في الحرب المنتظرة بين واشنطن وبغداد يتوقف مستقبل النظام البعثي على اداء الجيش العراقي. ويسود اعتقاد في الولايات المتحدة ان الجيش النظامي سيتخلى سريعا عن القتال لكن الحرس الجمهوري سيبدي مقاومة اكبر ذلك انه افضل تجهيزا ورواتب ويملك دوافع للبقاء على ولائه وخوض القتال.
بيد ان هذه المقارنة المبسطة بين قوات النخبة والجيش قد تؤدي الى اخطاء في التقدير لانها ترجع التماسك والتفكك الى عوامل عسكرية عمومية ولو انها مهمة، متجاهلةً العلاقات المعقدة بين الحرب والسياسة وخصوصا في العراق.
علينا ان نعود الى طبيعة حزب البعث واستيلائه على السلطة عام 1968، فقد كان زعماؤه يعانون الانقسامات في صفوف الضباط وعقداً كاملاً من الحكم العسكري المهدد على الدوام بالانقلابات التي توالت منذ 1958. وقد حدد المؤتمر الثامن للحزب عام 1974 هدفين رئيسيين اولهما اخضاع الجيش لسلطة الحزب بطرد العناصر "المشكوك فيها والمتآمرة والمغامرة" من صفوفه وبالتعبئة العقائدية لكل افراده. اي ان المطلوب كان تحويله الى الولاء البعثي. اما الهدف الثاني فكان اعادة بناء هذا الجيش وتحديثه وتوسيعه.
كان كسب الجيش الى البعث ضروريا ولكن غير كاف. فمن اجل ضمان ولائه ادخلت الى صفوفه مجموعات عائلية وعشائرية. فبرز نظام مزدوج: الحزب يسيطر على الجيش والعشيرة تسيطر على الحزب. فالعشيرة تؤمّن ضمان الثقة. اضافة الى القيادة العامة للجيش تم انشاء ثلاثة مراكز نفوذ: المكتب العسكري للحزب، وشعبة الامن القومي المكلفة في شكل خاص المخابرات، والشبكات العائلية غير الرسمية.
بفضل هذه التركيبة المعقدة حصل الرئيس صدام حسين على سلطة اضافية لادارة البلاد والاشراف عليها. فتمكن من تجاوز التراتبية العمودية وممارسة رقابة مباشرة على مختلف القطاعات العسكرية. وخلال الحرب التي خاضها العراق 1980 ــ 1988 اشتكى بعض العسكريين من هذا الوضع لان ما تتسم به آليات السلطة من شخصانية قد يكون مفيدا للامن الداخلي لكنه يمثل عائقا في وجه الحروب الحديثة.
في السابق وخلال رئاسة الاخوين عارف 1963 ــ 1968 كانت القوات العراقية تتميز ببنية مزدوجة: الجيش النظامي والحرس الجمهوري. حافظ البعث على هذه الثنائية لكنه عدّل من اوضاع الحرس الجمهوري ودعمه ليشكل جيشا مكوّنا من لواءين. فقد اقدم النظام عن سابق تصور وتصميم على الفصل بين الدفاع الوطني المخول به الجيش والامن الداخلي وهو من مهام الحرس الجمهوري ولو ان هذا الاخير شارك في الحرب مع ايران واجتياح الكويت والحرب مع الولايات المتحدة وحلفائها.
من جهة اخرى ادت عملية اعادة بناء الجيش ايضا الى تغير جذري في الاصول الاجتماعية لكبار القادة العسكريين. فالدور السياسي للضباط تراجع شيئا فشيئا وابقي الجيش في ثكنه ليتحول الضباط الى محض ادوات تنفيذية. كان مجلس قيادة الثورة الاول الذي انتزع السلطة عام 1968 وشكّل اعلى سلطة في البلاد، مكوّناً بأكمله من العسكريين، لكن بعد ثلاثة اعوام لم يضم مجلس الثورة الثاني سوى خمسة ضباط من اصل 15 عضوا. وعندما تمكن صدام حسين من احتكار جميع السلطات عام 1979 لم يعد المجلس يضمّ اياً من الضباط. كما يوضح المؤرخ مجيد خضوري "كان حزب البعث اول نظام يخضع الجيش للسلطة المدنية”.
ترافقت هذه التغيرات مع تحول كمي واسع اذ ولّى عهد العسكري السياسي ليحل محله جيش جرار حيث تضاعف عديد القوات المسلحة عشر مرات خلال عشر سنوات ليرتفع من 50 الف رجل عام 1968 الى 430 الف عام 1980. وقد زادت نسبة العسكريين لعدد السكان من 6 الى 31 في المئة. أمّن النظام من خلال هذا التضخم استقراره وحصل على اداة مناسبة لطموحاته الاقليمية الكبيرة.
كانت الحرب مع ايران بداية مرحلة من التحولات طاولت الامة والجيش وتأمنت الكلفة من عائدات الثروة النفطية وبفضل الدعم الدولي والاقليمي اضافة الى مزيج من الشعور الوطني الشعبي والتوجه القومي الرسمي. وقد تضخم الجيش ليصل عديده الى المليون من دون احتساب المنظمات شبه العسكرية من ميليشيا الحزب (الجيش الشعبي) الى الـ 150 الف رجل من مرتزقة القبائل الكردية والذين يطلق عليهم اسم "فصائل الدفاع الوطني”.
ادى ذلك الى امتصاص موارد البلد الذي لجأ الى الاستدانة بصورة هائلة. عندما اصبح العراق عملاقا عسكريا تحول الى قزم اقتصادي. وقد وصل جيل الحرب الى حدود التمرد بسبب امتداد المعارك والصعوبات الاقتصادية والتفكك الاجتماعي الناتج من سياسة النظام. تقلصت شبكات الحزب والعشائر بعد مرحلة من النمو وكاد الجيش يتحول الى مركب بدون قبطان.
ابتداء من 1988 ــ 1990، في نهاية النزاع، بدأ التفكك يظهر داخل الحلف القديم بين التوجه الوطني الشعبي والتوجه الرسمي، وكان امام النظام إما ان يستمر في اطعام مليون من العناصر العسكرية ام تمويل عودتهم الى الحياة المدنية بكرامة. وكان هؤلاء الذين يطلق عليهم اسم "ابطال صدام" يخيفون النخبة الحاكمة بسبب تصرفاتهم الفظة وعدم انصياعهم. كانت القيادة العسكرية العليا منقسمة: فالبعض كان يخشى ان يتحول الجنود المسرّحون، الجائعون والغاضبون، الى آفة على الحياة المدنية يعيثون الفوضى وينشرون الجريمة، بينما كان البعض الآخر يتخوف من انفجار الجيش من الداخل اذا ابقي لوقت طويل في حال انتظار.
كان المطلوب بأي ثمن ايجاد موارد اضافية واطلاق اصلاحات سياسية من شأنها التخفيف من حدة الضغوط. فكان لاجتياح الكويت مفعول ارتدادي بدل جلب العلاج لكل هذه المشكلات. فتحول الفشل المذل وما رافقه من خسائر بشرية كبيرة الى عامل محفز للتفكك والتمرد. وتمثل اول تفكك جزئي للجيش في تمرد 1991 (الاكراد في الشمال والشيعة في الجنوب) الذي انطلق من عصيان بعض الوحدات العسكرية.
فحرب الخليج ابرزت ثلاثة اتجاهات رئيسية لكن متناقضة داخل الجيش: التمرد والاستسلام والتماسك. وهي اتجاهات ليست بالجديدة حيث كانت مشكلة الفرار من الجندية مثلا منتشرة قبل العام 1990، لكن خلال الحرب البرية في شباط/فبراير 1991 قلة من الوحدات في مسرح العمليات الكويتي خاضت غمار المعارك وفضل 70 الف جندي الاستسلام منذ اليوم الاول للمعارك.
بعد وقف اطلاق النار بلغت حالات التمرد والفرار على الجبهة الجنوبية حداً انفرط معه الجيش بشكل كامل. في الشمال رمت الوحدات العسكرية البالغ عديدها 150 الفا سلاحها وهي مصممة على عدم التمرد وعدم الدفاع عن النظام. اما في الوسط، حول بغداد، كان مستوى التجانس والولاء مرتفعا.
ما هو سبب هذه الاختلافات؟ اولا كان الجنود يشعرون باللامبالاة تجاه "حرب الكويت" كما كانوا يسمونها بعدما انهكتهم الحرب ضد ايران. وقد جاء ذلك على حساب الوحدة بين الموقفين الشعبي والرسمي. وما زاد من مرارة الوحدات العسكرية في الجنوب مشهد الخسائر الكبيرة وتداعي اللوجستية والنقص في التموين وسوء قيادة العمليات والهزيمة وما لحقها من تقهقر فوضوي. اضافة الى ذلك كان مفوضو الحزب والشبكات العائلية الموالية متفرقين وقليلي العدد داخل الوحدات المتمركزة في الجنوب وتلك التي بقيت في الكويت. كانت رقابة الحزب والعشيرة ضعيفة هناك.
والمفارقة ان الحملة الجوية القاصمة التي قادها التحالف والتي تسببت في البداية بحالة الغضب في اوساط الجنود المنسحبين، ادت في النهاية الى تدمير هذه الوحدات التي عجزت تالياً عن التمرد في شكل فعال على النظام. وقد ساهمت الولايات المتحدة بصورة لاارادية في مساعدة صدام على التخلص من خطر الجيش المهزوم في الجنوب وذلك بسبب خشية واشنطن من تدخل ايراني محتمل في شؤون العراق ورغبتها في إبقاء توازن عسكري عراقي مقابل هذا الخطر مما دفع بها الى عدم تدمير الحرس الجمهوري بشكل كامل. تمردت الوحدات المبعثرة والعديمة التنظيم بعد تراجعها بوقت قليل وكانت الاشارة الى التمرد قيام دبابة منسحبة بإطلاق قذائفها على صورة عملاقة لصدام في وسط مدينة البصرة.
في الشمال، تضافرت العوامل نفسها فانطلق التمرد بقيادة "المستشارين" من زعماء الفصائل القبلية الكردية والعناصر المسرّحين من سكان المدن. وبعد شعورها بالهزيمة والعزلة اتخذت الوحدات العسكرية القرار الصعب بالاستسلام للاكراد. فترك 150 الفا من الجنود مواقعهم ليقدموا مشاهد مثيرة لآلاف الرجال غير المسلحين يلبسون البزات العسكرية ويجولون في شوارع اربيل والسليمانية ودهوك. وقد اثار منظر هؤلاء الجنود المشتتين الشفقة في نفوس العائلات الكردية فأعطوهم المال والغذاء. كان موقف قادة التمرد ان سياسة صدام هزمت الامة واذلت الجيش.
لكن هؤلاء العسكريين كانوا يفتقرون الى التوجيهات. فبالرغم من شجاعتهم في الخروج على الانضباط العسكري لم يكن لديهم الاندفاع الكافي للهجوم على بغداد. وفي مرحلة ترددهم هذه ابطلوا مفعول اسلحتهم. حتى في الجنوب بدا التمرد اقرب الى اليأس منه الى الحركة ذات الاهداف السياسية الواضحة الاهداف. كان انعدام تسييس العسكريين لافتا في الشمال كما في الجنوب.
في المقابل برهنت الفرقة الثالثة المتمركزة وسط البلاد عن تماسكها وولائها للنظام. انها مؤلفة في شكل اساسي من وحدات الحرس الجمهوري كألوية المدينة وحمورابي فصارت القوة الضاربة الرئيسية لدى الرئيس صدام حسين. وكانت القيادة العليا اعطتها دورا احتياطيا في حال الهجوم المضاد الذي لم يحصل. فانقض هؤلاء الجنود الذين وفرتهم الحرب على المتمردين السيئي التسليح وانقذوا النظام. هكذا ادت هذه القوات مهمتها بشكل كامل في الدفاع عن النظام بعدما كانت ادارة بوش الاب قد حافظت عليها لتأمين مهمة الدفاع الوطني.
يمكن تفسير هذا التماسك من خلال عوامل عدة. فالدور الاساسي كان لكثافة الشبكات الحزبية والعشائرية داخل الحرس الجمهوري قياسا على الجيش النظامي. فاتحد الضباط والجنود بسبب شعورهم بالخطر الجماعي مما سمح للحكومة بتوجيههم لقمع التمرد، وكانت معنوياتهم مرتفعة وخصوصا ان مواقعهم تعرضت اقل من غيرها للقصف اثناء الحرب.
ابتداء من 1991 اطلق النظام برنامجا لاعادة البناء بغية تنظيم ادارته ومؤسساته، فحضّر لادخال تغيير على الفريق الحاكم الذي بدأت تظهر عليه علائم التفكك. تم الاستبدال بهدوء وفرضت على المجتمع العودة الى العشائرية بينما شهد الجيش اعادة تنظيم كاملة. خلال 22 عاما بين 1968 و1990 توالى على حقيبة الدفاع اربعة وزراء فقط بينما حصل هذا التغيير اربع مرات ايضا بين 1991 و1996. فصدام كان ابقى هذا المنصب بين ايدي عشيرة المجيد لكن في العام 1996 اختار احد ابطال الحرب من الجيل الجديد ارضاء للمؤسسات العسكرية ومن اجل مكافحة الاحباط في صفوف الجيش. فبموجب هذه السياسة حل وزير الدفاع الحالي السيد ثابت سلطان محل السيىء الذكر علي حسن المجيد.
لكن التغيير الاكبر كان في خفض عديد القوات المسلحة التي هبطت من مليون الى 350 الف رجل كما تراجع مخزون الاسلحة للنصف قياسا مع العام 1991. لم يطرأ اي تحسين على التجهيزات العسكرية باستثناء انظمة الدفاع الجوي. هكذا تمكن النظام من خفض الانفاق وتكثيف الحضور العشائري الذي كان يتلاشى في شكل خطير قبل الحرب. من جهة اخرى توسعت الهوة بين الجيش النظامي ووحدات النخبة وبات الحرس الجمهوري يساوي الجيش النظامي لجهة الوحدات المدرعة والمؤللة ولا يتخلـف عنه الا بالمشاة.
في الواقع تضم القوات المسلحة اليوم اربع فرق: وحدات الحرس الجمهوري الخاصة المؤلفة من ثلاثة الوية (تتحدث بعض المصادر عن ثمانية)؛ الحرس الجمهوري المؤلف من ثلاثة الوية مدرعة ولواءين مؤللين ولواءي مشاة؛ الجيش النظامي الذي يشتمل على اربعة الوية مدرعة وثلاثة مؤللة وخمسة الوية من المشاة؛ ومجموعة من الوحدات القبلية المكلفة قمع اي تمرد مدني والتي قد تشكل قوة لا يستهان بها في حرب الشوارع. تجدر الاشارة اخيرا الى ان المتحدرين من عشيرة صدام يشكلون ما بين 35 و85 في المئة من كبار الضباط: انه لعامل تماسك خطير!
تختلف الحرب المتوقعة عن حرب 1991 لجهة الاهداف السياسية وسير العمليات ومسرح المعارك. فسيكون للبعد السياسي للحرب اثره الحاسم على موقف الجيش. وبما ان الولايات المتحدة تسعى الى إطاحة النظام فيفترض بالمعارك ان تتركز حول بغداد. واذا لم يحصل انقلاب في موقف الوحدات العسكرية الكبيرة او اي انقلاب عسكري ناجح فلا يمكن تحقيق الهدف المنشود من الحرب الا بالاجتياح والاحتلال الكاملين. لا يمكن اتخاذ الانتصار السريع في افغانستان نموذجا لان كسر وحدة "العشيرة ـ الطبقة" قد يكون صعبا خصوصا ان الولايات المتحدة لا تبدو مهتمة بتماسك النخبة الحاكمة.
يواجه نظام بغداد مشكلتين يعجز عن تجاوزهما في الظاهر. اولا طبيعة النزاع المتوقع لان استمرار النظام هو على المحك هذه المرة. من جهة اخرى تدرك الطبقة الحاكمة مدى الهوة الفاصلة بين القومية الرسمية والشعور الوطني الشعبي، وتدرك بقلق ايضا ان الجيش العراقي لا يمكن ان يصمد في وجه الولايات المتحدة وحلفائها المحتملين.
تلجأ بغداد الى ردود دفاعية عدة اذ حاول النظام اولا استخدام التهديد الجماعي الاميركي بتصويره انه سيطاول مجمل النخبة الحاكمة. ففي مواجهة خطر الزوال الكامل يمكن افراد هذه النخبة ان يتحدوا في مواجهة مشتركة حتى النهاية. وما يعزز هذا الشعور الجماعي ان الولايات المتحدة لم تحاول ايجاد شرخ داخل هذه النخبة.
ثانيا وازاء الضعف الملازم للموقف القومي الرسمي، استعان النظام بالاشكال الدينية الشعبية والمؤسساتية ليؤجج في الوقت نفسه الشعور الطائفي المعادي للشيعة لدى السنّة ولاستصدار فتاوى من العلماء الشيعة ضد المعارضة الشيعية.
في المرتبة الثالثة جعل من تحصين المدن النقطة الرئيسية في استراتيجيته العسكرية معتبرا ان هذه المدن تشكل افضل ساحات للمعارك. وهذا ما يزيد من احتمال مضاعفة الخسائر المدنية ويمكن ان يعرقل العمليات الاميركية او يحد منها كما قد يعوض عن ضعف الجيش العراقي ويسمح اخيرا للنظام بتحقيق حلمه في انزال اكبر عدد من الخسائر في صفوف الاميركيين.
رابعا، تم وضع برنامج دقيق لاستخدام وسائل الاعلام العالمية على امل ايقاف قوات الغزو على ابواب بغداد. فالتغطية الاعلامية اللافتة للاهتمام نادرة في الصحراء. خلال حرب الخليج 1991 كانت قوات التحالف تسيطر على التغطية الاعلامية، ويأمل النظام العراقي قلب الاوضاع من خلال تجهيز عشرة مراكز اعلامية في امكنة متفرقة تحت الارض.
خامسا، ومن اجل تأمين استمرارية السلطة، اقام الحكم نظاما ثنائيا، صدام حسين ونجله قصي، الرئيس الحالي ووارثه. كما تم التخطيط ايضا لمركز ثالث للسلطة ولو لم يُصَر للاعلان عنه يتولاه قائد الحرس الجمهوري اللواء كمال مصطفى.
اخيرا، ومن اجل مواجهة اي تمرد شعبي مدني، حل القادة العسكريون محل جميع حكام المناطق المدنيين في البلاد كما تم نشر القوات القبلية الموالية لصدام حسين بكثافة في المدن. ان اتخاذ النظام لهذه الاجراءات وغيرها يبرهن انه مدرك لنقاط ضعفه وايضا لهامش تحرك المعسكر المعادي.
في النظر الى تجربة العام 1991، يمكن لجناحي الجيش اي الفرق النظامية والحرس الجمهوري وتبعا للظروف ان تقاتل او تتمرد او تتلاشى. وستكون الغلبة لواحد من هذه الاتجاهات تبعا للزمان والمكان. اما التحضير لانقلاب عسكري فدونه تعقيدات اكبر كون الجيش لم يعد مسيَّسا كما كان في العام 1958 حيث كانت تكفي مشاركة عشر الجيش لتحييد الباقين. في الظروف الراهنة يفترض تحريك فرقة كاملة من الجيش تضم ثلاثة او اربعة الوية وتحييد عدد مماثل سياسيا. ولا يبدو هذا الامر ممكنا من دون مساهمة قسم كبير من عشيرة الرئيس.
هل تنجح سياسة الولايات المتحدة في استقطاب قسم من النخب العشائرية الحاكمة؟ ان اي محاولة انقلابية قد تؤدي الى اعمال تمرد متفرقة وأخطار متزايدة من نشوب حرب اهلية. عندها سيكون عدد الضحايا مرتفعا في شكل دراماتيكي وستقترب الحرب البطيئة وتزايد القوى غير المنضبطة من اسوأ الكوابيس التي يمكن توقعها.
--------------------------------------------------------------------------------
* باحث مشارك في معهد بيربك في جامعة لندن ومؤلف
Ayatollahs, Sufis and Ideologues. State, Religion and Social Movements in Iraq et Tribes and Power in the Middle East (avec Hisham Dawood), disponibles tous deux chez Saqi Books, Londres, 2002.
جميع الحقوق محفوظة 2001© , العالم الدبلوماسي و مفهوم