اكتشاف النسخة الأقدم لقصة آدم وحواء: آدم كان إلها.. وحواء بريئة من الغواية!

محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)

الحوار المتمدن-العدد: 4875 - 2015 / 7 / 23 - 04:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

مقدمة :
قمت بنقل القسم الأول من هذا الموضوع على صفحتي في الفيس بوك . وقام بمشاركته على الفيس حتى ما قبل 3 ساعات 359 صديقا . كما قمت بنشره في منتدى الملحدين العرب . وفوجئت هذا المساء بأن الزميل ( فكر حر ) قام بالبحث عن النص الأصلي وترجمته دون أن يراجعه . ونظرا لأهميته فقد نقلته إلى جهازي . ونظرا لأنه محفوظ للقراءة فقد تعذبت كثيرا في تصحيحه قدر الإمكان .
إنه بحث يقلب كل المفاهيم الدينية التي اتبعناها . فهي اوغاريتية كنعانية بالتأكيد . وفيما يلي النصين . المختصر والأصلي .
اكتشف عالمان هولنديان نسخة قديمة جدا لقصة آدم وحواء، قالا إنها تعود إلى 800 عام قبل سفر التكوين في التوراة، وتختلف عنها في الإنجيل والقرآن.
ما الذي يعنيه هذا الأمر بالنسبة للمؤمنين من الأديان الثلاثة؟
القصة منقوشة باللغة الأوغاريتية على لوحين من الطين وتعود إلى القرن الثالث عشر ما قبل الميلاد، وعُثر على اللوحين في سوريا عام 1929. في السبعينات، تم تفكيك رموز الكتابة الأوغاريتية المسمارية في اللوحين، ولكن بشكل منفصل عن بعضهما البعض. ولأول مرة تمت دراسة اللوحين سويا من قبل الدكتورة مارغو كوربل ويوهانس دي مور الأستاذ الفخري في جامعة اللاهوت البروتستانتية في أمستردام. وتوصلا إلى اكتشاف أن اللوحين يحملان نسخة قديمة لقصة الخلق التوراتية
في القصة القديمة يسود الإله "إل"، وهو الإله الأعلى (حسب الميثولوجيا الكنعانية) على "حقل كرمة الآلهة العظام"، الذي يقع على جبل أرارات في شرق تركيا اليوم. لكن سلطته هذه عارضها الإله الشرير حورون، سلف الشيطان. عندما عُوقب حورون بالطرد من الجبل سمّم "شجرة الحياة". وهنا يظهر آدم في القصة: هو إله أُرسل إلى الأرض لوضع حورون عند حده، لكن نهاية مهمته كانت مأساوية. فقد حوّل حورون نفسه إلى ثعبان سام ولدغ آدم، مما أدى إلى خسارته لطبيعته الخالدة. وكنوع من العزاء لما أصاب آدم، قدمت آلهة الشمس له "امرأة طيبة القلب"، وبالتالي يمكن أن تتكاثر البشرية، ويسترد آدم بعضاً من طبيعته الخالدة.
أوجه التشابه بين هذه القصة وقصة الخلق في التوراة والقرآن قوية لدرجة دفعت الباحثين للاعتقاد بأن هناك نسخا مختلفة للقصة نفسها. الاختلاف الرئيسي، كما يقول البروفسور دي مور، هو أن "هناك العديد من الآلهة في هذه الأسطورة الأوغاريتية. آدم والثعبان هما من الآلهة. وهذا يتناقض بالطبع مع الأديان التوحيدية". والاختلاف الثاني هو أن سقوط آدم لا يعود إلى خطأ أرتكبه هو: "في القصة، وحسب ما استطعنا أن نفكك رموزها، ليس هناك خطيئة
وعقاب". كما توصف امرأة آدم على أنها "من طينة جيدة": "حواء في هذه القصة لا ذنب لها فيما حدث لآدم، على عكس قصة الخلق التي يعتمدها اليهود والمسيحيون والمسلمون".
كتشاف هذه الأسطورة الأوغاريتية يشكل تهديدا للطريقة الحرفية التي يتعامل بها اليهود والمسيحيون والمسلمون في كتبهم المقدسة مع قصة الخلق على أنها عمل إلهي بحت: "الأسطورة الأوغاريتية تظهر أن قصة الخلق لديها خلفية تاريخية. مما يجعل من الصعب قراءة النص في التوراة والإنجيل والقرآن بشكل حرفي، والإصرار على أن العالم قد خُلق في سبعة أيام".
لوحا الطين اللذين كُتبت عليهما القصة هما جزء من مجموعة أكبر اكتشفت في أوغاريت في شمال سوريا. لم تتم دراسة العديد من هذه الألواح بعد، الأمر الذي يعني، برأي كل من كوربل ودي مور، أن هناك المزيد من الاكتشافات قد تظهر.
نقلا عن ( هنا صوتك )
النص الأصلي
تحية طيبة
على هامش الموضوع الذي طرحه الاستاذ شاهين فقد قمت بترجمة الورقة البحثية المقدمة من قبل كوربيل ومور وتاتي اهمية هذا البحث انه صادر عن جامعة لاهوتية واعتذر عن اي خطأ او قصور في الترجمة
ادم, حواء والشيطان
Marjo C.A Korpel
Johannes C. de Moore
جامعة اللاهوت البروتستانتية امستردام
المشكلة
قصة خلق الكون , جنة عدن وهبوط ادم وحواء تنتمي الى واحدة من اجمل القطع الادبية واكثرها تأثيرا في العالم.
محاولات لاتحصى جرت لتحديد موقع جنة عدن ولكن بناءا على المعطيات الانجيلية فان هذه المحاولات ادت الى نتائج متباعدة ومتناقضة.
القاريء المعاصر غالبا ما تصده افكار مثل الخطيئة الاولى للمرأة وتبعية حواء لادم وفكرة وراثة الشر الانساني ووجود افعى خبيثة تتكلم. البعض يرفضون هذا بالجملة والبعض يتمسك بعناد بها.
بعد ما لايقل عن 3 الاف سنة من دراسة التعاليم المكتوبة لاسرائيل القديمة فان بعض علماء الانجيل اصبحوا مشككين ان يكون بالامكان قول اي شيء جديد حول الموضوع.
نحن نشجع طلابنا بان نوضح لهم ان هناك بشكل اساسي طريقتان للتغلب على هذه العقبة :
الاولى محاولة تجريب اسلوب جديد يمكن الباحث من النظر لنفس المعطيات الانجيلية من خلال نظارات جديدة.
والثانية انه يمكن الاستفادة من المعلومات الحديثة من خارج الكتاب المقدس فرض ان الانجيل ليس اكثر من كتاب واحد من بين تراث غني .
بالاشارة الى ما كتبه اين اريك كلاين عام 2007 " في النهاية نحن تركنا مع سؤال صعب : كيف يمكن لاحد ان يأمل بايجاد جنة عدن خصوصا مع ما يقال عن التاريخ البدائي".
في سفر التكوين ؟ حتى اذا ما كانت الجنة يوما مكانا حقيقيا وحتى لو عرفنا ولو بشكل عام المكان الذي يحتمل انها كانت فيه , فكبف سنستدل عليها بادلة فيزيائية , بما انه لا توجد نقوش قديمة او علامات على مدخلها ( لان الكتابة لم تكن قد اخترعت بعد )
اذن كيف سنعرف حقا ان كنا قد وجدناها ؟ الجواب هو اننا لا نستطيع.
وكما قال البروفيسور فيكتور هورويتز استاذ دراسات الانجيل والحضارات القديمة للشرق الادنى في جامعة بن غوريون " انا اشك باننا نجد ابدا جنة عدن خارج صفحات الانجيل"
هذه الورطة سببها واقع سفر التكوين نفسه حيث لدينا تراث اخر حول جنة عدن في الانجيل نفسه. من المعروف لدى العلماء الانجيليين ان الانجيل العبري يحوي تراثا يختلف عن قصة التكوين, على سبيل المثال حزقيال 28 عنه في الادب شبه الانجيلي. هذا الامر ادى الى نشوء فرضية ان هذا التراث الانجيلي ربما كان يعتمد على قصة اقدم منه والتي اطلق عليها بول ريكر فيلسوف فرنسي اسم الاسطورة الادمية.
على كل حال حتى هذه اللحظة لا تزال هذه الاسطورة مراوغة متملصة وكمثال على ذلك نقتبس القولين التاليين :
" جنة عدن الكنعانية او اسطورة ادم لم تكتشف بعد "ماي 1962و ص 167
" لايوجد دليل على ان فكرة الجنة استعيرت من خارج الانجيل " باتو 2013و ص 83
في كتاب نشر حديثا فاننا وضعنا نظرية ربما بالنهاية تملآ هذه الفجوة لانها مبنية على تفسير اعدد من الالواح الطينية الاوغاريتية تعود للقرن الثالث عشر قبل الميلاد . في ذلك الوقت اوغاريت كانت العاصمة المزدهرة للملكة الكنعانية الصغيرة على ساحل سوريا المقابل لجزيرة قبرص. اوغاريت مهمة في التفسير الانجيلي لان لغتها قريبة جدا من العبرية القديمة وكتبت على الواح طينية بكتابات ابجدية.

مفهوم الخلق في اوغاريت
في اوغاريت وباقي المدن الكنعانبة فان خالق الكل هو ايل والذي كان يدعى في اوغاريت ايلو الحرف و اختفى في الالفية الاولى قبل الميلاد . ولتجنب التكرار الثقيل سننوه للاسماء في هذه الورقة البحثية حسب صيغتها العبرية اللاحقة ان امكن.
لا يوجد خالق عظيم في حضارات الشرق الادنى القديمة حمل نفس الاسم باستثناء اله اسرائيل لذا يبدو من المنطقي التخمين ان جذور الديانة الاسرائيلية يمكن رؤيتها في البيئة الكنعانية.
ايل الخالق زوجته الرئيسية كانت اشيرا ام اطفاله السبعين وهي خالقة ايضا. وهما ايل واشيرا يخلقان بكلمة او بفكرة ( كن فيكون ) , وكما هو حال الخالقين الاخرين في حضارات الشرق الادنى القديمة فان ايل ايضا يجعل الالهات الاخرى والنساء البشريات حوامل ايضا وفي بعض الاحيان يخلق عن طريق قولبة الطين كالفخار التكوين 2-7 . ايل لم يبدأ الخلق عند بداية الكون ولكن بعد ذلك اخذ يخلق لمرات عديدة لذا امن الكنعانيون بعملية الخلق المستمرة. والشيء نفسه يقوله بعض الكتبة الانجيليين . هناك حقيقة غالبا ما يتجاهلها اللاهوتيون هي ان بعض الالهة الاوغاريتية الاقل مقاما في مجلس الالهة كانو قادرين على الخلق ولكن بمستوى ادنى.
ايل سكن في خيمة عند المنابع الاربعة لدجلة والفرات, ربما هذه الخيمة هي القبة السماوية , ولكن باي حال , فقد تم وصفها بانها قصر فخم في كلا من الاسطورة الاغاريتية والانجيل. ولدينا اسباب قوية للتخمين ان ايل كان من المعتقد انه يقيم على جبل ارارات اعلى نقطة على الحدود الامينية التركية وهوالجبل الذي طبقا للروايات الانجيلية وروايات حضارات مابين النهرين استقر طوف نوح عليه. جبل ارارت بركان خامد بقمتين احدهما يطلق عليها الفنجان او وعاء الخمر باللغة الأوغاريتية. الناس انذاك امنو ان الشمس تنزل مابين تلك القمتين لترافق الموتى.
احد الالواح الاوغاريتية تذكر كروم العنب للالهة العظيمة والذي يبدو انه السلف الكنعاني
لفكر وجنة عدن .
التاريخ البدائي في اوغاريت
طبقا للاديان الرئيسية في حضارات الشرق الادنى القديمة فان الديانة الاسرائيلية كان متوقعا نشوؤها.
اول تمرد ضد الخالق حدث لا من البشر بل من عالم الالهة , في بعض الحالات كان البشر البدائيون يشاركون في التمردات ضد الالهة العليا وهؤلاء البشر كانو اشباه الهة وهذه نقطة مهمة لادراك الفهم الكنعاني لجنة الالهة.
كان يعتقد ان الجنة تغطي كامل ارمينيا وربما اكثر. ابتداءا كان من المحتمل ان هناك شجرة حياة واحدة في النسخة الكنعانية من الجنة, وكانت طويلة للغاية حيث تلامس قمتها السماء.
في الاسطورة الاوغاريتية الاله المتمرد يدعى هورون وهو معروف ايضا في الادب الفينيقي والمصري والعبري واليوناني. هناك مؤشرات قوية على انه تمرد على ايل وأنه عوقب بالطرد من القمة المثلجة للجبل البركاني لايل والقي به لاسفل الى حوران ( جزء من الصحراء السورية ) حيث بدأ نشاطه البركاني الخاص به.
يبدو ان انتقامه كان في اصراره على منع الالهة من الوصول الى شجرة الحياة بتحويل نفسه الى افعى هائلة على الشجرة , وحش هائل كالوحش البحري لوياثان في الانجيل, والذي حول سمها من شجرة الحياة الى شجرة الموت ا
ونتيجة لهذا بدأ العالم بالذبول وضباب سام اخذ يلف كل شيء.
اذن تعريف الشيطان على انه افعى سامة له تاريخ طويل. نحن نعتقد ان الافعى كانت نوعا ضخما من الافاعي ذات القرون ومنها اخذت فكرة قرني الشيطان ليومنا هذا
الالهة العظمى قررت ان ترسل واحدا منها وهو ادم للارض في مهمة ايقاف تدهور الوضع هناك واعطوة السلطة المطلقة على الارض ( التكوين 1-28 ) ولكن حين وصل الى الشجرة عضته الافعى فورا وبدأ يحتضر . ولكن الهة الشمس اشفقت على ادم واستدعت كل الالهة العظمى ليسحروا الافعى قبل فوات الاوان. ولانه يملك ذريته الخاصة, الافاعي , فانهم سيتم تدميرهم جميعا بتحالف الالهة.
هورون دخل الجنة واستاصل شجرة الموت وازال تاثير السم بازالة نموها غير الطبيعي. وسنقتبس بعض السطور:
" وجه هورون اصبح شاحبا
لان ذريته ستكون بلا اولاد
غادر المدينة التي في الشرق
ثم توجه مباشرة الى اراشيك الكبير
والى اراشيك الصغير ( رافدان من روافد نهر دجلة)
وازال الشجيرات
نعم شجرة الموت من الشجيرات
هز الشجيرات
وضع عثق التمر على جانب
ازال الجرب
نزع الثاليل
توجه هورون لبيته
اصبح السم ضعيفا كجدول صغير
وتدفق بعيدا في حفرة"
من الواضح ان شجرة الموت كانت هجينا قبيحا وازالة هذه الشجرة تعني استعادة الحياة لمسارها ولكن بدون خلود فشجرة الحياة التي كانت تمنح الحياة الابدية ازيلت وللابد.
بعد انقلابه اصبح هورون مرخصا لاعدام المتمردين من امثاله سواء في الارض او في السماء.
في ظهوره النجمي يدعى هورون " هلال" النجم اللامع ( الدبران) والذي يحجبه هلال القمر في الصباح الباكر لذا تبدو هذه النجمة كانها مختفية من سماء الليل ( الرمز الموجود على علم الدولة التركية / العثمانية اقتبس من ظاهرة اختفاء وظهور نجم الدبران قرب الهلال القمري . صور كهذه وجدت ايضا في الالفية الثانية ق م وكذلك في اوغاريت ) اما بالنسبة لزوجة ادم كانت ايضا الهة في اوغاريت باسم كبابا والتي اصبحت في التراث اليوناني باسم كايبيلي ( ام الجميع ).
في الجزء المحفوظ من الاسطورة الاوغاريتية لم يذكر انتهاك ادم او حواء للوصايا الالهية.
نحن نعتقد ان اتهام حواء في سفر التكوين جاء نتيجة لالقاء اللوم على النساء في سقوط اورشليم بيد الوثنيين. تاثير الثقافة اليونانية على اليهودية المبكرة ربما عزز هذا النمط من التفكير والذي لا يوجد ما يوازيه في الحضارات القديمة.
بعد ان نال ادم العضة القاتلة من هورون ( الافعى) فانه يبدو ان الهة الشمس الاوغاريتية وعدته بامرأة طيبة لبدء الدورة الابدية للانجاب معها.وهكذا يتم الحفاظ على الحياة البشرية بالعموم رغم موت الافراد. في ظهوره النجمي كنجمة الصبح فان هورون انجب الكوثرات ( القابلات الالهية السبعة ) واللواتي اصبحن مسؤولات عن حفظ الحياة من خلال الحمل وولادة الاطفال.
في النص الاوغاريتي فان هذا الامر يتم الاحتفال به بطقس ديني للعريس والعروس . يتبن ان هورون كان الها غامضا لشخصيته جانب شرير وفي نفس الوقت جانب ايجابي. بعض اوصاف او نعوت الشيطان الكنعاني متطابقة او متشابهة مع وصف ابليس الشيطان في الاسلام
الحياة السعيدة في الاخرة للخواص
الملوك والابطال الكنعانيون كانو يتوقعون قدرا سعيدا في الحياة الاخرى. من المؤكد ان الاوغاريتيين امنو ان ملوكهم بصبحون الهة بعد موتهم وبوصفهم الهة يتم منحهم اسماء جديدة والتي تنتهي دائما ب ايل او بعل او هادو او هداد والاسم يشير الى الجزء من المجلس الالهي الذي ينتمي اليه.
هؤلاء الملوك والاسلاف الراحلين والمؤلهين كان يتم استشارتهم من قبل الملوك الاحياء في طقوس ليلية حول صخور واقفة تمثل هؤلاء الاموات . هذه الاسماء ستطلق فيما بعد على الملائكة في الانجيل.
عندما كان الملك كيريت( بطل ملحمة اوغاريتية) يحتضر قالت زوجته لاصدقائه :
كيريت في طريقه لينضم لايل
المصطلح الذي استعمل للتعبير عن اتحاد الملك بالهه ايل مشتق من نفس الجذز شرك ) والذي يعارضه الاسلام بشدة فيما بعد. لانه خطيئة اشراك اي كائن مع الاله. من المدهش ان نرى ان هذا المصطلح يستعنل بشكل ايجابي في الوثائق القديمة للديانات الوثنية في الشرق الادنى. حيث تصف اندماج كائن بشري كاله ادنى ( كيريت كان مسبقا ابنا لايل ) مع خالقه ايل
لدينا سبب لافتراض ان ايل اقام في كروم عنب فخمة على سفوح جبل ارارات هذه الفقرة يبدو انها تتضمن ان كيريت ايضا كان مسموحا له بالاقامة على السفوح السفلى من جبل ارارات حيث تزدهر الكروم من ازمان سحيقة.
تجدد الحياة
بعض الالواح الطينية الاوغاريتية تحوي خليطا من القصص الاسطورية والتعاويذ والطقوس, الرابط مابين الاسطورة والطقس الديني يكون واضحا مما يعزز وجهة النظر القائلة بان الاسطورة تشرح وتفسر الطقس الديني , وكانت تتلى او يعاد تمثيلها بشكل رمزي
واحد. من النصوص الاوغاريتية مثيرة للاهتمام لانها تصف بعض الشعائر الخاصة بالاحتفال بالسنة الجديدة والتي كانت تقام في الخريف . عندما يعلن المطر نهاية فصل الصيف الحار والجاف ) الصيف كان يعزى لاله الموت )
كان مسموحا للجميع ان يشرب اول عصارة من النبيذ في الموسم حد الامتلاء . في مهرجان السنة الجديدة يحتفل بتجدد الحياة بطقس زواج يشارك فيه الملك والملكة والكهنة.
مارك سميث وصف اغراض عيد الزواج هذا بشكل افضل
في المقطع الشعائري 1.23 السطور 1-29 " ان موت الموت هو الذي يسمح للمحاصيل بالحياة" السطور 8-11 تصف دمار الموت وان الكروم تشير ضمنيا الى دمار الموت هذا والذي يمنح الحياة وقودها" وان هذا العيد يتضمن احتفالا بحاجة الحياة الى المحاصيل , اذ لا شرب للنبيذ الا بعد موت العنب ( قطفه)
عناصر العيد تأتي من عملية موت الموت. فالحياة بمعنى ما تتغذى على الموت ومن الموت تأتي الحياة .. سميث 2006 ص 17
في رأينا فان تشذيب كروم العنب في سياق عيد السنة الجديدة يحيي ذكرى تشذيب هورون لشجرة الموت , انها العملية التي جعلت تجدد الحياة الابدي ممكنا من خلال التناسل
موت وشار جالسان
مع نخبة الثكل في يد
ونخبة الترمل في يد اخرى
شذبو الكروم , سيشذبوه
جلدو الكروم , سيجلدونها
سوف يجعلونه يسقط من الشرفة كاغصان العنب
الموت والامير ... الاثنان يجتمعان ليكونا الها مزدوجا مثل معظم الالهة الاوغاريتية
ثكل هورون تم التلميح له في نص اوغاريتي اخر
من الواضح ان هورون الشيطان الكنعاني كان يصنع كفزاعة طيور من اغصان الكروم خلال عيد السنة الجديدة الاوغاريتية ومن الواضح ان الشيطان ليس اختراعا فارسيا كما يظن الكثيرون , ولكنه برز كخصم للاله بوقت جد مبكر
هزيمة الافعى
الالواح الاوغاريتية تصف هزيمة الافعى بواسطة بعل صهر ايل ورفيقه انات . تعويذة اوغاريتية تعطينا تفاصيل ثمينة حول هذا القتال:
" يجب ان تذهب الى ارض الماهانيم
وتجمد البحر ( الذي ) لسانه المتشعب يلعق السماء
يجب ان تجمد البحر الذي له ذيل متشعب
انت يجب ان توثقه الى مرتفعات لبنان
اسقط ! مكللا بالعار ايها البحر
زئيرك قد تحطم ايها التيار
بالتأكيد سوف ترى الحفرة
وسوف تلطخ بالطين "
للقاريء المعاصر يبدو انه غريب بعض الشيء ان الاله المجهول المعني يصلي لتجميد البحر والذي يعرف بوضوح هنا على انه وحش على هيئة الافعى , على كل حال, هزيمة قوى الشر في الميثولوجيا الاوغاريتية ليست نهائية. فالموت والشيطان والبحر يمكن لهم ان يقوموا من جديد .
ارض ماهانيم هي منطقة جبل باشان والتي كانت ترى كافعى عملاقة وسط الصحراء السورية , كلمة باشان تعني تنين البحر.
الاستقبال الانتقائي( الحرج) للانجيل العبري
الاختلافات مع التراث الكنسي العبري كثيرة , اسم هورون لم يعد الا من الاسماء الجغرافية , لانه من الواضح انه لم يعد ممكنا السماح بوجود منافس للاله. ولكن عناصر كثيرة في التراث العبري تفضح ان الكتبة كانو مطلعين على الميثولوجيا الكنعانية التي عرضناها باختصار. الكتبة لم يتبنوا كل عناصر الاساطير الاوغاريتية ففي اشعيا 14 وحزقيال 28 نراهم يستخفون بدين الكنعانيين جيران اسرائيل, وبالاخص اعتقاد الكنعانيين ان ملوكهم وابطالهم سيتحدون مع ايل بعد الموت في جنة السعادة الرائعة , ولكن فيما بعد ستعمم هذه الفكرة لتشمل كل الناس الصالحين لينالو هذه الحياة الابدية السعيدة .
ان طرد هورون الشيطان الكنعاني والقطب المضاد لايل من جبل الالهة العظيمة لاسفل وفر لانبياء بني اسرائيل حجة كاملة ضد مفهوم ان الحالة الالهية السامية لبعض الافراد يمكنها ان توفر له ضمانا بعدم المعاقبة على الذنب.
الاستمرار الجزئي في الادب شبه الانجيلي والعهد الجديد
نحن لسنا متخصصين في الادب شبه الانجيلي ولكن نريد ان نشير الى بعض التطابقات بين المادة الاوغاريتية والكتابات شبه الانجيلية والعهد الجديد والتي نعتبرها جديرة بالاهتمام
من المحقق ان التراث الكنسي حول ادم وحواء كان له تأثير متعجرف على الكتابات الابوكريفية والطائفية والزائفة , ولكن نحن نعتقد ان بعضا من التراث الكنعاني حول ادم والذي حذف من الانجيل العبري قد اعيد دمجه في الكتابات شبه الانجيلية سواء جاء هذا من خلال التراث الشفهي او بالاقتباس من النصوص الاوغاريتية التي اكتشفناها وسيبقى هذا الامر مثيرا للجدل. وفي كل الاحوال فان المادة الاوغاريتية تلقي بالضوء على تراث الادب شبه الانجيلي حول ادم .
تجدد الحياة
ان دخول الاتقياء الجنة موضوع رئيسي في الادب شبه الانجيلي والعهد الجديد. كتاب لو ميناريز في القرن الرابع ق م 3:77 يذكر جنة الصلاح والتي موقعها الى الشمال من وجهة نظر الكاتب. .. كتاب ووتشر القرن الثالث ق م يصف شجرة ذات عطر جميل تنمو على جبل الاله تمنح ثمارها للصالحين في نهاية الزمان.
وهناك العديد من الكتابات شبه الانجيلية والعهد الجديد فيها ان الصالحين سيدخلون الجنة بعد الموت. ومن المدهش ان بولس قال في تهكمه مبتهجا" ايها الموت اين انتصارك؟ ايها الموت اين شوكتك؟" كورنثوس 55:15 والروابط هنا ليست مع هوشع 14:13 فقط وانما مع التراث الكنعاني عند ادم الاول.
الشوكة كانت ابنا للموت في اوغاريت والافعى قتلت الانسان الاول بانياب لادغة.
كما رأينا فان قصة ادم ارتبطت بتجدد الحياة خلال عيد السنة الجديدة الاوغاريتية . ومن المثير انه حتى العبرية المتأخرة لابوت دي رابي ناثان تعلن " يوم سنة جديدة . اول انسان خلق في اول ساعة جاء الى الوجود كفكرة في عقل الاله "
الاستنتاج
التراث الاسطوري الكنعاني خصوصا الاوغاريتي يلقي ضوءا جديدا على مقاطع في الانجيل العبري والادب شبه الانجيلي والعهد الجديد عن ادم وحواء. عناصر لا يمكن تتبعها في الماضي في الانجيل العبري الكنسي يبدو انها تظهر في النصوص الاوغاريتية والتي هي اقدم بالف و 200 سنة وهذا يسمح لنا بطرح فرضية ان هناك سلسلة غير منقطعة من تراث ديني تم اعادة كتابته في اليهودية العبرية المتأخرة ولكن احيانا ما كان يتم اقتطاعها في الاعمال ما بعد الكنسية...

#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات