أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بير رستم - الإسلام .. والعنف!! الحلقة الحادية عشر: تتمة الدخول إلى مرحلة العنف.















المزيد.....

الإسلام .. والعنف!! الحلقة الحادية عشر: تتمة الدخول إلى مرحلة العنف.


بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)


الحوار المتمدن-العدد: 4871 - 2015 / 7 / 19 - 13:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وهكذا فإن الإسلام ومع سورة البراءة "التوبة" يضع حداً لقضية حرية الرأي ويغلق كل الدروب والطرق أمام (الآخر المختلف)، حيث لم يبقى خياراً للآخر غير الإيمان بمحمد وعقيدته ودينه الجديد _الإسلام_ وخاصةً العرب منهم؛ كون لم يكن مسموحاً لهم أن يصبحوا عبيداً ومن "الموالي" وهو بذلك حفظ شعبه من مسألة العبودية والإستعباد وترك هذه الصفة والمستوى الإجتماعي الطبقي "المتدني" للآخرين من الأمم والشعوب بحيث وصل الأمر بأحد الخلفاء الراشدين (عمر بن الخطاب) ليكتب لواليه وعامله على الكوفة (أبي موسى الأشعري) في رسالة تقول بما معناه: "لا يجوز أن يكون الأعجمي حاكماً ما دام هناك عربي وأنتم تقدرون أن تتزوجوا من الأعجميات لكن لا يجوز لأعجمي أت يتزوج بإمرأة عربية ..إلخ". وإننا نحيل كل من يود التوسع بهذا الموضوع إلى كتاب (مؤتمر عليماء بغداد) ولكن وقبل أن نغلق الموضوع سوف نذكر عدد من الملاحظات.

قبل كل شي وكما ذكرنا سابقاً؛ بأن مسألة العبودية كان خياراً للآخر فقط وبالمناسبة فإن ذاك _أي قضية العبودية_ كانت إحدى سنن وقوانين وسمات المرحلة التاريخية حيث إنه مصير كل من تتعرض بلاده للغزو من قبل الآخرين، فالتسيد والسيادة للغازي المحتل "الفاتح"، بينما العبودية تكون للمحتل ذاك الذي إنكسر في معركته مع القادم والغازي وهكذا فإن الإسلام هو أيضاً قد عمل بهذا القانون الإجتماعي والسياسي في علاقته مع الآخر .. وقد رأينا كيف أن الإسلام قد فرض على المشركين "العرب" أن يلتحقوا بالإسلام وفرضها عليهم الإيمان والعقيدة الجديدة وبالقوة لينقذهم من العبودية من جهة ومن الجهة الأخرى ليكونوا القاعدة للإنطلاق نحو الخارج وذلك قبل أن يفرضها على "أهل الكتاب" بالرغم من مقولته بعدم صحة معتقداتهم وأديانهم وذلك في تسلسل تاريخي ومنطقي للقضاء على الإختلاف والتباين داخل المجتمع القبلي العشائري وليكون "الدين لله" وهو الإسلام كعامل وحدة في مواجهة الآخرين.

ويمكننا القول أيضاً؛ إنك عندما تخوّف وتهدد الآخر بالعقوبة والمحاسبة _إن كانت دنيوية أو باليوم الآخر_ فهي تدخل نطاق الإكراه وإجبار الآخرين على ما لا يريدون وفرض الشروط عليهم وبالتالي هي بحد ذاتها نفي لمسألة الحريات العقائدية وتأكيد على أن الإسلام لم يعرف مسألة الحرياة الدينية إلا في بدايات الرسالة حيث قالت: "لكم دينكم ولي ديني" ولكن وفيما بعد فقد مارست الإكراه والإجبار وفرض العقيدة الإسلامية على الآخرين، بمن فيهم من عرف بأهل الكتاب، وبالتالي فإن الآية التي تقول: "قُولُواْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ"(64) .. أصبحت مشلولة ولا معنى لها في قضية حرية المعتقد الديني. لكن وبنفس الوقت يمكن القول: لو لم يفعل محمد بن عبد الله ذلك؛ تحطيم تلك الأصنام الموجودة في الكعبة وبدخولها و"فتحه" لها _أي لمكة_ وتكسير تلك الأصنام التي "كان يضربهم برأس قوسه في عيونهم ووجوههم"(65)، لما قام الإسلام أساساً وما كان لها مما كان من الإنتشار والقيادة والسلطان، بل ما كان له أن ينشأ دينه الجديد؛ الإسلام.

والشيء الآخر والذي يجب أن لا ننساه؛ أن علينا أن نقرأ الأحداث والوقائع التاريخية وفق شروط المرحلة والظروف والواقع المجتمعي والأخلاقي لتلك البيئة الإجتماعية التي نشأت فيها وعاصرتها حياة القبيلة والغزوات ونهب البلدان والتي كانت سمات المرحلة وجزء من ثقافة المجتمع وأخلاقيات الإمبراطوريات والدول حيذاك وبالتالي فإن الإسلام كانت تخضع لشروط واقعها الجيوثقافي والأخلاقي وغير قادرة على القطيعة الكلية مع البيئة والواقع المحيط بها حيث يقول الكاتب (الشيخ محمد جواد آل الفقيه) في كتابه "سلمان سابق فارس (سلمان الفارسي)" ما معناه؛ "..وبعد أن وقف الروم والفرس في وجه دعوات محمد ومن أتى بعده من الخلفاء فقد حاربهم المسلمين"(66). وهكذا علينا أن نقرأ الواقع الإسلامي وقضية الفتوحات والغزوات وفق الشرط الإجتماعي والسياسي والأخلاقي للمرحلة ومسألة نشوء وتوسع الإمبراطوريات وليس وفق مبادئ الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والذي يريد أن يقول به بعض علماء الإسلام ويجعلوا من العقيدة الإسلامية وكأنها هي التي أسست لقضية حرية القناعات الدينية و"الرأي الآخر" وهم بذلك يلوّون عنق الحقائق التاريخية.

لكن رغم كل ما تقدم ومن خلال قراءتنا للنص القرآني نجد تلك الآيات التي تدعو إلى (حرية العقيدة الدينية) حيث تقول الآية "لكم دينكم ولي دينِ" والتي نسخت بآية السيف أو القتال والحرب في سورة البراءة _كما رأينا_ وهكذا لا يمكن لنا أن نفهم هذا التناقض بين الآيات القرآنية إن لم نأخذ قضية النسخ في القرآن بعين الإعتبار. وبالتالي فإن محمد بن عبد الله وخاصةً في مرحلة نشوء وبدايات العقيدة حاول أن يطرح بأنه جاء مكملاً للشريعة ولمن سبقه من الرسل والأنبياء والذي يمكن أن نقول بأن الإسلام "الحلقة الأخيرة" في سلسلة ما عرف بالأديان السماوية. والشيء الآخر والذي يجعل هذا التناقض بين الآيات القرآنية مفهوماً هو أن تلك الآيات _وحتى في السورة الواحدة_ لم يتم تدوينه في الكتاب والنسخ القرآنية بحسب زمن "الوحي والنزول" وكذلك علينا أن لا ننسى بأن تلك الآيات التي كتبت ودعت للحرب جاءت تحت تأثير شخصية قتالية محاربة؛ ألا وهو شخصية عمر بن الخطاب وكذلك علينا أن لا ننسى مسألة التدرج الزمني وإمتلاك المسلمين للقوة العسكرية القتالية وشروط وظروف المرحلة وقوانينها القبلية للغزو والسلب والنهب كجزء من ثقافة المجتمع القبلي ولذلك كان طبيعياً أن يتغير الخطاب الديني من "الدعوي" إلى "الحربي" وبالتالي عثورنا على هذا الكم من التناقض بين الآيات يندرج ضمن سلسلة بناء الدولة والإمبراطورية الدينية والتي سوف تعرف لاحقاً بالإمبراطورية أو "الخلافة الإسلامية".

وبالتالي وبعد كل ما سبق ورأينا وقرأنا وكذلك ومن بعد الملاحظة السابقة في قضية الأديان وحرية المعتقد والقناعات الدينية والتي كان يؤكد عليها في رسائله _رسائل محمد؛ صاحب الرسالة_ لقادة وزعماء ورؤساء القبائل والإمبراطوريات ومنه رسالته لأهل سلمان "المجوس" والتي يوردها الكاتب (سليمان مظهر) في كتابه "قصة الديانات" حيث تقول؛ "هذا كتاب من محمد بن عبد الله رسول الله، سأله الفارسي سلمان وصيّة بأخيه مهاد بن فرّوخ بن مهيار (ماهاد بن فرخ) وأقاربه وأهل بيته، وعقبه من بعده ما تناسلوا، من أسلم منهم وأقام على دينه: سلام الله (حمداً لله إليكم) إن الله تعالى أمرني أن أقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أقولها، وآمر الناس بها، والأمر كلّه لله .. من آمن بالله ورسوله كان له في الآخرة دعة الفائزين، ومن أقام على دينه تركناه، فلا إكراه في الدين. فهذا الكتاب لأهل بيت سلمان، إن لهم ذمة الله وذمّتي على دمائهم وأموالهم في الأرض التي يقيمون عليها، سهلها وجبلها، ومراعيها وعيونها، غير مظلومين لا مضيّق عليهم. فمن قرأ عليه كتابي هذا من المؤمنين والمؤمنات، فعليه أن يحفظهم ويكرمهم، ولا يتعرض لهم بالأذى والمكروه، وقد رفعت عنهم جزّ الناصية، والجزية، والخمس، والعشر، وسائر المؤن والكلف.." إلى آخر الرسالة حيث يطلب تكريم سلمان وأهله وإعتبار "سلمان من أهل البيت"(67).

وأيضاً؛ فإن إبن حزم يقول في المجلد الأول من كتابه "الملل والأهواء والنحل" وبما معناه: "تلك الحقيقة فقط كافية بأن رسول الله (ص) كان يأخذ الجزية منهم؛ من المجوس"(68) أي أن المجوس أيضاً كانوا يعتبرون من أهل الكتاب ويعاملون معاملتهم في مسألة حرية الإعتناق الديني، لكن السؤال الذي ربما يحير الكثيرين؛ ما الذي جعل محمد بن عبد الله أن يغير سياسته القديمة والتي كانت قائمة على التسامح الديني والدعوية في بداياتها لتتحول إلى إكراه الآخر وإجبارهم على إعتناق الإسلام كدين وحيد يقبل عند الله، هل إن قضية التسامح مع الأديان كانت جزء من السياسة وتكتيكاتها للوصول إلى الأهداف الإستراتيجية، لنقول بأن المشروع و"الحكاية" ومنذ البدايات لم يكن مشروع دين وعقيدة بقدر ما كان مشروع سلطة وسيادة وخزائن قيصر روما وقصور كسرى فارس .. أما إن العقيدة الجديدة وبعد أن تحولت من حالة دعوية إلى سلطة وقيادة ودولة كان لا بد لها أن تتنكر لرسالتها وتتحول إلى الإستبداد وكأي دولة توتاليتارية قائمة على اللون والفكر والعقيدة الواحدة وفقاً لمركزية القرار القبلي وهي بذلك _أي الإسلام_ كانت وفية للقيم الثقافية المجتمعية القبلية.

الهوامش:
64- سورة البقرة، (الآية 136).
65- الملل والنحل، إبن حزم. الجلد الأول، ص59.
66- سلمان سابق فارس (سلمان الفارسي) للشيخ محمد جواد آل الفقيه، ص103.
67- كتاب "قصة الديانات" للكاتب سليمان مظهر ، ص499.
68- كتاب "الملل والأهواء والنحل" للإمام أبي محمد علي بن أحمد بن حزم الظاهري، المجلد الأول، ص114.



#بير_رستم (هاشتاغ)       Pir_Rustem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفاهيم وقضايا (2) الإسلام.. واللغة.
- الإسلام .. والعنف!! الحلقة العاشرة: الدخول إلى مرحلة العنف.
- مفاهيم وقضايا/ الله؛ هو وحده.!!
- الحريات الفردية .. هي الأساس لتحرر مجتمعاتنا!!
- لإسلام .. والعنف!! الحلقة التاسعة: تتمة بدايات مرحلة العنف.
- الإسلام .. والعنف!! الحلقة الثامنة: تتمة بدايات مرحلة العنف.
- الإسلام .. والعنف!! الحلقة السابعة: بدايات مرحلة العنف.
- الإسلام .. والعنف!! الحلقة السادسة _ تتمة مرحلة الجسر أو الإ ...
- قراءة .. في قضية التمديد الرئاسي.
- سوريا .. وتعدد المسارات والخيارات!!
- الإسلام .. والعنف!! الحلقة الخامسة _ مرحلة الجسر أو الإنتقال
- الإسلام .. والعنف!! الحلقة الرابعة _ تتمة بدايات الرسالة
- الإسلام .. والعنف!! الحلقة الثالثة _ بدايات الرسالة
- الانتخابات البرلمانية
- صراع على السلطة أم اختلافٌ في الرؤى والبرامج
- القيادة.. هل هي سلطة أم مسؤولية؟
- لوثة الكتابة
- زمن الإنقلابات
- حزب العمال الكردستاني بين -دار السلم والحرب-
- المخاض والولادة(بعد 11 سبتمبر)


المزيد.....




- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بير رستم - الإسلام .. والعنف!! الحلقة الحادية عشر: تتمة الدخول إلى مرحلة العنف.