أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - يعقوب بن افرات - واخيرا اعترف بوش بفشله الاقتصادي















المزيد.....

واخيرا اعترف بوش بفشله الاقتصادي


يعقوب بن افرات

الحوار المتمدن-العدد: 361 - 2003 / 1 / 7 - 03:36
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


تعديل وزاري في الادارة الامريكية


 

 

قرّر الرئيس الامريكي، جورج بوش، تنحية اثنين من اهم الشخصيات في الطاقم الاقتصادي، هما وزير المالية، بول اونيل، ومدير المجلس الاقتصادي القومي التابع للبيت الابيض، لورنس ليندسي. وتنطوي هذه الخطوة على اعتراف من الرئيس الامريكي بفشل سياسته الاقتصادية، وهي محاولة لمنع تأثير هذا الفشل على احتمالات فوزه في الانتخابات الرئاسية بعد عامين. الاوساط الصحفية روّجت بان ايام اونيل في وزارة المالية باتت معدودة، وذلك منذ فرغ بوش من الحملة الانتخابية التي حصل فيها حزبه الجمهوري على الاغلبية في مجلسي النواب والشيوخ.

الشخصيتان الجديدتان في الادارة المالية هما، جون سنو مدير اكبر شركات القطارات، الذي تعين في منصب وزير المالية، وفي ادارة الطاقم الاقتصادي في البيت الابيض، عُين ستيفان فريدمان الذي شغل منصبا مهما في بنك الاستثمار "غولدمان اند زاكس".

تزامنت تنحية المسؤولين السابقين مع نشر احصائيات حول نسبة البطالة لشهر تشرين ثان (نوفمبر) التي ارتفعت الى 6%. وتعتبر هذه النسبة الاعلى منذ ثماني سنوات، وكانت تبلغ 4.2% فقط عندما تسلم بوش مقاليد الحكم. ويعني هذا الارتفاع الحاد ان مليون ونصف عامل وموظف فقدوا اماكن عملهم خلال ولاية بوش التي لم يمض عليها اكثر من عامين. على هذه الازمة علقت صحيفة "وول ستريت جورنال" (9 كانون اول) بالقول: "ان هذه النتيجة تعبر عن انفجار فقاعة الاتصالات والانترنت التي بدأت قبل انتخاب بوش".

واذا صح القول ان الازمة الاقتصادية بدأت في فترة الرئيس السابق، بيل كلينتون، الا ان الجمهور الامريكي، كما يبدو، بدأ يفقد صبره ولم يعد يقبل حجج الادارة الحالية التي تلقي اللوم كله على الادارة السابقة. ويدرك بوش انه مطالَب باظهار قدراته القيادية ليس في المجال الامني فقط الذي زاد من شعبيته، بل في المجال الاقتصادي ايضا. وقد استخلص بوش هذا الامر من تجربة والده، الذي خسر الانتخابات عام 1992 رغم انتصاره على العراق، وذلك بسبب التراجع الاقتصادي.

تنحية وزير المالية والمستشار المالي، كانت مسبوقة باستقالة مدير هيئة سوق الاوراق المالية والصرف، هارفي بيت. وجاءت الاستقالة على خلفية انتقادات حادة وجهت لبيت بسبب تعيينه انسانا متورطا بالفساد مسؤولا عن الهيئة الجديدة التي انشئت لمراقبة شركات المحاسبة الكبيرة، والتي كان لها ضلع في فساد شركات كبيرة افلست، مثل انرون.

بعد خمسة اسابيع من استقالة بيت، عيّن بوش مكانه وليام دونالدسون. وكان دونالدسون مديرا للبورصة في وول ستريت، ومؤسس شركة استثمار في الاوراق المالية، وهو صديق حميم لبوش الاب. ويعتبر هذا التعيين محاولة لانقاذ سمعة هيئة سوق الاوراق المالية والصرف، بهدف اعادة ثقة الجمهور في البورصة الامر الذي لم يكن سهلا ابدا تحقيقه.

 

هكذا تكونت الفقاعة

ضمن محاولة الصحف الامريكية تشخيص السبب الرئيسي للركود الحالي، نشرت صحيفة "واشنطن بوست" سلسلة من المقالات حول الفقاعة الاقتصادية التي ادت لانهيار البورصة في آذار (مارس) 2000. واكد مقال في هذه الصحيفة من 11 تشرين ثان، بان "الفقاعة الاقتصادية ما كانت لتتكون دون ان يتم اولا الغاء المراقبة الحكومية (deregulation) قبل 25 عاما".

وتشير الصحيفة الى ان هذه السياسة فتحت المجال واسعا امام رأس المال لاستغلال الفرصة لزيادة ارباحه، دون قيود او اعتبار للمصلحة العامة. مجالات عديدة، شملت الطاقة، المواصلات، البنوك والاتصالات، تحررت من رقابة الحكومة، وتحولت الى حقل للاستثمار وجني الارباح.

في مجال التشريع اتخذت خطوتان مهمتان باتجاه تحرير رأس المال: الاولى كانت عام 1999، عندما تم الغاء قانون (Glass- Steagall Act) الذي سُنّ عام 1933 لمنع البنوك من تداول الاوراق المالية؛ وكانت الخطوة الثانية بسن قانون الاتصالات (Telecommunications Act) عام 1996 الذي الغى قانونا آخر سُنّ عام 1934 بهدف فرض المراقبة الحكومية على شركات الاتصالات. بهاتين الخطوتين تمكنت بنوك الاستثمار من الدخول في مجال الاتصالات اللاسلكية والانترنت التي تحررت من كل الضوابط، الامر الذي ادى لنمو الاقتصاد بشكل غير عادي وعلى اساس توقعات مستقبلية مبالغة.

المقدمة لسلسلة المقالات التي نشرت في "واشنطن بوست" في 10 تشرين ثان، تطرقت للعناصر الرئيسة التي ادت للانهيار. وحمّل كاتب المقال المسؤولية على مدراء الشركات "الذين ركزوا على ادارة اسهمهم الخاصة اكثر من تركيزهم على ادارة شركاتهم". ولم يتوقف الكاتب عند هذا الحد، بل شمل في لومه ايضا المسؤولين الكبار في الشركات الذين تمتعوا بقوة كبيرة، والمحاسبين الذين تحولوا الى شركاء في الاعمال بدل ان يقوموا بمراقبة الحسابات.

الى جانب هؤلاء ساهم في الفوضى المحللون المهنيون الكبار الذين وُظّفوا برواتب خيالية في البنوك الاستثمارية. فبدل ان يقدموا تقييما موضوعيا لقيمة الاسهم المتداولة في الاسواق المالية، تصرفوا وكأنهم مدراء بنوك الاستثمار التي كان لها مصلحة في تضخيم قيمة الاسهم التي اصدرتها دونا عن الاسهم الاخرى. اما مدراء البنوك انفسهم فتصرفوا كما لو كانوا مدراء لشركات رأس المال المغامر، الذي استثمر في مبادرات الانترنت (start up)، دون اخذ الاحتياطات اللازمة المتعلقة باحتمالات النجاح والفشل.

ويبقى السؤال اين كان مراقبو الحسابات الذين كان دورهم الحيلولة دون وقوع عمليات غير قانونية في الشركات. بدل ان يدقق مراقبو الحسابات في الحسابات تحولوا الى مستشارين للشركات في مجال التهرب من الضرائب، وتقاضوا بالمقابل مبالغ هائلة.

اما هيئة سوق الاوراق المالية والصرف التي كان عليها مراقبة سلامة ادارة الشركات، فبقيت مشلولة بسبب عدم وجود ميزانيات وعجز طاقمها عن ملاحقة نشاطات البورصة الامريكية التي فاق فيها التداول اليومي الالف مليار دولار.

ولم ينس كاتب المقال في واشنطن بوست ذكر الدور المضلِّل الذي لعبته وسائل الاعلام. فقد حولت هذه المنابر الصحفية مدراء الشركات، المحللين، المحاسبين، المبادرين واصحاب الرساميل المغامرة الى ابطال العهد الجديد. العهد الذي شطب كل القوانين الاقتصادية ليوهم كل مواطن ان بامكانه التحول الى صاحب ثروة دون ان يضطر للعمل.

ان بوش ومعه اغلبية النواب في الكونغرس من جمهوريين وديموقراطيين، لا يرون ان مصدر الازمة هو الخلل الخطير في البنية الاقتصادية التي حررت رأس المال من الضوابط، بل يرون فيها انحرافا موسميا عابرا، ويسعون للتغلب عليها من خلال منح المزيد من الحرية والتسهيلات لرأس المال وتقليص الضرائب على ارباحه في البورصة.

ان الحالة التي يصفها مقال الواشنطن بوست شبيهة جدا بالحالة التي سادت الثلاثينات، حين عم الكساد وارتفعت البطالة الى 25%. ولكن بينما قام الرئيس فرانكلين روزفيلت حينها بسن قوانين لضبط رأس المال وفرض المراقبة الحكومية الشديدة عليه، وادخال اصلاحات حقيقية، فقد قام بوش باجراءات عكسية: الغاء القوانين الضابطة وتعيين شخصيات مقربة من بورصة وول ستريت، مثل لورنس فريدمان وجون سنو، لادارة الشؤون المالية للولايات المتحدة.

وبهدف فهم عقلية هذه الشخصيات، نورد ما جاء في مقال بصحيفة وول ستريت جورنال (9 كانون اول) استعرض ممتلكات وزير المالية الجديد. تقول الصحيفة: "تقاضى سنو 2،2 مليون دولار عام 2001، بالاضافة الى 7،1 مليون دولار كانت عبارة عن هِبات على شكل اسهم. علاوة على ذلك، تسلم تعويضات اضافية بقيمة 753,057 دولار، وحصل على امتياز لاستخدام طائرة خاصة لمدى الحياة".

هل تزيد هذه التعيينات مصداقية سياسة بوش الاقتصادية؟ الاجابة هي قطعا لا. ان الجمهور الامريكي يفهم ان استثماره في البورصة لم ينفق في الانتاج، بل في الكماليات والامتيازات التي انفرد بها هؤلاء المدراء بغض النظر عن انتاج شركاتهم. من هنا، فالتعيينات الجديدة تهدد الولايات المتحدة بالمزيد من الركود الاقتصادي، وبابتعاد الناس عن البورصة. وفي حالة قيام بوش بشن حربه على العراق، فلن يزيد الطين الا بلة، وسيتحول العجز في الميزانية الى كارثة اجتماعية حقيقية.
 

الصبار  

 كانون اول 2002 ، العدد 159

 



#يعقوب_بن_افرات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الازمة الاقتصادية تعكر صفو انتصار الجمهوريين في امريكا
- امريكا تُدخل العالم لحالة الحرب الدائمة
- العالم رهينة لجنون بوش
- الرأسمالية الامريكية في قفص الاتهام
- الوضع الامني يفاقم الازمة الاقتصادية
- الماركسية في عصر العولمة لم تفقد قيمتها الثورية
- محور عالمي جديد ضد الارهاب العم بوش يحتضن الدب بوتين
- هدف العدوان: استبدال السلطة الفلسطينية بوصاية دولية
- فشل الاسلام السياسي .....هكذا اهدروا دماء الجزائر4
- المعالم الفكرية للاسلام المتطرف
- فضيحة "انرون" اكبر افلاس في تاريخ امريكا
- فشل الاسلام السياسي
- على نفسها جنت براقش ..امريكا تفقد القيادة


المزيد.....




- كم سعره اليوم؟.. أسعار عيارات الذهب اليوم في العراق الجمعة 2 ...
- بعد اجتماع البنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة .. سعر الدولار ا ...
- بسعر المصنعية .. سعر الذهب اليوم بتاريخ 22 من نوفمبر 2024 “ت ...
- بعد اجتماع البنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة .. سعر الدولار ا ...
- بسعر المصنعية .. سعر الذهب اليوم بتاريخ 22 من نوفمبر 2024 “ت ...
- سؤال يؤرق واشنطن.. صنع في المكسيك أم الصين؟
- -كورونا وميسي-.. ليفاندوفسكي حرم من الكرة الذهبية في مناسبتي ...
- السعودية: إنتاج المملكة من المياه يعادل إنتاج العالم من البت ...
- وول ستريت جورنال: قوة الدولار تزيد الضغوط على الصين واقتصادا ...
- -خفض التكاليف وتسريح العمال-.. أزمات اقتصادية تضرب شركات الس ...


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - يعقوب بن افرات - واخيرا اعترف بوش بفشله الاقتصادي