|
((وساطة!))
عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)
الحوار المتمدن-العدد: 4880 - 2015 / 7 / 28 - 01:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
((وساطة!))
وصلت تخصيصات الميزانية العسكرية أيام حرب إيران والتي كانت وتيرتها متصاعدة الى ما نسبته 90% من مدخول العراق، وكان (السادة) المسئولين يجوبون العالم بحثاً عن بضاعة سلاح هنا أو صفقة عتاد هناك، محفظتهم عامرة بأموال النفط وديون الخليج! ولاننسى (مليار) حسين كامل* الذي رافقه في تنقلاته بين فنادق نيويورك واضعاً إياه... بجنطة! وضمن أستراتيجيته، فقد أغدق النظام أموالاً على جنود تقوم بحمايته وتنفيذ مخططاته، فتكفل بملبسهم وسكنهم ومواصلاتهم وطعامهم... ليصبحوا ثقلاً على كاهل الدولة، فالعسكري هو الرجل بعمر الشاب المتمتع بالصحة والطاقة والقوة الذهنية والبدنية الذي تربيه الدولة ليغدوا عُملة يُفترض أن تكون مُنتجة في بناء البلد بساعدة الصلب وفكره المتوهج، فتجده بموقع يكون فيه مستهلكاً ومتطفلاً على أقتصاد البلد تتكفل حكومته بإكساءه وتوفير كافة مستلزمات معيشته...
وللضابط (المطوع) بالمنظومة العسكرية حصة الأسد في الدلال، وكنا نحن الضباط الاحتياط نتحسر حين نرى أمامنا الشاب الذي لم يُكمل الاعدادية ويذهب يتم ثلاث سنين كلية عسكرية فيصبح يأمر وينهي ويصول ويجول امامنا بامتيازات (مادية) كبيرة تكفي لأن تصنع منه (ناجحاً) بين ليلة وضحاها... منح وأرضي سكن وسلفتي بناء وزواج وهدية سيارة... هذا يعني ان أحدهم وبمجرد رسوبة بالبكلوريا، فأن أبواب الفرج فتحت له لتتحقق كل آماله وأمانيه، الأمر الذي دفع الكثيرون للتطوع ليصبحون من الطبقة المنتفعة المتطفلة! كان عزائي الوحيد ـ كضباط أحتياط مهندس ـ أن راتبي بقدر بل ويزيد على راتب حتى نقيبهم بحساب المخصصات الهندسية البالغة 50 دينار مضافة للراتب الاسمي البالغ 230 دينار، وكان هذا المرتب يكفي لشراء جهازين منزليين معمرين كل شهر، كتلفزيون ومبردة أو طباخ وثلاجة... وبرغم كل أمتيازات الضابط المطوع، كانوا ينظرون لنا بعين (الحسد) على (أمتيازنا) هذا وكأننا نأخذه من جيوبهم الخاصة!
كنتُ كشاب قد كيفتُ حياتي على أن أصرف راتبي غير مكترث بالقادم من الأيام لأن من حقي ـ من وجهة نظري ـ أن ألهو وأن أعيش يومي بساعاته كي لا أندم على إنقضاءه، ولاني مقتنع بأن القادم سيكون حتماً الأفضل. ... فجأةً جاء تسريحنا نحن المهندسين بضغط وتهديد من اليونسكو*، قائلين أنه لزوماً على كل مهندس خريج، ممارسة عمله قبل إنقضاء ثلاث سنين على تخرجه وإلا فستسحب المنظمة العالمية الاعتراف بها مما يعني عدم القدرة على متابعة الدراسة أو حتى العمل. فوجدتُ نفسي تحت طائلة التعيين المركزي، وعُينت بدرجة معاون مهندس براتب أسمي 79 دينار ومخصصات لاتتجاوز الثلاثون.
ومع أنها تكفي شاب عازب مثلي، لكن أختلت موازنتي مما دفعني للاجتماع بزميل مشهود بنزاهته و(يعاني) نفس ظروفي، وطرحنا عدة سبل للخروج من الأزمة المالية... (نفتح محل بنجرجي بشارع الاسكان ولا نحتاج إلا لرأس مال بسيط) قال لي، رفضت نصف المقترح الذي يتعلق بنوع العمل، لكني رحبتُ بفكرة فتح محلٍ ما، وقلتُ له أنه مادام شغلي بالبدالات على شكل (شفتات) أي مسائي أو صباحي بحسب الجدول، سننسق معاً ونكيّف وقتنا ولنفتح كشك مكتبة، (أين؟) قال، (بشارع دمشق قرب نقابة الفنانين) أجبته. ... كنتُ قد ترقبتُ المكان فعلاً منذ فترة، فهناك طلاب معهد الفنون الجميلة ومنطقة الباص عامرة دوماً، (والأهم من كل هذا) قلتُ له (فأن قريبك فلان يعمل مديراً بالامانة وسنحصل على ـ أو كي ـ سريع)! حزمنا أمرنا وتوجهنا بعد موعد ضربه صاحبي معه، فتح الرجل مكتبه الأنيق وقدم الشاي مستمعاً لشرح مستفيض للمشروع وخطة العمل وسبل الارتقاء به مستقبلاً، رحّب بفكرة المشروع وأستسهل أصدار الموافقات من الأمانة، وتعجب كيف لم يفكر أحداً بهذا المكان الممتاز... فنهض من كرسيه الدوار واعداً إيانا خيراً. حصلنا على رد بوقت قياسي أسرع مما توقعنا، فبرغم مشاغل الأستاذ إلا أنه تحرك ـ من أجلنا ـ بسرعة... لكن هبّت رياحه بما لا تشتهي سفننا، (لدواع امنية) قال، رفض السادة المسئولون بالأمانة الفكرة!
مر شهر ونسينا الأمر، وجدتُ خلاله عمل في ورشة بشارع النهر، فنظمتُ دوامي كمهندس ببدالة الصالحية صباحاً، ثم العمل بعد الغداء حتى منتصف الليل بورشة الصياغة، وكان علي خلع (قاط ثري بيسز) كأحد مستلزمات الشياكة بالدائرة، وأرتدي بدلة عمل زرقاء كمتطلبات العمل بالذهب... ... في يومٍ وعند ذهابي للعمل صباحاً، وعند أشتباك السيارات القادمة من ساحة الفارس العربي حيث يضيق الشارع بأتجاه ساحة دمشق، لمحت على يساري كشك مكتبة عامرة بالصحف والمجلات والقرطاسية زاخر بالمتبضعين، كان بنفس المكان وبذات المواصفات التي حلمتُ بها! (ليش يا صاحبي تخون العشرة؟) أتصلت ونبضي فاق المائة (عن شنو تقصد؟) أجابني بصدق. قلتُ... (أمشي معي وسأريك شيئاً، أو دعني أشتري لك صحيفة). (آني عمودي ما أقرأ جرايدهم، أنت تدري بي) همس. قلت: مجلة مقطاطة مساحة قلم... أي شيء. وأقترحتُ عليه أن نشتري (ظرف) نضمنه رسالة نكتب فيها شكرنا وتقديرنا (للسيد المدير) على جهوده التي بذلها من أجلنا!
... لم تتوضح لي حتى اليوم تفاصيل ما حدث وراء الكواليس، وكيف أن فكرتي انتقلت خلال أيام ونُفذتْ لصالح غيري، ولمصلحة من؟ أسئلة لم أشأ البحث عن اجابات لها، لكني كلما كنت أمر بالمكان وأرى (مُخَططي) وقد تحقق واقعاً على الأرض، أشعر بطعم مر لا أقوى على تجرعه لأني لا أستسيغ أبداً... أبداً طعم الخيانة!
عماد حياوي المبارك يونسكو (ويكيبيديا) بتصرف: منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (United Nations Educational Scientific and Cultural Organization)) هي وكالة متخصصة تتبع منظمة الأمم المتحدة تأسست عام 1945، هدف المنظمة الرئيسي هو المساهمة بإحلال السلام والأمن عن طريق رفع مستوى التعاون بين دول العالم في مجالات التربية والتعليم والثقافة من خلال الاحترام العالمي للعدالة ولسيادة القانون ولحقوق الإنسان ومبادئ الحرية الأساسية. تتبع اليونسكو 191 دولة، مقرها الرئيسي في باريس، لها أيضاً أكثر من 50 مكتباً وعدة معاهد تدريسية حول العالم. للمنظمة خمسة برامج أساسية هي.. التربية والتعليم، والعلوم الطبيعية، والعلوم الإنسانية والاجتماعية، والثقافة، والاتصالات والإعلام. تدعم اليونسكو العديد من المشاريع كمحو الأمية والتدريب التقني وبرامج تأهيل وتدريب المعلمين، وبرامج العلوم العالمية، والمشاريع الثقافية والتاريخية، واتفاقيات التعاون العالمي للحفاظ على الآثار ورموز الحضارة العالمية والتراث العالمي وحماية حقوق الإنسان. كانت المنظمة مثاراً للجدل خلال السبعينيات والثمانينيات حين اعتقدت الدول الغربية أنها مستغلة من قبل المعسكر الأشتراكي ودول العالم الثالث مكن أجل مهاجمة الغرب الأمر الذي حدى بالمنظمة لتطوير خطة سُميت بالنظام العالمي الجديد لإيقاف الأكاذيب المزعومة والمعلومات المضللة عن مسألة تطوير دول العالم، رفضَ الغرب هذه الخطة بحجة أنها محاولة من دول العالم الثالث لتدمير حرية الإعلام فانسحبت أمريكا من المنظمة عام 1984 م وتلتها بريطانيا عام 1985 ، اتهمت اليونسكو أيضاً من البعض بالبيروقراطية. إحدى مهام اليونسكو هي أن تعلن قائمة مواقع التراث الثقافي العالمي، هذه المواقع هي مواقع تاريخية أو طبيعية، ومسألة حمايتها وإبقاءها سليمة هو أمر يطالب به المجتمع الدولي وليس من مهام المنظمة ومسئوليتها فقط. في كل سنة تحاول المنظمة النهوض بحرية التعبير وحرية الإعلام باعتبار أنهما من مبادئ حقوق الإنسان الأساسية عن طريق اليوم العالمي لحرية الإعلام في الثالث من مايس. (عادت للمنظمة كل من بريطانيا عام 1997 وأمريكا عام 2003).
× يُقال بأن (حسين كامل) قد حمل أموال العراق بحقيبة ولف شركات الأسلحة الأمريكية يغدق على عرابيها الملايين لأجل التمهيد لإبرام صفقات مشبوهة... يُعد (حسين كامل حسن) صهر الرثيس صدام حسين، العنصر الرئيسي في بناء ترسانه العراق البايولوجية والكيمياوية حيث انه انشأ العديد من الادارات الفاعلة التي كانت معنية بتلك البحوث وبتطوير الصواريخ التي كان لها الأثر القوي في الحرب ضد إيران كما انه مؤسس فرق القادسية والتي كانت بمثابة الدروع الواقية والمنفذة لبرنامج العراق التسليحي واختيار قادة لهذه الفرق محترفون في التمويه وكان دوره أساسي في دخول الأسلحة المحضورة للعراق بطرق غير معلنه بدعم من أجهزة المخابرات العراقية والعربية. كان (حسين كامل) محل ثقة كبيرة لصدام حسين فترك له العديد من القرارات لتأتي النتائج دوما في صالحه مما زاد الحقد والكراهية عليه داخل صفوف قادة الجيش العراقي. فرّ في العام 1995 هو وأخيه وزوجتيهما بنات صدام حسين وأسرتيهما إلى الأردن بسبب خلافات على المناصب مع ابن الرئيس (عدي) وأبن عمه (علي المجيد)، وأعلن انشقاقه عن النظام في العراق، وظل مقيماً في الأردن عاماً كاملاً فشل خلاله في لفت أهتمام الغرب له. وبعد أن حصل على عفو اً ووعداً بأن لا يُمسّ بسوء، عاد للعراق ليتم تصفيته عن طريق عشيرته التي نفذت عملية أسمتها الصحف العراقية (الصولة الجهادية) أدت إلى قتله مع أخيه وأبيه وحاشيته. منذ أن ظهر حسين كامل على الساحة السياسية بالعراق اواخر السبعينات، أخذ نجمه يرتفع سريعا وتسلق سلم الرتب العسكرية كالصاروخ جصوصاً عند تسلمه المهام الأمنية الخاصة بحماية الرئيس صدام حسين، وليصبح المشرف العام على قوات الحرس الجمهوري. يوصف (حسين) بأنه لم يكن يفقه شيئاً ولا بذي منزلة أو حاصل على شهادة، ولم يكن الذكي ولا يمتهن سوى الجريمة وملازمة الآخرين العداء وأستخدام السلاح الذي رافقه حتى نفَسه الأخير...
#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)
Emad_Hayawi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مجرد كلام سلطنة
-
سليخة
-
وهابيون جدد
-
ثلاثاً في ثلاث
-
هبهب
-
من نصرٍ... إلى نصر
-
جواسيس (غشمة)
-
حواس وعجايا
-
فيكتوريا
-
عادلون
-
رحلات الصد ما رد...
-
أذكياء لكن... أغبياء
-
شكراً عم (جيليت)
-
حارث
-
مَثار النقعِ
-
ختيارية زمن الخير
-
دينار... أبو العباس
-
هنا شارع السعدون
-
عناكب
-
شادي
المزيد.....
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|