|
حوارات عن الثقافه و الأستبداد ج 2
سامح سليمان
الحوار المتمدن-العدد: 4876 - 2015 / 7 / 24 - 10:22
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ما تعريف الأستبداد من وجهة نظرك و ما الدور الذى يلعبه أختلاف نظام الحكم و أختلاف النظام الأقتصادى و الأجتماعى و الفكر الدينى فى طبيعة و بنية و درجة الأستبداد ؟ الروائيه بسمه عبد العزيز : ببساطة شديدة أرى الاستبداد مرادفًا للأنفراد بالقرار، وهو في حد ذاته نظام للحكم يستدعي وجود مؤسسات ضعيفة هشة وربما صورية، لا تملك اتخاذ قرارات دون أمر مباشر من المستبد، ولا تملك في الوقت ذاته معارضة أي قرار يتخذه، أما عن تأثير النظام الاقتصادي والاجتماعي فأرى إنه كلما تغول رأس المال واستحوذت الصفوة الحاكمة على مفاتيح الاقتصاد وأحكمت قبضتها على المشاريع الكبرى مستبعدة قطاعات واسعة من صغار المستثمرين، ومضحية بأعداد كبيرة من العمال، كلما تفاقمت مظاهر الاستبداد، إذ يؤدي تهميش هؤلاء إلى مزيد مِن الإفقار، وإلى مزيد من اليأس والإحباط، ومن ثم إلى شعور ملح لدى السلطة بالرغبة في السيطرة على الأمور، هذه السيطرة لا تتأتى في ظل الظروف السابقة إلا عبر مزيد من الاستبداد، وعبر تجاوز المستبد للضوابط المجتمعية والسياسية المتوافق عليها، وربما عبر خرقه للقوانين وانتهاكاها، أو حتى بسن قوانين جديدة تدعم قدرته وتكفل له الاستمرار. الفكر الديني يحمل في طياته بذور الاستبداد فهو يقوم على فكرة امتلاك الحق المطلق والصواب المطلق، وأظنه إن بإمكانه أن يصبح الأكثر استبدادًا بناء على ما سبق، فالخصم السياسي لا يصبح فقط معارضًا للحكم، بل معارضًا للدين ولما هو في موضع المقدس، ومن ثم تكون عقوبته مبررة ومقبولة.
هل كافة الفئات و الطبقات تعانى من الأستبداد بنفس القدر ؟ الروائيه بسمه عبد العزيز : لا أظن هذا فكلما امتلكت نفوذًا ومالا كلما تمكنت من تحقيق بعض رغباتك وكلما تمكنت من التحايل على أدوات الاستبداد ومظاهره، وكلما ارتقيت في السلم الاجتماعي كلما ازدادت قدرتك على تطويع الاستبداد لصالحك، وضد الآخرين، ولا شك إن الأفقر والأكثر تهميشًا وتدنيًا في المنظومة الهرمية هو الأكثر معاناة من قرارات قد تمس حياته اليومية لكنه لا يتمكن من التأثير فيها، وأضرب مثالا بعملية إخلاء بعض المناطق العشوائية التي يسكنها الآلاف وإلقاءهم في الشوارع دون توفير بديل، لو كان هؤلاء على قدر من الثراء والقوة ما نالهم هذا المصير.
الأعلام العربى هل يلعب دوراً إيجابياً فى توعية و تثقيف المواطن أم تضليله و تجهيله ، و هل السبب فى ذلك السلطه أم رؤوس الأموال؟ الروائيه بسمه عبد العزيز : دعني أتحدث عن الإعلام المصري فرغم إنني أتابع الإعلام العربي بقدر ما أستطيع لكن متابعتي ليست من العمق والمواظبة بما يكفي للحديث عن دوره، وأرى بمنتهى الصراحة إن الإعلام المصري يلعب دورًا شديد الأهمية في تزييف وعي المواطن بوجه عام، ولك أن تتابع العناوين والتحقيقات في الصحف الكبرى التي لا تتحرى صدقًا ولا تهتم بنقل الحقائق ولا بدقة المعلومات، لتدرك سريعًا إنها تحاول خدمة أهداف محددة ليس من بينها توعية أو تثقيف المواطن، إنما دعم السلطة الحاكمة وتبرير أخطاءها ورسم صورة براقة لسياساتها بغض النظر عن ما تخلفه من أثر على المواطنين، ولك أن تراجع بعض عناوين صحيفة شبه رسمية كبرى دأبت على وصف من يتم قتلهم في عمليات أمنية بكونهم "كفار" ، وصف لا يتمتع بأي قدر من الحياد ولا المصداقية ولا يعتمد على معلومة واضحة، ربما يكون مثيرًا للضحك لكنه استفزني في الفترة الماضية حتى كتبت عنه مقالة كاملة بعنوان "الكفار" في جريدة الشروق. لا شك إن السلطة المستبدة، والضغوط التي تمارسها تمثل سببًا من أسباب انحدار مستوى الإعلام، كذلك تمثل رؤوس الأموال التي يعقد أصحابها تحالفات متنوعة مع السلطة سببًا آخر، فهم في سبيل حماية أعمالهم ومشروعاتهم يقدمون نوعية الإعلام التي يرضى عنها النظام لا تلك التي نطلع إليها، أضف إلى هذا وذاك التدهور الأخلاقي على المستويات جميعها، فنحن مجتمع لا يرى ضيرًا في الكذب والنفاق ومخالفة الضمير، وهي قيم سلبية دأبنا على ابتكار مسميات أخرى لها، مثل الفهلوة والشطارة وتفتيح الدماغ، كي نسهل على أنفسنا تقبلها والتعامل من خلالها، ضع خطوطًا كثيرة حول التعليم في المدارس وحول القيم التي تنغرس في الصغر داخل نفوس أطفالنا لتصل ببساطة إلى سبب آخر من أسباب الانحطاط الذي نعانيه. س : هل الثقافة العربية ( أدب _ فن _ فكر _ سلوك ) ثقافة عنصرية تراثية أم تقدميه حداثية، وهل توجد علاقه بين الموروث الديني والاجتماعي و الثقافي و بين ما تتعرض له المنطقة العربية من صراعات و أزمات؟ القاص محمود الوهب : الثقافة العربية هي ثقافة غير متجانسة ولم تصل بعد إلى مستوى واحد ذي سمات محددة يمكن الحكم عليها بأنها ثقافة قومية، رغم اللغة الواحدة، إنها ثقافات متباينة في نزعاتها وتوجهاتها، وخصوصاً لدى منتجيها من النخبة، والسائد منها يحمل سمات الحاكم وتوجهاته. أما غير السائد وله حضوره في المجتمع، وفي المغتربات ينوس بين التقدم من جهة، وبين التخلف والالتفات إلى الوراء من جهة أخرى.. ثمة مظاهر للتعصب في بعض تيارات الثقافة ذات التوجه القومي، وثمة ميل عند بعضهم نحو التراث ومحاولة بعثه، كما وجد في الأصل، وكأن مجتمعنا اليوم لاتزال تتقاسمه قبائل البدو، ثمة ميل لديهم لعدم قراءة التراث بالعقلية التي صنعته أو العقلية التي تربطه بتاريخه وحوادثه، ويسير خلف أصحاب هذا التوجه، عن جهل طبعاً، وربما عن حاجة وتهميش وقهر عام، أغلبية ساحقة وهذا ما يبرر ما يحدث في سورية الآن. ومرد ذلك في اعتقادي إلى مصادرة السياسة من المجتمع، وغياب دور الأحزاب السياسية، وتهميش ما هو موجود تاريخياً، وقمع كل من يخالف السلطان المستبد، وبإيجاز أقول لا يمكن للثقافة الحداثية التقدمية أن تسود في ظل الاستبداد، قد تنمو في دهاليزه لكنها لا تسود إلا تحت ظلال الحرية السياسية والاجتماعية، وما يقال عن الثقافة العربية يقال عن السورية والمصرية والتونسية.. إلخ يمكنني استثناء الأدب في الحالين المصريه والسورية فالأدب الجيد هو تقدمي بالضرورة، ويمكن الإشارة هنا إلى نجيب محفوظ وحنا مينة. أما أهم المفكرين العرب فلا أريد الدخول في هذا المجال، فهم كثر، وكل من يحاول تقديم فكر ينطلق من التاريخ والجغرافية العربية ومن نسيجهما الاجتماعي المتباين في انتمائه القومي والديني والمذهبي، وفلسفته في الحياة مادية كانت أم مثالية، ويسعى إلى تجاوز التخلف والاستبداد، مستفيداً من منجزات العصر ومعطيات العلم، ويسمو نحو فكر ذي أبعاد إنسانية.
#سامح_سليمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوارات عن الثقافه العربيه ج 1
-
حلقة التبشير و البلح من برنامج البط الأسود ج 2
-
حلقة التبشير و البلح من برنامج البط الأسود ج 1
-
حوارات عن الدين و المرأه ج 1
-
حوارات عن الثقافه و أنواع الأستبداد ج 2
-
حوارات عن المرأه و المثقف و الثوره ج 1
-
اقتباسات ضد الجهل و الخرافه ج 1
-
اقتباسات للدكتور خالد منتصر ج 1
-
اقتباسات عن المرأه ج 9
-
اقتباسات ضد الدوله الدينيه ج 2
-
اقتباسات ضد الدوله الدينيه ج 1
-
اقتباسات ضد القمع و مصادرة الحريات ج 1
-
اسباب و دوافع الزواج ج 2
-
أسباب و دوافع الزواج ج 1
-
حوار عن اشكاليات الكتاب المقدس مع الباحث اللاهوتى عماد حنا ج
...
-
حوار عن اشكاليات الكتاب المقدس مع الباحث اللاهوتى عماد حنا ج
...
-
حوار جرئ جداااً مع الباحثه منى شابو
-
أقتباسات هامه و متنوعه ج 18
-
ذكريات جامحه ج 2
-
ذكريات جامحه ج 1
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|