|
علاقات جنوب السودان وامريكا في عهدي بوش و اوباما ( 16 – 31 )
كور متيوك انيار
الحوار المتمدن-العدد: 4873 - 2015 / 7 / 21 - 16:40
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
علاقات جنوب السودان وامريكا في عهدي بوش و اوباما ( 16 – 31 )
كور متيوك [email protected] في 20 يوليو 2005م امام منتدى قانون الفرص والنمو في دكار بالسنغال اشارت وزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس أن المبادرة سوف توفر مبلغ 200 مليون دولار على امتداد خمس سنوات لمساعدة الشعوب الافريقية على المشاركة الى درجة اكبر في التجارة ، كما أن صندوق قانون الفرص والنمو وفقاً لرايس تتيح لعدد من الوزارات والوكالات الحكومية الامريكية دعم الحكومات الافريقية لتحقيق النمو والتطور الاقتصادي . ورغم الاستراتيجية الامريكية التي هدفت الى تقليل المساعدات الى افريقيا فلقد ارتفعت المساعدات الامريكية الى افريقيا اضعاف الاضعاف لتبلغ 46 مليار دولار وبهذا تكون اكثر الدول تقديماً للمساعدات لافريقيا ، ويبدوا أن استراتيجية تقليل المساعدات مقابل الفرص التفضيلية للسلع الامريكية لم تحقق اهدافها ، ومازالت امريكا مستمرة في سياسة المساعدات مع التركيز على الدول التي تجري اصلاحات سياسية في نظام الحكم والاقتصادي . وبعد استقلال جنوب السودان اضافته الولايات المتحدة الى قائمة الدول المستفيدة من تلك التسهيلات التصديرية وفي 23 ديسمبر 2014م اعلن الرئيس اوباما أن جنوب السودان لم يعد بإمكانه الاستفادة من تلك الميزة وذلك في إطار السياسات العقابية التي تتخذها حيال الحكومة نتيجة للحرب المستمرة في البلاد منذ العام 2013م ، وتضييقها لحريات الصحفيين ، وتقييد عمل الاحزاب السياسية ، واستشراء الفساد في مؤسسات الدولة ، ولقد اضيفت الى مجموعة دول افريقيا جنوب الصحراء وشرق افريقيا المستفيدة من تلك القانون في ديسمبر من العام 2012م . وفي نفس القرار الذي اعتبر فيها جنوب السودان كشريك تجاري مميز للولايات المتحدة ، وحرم كل من مالي وغينيا بيساو وذلك لما شهدته من تراجع في العملية الديمقراطية ، وكان السفير ميوم الير المتحدث باسم وزارة الخارجية في حوار مع صحيفة المصير في يناير 2013م وصف قرار اعتبار جنوب السودان كشريك تجاري يؤكد مدى متانة العلاقات مع الولايات المتحدة معتبراً ذلك غير تاكيد بانهم كوزارة للخارجية يسيرون في الطريق الصحيح ، وضم جنوب السودان وحرمان مالي وغينيا بيساو تم في اطار المراجعة السنوية لقائمة برنامج اغوا المتصل بالنمو في افريقيا والذي يفرضه القانون و ياخذ في الاعتبار التقدم او التراجع الذي احرزته الدول الافريقية المعنية على صعيد الديمقراطية . يتحدث هنري كيسنجر في مذكراته ، حول علاقة واشنطن وبكين ، وكيف قرروا إذابة جليد التوتر بين الدولتين ، ناقلاً ما كتبه الرئيس نيكسون قائلاً : " على المدى الطويل ، لا نتمكن وبكل بساطة من السماح لانفسنا ترك الصين الى الابد غير محسوبة بين الامم ، تكمل امالها ، وتمضغ احقادها ، وتهدد جيرانها ، ولا يعقل ترك مليار من البشر على هذا الكوكب الصغير ، يعيش في كابة وعزلة ، مع انه اكثر قدرة من غيره على الحياة . ولكن سنصل الى كارثة ، عند متابعة هذا الامر الخطير ، إذا لم نعر اهتماماً كبيراً لما في التاريخ من عبر " . ويضيف كيسنجر قائلاً : " يجدر بنا انتهاج سياسة جد حكيمة ، دون انتظار اي مكافاة ، وبضغوط لبقة ، سوف تقنع بكين أن مصالحها تتوقف منذ الان على قبولها الانظمة الاساسية للتمدن . وعلى المدى الطويل ، يجب أن نعيد للصين مكانتها في المجتمع الدولي ... " . وكان الرئيس نيكسون يبتغي من خلال الانفتاح على الصين بالضغط على الاتحاد السوفيتي للتقليل من تاييدهم لفيتنام ، ووقتها كانت الولايات المتحدة في قمة مجدها الامبراطوري ، والنظام العالمي الجديد في ريعان ايامها ، لذا كان بامكانها إنتظار أن تبادر الصين وتسعى لذلك حثيثاً . ومع ذلك لم يكن الصين مغلقة على نفسها تنبذ العلاقة مع الولايات المتحدة بل كانت تسعى لذلك ، عندما تباعدت مواقفها مع الاتحاد السوفيتي ، نتيجة للخلافات الايدلوجية ، ونتيجة لشعور الاتحاد السوفيتي أن الصين اصبحت تهدد تمددها الايدلوجي وهيمنتها ، وذلك عندما اعلن ماو الصين دولة الشيوعية ، وهذا ما اعترضت عليه الاتحاد السوفيتي بالاضافة الى بعض المشاكل الحدودية بين الدولتين ولقد ارادت الولايات المتحدة ، إتخاذ تلك الزريعة لجذب الصين . وكان للصين ايضاً مصلحتها من تلك التقارب ، لكن التكوين القيمي والنسق العقائدي الصيني منعتها من المبادرة ( انظر تفسير السياسة الخارجية ، م.س ، صـــ 103 ، 106 ) وخاصة في الفترة من العام 1966 الى 1969م وتفجر الصراعات الداخلية خلال الثورة الثقافية الداخلية ، وكان راسمي السياسة الخارجية الامريكية يدركون ، تاثير تلك الموروثات الثقافية في تصعيب التقارب بين الدولتين ، ولقد كانت بالفعل حدثاً تاريخياً ، كما يحكي كيسنجر ، احدثت تلك التقارب وزيارته السرية للصين ، تاثير كبير على الصعيدين الدولي و الداخلي الامريكي ، كانت لحظة فارقة في العلاقات الدولية ، اعادت ترتيب العلاقات الدبلوماسية في العالم . هذا ما فعلته الولايات المتحدة وهي التي خرجت مع حلفائها منتصرة في الحرب العالمية الثانية قبل عقدين فقط . وعندما اختلفت الولايات المتحدة مع الرئيس الفنزويلي الراحل شافيز حول سياساته المعادية للولايات المتحدة وانتقاده الحرب الامريكية ضد افغانستان والعراق بالاضافة الى احتجاج الولايات المتحدة ضد بيع فنزويلا النفط باسعار رخيصة لكوبا ، والذي يخضع لعقوبات امريكية منذ ازمة خليج الخنازير . ويعتقد أن الولايات المتحدة دبرت انقلاباً عسكرياً ضد شافيز لكنها لم تنجح ، وعند تلك اللحظة فهم شافيز المغزى واصبح لغته اكثر لطفاً مع الولايات المتحدة واصبح يعرب كثيراً عن حبه للحياة الامريكية ، ومن المهم جداً التذكير أن فنزويلا واحد من اهم الدول المصدرة للنفط للولايات المتحدة ، وكان من الممكن أن يحاول شافيز استخدام ملف النفط ككرت ضغط لكنه لم يفعل فلقد كان لمثل تلك الخطوة اضرارها الاقتصادية و الامنية على حكومته ولفنزويلا . لنقص الخبرة الكافية ، وقلة التجربة الدبلوماسية والدولية ، وبدلاً من أن تسعى الحكومة ومسؤوليها من الاستفادة من التطور العالمي الغير محدود في مجال الاستشارات السياسية والدبلوماسية وفي كافة المجالات ومراكز البحوث المتخصصة ، اختارت أن تشق طريقها في غياهب الدبلوماسية و امواجها المتلاطمة ، واجتهد دبلوماسيها في محاولة منهم لإدهاش العالم بامكانياتهم الدبلوماسية الغير محدودة واستعدادهم للتغيير من التقليد التاريخي والحديث في العلاقات الدبلوماسية والدولية ، ولقد فشلوا فشلاً زريعاً في سعيهم الحثيث هذا رغم أنهم لم يتركوا مساحة فارغة في اركان قاموس دبلوماسية الدولة الوليدة فتارة يسمونها بالدبلوماسية الوليدة ، وتارة الدبلوماسية الريفية . وتارة استجداء امهات الرؤساء في سعيهم لاستمالة ابناءهم في تحقيق ماربهم ومع ذلك هم لا يعرفون إن والدة الرئيس البشير لا يمكنها التاثير على ابنها من اتخاذ قرار ما ، فالسودان و الاسلام والعروبة اكبر من أن يضع مصالحها جانباً ليسمع لوالدته ، وما قام به وزير الخارجية بزيارة والدة الرئيس البشير خروج عن المالوف في العرف الدبلوماسي ، وربما هذا احرج الرئيس البشير ووالدته فكان ينبغي في حال الرغبة الشديدة والملحة للوزير بزيارتها أن تنحصر في جوانبها الاجتماعية دون اقحام قضايا الدولتين في الزيارة . لاهمية التعامل بالمثل في الدبلوماسية فيجب على وزير الخارجية عندما يزور وزير الخارجية السوداني جوبا أن يقنعه بالذهاب الى احد اقارب الرئيس كير والقيام بنفس ما قام به في الخرطوم . وهذا ربما يشير ايضاً الى فشل الحكومة في التعامل مع السودان حتى وصلت مرحلة الخروج عن المالوف لكسب ود السودان وحكومتها ، وهذا ربما يستحق التصنيف كحادثة نادرة منذ انشاء اول وزارة للخارجية على يد الكاردينال الفرنسي ريشيليو في العام 1626م . كما أن هذا لا يليق بتعامل دولتين يتمتعان بالاستقلالية والسيادة الكاملة على اراضيها ، وحتى امريكا قبل استقلالها عندما تفاوضت مع فرنسا لاجل دعمها لمحاربة بريطانيا العظمى لم تنصاع للشروط الفرنسية ورضخت لها كما ترضخ الحكومة للسودان وهذا يعبر عنه موقف وزير الخارجية بوضوح تام . و كانت خطة معاهدات العام 1776م باعتبارها اول وثيقة تتناول السياسة الخارجية الامريكية ، واستطاع امريكا ان تضع شروطاً لتوقيع المعاهدة التي كانت في امس الحاجة اليه ليعترف فرنسا بها .
نواصل
#كور_متيوك_انيار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علاقات جنوب السودان وامريكا في عهدي بوش و اوباما ( 15 – 31 )
-
علاقات جنوب السودان وامريكا في عهدي بوش و اوباما ( 14 – 31 )
-
تحليل السياسة الخارجية على ضوء الإستراتيجية الأمريكية في أفر
...
-
علاقات جنوب السودان وامريكا في عهدي بوش و اوباما ( 12 – 31 )
-
علاقات جنوب السودان وامريكا في عهدي بوش و اوباما ( 11 – 31 )
-
علاقات جنوب السودان وامريكا في عهدي بوش و اوباما ( 10 – 31 )
-
تحليل السياسة الخارجية على ضوء الإستراتيجية الأمريكية في أفر
...
-
علاقات جنوب السودان وامريكا في عهدي بوش و اوباما ( 8 – 31 )
-
علاقات جنوب السودان وامريكا في عهدي بوش و اوباما ( 7 – 31 )
-
علاقات جنوب السودان وامريكا في عهدي بوش و اوباما ( 6 – 31 )
-
علاقات جنوب السودان وامريكا في عهدي بوش و اوباما ( 5 – 31 )
-
علاقات جنوب السودان وامريكا في عهدي بوش و اوباما ( 4 – 31 )
-
علاقات جنوب السودان وامريكا في عهدي بوش و اوباما ( 1 – 31 )
-
علاقات جنوب السودان وامريكا في عهدي بوش و اوباما ( 3 – 31 )
-
علاقات جنوب السودان وامريكا في عهدي بوش و اوباما ( 2 – 31 )
-
العدوان السعودي على اليمن و الاسرائيلي لغزة !
-
جنوب السودان ومصر علاقات في ظروف استثنائية
-
تحيا مصر
-
الملف النووي الايراني هل اقترب النهاية ؟
-
نيجيريا : كان العالم صامتاً حينما كنا نموت
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|