أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - يوسف محمد - دستور في العراق وانتخابات في أفغانستان، خرافة الديمقراطية الأمريكية















المزيد.....

دستور في العراق وانتخابات في أفغانستان، خرافة الديمقراطية الأمريكية


يوسف محمد

الحوار المتمدن-العدد: 1345 - 2005 / 10 / 12 - 10:45
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


بين مشروع الدستور العراقي، والانتخابات البرلمانية الأفغانية، يقف العرَّاب الأمريكي مروجاً لنموذجه الديموقراطي، على أمل أن يعممه على صعيد المنطقة كلها. وإذا ما نظرنا الى كل واحد من هذين المشروعين الأمريكيين، في العراق وأفغانستان، نجد تشابهاً جديراً بالاهتمام في النتائج المتوقعة والخطيرة الى حد كبير، طبعاً دون إغفال الاختلافات المهمة في بنية كلا المجتمعين، العراقي والأفغاني، وأوضاعهما حين خاضت الولايات المتحدة الأمريكية كلا الحربين، حيث كان المجتمع الأفغاني مجتمعاً مفككاً منهاراً ويخوض في مستنقع حرب داخلية أتت على كل أسس وركائز الحياة المدنية، ولم يكن هناك أي وجود، بأي معنى كان، للدولة كمؤسسة اجتماعية، في حين كان المجتمع العراقي، مجتمعاً متماسكاً نسبياً ويسير في مساره الروتيني، وكانت هناك دولة، بغض النظر عن استبداد ودكتاتورية نظام الحكم وشموليته وطابعه الفاشي، تمارس دورها كدولة على كل المناطق العراقية، عدا كردستان التي كانت تتمتع بانفصال غير ناجز وخاضعة لسلطة مليشيات الأحزاب القومية الكردية.
وحتى الآن، لا يحظى مشروع الدستور العراقي، برضا الكثير من العراقيين، وهناك الكثير من التحفظات عليه من قبل جهات عديدة وقوى سياسية مختلفة، لعل أبرزها ظهوراً في الواجهة هي تيارات الإسلام السياسي السني التي تهدد برفضه ومقاطعة العملية كلها، هذا عدا عن جبهة يسار المجتمع، من شيوعيين عماليين وتحرريين وعلمانيين وشخصيات تقدمية، التي ترفض المشروع الأمريكي من الأساس، وتعتبره خطوة في مسار تثبيت الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، وجزءاً من مساعيها العابثة للخلاص من المستنقع العراقي الذي تتخبط فيه.
أما عن الانتخابات النيابية الأفغانية، فإن الكثير من الإشارات تقول أن المواطن الأفغاني يشكك في أن تغييراً جدياً سيجري بعد الانتخابات، بل بات الكثير من المواطنين يسلم، منذ الآن، أن الأمور ستعود على ما كانت عليه قبل الآن، أو ربما ستسوء، رغم أن النتائج لم تعلن بعد، إذ من المتوقع إعلانها في الأيام القليلة القادمة. وهذا ما يبدد التفاؤل الزائف الذي سعت وسائل الإعلام الى عكسه في تغطياتها المدفوعة الأجر مقدماً. وحتى أن نسبة الإقبال عليها كانت أقل من المنتظر.
والحقيقة الأكثر بروزاً على السطح، هي أن العنف والقتل اليومي والفوضى الشاملة والاضطراب والإرهاب هي مفردات أساسية لتوصيف الواقع العراقي والأفغاني، في ظل الاحتلال والوصاية الأمريكية، مع بعض التباينات البسيطة التي لن تشكل خللاً في الصورة. ورغم وجود سلطة محلية في كلا البلدين، إلا أنها تظل، في خاتمة المطاف، عاجزة تماماً عن السيطرة على الأوضاع والرد على معضلات المجتمع الأصلية والتعبير عن مسؤولياتها إزاء المواطن في توفير حد أدنى من الخدمات الأساسية، وتظل، باختصار، سلطة كارتونية، ولا تتعدى صلاحياتها تنفيذ أوامر الإدارة الأمريكية والامتثال لقراراتها. والطريف في الأمر أن الإدارة الأمريكية تستخدم الآن في العراق نفس السفير الذي استخدمته في أفغانستان، ونقصد زالماي خليل زاد. وكأن هذه هي رسالة مبطنة للقول أن حال العراق لن يكون مختلفاً عن حال أفغانستان!!
في العراق، وكنتيجة مباشرة للحرب والاحتلال الأمريكي، شهدنا تنامياً مذهلاً وخطيراً لحركات ما كان لها أن تحلم في يوم من الأيام بمثل هذه الفرصة الذهبية لممارسة دور فاعل ومؤثر بحيث صعب حذفها من المعادلات. وهي حركات رجعية حد النخاع في أيديولوجياتها وفكرها ومتخلفة عن كل ما هو عصري وفاشية في ممارساتها وبعضها يحتكم الى الإرهاب كوسيلة أساسية في النشاط والفعالية والظهور. وراحت تتحكم بمصير ومقدرات المجتمع وتفرض نفسها بقوة المليشيا والسلاح على أية منطقة تجد لها فيها موطئ قدم بسيط. فتسيَّدَ الإسلام السياسي الشيعي على مناطق الجنوب والفرات الأوسط فيما تسيَّدّ الإسلام السياسي السني على المناطق الغربية من العراق، هذا عدا عن استقواء الحركات القومية الكردية والعربية. كما تنامت نزعة الاستئثار، لدى تلك الحركات، والسعي لاحتكار السلطة والتغييب التام لأي تدخل جماهيري وأي دور وإرادة للجماهير في مسألة السلطة والحكم وإدارة المجتمع وتحديد اتجاه حركته ومساره المستقبلي.
ولكي تُكمل مشاريع الديمقراطية الأمريكية نعمتها على هذه القوى والحركات، تحولت الى رافعة ووسيلة لوصول قوى الإسلام السياسي والحركات القومية الى السلطة في العراق وإمساكها بدفة الأمور. فكانت حكومة الطالباني-الجعفري، الحكومة القومية-الإسلامية، تجسيداً رائعاً غنياً عن الوصف لما يمكن أن تأتي به الديمقراطية الأمريكية. حسناً، أنتم تريدون الديمقراطية؟ إنها لكم. ولكم الجمل بما حمل! حكومة عاجزة ومشلولة، وليس لها سيطرة حتى على المنطقة الخضراء التي تتقوقع فيها، وأوضاع تزداد تعقيداً وخطورة ووزراً يوما ً بعد آخر، وأمراء حرب لم يتورعوا عن ممارسة هوياتهم المعروفة في السلب والنهب واللصوصية وفساد رائحته تزكم الأنوف.
وتكتمل الدائرة الآن بمشروع الدستور. فقد أثبتت المسودة المعروضة للاستفتاء بعد أيام قليلة مقبلة، أنها نص أكثر من رجعي وأكثر من وثيقة استعباد، بتأكيدها على جملة من المبادئ المتخلفة إذا ما قارناها بتطلعات وطموحات الجماهير في العراق، ولكنها تعبير حقيقي عن ماهية وجوهر القوى التي صاغتها وتسعى لتمريرها. وبهذا تثبت تلك القوى والحركات، مرة أخرى، أنها غير مؤهلة لصياغة وثيقة حقوقية بمستوى وثيقة دستور، ناهيك عن تطبيق مبادئها مستقبلاً. وهذا فشل آخر يضاف الى تاريخ القوى المتحكمة بمستقبل العراق الآن.
وليست الأمور بأفضل في أفغانستان. فقد صار من الواضح أن نتائج الانتخابات البرلمانية ستتمخض عن عودة لأمراء الحرب الأفغان، فبعد أن تم طردهم من الشباك، هاهم يعودون بقوة من أوسع الأبواب، وبحماية من الديمقراطية الأمريكية نفسها. وحتى أن هناك شخصيات كانت لها مكانة مهمة في حركة طالبان برزت الى السطح بقوة في ظل محاولات ومساعي لإعادة تأهيلها من جديد. يمكن تصور أي مستقبل ينتظر أفغانستان حين يمسك مثل هؤلاء الأشخاص بدقة الحكم فيه، وأي مصير سيرسمونه للجماهير بيدهم الملطخة بالدماء.
ونفس نعم الديمقراطية الأمريكية أعادت لنا، أيضاً، الكثير من البعثيين في العراق الى الواجهة، وراحت تعيد تأهيلهم وتضعهم في مناصب حساسة، وهذه المرة باسم منح (السنة العرب!) دوراً في العملية السياسية. هذا إذا ما زال حاضراً في أذهاننا أن عدداً من سياسيي اليوم هم بعثيو الأمس الذين دافعوا عن سلطة البعث بالنار والحديد، في فترات معينة، وانشقوا عنه لأسباب لم تكن تتعلق، بأية حال من الأحوال، بمصالح جماهير العراق، أو بسبب رفضهم لممارساته الوحشية واستبداده ودكتاتوريته، كما يدعون. أنهم الآن أيضاً لا تربطهم أية صلة بمصالح الجماهير في العراق، وهم يعيدون استنساخ نفس ممارسات وسياسات وفاشية النظام البعثي، ولا يجدون غضاضة في أنفسهم من القيام بذلك.
وبهذا ليس علينا التوهم بمشاريع أمريكا واستراتيجيتها وسياساتها في المنطقة، فخرافة الديمقراطية الأمريكية، التي امتطت سطح دبابة مدججة بالسلاح،أثبتت أنها لن تكون علاجاً ناجعاً لمشكلاتنا ومعضلاتنا وأزماتنا المزمنة، بل إنها تساهم في تعميقها وتعقيدها أكثر فأكثر. وهي قد كشفت عن وجهها الحقيقي ورسالتها التي تحملها. على الأقل هذا ما رأيناه ونراه الآن في أفغانستان والعراق. وإذن علينا البدء من صفحة مغايرة تماماً، من أجل صياغة مستقبل مشرق لنا وللأجيال القادمة، علينا البدء بالتدخل الفاعل وبإرادة حرة وواعية في رفض المشروع الأمريكي وفضح خرافة الديمقراطية الأمريكية.



#يوسف_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زالماي خليل زاد وتحركات اللحظة الأخيرة بصدد الدستور
- دولة القانون، إدعاءٌ برَّاق في مواجهة واقع عقيم مساهمة في ال ...
- -الانتخابات- العراقية والتغييب القسري لإرادة وقرار الجماهير
- -العصا والجزرة- لن تحل قضية الأمن في العراق
- محاكمة جلاد الجماهير، صدام حسين، محاكمة للعروبة وللفاشية الب ...
- رونالد ريغان..كاوبوي السينما، كاوبوي في السياسة
- أية هوية يبلور ملامحها عمال وكادحو كركوك؟!
- ويسمون الهمجية تحريراً؟! حول أسلمة قوانين الأحوال الشخصية في ...
- فُرقاءُ الأمس.. هل قربتهم المخاطر والأزمات؟ حول خطوات التقار ...


المزيد.....




- شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا ...
- جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
- زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
- كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
- مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
- ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
- مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
- جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - يوسف محمد - دستور في العراق وانتخابات في أفغانستان، خرافة الديمقراطية الأمريكية