أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسر العدل - !! .. موائد اللئام














المزيد.....

!! .. موائد اللئام


ياسر العدل

الحوار المتمدن-العدد: 1345 - 2005 / 10 / 12 - 10:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نحن المصريين نعيش كل عام وقائع التعامل مع شهر رمضان، والمراقب لسلوكنا يصل إلى أننا قومَ مسرفون، نظلم أنفسنا جهلا ونفاقا، تعشش فى عقولنا ثقافتنا انتقائية ضعيفة، تسمح بخلط وقائع الفساد مع مظاهر التدين، ثقافتنا السائدة متناقضة ترى من الوجهة النظرية أن شهر رمضان كريم دائما، وفى الوجهة العلمية لا تهتم بتطبيق معايير الحكم على أفعال تجعل من شهر رمضان كريما أحيانا.
فى المؤسسات الإنتاجية، تقام حفلات إفطار وموائد على شرف كبار الموظفين، موائد تتكلف الكثير من المال والنفاق وفتح البطون، لا يلقى فيها الكبار شرف حضور الكثير من العمال وصغار الموظفين، ولا يقدر غالبية الفقراء على تكاليف الانتقال إليها، موائد نفاق ينسى أصحابها أن الجائع الفقير لا يشبع من طعام يقدّم له فى خدمة الفنادق الفاخرة، وأن شبع الفقير لا يعافيه من ألم الحسرة على ما يراه من إسراف.
فى أماكن العمل الحكومية، يقوم بعض الموظفين الأثرياء بنصب موائد علنية يتاجرون فيها بمظاهر تدينهم، يوزعون صدقاتهم تفاخرا على زملائهم، وتنتشر فى الدواوين حركة بيع وشراء بين الجميع، يتداولون أدعية وتعاويذ وصدقات وأكياس أرز وسمن ودقيق وبلح، ويكتشف العاقل أن ثراء بعضهم راجع لأسباب غير أخلاقية واقترافهم الصريح لكثير من الموبقات، فهؤلاء أطباء يثرون على حساب المرضى، وأولئك مسئولون يتعاطون الرشوة، مثل هؤلاء البشر يرتدون أقنعة تخفى فسادهم وراء تفسيرات مغرضة لنصوص دينية.
فى الجامعات ودور العلم، يشترك الكثير فى موائد زيف من تدين موسمى، أساتذة يسرقون الطلاب فى كتبهم الجامعية ويدلسون فى نتائج الامتحانات، يطيلون ترديد الأذكار على حبات مسابح فخمة، طلبة يتوقفون عن التدخين وصبغ الشعر، وطالبات يمتنعن عن استخدام مساحيق التجميل ويرتدين حجاب الرأس، وحين يتخلص الجميع من شهر رمضان ينطلقون فى لهوهم شاغلين بقية العام، يتمسكون بطقوس الدين محصورة على مظهر متغير دون أن تمس لديهم جوهرا مستقرا.
فى أجهزة الأعلام، تنتشر موائد إذاعية يستسلم لها كثير من المشاهدين، تسقى القلوب تخلفا ثقافيا مريعا، تصنع البلاهة فى العقول، تدعو للمقامرة واستهلاك الوقت، تسخر من رغبات البشر وتستهين بمشاعرهم، تدرب نفوس المشاهدين على استجداء التواصل وتسفيه لغة الحوار، وتقلص انتماء الجمهور إلى دوائر العقل والثقافة والتدين.
فى الشّوارع والميادين، وعلى شرف الفقراء وباسم الدين، ينصَبُ الأغنياء موائد طعام وشراب تسحق كرامة كل فقير وتهدر منطق كل دين، يخرق الأثرياء قوانين استخدام الطرق ويشغلون الشوارع، وينصبوا موائدهم تفاخرا أمام بيوتهم، وفى النهاية يرتاد هذه الموائد قليل من الفقراء المعوزين وكثير من الضيوف اللاهين.
وفى كثير من الأماكن تُنصبُ موائد طعام بدوافع دينية، تهدر فيها الأموال وتقصف بها عنق أى اقتصاد، ففى العام قبل الماضى أعلنت إحدى الجمعيات أنها تنفق على موائد الإفطار حوالى المليون جنيه مصرى يوميا، وينسى مديرو تلك الجمعية أن ثمن عربة واحدة لبيع الفول أو الكشرى لا يزيد عن خمسة آلاف من الجنيهات، مثل هذه العربة يمكن أن تكفل حياة كريمة لأسرة متوسطة، أى أن ما تنفقه تلك الجمعية على موائد الإفطار اليومية، يكفى اقتصاديا واجتماعيا لفتح مائتى بيتا جديدا يوميا، إن أنشطة تلك الجمعية وكثير من أمثالها يخرج عن إطار المفاهيم الحديثة للإصلاح والتكافل الاجتماعى، إنها شركات توظيف أموال من نوع أخر تمارس الوصاية الدينية على أموال السذج وصدقات المتطهرين، تتاجر بفقر الناس وتسفه طموحاتهم الدينية، تدير بعض أموال المجتمع بأداء يصنع مزيدا من الكوارث الاقتصادية.
فى بلادنا تنتشر مواسم دينية مغلوطة الفهم، تظهر ملامح تخلف ثقافى وحضارى، تنتشر معها موائد لئام يسعون للغفران مما كسبت أيديهم، وينتقون للتطهر تفسيرات خاطئه لنصوص دينية، إنهم لئام بموائدهم يدربون الضعفاء على الشّحاذة وإهانة الكرامة، وبتفسيراتهم المغلوطة يدافعون عن بناء ثقافى متناقض.
نحن بحاجة إلى مجتهدين ثقاة يعرضون صحيح المفاهيم الدينية على محك التقدم الأخلاقى والاقتصادى والاجتماعى للبشر، نحن بحاجة لأن نخرج من جب تخلفنا المهين، ونملأ وعينا وقلوبنا بثقافة جديدة تجعل منا أمة متحضرة تعيش بين الأمم.



#ياسر_العدل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- !!التلوث .. بالصمت والأمونيا
- !! فسادنا .. ثقافة فقر
- !!.. عملية إختيار مدير عام
- !! التسعة جنيهات.. ياخرابى
- !! .. حرب المعيز
- !! .. شحّاتين الّطرب
- مطرب .. بالصدفة!!
- !!.. ورم تلفزبونى خفبف
- الموت .. فى عبوات مزركشه
- حظك00 يا برج الحمار


المزيد.....




- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...
- من هم المسيحيون الذين يؤيدون ترامب -المخلص-؟
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال ...
- الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت ...
- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسر العدل - !! .. موائد اللئام