أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هشام حمدي - الاستشراق بين الاختلاف والائتلاف














المزيد.....

الاستشراق بين الاختلاف والائتلاف


هشام حمدي

الحوار المتمدن-العدد: 4881 - 2015 / 7 / 29 - 22:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يصف محمد عابد الجابري في كتابه المعنون "مسألة الهوية-العروبة والإسلام...والغرب" مفهوم الاستشراق بأنه بناء ل (الأنا) الأوروبي ولجوء إلى عمليات عزل وإقصاء (الآخر) ويعني به الشرق معززا قوله بنماذج وأمثلة لهذا الإقصاء الذي بدأه بالإقصاء العقلي، والإقصاء الحضاري فالإقصاء العرقي ثم الإقصاء الجغرافي، أما إدوارد سعيد في كتابه عن الاستشراق فيعبر عنه بأنه تمييز وجودي ومعرفي، وبأنه نزوع امبريالي وجناح كشفي للاستعمار، ويضيف بأن الغرب جاهل بحقيقة الشرق والإسلام لأنه "أي الغرب" يستقي معلوماته من مصادر تفتقر في كثير من الحالات إلى الموضوعية والنزاهة والتجرد أو الإحاطة الكافية بحقيقة الشرق والإسلام، كان من نتائجه صدور أحكام وتصورات ساهمت في صوغ منظور الغرب عن حقيقة الدين كما ساهمت في صوغ منظور المسلمين من إسلامهم؛ هيرا كليس وأخيل وإياكس وديوني زوس هم أوائل نماذج الكشافة والاستطلاع للعقلية الغربية، الاسكندر والروم وولادة المسيحية أكست الشرق شكلا جديدا بالنسبة للغرب عامة والأوروبيين خاصة، لم يعد الشرق وجهة رائعة ومكانا بديعا يبهر الأنظار بثرواته بل أصبح اتجاها إجباريا، فبعد ظهور الإسلام قلبت جيوشه المناخات السياسية والمعنوية رأسا على عقب، وأصبح الإسلام قوة لا يمكن لقوات الجيش وأنظمة الدول ردعها، فقد صار جارا للغرب وتلا ذلك الحروب الصليبية والمواجهة مع صلاح الدين الأيوبي وما جرى في الهند وأفريقيا إلى ظهور الخلافة العثمانية على المنصة.
قبل أن يتم تثبيت المعايير المحددة للاستشراق كان عند الغرب كذلك شغف وحب للمشرق، فلو تم تناول الاستشراق كعلم لوجدناه عبارة عن بحوث علمية وتحاليل في مجالات عدة الهدف منها تمكين الغرب من معرفة الشرق بكل جوانبه وهذه الجوانب هي دراسة كل ما هو تاريخي وديني ولغوي واجتماعي وأثري كمساهمته في حل الأبجدية الهيروغليفية في الكتابة المصرية الفرعونية والترجمات من اللغات السامية التي على رأسها العربية والدراسات الأثرية وما إلى ذلك، الشرق بالنسبة للغربيين منذ عصور قديمة عبارة عن عالم فانطازيات مليئة بالمخلوقات الغريبة والذكريات العجيبة حينا والأحداث المريبة والخارقة للطبيعة حينا آخر.
وفي سياق تأسيس تحليل للخطاب الاستشراقي لنابليون ورينان وبورطون وألفونسو دي لامارتين وإدغار كوينس ونورفال والكثيرون أمثالهم رغم استمرار فعالياتهم في مجالات خاصة بهم من سياسية إلى دينية ولغوية إلا أن لهم نقطة مشتركة وهي التعرف على الشرق وعدم انتقال الهزيمة الناتجة عن التقاء الواقع الحقيقي بالواقع الافتراضي الذي شكلوه وصاغوه في عالمهم الخيالي إلى شعبهم، وكذلك فهم أبعاده الاستعمارية المرتبطة بالقوة المادية وأشكالها الرمزية الاستعمارية، يمكن معرفة الكيفية التي استطاعت من خلالها الثقافة الغربية أن تنتج وتستهلك وتؤبد وتقمع وتشكل وتمثل الشرق علميا وسياسيا وسوسيولوجيا وإيديولوجيا وعسكريا وتخيليا في فترة ما بعد الحداثة.
وتظهر آثار هذا الاستعلاء الاستشراقي في المناهج المدرسية وحتى الجامعية في العالم الغربي التي ما تزال مثقلة بكم هائل من المعلومات المغلوطة والمضللة عن الإسلام والشرق التي تعود في جذورها إلى مرجعيات القرون الوسطى مصطبغة بروح الحروب الصليبية التي تحوي الكثير من التعصب و لي أعناق الحقائق لإثبات مزاعم واعتراضات قبلية عارية عن الصحة، هذا المنهج الصارم ترافق مع إحساس بالضعف وتوافق مع شعور بالهزيمة حيث فقد الباحثون الثقة بقدراتهم على إنتاج مفهوم ما عن ثقافتهم ما عزز مشروع التغريب بأبعاده السياسية والاجتماعية والثقافية وطُبعت حياة المسلمين بالأسلوب الغربي فاضمحلت شخصيتهم المستقلة وخصائصهم المنفردة فصاروا أسرى التبعية للحضارة الغربية.
إن الانجرار إلى خطاب شمولي ببديهيات ومسلمات إطلاقية، يبجل الذات ويضفي عليها كل الصفات وخصائص العظمة والشمول، وفي المقابل يزدري الآخر المقابل بكل ما فيه انطلاقا من مقولة أننا والآخر يعبر كل واحد فينا عن نسق حضاري وثقافي متمايز ولكل منهما خصوصيته الشديدة ومنطقه الداخلي وزمنه الحضاري وأطره المرجعية والمنهجية التي تتحدد وقد تتجدد من داخل النسق نفسه وليس من خلال أي تلاقِ أو تكامل مع الآخر، إن هذا الانجرار يمثل استجابة كلية لإرادة أطروحات كتلك التي دعا لها لويس ماسينيون أو جيب أو غيرهما حيث اعتبرا أن مصلحة الغرب تكمن في الدفاع عن إسلام محافظ منغلق على ذاته، لأن هذا فقط ما سيشكل الحاجز الأفضل ضد عدوى انتشار الثورة في المجتمعات الإسلامية مع ما تعنيه ثورة من تنمية وتطوير وتنوير وتحرير وبناء مجتمع متماسك قادر على الاستقلال والمبادرة، بل إن منطق الانغلاق ورفض الآخر يصادم روح الإسلام التي تدعو إلى التكامل والتعارف.
أخيرا، يجب أن نعي وندرك أن المسألة إذن ليست ما كتبوه وما قالوه أو ما كتبه وقاله المتأثرون بهم إنما هي أساسا ما لم نكتبه وما لم نقله نحن حتى الآن، حيث يجب أن نرى أنفسنا بعيوننا قبل أن نحكم على صورتنا في عيون الآخرين.
الإنسانية هي الحل



#هشام_حمدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكرى نكبة فلسطين ... صوت 67 عاما، بلا صدى
- تديين المظهر وتسييس الجوهر
- الغرب فوبيا بدل الإسلاموفوبيا
- العالم العربي الاسلامي بين عار الصهيونية و نار الداعشية
- عن السياقة في الدار البيضاء ... أتحدث
- سؤال التقدم والتنمية، من يجيب؟
- حرية الرأي في التعبير
- فساد أم إفساد الدولة
- الإعلام الافتراضي ومواطنو التواصل الاجتماعي
- الاستهلاك حرب إيديولوجية جديدة
- الإساءة للرسول وأنموذج شارلي إبدو
- إنسانية الإنسان بين مطرقة التدمير وسندان التعمير
- متلازمة فلسطين..... (غزة) و الهوان
- التراث الفكري الإسلامي القديم بين تنقيح وتصحيح أم تجديد! ؟
- أنا أعتذر، إذن أنا موجود
- القوة الناعمة....الجيل الرابع من الحروب
- أنفاق حماس...معابر غزة... حدود فلسطين


المزيد.....




- أم سجنت رضيعتها 3 سنوات بدرج تحت السرير بحادثة تقشعر لها الأ ...
- لحظات حاسمة قبل مغادرة بايدن لمنصبه.. هل يصل لـ -سلام في غزة ...
- فصائل المعارضة السورية تطلق عملية -ردع العدوان- العسكرية
- رياح عاتية في مطار هيثرو وطائرات تكافح للهبوط وسط العاصفة بي ...
- الحرب في يومها الـ419: إسرائيل تكثف قصفها على غزة ولبنان يتر ...
- مبعوث أوروبي إلى سوريا.. دعم للشعب السوري أم تطبيع مع الأسد؟ ...
- خريطة لمئات آلاف الخلايا تساعد على علاج أمراض الجهاز الهضمي ...
- وسائل إعلام: على خلفية -أوريشنيك- فرنسا تناقش خطط تطوير صارو ...
- مصدر: عمليات استسلام جماعية في صفوف القوات الأوكرانية بمقاطع ...
- مصادر تتحدث عن تفاصيل اشتباكات الجيش السوري مع إرهابي -جبهة ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هشام حمدي - الاستشراق بين الاختلاف والائتلاف