|
لم يتعين على الماركسيين الا يدعموا الاصوليين الاسلاميين ؟ بقلم مازيار رازى - القسم الثانى
سعيد العليمى
الحوار المتمدن-العدد: 4883 - 2015 / 7 / 31 - 20:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ترجمة سعيد العليمى لم يتعين على الماركسيين الثوريين الا يدعموا الاصوليين الاسلاميين ؟ بقلم مازيار رازى نقد لمفهوم حزب العمال الاشتراكى عن الثورة الدائمة نظرية الثورة الدائمة ان السؤال الذى يتعين الاجابة عليه هو هذا : ماذا يكمن وراء تبرير انحراف حزب العمال الاشتراكى او بأى شئ يرتبط جذرموقفه ازاء الاصولية ؟ ان حزب العمال الاشتراكى يعتبر نفسه منظمة ماركسية ، لينينية ، تروتسكية واممية : " الاممية هى فى قلب اى سياسة اشتراكية حقيقية . الراسمالية نظام عالمى ، ويمكن تحديها بفعالية بواسطة حركة ثورية اممية . ان مؤسسي التقليد الثورى الاشتراكى لعبوا دورا قياديا فى حركات كهذه .— ماركس فى جمعية العمال الاممية ، ولينين وتروتسكى فى الاممية الشيوعية ( الموقع الرسمى لحزب العمال الاشتراكى ) "تبقى الفكرة الرئيسية لنظرية تروتسكى صالحة ابدا : على البروليتاريا ان تواصل نضالها الثورى حتى الانتصار على مستوى العالم كله . ولايمكن ان تحقق الحرية اذا ما قصرت عن ذلك . "( الثورة الدائمة بقلم تونى كليف . طبع اولا فى جريدة الاشتراكية الاممية ، الحلقات الاولى ، رقم 12ربيع 1963 ) قبل ان نتناول مراجعة حزب العمال الاشتراكى لنظرية الثورة الدائمة وموقفها من الاصولية الاسلامية ، التى اشتقت بشكل مباشر من هذا الموقف المراجع ، لابد من ان نفحص المفهوم الفعلى عن الثورة الدائمة . لقد ظهرت نظرية الثورة الدائمة مع تروتسكى تأسيسا على خبرة ثورة 1905 ( التى كتبت فى الثورة الدائمة ونتائج وتوقعات ) واصبحت اساس ثورة اكتوبر – تشرين عام 1917 فى روسيا التى ازالت فى وقت واحد النظام القيصرى شبه الاقطاعى – شبه الرأسمالى وصادرت املاك البورجوازية وملاك الارض . ناقضت الخبرة الحية للثورة الروسية اعتقادا تبناه كثير من الماركسيين حتى ذلك الحين . فقد اعتقد ماركسيون مثل كاوتسكى وبليخانوف ان البلدان الصناعية المتقدمة هى التى كانت جاهزة للثورة الاشتراكية . لقد جادلوا بأن البلدان سوف تحقق سلطة العمال باتساق صارم مع المرحلة التى بلغوها كتشكيلة اجتماعية وتكنولوجية . اما البلدان المتخلفة فيمكن لها ان ترى صورتها المستقبلية فى مرآة البلدان المتقدمة . فقط بعد فترة طويلة من عملية للتطور الصناعى وانتقالا عبر نظام بورجوازى برلمانى يمكن للطبقة العاملة ان تنضج بما يكفى لطرح قضية الثورة الاشتراكية . وقد رأى لينين ان الثورة المقبلة بورجوازية ، ولكنه مضى خطوة ابعد من الآخرين فى فهم الطبيعة الرجعية للبورجوازية الروسية قبل ان تصل حتى للسلطة ، وعلى ذلك قرر الحاجة لسياسة مستقلة للطبقة العاملة . اعتقد كل الاشتراكيين الديموقراطيين الروس – مناشفة وبلاشفة – ان روسيا مقبلة على ثورة بورجوازية ، ناجمة عن التناقض بين قوى الانتاج الرأسمالية من ناحية ، والاوتوقراطية ، وكبار ملاك الارض ، وبنى اقطاعية اخرى مازالت موجودة من ناحية اخرى .على اية حال ، استنتج المناشفة ان البورجوازية سوف تقود الثورة بالضرورة ، وسوف تستولى على السلطة السياسية . وظنوا ان على الاشتراكيين الديموقراطيين ان يساندوا البورجوازية الليبرالية فى الثورة ( بوصفهم جناحها اليسارى ) ومدافعين فى نفس الوقت عن المصالح الخاصة للعمال فى اطار الراسمالية بالنضال من اجل تحقيق الاصلاحات الاجتماعية ومطالب الحد الادنى . وافق لينين والبلاشفة على ان الثورة سوف تكون بورجوازية فى طابعها وان هدفها لن يتجاوز حدود الثورة البورجوازية . " الثورة الديموقراطية لن تمتد ماوراء اطار العلاقات الاقتصادية – الاجتماعية البورجوازية ... هذه الثورة الديموقراطية فى روسيا لن تضعف بل ستقوى سيطرة البورجوازية " ( تاكتيكا الاشتراكية الديموقراطية فى الثورة الديموقراطية ، 1905 ) . كيفما كان الامر ، تخلى لينين عقب ثورة فبراير – شباط عن وجهة النظر هذه . كان مايزال يكتب فى سبتمبر 1914 ، ان الثورة الروسية ينبغى ان تقتصر على تحقيق ثلاث مهام جوهرية : " تأسيس جمهورية ديموقراطية ، (حيث تمنح المساواة فى الحقوق والحرية الكاملة فى تقرير المصير لكل القوميات ) مصادرة ملكيات كبار ملاك الارض ، وتطبيق نظام الثمان ساعات كيوم عمل . " بينما اختلف لينين جوهريا عن المناشفة فقد كان مصرا على استقلال حركة الطبقة العاملة عن البورجوازية الليبرالية وعلى الحاجة الى القيام بالثورة البورجوازية حتى النصر وضد مقاومتها . وفى تعارض مع التحالف الذى رعاه المناشفة بين الطبقة العاملة والبورجوازية الليبرالية – دعا لينين لتحالف الطبقة العاملة مع الفلاحين . وبينما توقع المناشفة حكومة مكونة من وزراء بورجوازيين ليبراليين بعد الثورة ، تصور ائتلافا مكونا من حزب العمال وحزب الفلاحين ، اى " دكتاتورية ديموقراطية للعمال والفلاحين " حيث سيكون للحزب الفلاحى الاغلبية . وسوف تؤسس " الديكتاتورية الديموقراطية " جمهورية ، تصادر فيها كبار ملاك الارض وتطبق يوم العمل من ثمانى ساعات . وبعدها سيكف الفلاحون عن ان يكونوا ثوريين ، فسوف يكونون من اصحاب الملكية وانصار الوضع الاجتماعى القائم ، وسوف يتحدون مع البورجوازية . سوف تصبح البروليتاريا ، بالتحالف مع سكان القرى البروليتاريين وشبه البرليتاريين المعارضة الثورية ، وسوف تفسح المرحلة المؤقتة ل " الديكتاتورية الديموقراطية " الطريق امام حكومة محافظة ضمن اطار الجمهورية البورجوازية . كان تروتسكى مقتنعا مثل لينين بأن البورجوازية الليبرالية لايمكن ان تنجز اية مهمة ثورية باتساق ، وأن الثورة الزراعية ، وهى عنصر جوهرى فى الثورة البورجوازية يمكن ان تنجز فقط بواسطة تحالف الطبقة العاملة والفلاحين . لكنه لم يتفق مع لينين حول امكان قيام حزب فلاحى مستقل ، مجادلا بأن الفلاحين كانوا منقسمين بشكل حاد بين اغنياء وفقراء حتى يمكنهم تشكيل حزب مستقل يخصهم . فى كتاب نتائج وتوقعات ردا على صياغة لينين كتب : " لهذا السبب لايمكن ان يكون هناك اى كلام من اى نوع عن شكل خاص للديكتاتورية البروليتارية فى الثورة البورجوازية ، عن ديكتاتورية ديموقراطية بروليتارية ( او ديكتاتورية البروليتاريا والفلاحين ) . لايمكن للطبقة العاملة ان تحفظ الطابع الديموقراطى للديكتاتورية دون ان تحجم عن ان تتجاوز وتتخطى حدود برنامجها الديموقراطى . اى اوهام حول هذه المسألة ستكون مميتة . سوف يساومون على الاشتراكية الديموقراطية من بداية البداية ." " ... سوف يكون من الواضح كيف ننظر لفكرة " ديكتاتورية عمال وفلاحين " ، وهى ليست فى الواقع مسألة مااذا كنا ننظر اليها بوصفها مسموح بها مبدئيا ، مااذا كنا " نرغب بالفعل او لانرغب " فى مثل هذا الشكل للتعاون السياسي . نحن نفكر ببساطة فى انها غير قابلة للتحقيق ... كل تجارب التاريخ ، ... تظهر لنا ان الفلاحين غير قادرين كليا على لعب دور مستقل . والبروليتاريا تنمو وتتقوى بقدر نمو الرأسمالية . بهذا المعنى فإن تطور الرأسمالية يدل على تطور البروليتاريا نحو الديكتاتورية . ولكن فى اليوم والساعة التى تنتقل فيها السلطة لأيدى البروليتاريا يعتمد ذلك مباشرة ليس على الدولة او القوى المنتجة ، وانما على اوضاع الصراع الطبقى ، على الوضع الدولى ، واخيرا ، على سلسلة من العوامل الذاتية :التقاليد ، المبادرة ، الاستعداد للصراع ... " "، يمكن للبروليتاريا فى مجتمع متخلف اقتصاديا ان تصل الى السلطة بشكل اسرع مما فى البلدان المتقدمة اقتصاديا . فى عام 1871 اخذت بشكل واع بين يديها ادارة الشؤون الاجتماعية فى باريس البورجوازية الصغيرة – وفى الحقيقة لمدة شهرين – لكنها لم تستلم السلطة لساعة واحدة فى المراكز الرأسمالية القوية فى انجلترا والولايات المتحدة . ان مفهوما من نوع الاعتماد الآلى للديكتاتورية البروليتارية على القوى التقنية وموارد البلاد هو تحيز مشتق من مادية " اقتصادية " مبسطة بشكل مغالى فيه . ليس لوجهة النظر هذه مايجمعها بالماركسية . ان الثورة الروسية ، من وجهة نظرنا ، تخلق مثل هذه الاوضاع التى يمكن فى ظلها ان تنتقل السلطة للبروليتاريا ( ولابد من ذلك فى ثورة منتصرة ) حتى قبل ان تكتسب سياسة البورجوازية الليبرالية امكان ان تأتى بعبقريتها الدولتية فى كامل تجليها ." " تنمو البروليتاريا وتتقوى مع نمو الراسمالية . بهذا المعنى فان تطور الراسمالية يدل على تطور البروليتاريا نحو الديكتاتورية . ولكن يعتمد اليوم والساعة التى تنتقل السلطة فيهالأيدى البروليتاريا مباشرة ليس على الدولة او حالة القوى المنتجة ، وانما على اوضاع الصراع الطبقى ، على الوضع الدولى ، واخيرا على سلسلة من العوامل الذاتية ، التقاليد ، المبادرة ، الاستعداد للصراع ... " " تخلق الثورة الروسية فى رأينا ، مثل هذه الاوضاع ، التى يمكن فيها للسلطة ان تنتقل الى البروليتاريا ( ولابد من ذلك فى ثورة منتصرة ) حتى قبل ان تكتسب سياسة البورجوازية الليبرالية امكان ان تأتى بعبقريتها الدولتية بكامل تجليها ." ( هذه الفقرة مكررة هكذا فى النص الاصلى – المترجم ) لقد برهنت ثورة 1917 فى روسيا على صحة كل اطروحات تروتسكى . فقد كانت البورجوازية معادية للثورة ، وكانت البروليتاريا الصناعية هى الطبقة الثورية ، تبع الفلاحون الطبقة العاملة ، نمت الثورة الديموقراطية المناهضة للاقطاع وتحولت الى اشتراكية مباشرة ، وادت الثورة الروسية الى حدوث انفجارات ثورية فى اماكن اخرى ( فى المانيا ، النمسا ، المجر ، الخ ) . واخيرا ، وياللحسرة فإن انعزال الثورة الاشتراكية فى روسيا ادى الى تحللها وسقوطها . ولكن هذا المفهوم عن الثورة الدائمة ، الذى سبق وان قبله حزب العمال الاشتراكى ، قد راجعه تونى كليف . نظرية الثورة الدائمة بعد ان راجعها تونى كليف لخص تونى كليف ، المنظر الاساسي لحزب العمال الاشتراكى نظرية الثورة الدائمة على النحو الآتى : " يمكن تلخيص العناصر الاساسية لنظرية تروتسكى بشأن الثورة الدائمة فى ست نقاط : 1 – ان البورجوازية التى تصل الى المشهد متأخرة تختلف جوهريا عن اسلافها الذين ظهروا منذ قرن او قرنين ابكر . فهى غير قادرة على تقديم حلول ثورية ديموقراطية متسقة للمشاكل التى طرحها الاقطاع والاضطهاد الامبريالى . انها غير قادرة على القيام بتدمير كامل للاقطاع ، وتحقيق استقلال قومى حقيقى و ارساء الديموقراطية السياسية . لقد كفت عن ان تكون ثورية ، سواء فى البلدان المتقدمة ام المتخلفة . انها قوة محافظة بشكل مطلق . 2 – يقع الدور الثورى الحاسم على عاتق البروليتاريا ، حتى ولو كانت غضة وقليلة العدد . 3 – نظرا لانهم غير قادرين على العمل المستقل ، فسوف يتبع الفلاحون المدن ، وبالنظر الى النقاط الخمس الاولى ، لابد ان يتبعوا قيادة البروليتاريا الصناعية . 4 – يتطلب اى حل متسق للمسألة الزراعية ، للمسألة القومية ، كسر القيود الاجتماعية والامبريالية التى تعوق التقدم الاقتصادى السريع ، يتطلب ضرورة التحرك ماوراء حدود الملكية الخاصة البورجوازية . " تتنامى الثورة الديموقراطية وتتحول مباشرة الى ثورة اشتراكية ، ومن ثم تصبح ثورة دائمة ." 5 – ان اكمال الثورة الاشتراكية " داخل الاطار القومى امر لايقبل التفكير فيه ... وعلى ذلك تصبح الثورة الاشتراكية ثورة دائمة بمعنى احدث واعرض للكلمة ، فهى تحرز اكتمالها فقط فى الانتصار النهائى لمجتمع جديد على كامل كوكبنا " انه لحلم ضيق ورجعى ان نحاول ونحقق " الاشتراكية فى بلد واحد " . 6 – نتيجة لذلك ، فان الثورة فى البلدان المتخلفة سوف تقود لانفجارات فى البلدان المتقدمة . ثم يساءل بعدئذ مناسبة الثورة الدائمة بهذه الطريقة : " بينما الطبيعة المحافظة، الجبانة للبورجوازية متأخرة التطور ( نقطة تروتسكى الاولى ) هى قانون مطلق ، فان الطابع الثورى للطبقة العاملة الغضة ( النقطة الثانية ) ليس مطلقا ولاحتميا ... وقد اثبتت التجربة حتى الآن كلا من قوة الحوافز الثورية لدى العمال الصناعيين فى الامم الصاعدة ، وضعفهم المميت . ولا يوجد ربط آلى بين التخلف الاقتصادى والنضالية السياسية . " "حالما نشك فى الطبيعة الثورية الثابتة للطبقة العاملة وهى العمود المركزى لنظرية تروتسكى فإن كل البناء ينهار . ولاتتحقق نقطته الثالثة ، لأنه لايمكن للفلاحين ان يتبعوا الطبقة العاملة غير الثورية وكل العناصر الاخرى ستتبعهم بالمثل . لكن هذا لايعنى الا شئ يحدث ... " " تلك القوى التى ينبغى ان تقود الى ثورة اشتراكية عمالية وفقا لنظرية تروتسكى يمكن ان تؤدى حال غياب ذات ثورية ، البروليتاريا ، الى نقيضها ، اى راسمالية الدولة . استخدام ماله صلاحية عامة فى النظرية وماهو عارض ( بناء على النشاط الذاتى للطبقة العاملة يمكن ان نصل الى تنويعة مفادها ، انه نظرا للافتقار الى اسم افضل ، يمكن ان نسميها ثورة دائمة ، منحرفة ، نحو رأسمالية دولة ." " كانت نفس الطريقة الى جرت بها الثورة فى روسيا فى 1905 و1917 وثورة 1925 -27 فى الصين تجليات كلاسيكية لنظرية تروتسكى ، وكذلك وصول ماو وكاسترومثالان كلاسيكيان ، وهما انقى التجليات واشدها تطرفا عن " ثورة دائمة منحرفة " . من المثير ان نلاحظ الصيغة القائلة ان " "حالما نشك فى الطبيعة الثورية الثابتة للطبقة العاملة وهى العمود المركزى لنظرية تروتسكى فإن كل البناء ينهار" هنا الافتقار للقيادة الثورية ، حزب ثورى مثل حزب لينين البلشفى يعمى ويشوش بادعاء افتقار الطبقة العاملة ل " الطبيعة الثورية " . اذا مابدأ احدهم نزولا فى هذا الطريق تكون النتيجة النهائية هى التشوش التام . وينتهى تونى كليف الى : " بالنسبة للاشتراكيين الثوريين فى البلدان المتقدمة ، يعنى التحول فى الاستراتيجية انهم بينما يتعين عليهم ان يواصلوا معارضة اى اضطهاد قومى للشعوب المستعمرة بلا قيد ولاشرط ، يجب ان يكفوا عن الجدل بشأن الهوية القومية للطبقات الحاكمة المقبلة فى آسيا ، وافريقيا وامريكا اللاتينية ، وبدلا من ذلك عليهم ان يتقصوا المنازعات الطبقية والبنى الاجتماعية المستقبلية لهذه القارات . ان شعار طبقة ضد طبقة سوف يصبح حقيقة اكثر فاكثر" . ( الثورة الدائمة بقلم تونى كليف . نشر لأول مرة فى جريدة الاشتراكية الاممية ، الحلقات الاولى ، عدد رقم 12 ، ربيع 1963 ) . بايجاز شديد ، يجادل تونى كليف بأن نظرية تروتسكى عن الثورة الدائمة باتت عتيقة لأن " الطابع الثورى للطبقة العاملة الغضة ليس مطلقا ولاحتميا ... حالما نشك فى الطبيعة الثورية الثابتة للطبقة العاملة وهى العمود المركزى لنظرية تروتسكى فإن كل البناء ينهار " وسوف تملأ قوة جديدة " الانتليجنسيا " " الفراغ الروحى والسياسي " ! وسوف تكون مهمة " الاشتراكيين الثوريين فى البلدان المتقدمة ان يكفوا عن الجدل بشأن الهوية القومية للطبقات الحاكمة المقبلة فى آسيا ، وافريقيا وامريكا اللاتينية " ! بمعنى آخر ، يعلن تونى كليف بوضوح تام انعدام مركزية الطبقة العاملة فى الحركة المناهضة للرأسمالية . وينتقل باتجاه الدفاع عن قيادة البورجوازية الصغيرة مثل " الانتلجنسيا " الماوية او الستالينية فى آسيا ، وافريقيا وامريكا اللاتينية ." وهذا الخط " الجديد" ليس قطعا مع الموقف التقليدى التروتسكوى بصدد الثورة الدائمة فحسب ، بل انه مراجعة للماركسية كذلك . كانت نظرية تروتسكى تطويرا ، تطبيقا وتوسيعا لتحليل ماركس لثورات 1848 . وحتى قبل هذه الثورات ، فقد توقع البيان الشيوعى ذلك بسبب " الاوضاع المتقدمة " و " البروليتاريا المتطورة فى المانيا ، " الثورة البورجوازية فى المانيا لن تعدو ان تكون افتتاحية لثورة بروليتارية تعقبها مباشرة " ( ماركس ، المختارات ، المجلد الاول ، لندن ، 1942 ، ص 241 ) . وصرح ماركس بعد هزيمة 1848 بأنه بعد ان واجهتنا حقيقة عجز البورجوازية عن القيام بثورة مناهضة للاقطاعية ، فإن على الطبقة العاملة ان تناضل من اجل تطوير الثورة البورجوازية الى بروليتارية ، وتطوير الثورة القومية الى ثورة اممية .و فى خطاب موجه للمجلس المركزى لعصبة الشيوعيين ( مارس – آذار 1850 ) قال ماركس : بينما يرغب البورجوازيون الصغار الديموقراطيون فى انهاء الثورة باقصى سرعة ممكنة ، بعد ان يكونوا قد حققوافى اقصى الاحوال المطالب السابقة فإنه من مصلحتنا ومن مهامنا ان نجعل الثورة دائمة الى ان نزيح من السلطة جميع الطبقات المالكة بدرجة او باخرى ، والى ان تستولى البروليتاريا على السلطة ، واتحاد البروليتاريين لا فى بلد واحد فحسب بل فى جميع بلدان العالم الهامة ، معلنة بذلك نهاية التنافس بين البروليتاريا وممركزة قوى الانتاج الحاسمة بين يد البروليتاريين ". وانهى ماركس خطابه بجملة : " لابد ان يكون شعار معركتهم ( العمال ) : الثورة مستمرة ! ( كارل ماركس ، المختارات ، لندن ، 1942 ، المجلد الثالث ، ص ص 161 – 168 . يخفق تونى كليف فى ان يفهم ان نضال تروتسكى وماركس ضد البورجوازية الصغيرة دفاعا عن الثورة البروليتارية كان مؤسسا على استراتيجية طويلة الامد ومنظوراتها الموضوعية ، وليس موضوعا تاكتيكيا لفترة قصيرة . ان تفسير تونى كليف لثورة تروتسكى الدائمة زائف تماما . لقد جادل تروتسكى بأنه نظرا لضعف والطبيعة الرجعية للبورجوازية فى روسيا ، فإن المهام البورجوازية الديموقراطية للثورة ( مثل الاصلاح الزراعى ، الحقوق الديموقراطية ، مسألة اقامة نظام جمهورى الخ ) وكذلك المهام الاشتراكية ( مثل الرقابة العمالية ، الاقتصاد المخطط الخ ) كلاهما يقع على عاتق البروليتاريا الثورية وبالفعل ، فقد استكملت خلال ثورة اكتوبر الروسية المهام البورجوازية الديموقراطية خلال شهور قليلة . ولكن هذه المهام الاشتراكية التى ترتبط بتحويل المجتمع الى مجتمع اشتراكى ( رغم انها لم تتحقق فى نهاية الامر ) الا انها افتتحت عصر " الثورة الدائمة " : ليس بمعنى التحول من " الثورة الديموقراطية الى الاشتراكية وانما بمعنى السيرورة للتحول الى الاشتراكية نفسها والحاجة لتوسيع الثورة امميا ( تأسيسا على جانبين من نظرية تروتسكى عن الثورة الدائمة ) . بمعنى آخر ، ماعناه تروتسكى كان ان مجموعتى المهام ( بورجوازية ديموقراطية واشتراكية ) سوف تنجزها قيادة واحدة ( البروليتاريا ) . ومامن حائط صينى يفصل مجموعتى المهام الاولى عن الثانية . مامن تغيير للقيادة التى ستنجز هذه المهام المترابطة . اضف الى ذلك فنظرية التطور المرتبط غير المتكافئ يشير الى ان مجموعتى المهام التى تواجه البلدان المتخلفة لابد فى الحقيقة ان تترابط بنفسها تاريخيا . وهذا يعنى اننا لايمكن ان نفصل نمطى المهام الى مجموعتين تاريخيتين ونزعم ان المجموعة الاولى لابد ان تحل تماما قبل ان يكون التاريخ مستعدا للمجموعة الثانية ( كما فى النظرية الستالينية عن الثورة على مرحلتين ) .هناك حاجة فى عصر الامبريالية لتدمير علاقات الملكية الرأسمالية من اجل انجاز المهام الديموقراطية المتأخرة . اضف الى ذلك ، حينما يتحدث تروتسكى عن " الثورة البورجوازية " فما يعنيه هو ان مهام الثورة " بورجوازية " (مهام انجزت تقليديا تحت قيادة البورجوازية فى القرنين 18 ، و 19 ) .لم يقصد تروتسكى انها " مرحلة " يمكن خلالها للبورجوازية او جناح" انتليجنسيا " فيها ان يبقى فى السلطة ( بسبب ضعف البروليتاريا ) وأن على" الشيوعيين " ان يدافعوا عنها حتى تصبح البروليتاريا اقوى فى المرحلة التالية ! على النقيض ، انها تعنى ان مايضمن انجاز المهام الديموقراطية البورجوازية هو اقامة دكتاتورية البروليتاريا . فاذا ماكانت البروليتاريا ضعيفة لأى سبب وغير مستعدة للاستيلاء على السلطة فليست مهمة الثوريين هى ان يتبعوا " الانتليجنسيا" المشوشة . ان مهمة الثوريين الماركسيين ان يعملوا بصبر باتجاه تقوية البروليتاريا بالتدخل اليومى وسطها . ان سياسة " اغتن سريعا " البورجوازية الصغيرة تلازم البورجوازية الصغيرة والاتجاهات الانتهازية داخل الحركة العمالية . تونى كليف مثله مثل اى اتجاه بورجوازى صغير آخر داخل الحركة العمالية بدلا من مساعدة الطبقة العاملة على القيام بمهامها الموضوعية والتاريخية يصبح متعبا من الصراع الطبقى الطويل الصبور ويروج اوهاما حول قيادة " انتليجنسيا " البورجوازية الصغيرة . وينكر تونى كليف مركزية منظورات العمال فى القيام بالثورة الاشتراكية ، وذلك بمراجعة نظرية الثورة الدائمة . واذ يفعل ذلك فانه ينفصل عن الماركسية الثورية .
يتبع
#سعيد_العليمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لم يتعين على الماركسيين الا يدعموا الاصوليين الاسلاميين ؟ بق
...
-
حزب العمال الاشتراكى ، مصر ودروس الثورة الإيرانية - بقلم ساش
...
-
رسائل بلا عنوان - من الرسالة الاولى - تشيرنيشيفسكى - ترجمة ف
...
-
فى نقد فانتازيا الممارسة الثورية
-
حول مقال خطان فى الثورة ف . إ . لينين
-
انتفاضات القرامطة وتنظيماتهم الاجتماعية فى القرنين الثالث وا
...
-
لامساومة ، لامتاجرة سياسية - بقلم ويلهلم ليبكنخت - الكراس كا
...
-
تشكيل لجنة القتال وفق اتفاقية الاحزاب المناضلة من اجل الانتف
...
-
اتفاقية مناضلين من اجل الانتفاض ف . إ . لينين
-
هل ينبغى علينا ان ننظم الثورة ؟ ف . إ . لينين
-
ثورة من نمط 1789 او من نمط 1848 ؟ ف .إ . لينين
-
اشتراكية المحامين ف . انجلز ( مقتطف )
-
الماركسية والتجربة التاريخية للثورات – ملاحظات عارضة -- 1
-
حول المحاكمات السياسية وتاكتيكات الدفاع ف . إ . لينين
-
لامساومة ، لامتاجرة سياسية - القسم الثانى - 8 ، 9 ( الاخير )
...
-
لامساومة ، لامتاجرة سياسية - القسم الثانى - 7 - ويلهيلم ليبك
...
-
لامساومة ، لامتاجرة سياسية - القسم الثانى - 6 - ويليلم ليبكن
...
-
لامساومة ، لامتاجرة سياسية - القسم الثانى - 5 - ويلهيلم ليبك
...
-
لامساومة ، لامتاجرة سياسية - القسم الثانى - 4 - ويلهيلم ليبك
...
-
لامساومة ، لامتاجرة سياسية - القسم الثانى -3 - ويلهيلم ليبكن
...
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|