|
مناقشة متأخرة لمقالة للسيد مالوم أبو رغيف عني 1/2
ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن-العدد: 4872 - 2015 / 7 / 20 - 11:58
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
صدفة كنت أبحث في الغوغل عن شيء آخر، فوقعت على مقالة بعنوان «الانسلاخ من الطائفة الشيعية مع ضياء الشكرجي ونجاح محمد علي»، للكاتب السيد مالوم أبو رغيف، كان قد نشرها في 21/01/2013، أي قبل سنتين وصف السنة، يناقش فيها مقالتي «أفتخر أني لست شيعيا ولا سنيا»، كما يناقش مقالة لم أطلع عليها للسيد نجاح محمد علي بعنوان «لست شيعيا». ارتأيت أن أناقش ما طرحه الكاتب أبو رغيف ضمن حلقتين، راجيا من الكاتب السيد مالوم أبو رغيف، إذا أحب أن يردّ علي، أن ينتظر حتى أفرغ من نشر كلا الحلقتين من هذه المناقشة. وسأجعل نصوص السيد مالوم أبو رغيف بين هاتين العلامتين ||...||، للتمييز. ابتداءً أسجل ملاحظتي الأولية إن السيد الكاتب ناقش أفكارا على أنها أفكاري، وهي ليست كذلك، إنما افترضها هو. بكل تأكيد لا أتوقع أن يتابعني ويطلع الجميع على ما أحمله من قناعات وأفكار، ولكن في تقديري إن من يناقش فكر شخص ما، ينبغي أن يكون مطلعا على فكره، لاسيما عندما يتعلق الأمر بكاتب مثلي عرف عنه أنه لم يعد يخفي شيئا من قناعاته، سواء ما يتعلق منها بالسياسة، أو بالدين وقضايا الميتافيزيك، مما يجعل من يكتب عني لا يحتاج إلى الكثير من التحليل والاستنتاج والتخمين، لأني أفصحت عن كل شيء. نعت الكاتب موقف كل مني والسيد نجاح محمد علي «تنصلا عن الطائفة الشيعية»، ويا ليته استخدم، فيما يتعلق بي على الأقل، لأني للأسف لم أطلع على المقالة الثانية، كي أستطيع التكلم عن كاتبها؛ أقول يا ليته استخدم المفاهيم والمصطلحات التي وردت في مقالتي. فهو ليس تنصلا ولا تنكرا، إنما هو تعبير عن تحول في الفكر والعقيدة. ولكن لا غرابة فإن التحول غير مألوف في ثقافتنا، وحتى عندما يحصل، فيُؤْثر أكثر المتحولين التكتم وعدم الإفصاح، وشخصيا كنت ما يكاد يكون دائما «لا أحب المشي في الأنفاق»، كما جاء في أحد نصوصي في «عصفورة حريتي» الذي نشر عام 2012. فقد جاء في مقالته: ||كتب الأستاذ ضياء الشكرجي مقالة عنونها بـ «أفتخر أني لست شيعيا ولا سنيا»، وأعقبه الأستاذ نجاح محمد علي بمقالة أخرى عنونها بـ «لست شيعيا». كلا المقالتين تحملان نفس الفكرة، فكرة التنصل من الطائفة الشيعية، إذ إن كليهما لا ينتميان إلى الطائفة السنية لينفيا ذلك عن نفسيهما.|| ومن هنا لم أكتف بجعل المقالة «أفتخر أني لست شيعيا»، بل أضفت عبارة «ولست سنيا»، كي لا يفهم تخلِّيَ عن الطائفة، تحولا إلى أخرى. لكنه لم يجانب الحقيقة بقوله: ||عندما يدعي أحد ما بأنه ليس من هذه الطائفة أو تلك، فإن قوله هذا يحمل انتقادا ضمنيا وتناقضا فكريا، إما مع الطائفة أو مع المذهب، أو كليهما معا.|| فباستثناء مفردة «التناقض»، التي أفضل أن أستخدم بدلها «التضادّ» أو التعارض، أو الاختلاف، فمن الطبيعي أن تخلِّيَ عن الطائفة والمذهب، تعني انتفاء قناعتي بتلك الطائفة أو ذلك المذهب، وانتفاء القناعة يتضمن النقد من غير شك. اعترضت على مفردة «التناقض» التي استخدمها السيد أبو رغيف، لأن التناقض يعني عدم وجود أي مساحة مشتركة، مع إن في بعض، لا في كل تفاصيل كل رؤية ورؤية أخرى، تناقض، لكن بحدود الجزئية التي يكون فيها التناقض، ولكن لا يمكن أن يقال مثلا عن الإسلام والماركسية أنهما متناقضان كليا، وفي كل شيء، وإن كان هناك تناقض في بعض تفاصيل كل منهما، إذن هما متضادّان، وليسا متناقضين، فبينما «النقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان»، فـ«الضدان لا يجتمعان ويرتفعان» ليحل بديل ثالث لا هو هذا ولا ذاك من المتضادين. ثم يواصل الكاتب: ||وجملة «ولست سنيا» التي وردت في عنوان مقالة الأستاذ ضياء الشكرجي، وضمنيا في مقالة الأستاذ نجاح محمد علي، أتت منعا للالتباس المحتمل حصوله في ذهن القارئ بأن التسنن هو أفضل من التشيع، لكن هذا التنويه هو لدرء الالتباس الضمني ليس إلا، إذ أن فكرة كلا الموضوعين هي الانسلاخ من الطائفة الشيعية. ورغم إن المقالتين متشابهتان من حيث الفكرة، إلا أن نظرتي كلا الأستاذين مختلفة، فالأستاذ الشكرجي ينظر إلى الشيعة بعين الرؤية السياسية، بينما ينظر الأستاذ نجاح محمد علي بعين الرؤية الدينية الطقوسية {الشعائرية}، الذي أجملها باللطم والتطبير، بينما يحاول الأستاذ الشكرجي القول بوجود إسلام خالص فوق المذاهب وفوق الطوائف وفوق السياسة، إسلام يفتخر الشكرجي بالانتماء إليه، فهل يوجد مثل هذا الإسلام؟|| هذا الذي ذكره عني كان سيكون صحيحا، لو كتب المقالة عام 2006 أو 2007. فإني كنت تخليت سياسيا عن التمذهب، لكني منذ نهاية 2007 تحولت إلى ما أسميته بلاهوت التنزيه، أي إلى العقيدة الإلهية العقلية اللادينية المنزهة لله عن نسبة الأديان إليه، بعد مرحلة بينية لأشهر أسميتها بـ«المذهب الظني» اللامتمذهب. أتفق مع السيد أبو رغيف في سياق مناقشته لمقالة السيد نجاح محمد علي في قوله: || ... فالمسلمون وعلى اختلاف مذاهبهم متفقون على تفسير آية «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون»، بأنها تعني ما ذهب إليه السيد نجاح محمد علي بأن القرآن مصان [الصحيح: مصون] من التحريف ومن التدليس بقوة الحماية الإلهية، وكذلك يتفق كبار رجال الدين على أن القرآن هو المرجع الأول. لكنهم، ... غير متفقين على أسباب نزول الآيات، وبحق مَن مِن الصحابة، أو آل البيت، نزلت آيات القرآن هذه، كذلك يختلفون في التفسير، بما فيها طقوس الوضوء ...، فهناك اختلافات لغوية، وهناك اختلافات مذهبية، وهناك اختلافات فرضها التقدم العلمي، الذي حتم التفسير العلمي للقرآن، لتبرير التناقض والفجوة الكبيرة بين معطيات العلم ومعطيات القرآن.|| ثم يواصل بعبارة: ||لا أحسب إن كلا الأستاذين ضياء الشكرجي ونجاح محمد علي يمنحان نفسيها حق الفتيا أو التشريع الديني بما هو مقبول أو معقول لهما فقط، أو إنهما يعتبران أن صحيح آراء الفقهاء هو ما توافق معهما، فيختاران من هذا الفقيه، أو ذاك الفقيه ما يلائم هوى نفسيهما، أي إسلام انتقائي! وحتى في هذه الحالة سيجدان نفسيهما مضطرين للرجوع إلى آراء الفقهاء المختلفة، وليس إلى القرآن فقط، إن قررا أن يبقيا مسلمين.|| بينت أني لا أحتاج إلى آراء الفقهاء، ولا إلى الأحكام الشرعية، بل أنا محكوم بالأحكام العقلية والأحكام الأخلاقية، وهذا ما شرحته في العديد من المقالات على الحوار المتمدن، وما ستتضمن تفصيله كتبي الأربعة، التي صدر أولها «الله من أسر الدين إلى فضاءات العقل»، وستليها الثلاثة المتبقية من مجموعة ما أسميته بـ«كتب لاهوت التنزيه»، حيث سيكون عنوان الثاني «لاهوت التنزيه العقيدة الثالثة»، والثالث «مع القرآن في حوارات متسائلة»، والرابع «الدين أمام إشكالات العقل». ومع هذا اعتمدت في السنوات الأخيرة من اعتمادي منهج «تأصيل مرجعية العقل»، ولاسيما في أشهر اعتمادي لـ«المذهب الظني» من صيف 2007 إلى آخر نفس السنة، حيث اعتمدت التبعيض، وهو رأي فقهي معتبر يسمح بالأخذ من أي فقيه، بل تجاوزت التحديد الشخصي للفقيه أو الفقهاء، باعتماد الفتوى المعتبرة أو من اي فقيه، وأي مذهب فقهي صدرت، مع اعتماد مبدأ اليسر فيما هو شأن شخصي، وأقصى الاحتياط فيما يتعلق بحقوق الآخرين، معتمدا في ذلك على ضرورة أخلاقية، وليست دينية، وإذا كان السيد أبو رغيف يسميه إسلاما انتقائيا، فالانتقائية ليست خطأ على طول الخط، لاسيما إذا لم تكن عشوائية، بل وفق قوانين القواعد العقلانية والمثل الإنسانية. لكني تجاوزت كل ذلك في نهاية 2007 إلى «لاهوت التنزيه». 19/07/2015
#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كتابي „الله من أسر الدين إلى فضاءات العقل“ في الأسواق
-
مطلبا تحويل الإقليم إلى برلماني والعراق إلى رئاسي
-
نصان من 2009: الغوص وذاك الغريب
-
دعوة لثورة النساء
-
أريد أن أطير
-
أشعر بالغربة
-
سيكون ثمة ضوء
-
في ذكرى 10 حزيران: الأولوية لمحاربة ودحر داعش ولكن
-
الدعوة إلى تغيير أسماء المدن والشوارع ما لها وما عليها
-
اعتماد دولة المكونات جريمة القرن بحق العراق
-
من «عصفورة حريتي» - حضور اسمه
-
نصان أخيران سقطا من «عصفورة حريتي»
-
نصان أخيران من «عصفورة حريتي»
-
ما بعد «عصفورة حريتي» - مناجاة الماقتين للظلم الحائرين في فه
...
-
من «عصفورة حريتي» - معنى الحب عند فيلسوف الحب
-
من «عصفورة حريتي» - هذيانات نوڤ-;-مبرية
-
النزعات الطائفية وانعكاساتها في عراق اليوم
-
ما سقط من «عصفورة حريتي» في نهاية السفر كان سراب
-
من «عصفورة حريتي» - معنى الحياة
-
ما سقط من «عصفورة حريتي» - أريد أن أطير
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|