ماذا يعني دخول تركيا الحرب ضد الارهاب ؟

حسن محمد طوالبه

الحوار المتمدن-العدد: 4876 - 2015 / 7 / 24 - 03:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

منذ ان اندلعت الثورة الشعبية في سوريه عام 2011 وقفت تركيا الى جانبها ضد نظام الاسد , وطالبت باسقاطه كما طالبت بعد عام على الثورة بانشاء منطقة عازلة في شمال سوريه لايواء اللاجئين السورين الفارين من جحيم الحرب ومن قصف نظام الاسد مناطقهم بالاسلحة المحرمة دوليا كالاسلحة الكيماوية التي اجبر النظام على التنازل عن مخزونه الكيماوي الى الامم المتحدة ونقله من سوريه تمهيدا لتدميره في البحر . كما وقفت تركيا موقفا ايجابيا من اللاجئين السورين الذين فروا الى الاراضي التركية حيث قدر عددهم بحوالي مليوني فرد , وهذا يتطلب مسلتزمات مادية وامنية كبيرة .
ظل الموقف التركي على هذه الحال الى ان وقع الانفجار الذي تبنته داعش في مدينة سروج التركية على الحدود السورية , الامر الذي حذا بالحكومة التركية للتحرك عسكريا بتحريك قوات عسكرية برية كبيرة على الحدود مع سوريه , وقد سبق هذا الاجراء نقل رفات الزعيم التركي من مكانه الى قرية سورية اخرى بحراسة تركية .
لقد وقفت الولايات المتحدة ضد فكرة اقامة منطقة عازلة في شمال سوريه تلبية للرغبة التركية , لاكثر من اعتبار , اولها ان الولايات المتحدة تقف الى جانب الاكراد وخاصة في العراق وسوريه , وتثق بهم ووقفت مع قواتهم العسكرية بالضربات الجوية التي ساعدت البشمركه في التقدم وتطهير مناطق اليزيدين من داعش , كما انها تقف مع اكراد سوريه في عين العرب ضد داعش . واذا ما وافقت على اقامة منطقة عازلة في شمال سوريه كالتي طبقت في العراق بعد عام 1991 , فان هذا الاجراء سيحد من حركة الاكراد وسيمكن القوات التركية من تلك المنطقة ويحول دون انشاء منطقة كردية في شمال سوريه , وترتبط بممر الى العراق بحيث تربط اكراد سوريه باكراد العراق , وهذا ما لاتريده تركيا وترفض منح اكراد تركيا البالغ عددهم اكثر من 12 مليون نسمه حق الحكم الذاتي كالذي منح اكراد العراق منذ عام 1975 . اضف الى ذلك ان الولايات المتحدة ليس لديها حتى الان نية اسقاط نظام بشار الاسد بدعوى خوفها من تسلم الاسلاميين المتشددين الحكم في سوريه .
يوم الاربعاء الماضي شهد محادثة هاتفية مطولة بين الرئيس الامريكي باراك اوباما والرئيس التركي رجب طيب اردوغان , لم يرشح عنها كل التفاصيل , بل نتج عنها فتح قاعدة انجرلك العسكرية امام الطائرات الامريكية للانطلاق منها لضرب الاهداف المعادية لتنظيم داعش في سوريه والعراق , وقد تفتح القاعدة امام طائرات التحالف الدولي للانطلاق منها الى الاهداف المعادية , وقيمة هذه الخطوة تكمن في انها وفرت للطائرات الامريكية تنفيذ مهماتها بمدة اقصر من السابق واختصار في الكلف المالية ايضا , لانها كانت تنطلق من حاملات الطائرات في البحر , ويرفع من دقة الضربات الجوية نظرا لقصر المسافة بين القاعدة والاهداف داخل سوريه .
ماذا حصلت تركيا من وراء هذه الخطوة التي رفضتها الولايات المتحدة منذ عدة اعوام ؟ , هل ستوافق الادارة الامريكية على الطلب التركي باقامة منطقة عازلة شمال سوريه ؟ , فالحكومة التركية تطمح الى تحقيق هذه الفكرة لكي تمنع اقامة اي كيان كردي مستقل في شمال سوريه , حتى لا تثير اكراد تركيا للمطالبة بكيان مشابه لما موجود في العراق . والامر الاخر اقامة مناطق امنة للاجئين السورين في مناطق الحظر الجوي , واذا اقيمت هذه المنطقة , فانها ستحد من قدرة نظام بشار الاسد على استخدام الطائرات ضد قوات المعارضة بكل تنويعاتها . ومثل هذه الخطوة ستكون مقدمة لسقوط نظام الاسد . اما خطورتها فتكمن في تهيئة الاجواء للتقسيم واقامة كيانات في سوريه . وهذا ما يخيف دول الغرب من استمرار العنف في المنطقة .
ماذا تريد تركيا من حشد قواتها على الحدود والبدء في الاشتباك مع قوات داعش ؟ , الحكومة التركية بعد الانتخابات البرلمانية الاخيرة خسرت موقعها القيادي , ولم تعد قادرة على تشكيل حكومة باسم حزب العدالة الذي احتكر السلطة منذ اكثر من عقد من الزمن , وهذ الحشد العسكري المؤيد من البرلمان التركي ومن الرئيس اردوغان سيمنح الحكومة زخما شعبيا اذا ما اعيدت الانتخابات البرلمانية اذا فشلت في تشكيل حكومة اتلافية .
ولكن هل نتوقع ان تفرض تركيا منطقة حظر جوي لوحدها بسماح امريكي –فرنسي , ام ان التحرك التركي سيتيح فرصة امام المبعوث الاممي ديمستورا لاقرار حلول تبدأ بوقف اطلاق النار في الزبداني التي دمرت بالكامل خلال السنتين الماضيتين , وخاصة خلال الاسابيع الماضية حيث قامت قوات من النظام مدعومة من حزب الله ومليشيات طائفية من ايران والعراق بمحاصرتها .
المهم ان دخول تركيا الحرب ضد داعش في سوريه سيغير الكثير من المسارات , اما ان تقود الى اسقاط الاسد , واما تقود الى تسويه معه ولاسيما ان روسيا تبنت مساعي لايجاد تسوية للصراع في سوريه , وكذلك تورط نظام الملالي في ايران في تلك الحرب , وما تم في الاتفاق الاخير بينه وبين دول الغرب في فينا حول البرنامج النووي الايراني .

#حسن_محمد_طوالبه (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات