|
وزيرة الهجرة والاندماج الهولندية تقترح منع ارتداء البرقع
عدنان حسين أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 1345 - 2005 / 10 / 12 - 10:41
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
قدّمت ريتا فيردونك، وزيرة الهجرة والاندماج الهولندية مقترحاً يقضي بموجبه منع ارتداء البرقع في حالات معينة. وقد ركزت في مقترحها على ضرورة منع ارتداء الجلباب الإسلامي الذي يغطي الجسد برمته. وقد أوعزت الوزيرة فيردونك إلى المسؤولين الكبار في وزارتها لدراسة امكانية منع البرقع في أوقات معينة وفي أماكن محددة، ولأسباب قائمة على خلفيات أمنية. وقد أوجزت الوزيرة مضمون فكرتها للبرلمان الهولندي الاثنين الماضي والتي جاءت في أثناء ردها على سؤال لعضو البرلمان الهولندي المستقل خيرت وايلدرز، والذي يمثل أقصى اليمين التطرف، والذي دعا غير مرة إلى منع ارتداء الحجاب، ليس في أوقات الدوام الرسمي حسب، وإنما في الحياة اليومية العامة. وقد دخل وايلدرز في نقاشات حامية أكد فيها بأن البرقع ليس " محبوباً لدى النساء " وأنه يمنع من تحديد هوية المرأة التي ترتديه. وأضاف قائلاً " بأن البرقع غالباً ما يقترن بأفغانستان وبعض المجتمعات الإسلامية المتشددة التي تستعمل هذا القناع الذي يغطي المرأة من رأسها حتى قدميها، وأكثر من ذلك فإنه يغطي عينيها بشبكة تحد حتى من قدرتها على الرؤية العادية." ويذكر أن الوزيرة فيردونك تتعرض دائماً لانتقادات حادة من البرلمان والصحافة والرأي العام بسبب سياستها المتشددة حيال المهاجرين، فهي تطالب بترحيل " 26.000 " طالب لجوء من مختلف بلدان العالم لم تُقبل طلباتهم، بينهم بضع مئات من العراقيين. وأكدت الوزيرة " أن العفو عن هؤلاء سيعطي إشارة خاطئة لمهرّبي البشر " بينما طالب بعض البرلمانيين في الائتلاف الحاكم بتشكيل لجنة خاصة تبحث في امكانية منح حق الإقامة لعدد من العوائل لأسباب إنسانية غير أن هذه المقترحات التي تصب في مصلحة اللاجئين الأجانب غالباً ما تقابل بالرفض القاطع من قبل الأحزاب اليمينية المتطرفة، والتي تلقى بدورها معارضة شديدة من قبل المجالس المحلية، والكنائس، والمؤسسات الثقافية، والمنظمات الاجتماعية والخيرية في عموم المدن الهولندية، والتي تصف سياسة الوزيرة بأنها " غير إنسانية". وقد سبق لهذه الوزيرة التي تنتمي إلى حزب الشعب للحرية والديمقراطية " vvd " أن أصدرت بعض القوانين والاجراءات الرسمية المتشددة " بعد أخذ موافقة أغلبية أعضاء البرلمان " والتي تقضي بترحيل المهاجرين الذين يرتكبون جرائم خطيرة، بينما تلقى هذه المقترحات العنصرية معارضة شديدة من قبل حزب العمال الهولندي الذي خسر الانتخابات في الدورة الماضية. الخلفية الثقافية لوزيرة الهجرة والاندماج يبدو أن التحصيل الدراسي لريتا فيردونك، وتخصصها في علم الإجرام والتنظيم الاجتماعي، قد لعب دوراً مهماً في تعاملها بروح الشك الدائم مع الأجنبي أو المهاجر. فالعقلية الأمنية أو الاستخبارية لا تتعامل مع الآخر إلا على أساس الشك في نياته، فحسن النية غير متوفر دائماً. ويزداد الطين بلة حينما يمتلك هذا الشخص حساً معادياً للأجانب أو المهاجرين على وجه التحديد، ويتفاقم الأمر أكثر حينما يشعر هذا الشخص المسؤول بمرض الـ " Xenophobia " أو ما يسمى بالعربية " الرهاب أو الخوف من الأجانب "، أما إذا أضيف إليه مرض آخر هو الـ " Islamophobia " أو الرهاب من الإسلام، الذي بات يشكل ظاهرة خطيرة أو " مرض " يعاني منه الكثير من المعادين للأجانب فعند ذلك تتعقد المشكلة، وتكاد تصل إلى طريق مسدود. فالسيدة فيردونك هي عضو في حزب الشعب للحرية والديمقراطية " VVD " وهو ثالث أكبر حزب في هولندا. وبالرغم أن من مبادئه الأساسية لا تتضمن موقفاً صريحاً ضد المهاجرين فإن العديد من أعضاء هذا الحزب لا يفضلون وجوداً طاغياً للأجانب في هولندا. وربما تكون الوزيرة ريتا فيردونك هي أفضل مثال لما نذهب إليه. ولتسليط الضوء على هذه النقطة تحديداً سأذكر بعض الأمثلة وكيفية تعاطي هذه الشخصية السياسية معها من خلال منصبها الوزاري المدعوم من قبل حزبها " حزب الشعب للحرية والديمقراطية " هذا الحزب العريق في هولندا والذي يمتد تاريخه إلى عام 1948، والذي كانت له جذور ضاربة في أحزاب ليبرالية وديمقراطية هولندية معروفة. قبل بضعة أشهر التقت الوزيرة فيردونك بعدد من أئمة الجوامع في " مجمع للأئمة " وقد صافحت جميع الأئمة، ما عدا أحدهم الذي رفض مصافحتها بحجة أن الدين الإسلامي يحرّم ملامسة يد الأنثى. وهذا الإمام هو أبو صهيب أحمد سلام، إمام مسجد في مدينة تيلبيرخ، فردت الوزيرة باقتضاب شديد، لكن ملامحها الخارجية لم تُخفِ استيائها من هذا التصرف الغريب بالنسبة لمواطن هولندي لا يجد ضيراً في تقبيل الآخر، ومصافحته، وأخذه بالأحضان. فقالت الوزيرة بالحرف الواحد: "حسناً، لدينا وقت كافٍ للنقاش حول ذلك الموضوع ". وهي تعني " قناعاته الفقهية التي لا تجيز مصافحة المرأة. الغريب في الأمر أن هذه الندوة كانت مُنظمة تحت شعار " التكيّف مع القيم والمعايير الهولندية ". لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن المناخ في هولندا كان مشحوناً تجاه الأجانب والمسلمين منهم على وجه التحديد. فبعد أحداث 11 سبتمبر حصلت ردود فعل عدائية تمثلت بإحراق ومهاجمة عدد من الجوامع والمدارس الدينية الإسلامية، ثم تفاقمت الحالة سوءاً بعد مقتل المخرج السينمائي الهولندي المثير للجدل تيو فان خوخ في 2 نوفمبر " تشرين الثاني " 2004، كما ترافقت في تلك الفترة عمليات دهم أسفرت عن الإمساك بعدد من المنتمين إلى جماعة " الهوفستاد " الإرهابية. هذا فضلاً عن الاحساس العام الذي زرعته فيردونك بأنها لا تفضل وجود الأجانب، وبالتالي فإن أغلب إجراءاتها كانت تحسب ضد المهاجرين الذين يدينون بالديانة الإسلامية. ونتيجة لهذا العداء فقد قررت طرد بعض الأئمة المسلمين بحجة مسهم بالأمن الوطني. أنا أعتقد أن السيدة الوزيرة قد تأثرت كثيراً حينما لم يصافحها هذا الإمام، فهو رجل طارئ على المجتمع الهولندي، وبعض الهولنديين يعتقدون أنه يحرض على الإرهاب، ويثير الأحقاد، ويوسع من الهوة القائمة بين الأجانب من جهة والسكان الأصليين من جهة أخرى. ومما زاد الطين بلة أن الصحف الهولندية برمتها قد نشرت صورة الأمام وهو يمتنع عن مصافحة السيدة الوزيرة وعلى صدر صفاتها الأول. من جهة ثانية فقد أقدم شاب من المهاجرين، لم تكشف الصحافة عن اسمه، على عمل لا أخلاقي، ولا حضاري، حينما بصق بوجه السيدة الوزيرة حينما كانت تتبضّع مع زوجها وأطفالها، لكنها تفادت البصقة، ثم تولى البوليس الأمر، حيث اعتقل الشخص المسيء بينما عادت وزيرة الهجرة إلى بيتها مكسورة الخاطر، ومذهولة من هذا التصرف الوحشي الحاقد. الوزيرة الهولندية تخشى من هذا التيار السلفي المتطرف الذي يسعى لإرساء قواعد الدولة الدينية بدلاً عن الدولة العلمانية، وهذا الصراع سيظل قائماً في البلدان التي تتقبل مثل هذا النفس الثيوقراطي، بينما ترفضه الأنظمة والمجتمعات الأوروبية رفضاً قاطعاً. إن غاية ما تطلبه السلطات الهولندية من اللاجئين هو عدم المس بالنسق الاجتماعي العام، وعدم زرع الانقسامات الحادة بين شرائحه ومكوناته الأساسية المتعددة، وبالمقابل فليس هناك من جهة الهولنديين أي قسر أو إلحاق أو إكراه يجبر اللاجئين على التكيف مع القيم السائدة بالقوة، بمعنى أن المسلم ليس مضطراً للإيمان بالقناعات الهولندية، وبإمكانه أن يتفادى الدخول إلى البارات والمقاصف وعلب الليل وما إلى ذلك، ولكنه عليه ألا يعرقل النسق الاجتماعي المهيمن، وإلا فإن السلطات الهولندية قد لا تجد مندوحة من الانصياع لآراء ومقترحات بعض الأحزاب الهولندية التي تناصب الأجانب عداءً كبيراً، فهناك الكثير من الهولنديين الذين يعتقدون بأن " هولندا للهولنديين " وأن وجود الأجانب يسبب لهم الكثير من المشكلات الجدية، ولعل أبرزها هذه الانقسامات التي أشرنا إليها آنفاً، هذا ناهيك عن زيادة نسبة العاطلين عن العمل، وتفشي الجريمة، وتفاقم النفس الإسلامي المتشدد بارتداء الحجاب والبرقع الذي يعد الأكثر قسوة بين كل أشكال الحجاب المتعارف عليها على مر التاريخ. ريتا فيردونك، وزيرة الهجرة والاندماج في سطور -ولدت ماريا كورنيليا فريدريكا " ريتا " فيردونك في 18 أكتوبر عام 1955. -أكملت دراستها الثانوية في مدينة أوتريخت، ثم درست علم الاجتماع في جامعة نايميخن، وتخصصت في علم الإجرام والتنظيم الاجتماعي. وتخرجت عام 1983. -عملت في وزارة العدل حتى عام 1996. - احتلت منذ عام 1992 العديد من المناصب الإدارية في وزارة العدل في قسم خدمات السجون ومعاهد حبس الأحداث. - عملت منذ سنة 1996 وحتى 1999 لمصلحة الأمن الوطني بوصفها مديراً لأمن الدولة. -عينت فيردونك وزيراً للهجرة والاندماج في النصف الثاني من دورة حكومة بالكننده في 27 مايو " أيار" 2003. وهي عضو في حزب الشعب للحرية والديمقراطية " VVD ".
#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسجد الحسن الثاني تحفة الدار البيضاء
-
الشاعر والروائي فاضل العزاوي: المنفيون ذخيرة احتياطية كبيرة
...
-
المخرج الأرميني أتوم إيغويان، الباحث عن المساحات المحجوبة في
...
-
الفنان - التعبيري التجريدي - آرشيل غوركي وتقنية الرسم الآلي
-
المخرج سيرغي باراجدانوف: ساحر السينما الروسية الذي أثار المش
...
-
تركيا والطريق الطويلة إلى الاتحاد الأوروبي أو الجنة المفقودة
-
قراءة نقدية للملحمة المُضادة - هكذا شطح الكائن مستقبلئذ - لل
...
-
الناقد السينمائي عدنان حسين أحمد ل - الحوار المتمدن -: من غي
...
-
هل أن المثقف العراقي مُطالب بأن يذهب إلى حتفه بقديمه؟
-
المخرج باز شمعون ل - الحوار المتمدن -: أعشق سينما الحقيقة، و
...
-
المخرج السينمائي قاسم حول لمجلة - العربي -: السينمائي يحتاج
...
-
مسرحية - سنغافورة - للمخرج البرتغالي باولو كاسترو: كل المُتل
...
-
- الدودة الصغيرة - المسرحية الراقصة للمخرجة الفنلندية إيفا م
...
-
شرودر يرفض الإقرار بالهزيمة، وأنجيلا تطمح أن تكون أول مستشار
...
-
مسرحية -موت في حجرة التمريض - لمارك فورتل: الخطاب البصري في
...
-
الشعر العراقي في المنفى: المخيلة الطليقة التي فلتت من ذاكرة
...
-
الفنان يوسف العاني عضواً في لجنة التحكيم للدورة السابعة عشر
...
-
ملف الأدب المهجري العراقي
-
حوار في الأزرق -معرض جديد للفنان ستار كاووش والهولندي مارك ل
...
-
مسرحية - فاقد الصلاحية - لرسول الصغير على خشبة المجمع الثقاف
...
المزيد.....
-
كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
-
إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع
...
-
أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من
...
-
حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي
...
-
شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد
...
-
اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في
...
-
القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة
...
-
طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
-
الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
-
الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه
...
المزيد.....
-
العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية
/ هاشم نعمة
-
من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية
/ مرزوق الحلالي
-
الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها
...
/ علي الجلولي
-
السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق
...
/ رشيد غويلب
-
المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور
...
/ كاظم حبيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟
/ هوازن خداج
-
حتما ستشرق الشمس
/ عيد الماجد
-
تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017
/ الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
-
كارل ماركس: حول الهجرة
/ ديفد إل. ويلسون
المزيد.....
|