|
ملك طاووس ، يرعاك يا ( آشتي بدل جندي )
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4873 - 2015 / 7 / 21 - 18:26
المحور:
المجتمع المدني
لأنني مُتعوّدٌ على الذهاب ، الى النادي ، مُبكراً ، قبل موعدي مع الأصدقاء .. فلقد توثقتْ علاقتي مع العاملين في نادي العُمال .. حيثُ أتجاذبُ معهم أطراف الحديث . ولفتَ نظري منذ أكثر من سنتَين ، نادلٌ شاب ، دمث الإخلاق ، هادئ وذكي .. كانَ في التاسعة عشر من عمره ، حسن المظهَر ، تركَ الدراسة في المرحلة الإعدادية ، لكي يعمل ويُساعد عائلته الفقيرة في توفير مُستلزمات الحياة اليومية . لم يكُن ( آشتي بدل جندي ) يتكلمُ كثيراً ، ولكنهُ بعد أشهُرٍ من تعارُفنا وإطمئنانه إلى أنني لا أسخرُ منهُ ولا أتكبَرُ عليهِ ، كانَ أحياناً يُفضفِض ويُحدثني عن أحلامهِ وطموحاتهِ الواسعة .. هُو بالأصل من قرية " شيخ خدرا " لكن مسقط رأسه ( مُجمَع شاريا ) وأمله هو الزواج من فتاةٍ ، يحبها وتحبهُ . قالَ لي يوماً ، أن أمنيته ، أن يُهاجِر الى أوروبا ويبدأ حياةً جديدة . ............................ منذ مساء يوم 3/8/2014 ، بدأتْ طلائع النازحين الهاربين من سنجار وقُراها ومُحيطها ، بالوصول الى مُجمع شاريا .. وخلال يومَين إكتظَ المُجمع عن آخره .. وعّمتْ الفوضى في ظل غياب خطةٍ حكومية مُسبَقة ، لإستيعاب هذه الأعداد من النازحين . عاشَ الشاب ( آشتي بدل جندي ) ، شأنهُ شأن بقية أهالي شاريا ، هذه الأجواء المأساوية عن قُرب ، وسمعَ عن الأهوال التي حاقتْ بالذين لم يستطيعوا النجاة من بين أنياب الفاشية الإسلامية الداعشية . أما القِشة التي قصمتْ ظهر البعير ، كما يُقال .. فلقد كانتْ متمثلة ، في إنسحاب البيشمركة في 7/8/2014 و 8/8/2014 ، من منطقة بعشيقة وبحزاني ومحيطها ، حيث إستولتْ عليها عصابات داعش ، ونزح أهاليها الى محافظة دهوك .. وحتى أهالي قضاء " الشيخان " التي على مرمى حجَر من شاريا ، هجروا المدينة عن بكرة أبيهم ، خوفاً من تقدُم داعش .. لا بل أن العديد من سُكان مدينة دهوك نفسها ، غادروها في أيام 9 و 10 و11 من الشهر الثامِن .. لأنهم لم يعودوا يثقوا بِقُدرة الحكومة على حمايتهم ! . في هذه اللحظات ، الكئيبة والمُحبِطة والحزينة .. قَررَ ( آشتي ) ، أن يُهاجِر الى أوروبا ، بأي ثَمَن .. فاتحَ أهله ، ورغم إعتراضات من بعضهم ، لكنهُ أقنعهم بسهولة ، لِقوة حجته ومعايشتهم جميعاً ، لهذه الأوضاع المضطربة والأُفُق الغامض ، لما سيجري مُستقبلاً . ........................ خلال الأشهر التالية ، كان ( آشتي ) يأتي للعمل في نادي العمال ، وكنتُ أتبادلُ معه الحديث .. وقالَ أنهُ ومعهُ مجموعةٌ من الشباب الإيزيديين ، بعد ان وّفروا بعض النقود وإستدانوا البعض الآخر ، إتفقوا مع مُهّربٍ شهير ، أن يوصلهم الى ألمانيا ، مُقابل مبلغٍ مُحّدَد من كُل منهم .. وأنهم سوف يُغادرون بعد أيامٍ قليلة . كانَ بِودي أن أثنيهِ عن نيتهِ " لأني كنتُ أعتبرهُ مثل إبني الأصغَر " ، لكن ماذا سأقول له ؟ وهل من حّقي أن أوعدهُ بوعود عن تحسُن الأوضاع .. ومتى ؟ .. تمنيتُ له الخير وودعته . .................... كنتُ أسمع من خلال أقرباءه .. أنه وصل الى بلغاريا .. وبعدها الى رومانيا ، ثم بعد أيام وصل الى صربيا .. وأخيراً كانَ في ألمانيا ، جنتهُ الموعودة ! . فرحتُ كثيراً ، عندما علمتُ ، انهُ إستقرُ في مدينة ( آيسِن ) حيث تُقيم أخته منذ سنوات . ................... لأنَ الحُزنَ كامنٌ في أعماقنا .. لايُغادِر ، كما يبدو .. ولأن الفرح والسعادة ، تهربُ من بين أيادينا .. فلا بُد أن تنتهي حكاياتنا الواقعية .. بمأساة . ففي يوم عطلة ، قبل أسابيع قليلة .. ذهبَ ( آشتي بدل جندي ) مع عائلة أخته ، للإستمتاع بالطبيعة الساحرة والجو اللطيف ، على ضفاف بُحيرةٍ أو نهرٍ قُرب آيسِن .. إقتربَ لكي يغسل يديه ، فتزحلقَ .. ولأنهُ لايعرف السباحة .. فلقد غاصَ وغرق ! .. نعم .. بهذه البساطة .. ورغم ان العديد من الحاضرين ، حاولوا إنقاذه ، لكن الأوان ، كانَ قد فات !!. .................. الربُ يرعاك يا آشتي .. ملك طاووس يرعاك أيها الفتى الجميل .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حَقاً ... مَنْ يدري ؟
-
الإتفاق النووي الإيراني .. عراقياً وكردستانياً
-
( يعجبني الزمانُ حينَ يدور )
-
مُؤتمرٌ ناجحٌ بإمتياز
-
هِجرة الشباب من أقليم كردستان
-
مَنْ سيكون الرئيس ؟
-
رمضانيات 11/ كَلام مَقاهي
-
رمضانِيات 10/ الفِئة الإنتهازية
-
رمضانِيات 9 / كوباني ودهوك
-
رمضانِيات 8 / عَمالة أجنبِية
-
رمضانيات 7 / مرةً أخرى ، كوباني تحتَ النار
-
رمضانيات /6 . ديمقراطية على الطريقة الكردستانية
-
رمضانيات 5 / أوضاع الموصل
-
مُسابقة رمضانية / الحلقة 4
-
مُسابقة رمضانية / الحلقة 3
-
مُسابقة رمضانية / الحلقة 2
-
مُسابقة رمضانية / الحلقة 1
-
أزمة رئاسة الأقليم .. اُم الأزمات
-
.. على وَشَك الإنْقِراض
-
الإنتخابات التُركية و ( عُقدَة صلاح الدين ) !
المزيد.....
-
-أحلم بمكان يؤويني-... تحديات مضاعفة تواجه السوريين النازحين
...
-
ماذا يعني تشديد مراقبة الحدود الألمانية لطالبي اللجوء؟
-
وزير الخارجية الإيراني: هناك تنسيق جيد بيننا وبين سورية بشأن
...
-
أوكرانيا تحقق في احتمال إعدام روسيا 4 أسرى حرب
-
وزير الخارجية الإيراني من دمشق: على جدول أعمالنا موضوعان عاج
...
-
ترحيب، جدال ثم منع، تاريخ التوترات بين الأمم المتحدة وإسرائي
...
-
غارة إسرائيلية على مخيم البدّاوي تنكأ جراح اللاجئين الفلسطين
...
-
من دون مساعدة قد تصبح المجاعة بالسودان من أسوأ المجاعات في ا
...
-
نادي الاسير الفلسطيني:حصيلة الاعتقالات بلغت اكثر من 11 الف و
...
-
حقائق وأرقام حول جنيف...المركز الأوروبي للأمم المتحدة
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|