغلونها اليوم بابدانهم المكتنزة ،!!!وكانني باحدهم يقول :هذا منصبي قد اشتريته بخالص مالي فلا ينازعني فيه احد ... سالته سؤالا عفويا ، اهل هذا موجود في ارباب الفكر والكتابة.. ؟؟؟؟؟؟؟ فقال جهينة الاخبار: ..وهل يخلوا من ذلك مكان..فهمت الاشارة .وقرأت في عينيه الرمز والايحاء. في هذا الصباح ، رأيته يحكي بنبرته الحزينة ، وصوته قد علته غمامةمن اليأس ، وبحة لا تكاد الايام تأتي بها الا مع اشتداد الازمة ، وحلكة الحياة. الى اي دين ننتمي ..؟؟ والى اي امة ننتهي..؟؟وعن اي حضارة ننافح..؟؟وعن اي شعب نكافح..؟؟...اسئلة محرجة في زمن الاشتباه.وافكار تحتاج في صياغتها الى نوع زائد من الحنكة والدربة الساسية ، اذهلني ماسمعت منه مما لم احكه !!!، وليتني لم اكن معه في بيته حتى اناقشه نقاشا حادا ، وارافعه الكلام حتى اتعرف على خبيئته ، ولكنني مدين له بالضيافة الفذة ، وساتحترم قانون البيت ، وان خطر ببالي ، ان انحرافا ما قد اصابه في عقيدته ، فهل مازال هذا مؤمنا بالمبادئ الذي ناضل من اجلها في باحة الكلية ؟؟ ام ودعها بعدما علم انها سلاليم ارتقت منها الى فضاء الشهرة تلك الاجساد المنتفخة اليوم بمال الحرام !!، أوالتي كانت في يوم من الايام ابواقا للغير ، اومستأجرة في مصاغة الافكارالماضوية ، يسبون الانظمة في الظلام ، ويلعنون الواقع في الكواليس ،... ثم خلت منهم تلك المعاهد ، وهاهم اليوم يوجهون ويخططون ، وتالله لا ادري كيف تحول ند البارحة الى حمل وديع ، يلاطف من خاله بالامس عدوا لذوذا ، فكيف تحول السلفيون من اللامذهبية الى التمذهب بمذهب رسمي ؟؟؟ وكيف تحولت ابواق الحركات الاسلاموية الى موظفين في اجهزة القرار الديني الرسمي ؟؟؟ أهل تابت منهم الارواح والقلوب والالسن ؟؟ ام لبريق الكرسي والوظيفة تأثير على المبادئ القديمة ؟؟ ام حالوا ان يجمعوا بين النقيضين في عقولهم ؟؟؟ اتمنى بحكم مواطنتهم الصادقة ان يكونوا مثالا لما يدعون اليه من مبادئ في يومهم وامسهم ، وان يحكموا عقل الامة لا عاطفتها ..!!! : عودة لقد جاءت صرخاته كالقنابل تحرك مني الوجدان ، وتحيي مني رميم الافكار، تأوه في تباطؤ ، ثم قال : اذا كان ما نلمسه في اوطاننا من بلبلة فكرية ، وهوس حضاري ، نتيجة حتمية لهذه السموم التي استنشقناها من نتن افكار هؤلاء الظلامنيين والمتسلطين على اعناقنا بالوصاية على الدين ، فماذا تنتظر من هذه الاقزام التي تذوب حشاشتها مع وميض الدرهم والدولار..؟؟ أي تعقل يدعيه هؤلاء الذين يصطادون الحريات ، ويصكون الاذان ، ويبكمون الافواه....؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ان الصراع القائم بين المدرسة الحداثية التي تتبنى طروحات العولمة ، والمدرسة الشكلانية القائمة على تعظيم التراث ، وتقديس الاشكال والصور الحضارية ، صراع بين تيارين متناقضين ، فالاول : يمشي الى الامام بعقلية مخالفة لقانون النسبة الحضارية ،!!!(لان الحضارة كما صورها ....في تعارك محموم مع الحضارة الاسلامية ) الثاني : يمشي الى الوراء ، مستشرفا الحاضر بخلفيات ماضوية ، تمتد بجذورها الى اعما ق تجارب التاريخ الاسلامي ، وكلا التجربتين ستنتهي الى محصلة واحدة ، ونتيجة متساوية ، فكلاهما يسعى الى لف واقع بنشر واقع آخر موهوم ، فالصراع سيبقى ممتدا بين التيارين ، لن ينتهي حلقاته ابدا .وستحاول كل طائفة ان تبتلع الاخرى ، أوأن تستأصل شأفتها مادام وجودها يقلق راحة الاخرى ، ويقف في طريق الوصول الى اهدافها، والذي يأجج هذا الصراع ويذكيه فترة بعد فترة ما نراه من تناقض الرأيين في الحضارة العلمية التي اقامها الغرب الكافر!!! في اعتبار التراثيين . فاعتبارهم هذا يقلل من شأن آرائهم ، وينقص من قيمة تفكيرهم ، ويجعلهم بداية الشرور ، ونهاية الاثام ، بينما نجد الطائفة الاخرى ابتعد ت من التشبث بماضي الاجداد والاباء ، لانها تخاله تجربة حاصلة في زمن غير زماننا ، او تنظر اليه معيقا للتنمية والتقدم . و هي اقرب بكثير من فهم الحقائق الكونية ، و اكثر استفادة من الفضول العلمي الغربي ، لكن عيبها انها تجاوزت خطوط التماس الواقعة على ضفة الاخلاق والقيم ، وانحاشت كثيرا للتقنية الحديثة ، وسلوكيات الغرب ، معتبرة ان تقدمنا مرتبط بذوباننا في الغرب بدون مراعاة لخصوصيتنا ، وهذا في اعتباري يشكل نقطة الارتكاز التي دارت حولها الصراعات بين التيارات المتأسلمة ، والتيارات المتعلمنة والحداثية . ففي لقائي بصديقي كنا نناقش هذا الصراع ، ونتحاور حوله، فتعترك فيه افكارنا ، وقد تنسجم فيه آراؤنا ، ويكفيني انني دافعت عن التجارب الماضوية ، ولكنني اعوزتني الحجة ، وبخلت علي كراريس تاريخ امتي بتجربة خالية من الصراعات ، فقلت لعاطفتي : بهذه العفوية في التفكير ، والاعتباط في اقرار المصير، تتحول امتي الى بيادق على رقعة شطرنج الحداثتيين والتراثيين ، فمن منهما سيكون اقدر على اثبات جدارته ، واثبات مكانته ، فيستضيفنا على بساطه ، ويردفنا من نواله . قال لي صاحبي ..: ان هذه الافكار المتبارية في ساحتنا الثقافية والفكرية لاتنظر الينا على اننا جزء لايتجزأ من تركيبة هذا الكون نمتلك الخيار في تحقيق ذواتنا ، وانما تنظر الينا على اننا رعايا تملك علينا وصاية وسلطة ، وتتمنى بقاءنا في حظيرة التبعية والانبهار حتى تكون له الفصل في وجودنا ، فماذا يريده هؤلاء منا ، اهل لعجفهم !! ونقصان الدم في شرايينهم !! يريدوننا بهائم في حضائرهم يسوقوننا حيثما اتجهت انانياتهم وغرورهم !!!
فهل الافكار تصنع الرجال؟؟ ام تصنع الرجال لخدمة الافكار؟؟ اننا لاندافع عن الانسان عاطفة وشعورا وحاجات ملحة ، وانما ندافع عن ايديولوجيات تغزو كياننا وتفكيرنا، وتريدنا او نريد منهااستعباد الانسان واسترقاقه ، فهذا هو الفرق بيننا وبين الغرب ، ففي الغرب يحترم القانون الانسان ، والسياسة تخدم الانسان ، والثقافة فعل الانسان ، فكيف نقايس بيننا وبينهم ، وقد ثبت لدينا بالواقع الذي لا يرتفع انهم اقاموا حضارة علمية تتحرك بها دواليب العالم اليوم ، اهل نكابر ونقول ( كما يقول المتأسلمون : انها ستزول ، الاسلام قادم ،حقيقة الاسلام قادم ، ولكن باي تصميم ) بانها وهم وخيال ، وها أنت تراها ساطعة لا تقبل الشك والارتياب . يقول لي صديقي : ان الصراع سيستمر، ومحاولات الابقاء على الذات ستمتد ، وحين يستبد احدهما بافناء الاخر، يصلي من اجله صلاة الوداع ، وحين يستأثر احدهما بالبقاء فلا علينا الا ان نطبل ونزمر له . لكن السنن الجارية في نظام الكون قررت ان يبقى لكل عهد محبوه ، ولكل دين مقلدوه ، ولكل حضارة ابناؤها ، ولكل ثقافة روادها ، ولكل بطولة بقية من ارتباط ، وأثرة من اقتباس ، وهذه المسحة المستجنة في لاشعور كل واحد ا لن تدع فرصة القضاء لهؤلاء او لأولئك، أو استئثارهؤلاء دون غيرهم بالبقاء والوجود ، بل تخمد نيران فئة منصرفة من الواقع ، بتطاير شرارة فئة اخرى في آفاق الوجود ، وتستمر الفرحة حتى تعقبها نكسة الانهزام . فالافكار هكذا لاتموت تضعف في زمن ، وتستعيد قوتها في زمن آخر . ثم تبني لها واقعا ولو الى اجل مسمى ، ثم تتحرك في فضائها غير آبهة بما يندها بالبقاء حتى تموت ، وهكذا دواليك .
#ابراهيم_الوراق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار بين العقل والعاطفة -رقم 1-2-3-
-
ثورة من أجل الحقوق أم على الظلم...؟
-
مجالس سامرة ..محاورة بين التلميذ وشيخه
المزيد.....
-
كلمة مرتقبة لقائد الثورة الاسلامية بذكرى تأسيس منظمة تعبئة ا
...
-
كلمة مرتقبة لقائد الثورة الاسلامية آية الله السيد خامنئي بمن
...
-
إيران تنفي التورط بمقتل حاخام يهودي في الإمارات
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين
...
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|