مقابلة مع نجيب محفوظ عام 1977

سامي الذيب
(Sami Aldeeb)

الحوار المتمدن-العدد: 4871 - 2015 / 7 / 19 - 12:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

استمر في نشر مقابلاتي مع الشخصيات المصرية في عام 1977، وانقل لكم هنا مقابلتي مع نجيب محفوظ في مبنى الأهرام يوم الخميس الموافق 12 مايو 1977
.
*سامي الذيب: انا فلسطيني احضر رسالة دكتوراه عن مصر وهدفي دعم قرار المجلس الوطني الفلسطيني بإقامة دولة علمانية. ما رأيكم بالعلمانية؟
* نجيب محفوظ: يجب فهم العلمانية بمعنيين. هناك العلمانية العنيفة التي تناهض الأديان، وهناك العلمانية الليبرالية على الطريقة الغربية والتي تهدف إلى فصل الدين عن الدولة.
.
*سامي الذيب: وما رأيكم اذن بالعلمانية؟
*نجيب محفوظ: نحن لا نبحث عن العلمانية لذاتها، ولكن لتحقيق سعادة الإنسان وكرامته. وإذا تمكنا من ضمان سعادة الإنسان وكرامته من خلال الدين، فلا حاجة لنا بالبحث عن العلمانية. ولكن ان كانت سعادة الإنسان وكرامته تتطلبان فصل الدين عن الدولة، فعلينا ان نبحث عن السعادة خارج الدين.
.
*سامي الذيب: هل تظنون بضرورة العلمانية في مصر؟
*نجيب محفوظ: في مصر لا نرى ضرورة للجوء للعلمانية. فحتى الذين يريدون تطبيق القوانين الدينية يريدون ان يتم احترام حقوق الأقليات. سعادة الإنسان اذن محققة دون العلمانية.
.
*سامي الذيب: ولكن ما موقفكم من النظم الإسلامية المخالفة لحقوق الإنسان. فمثلا لا يحق لمسيحي ان يتزوج من مسلمة، بينما يحق للمسلم ان يتزوج من مسيحية. وهناك ايضا حد الردة.
*نجيب محفوظ: نعم الإسلام يقبل ان يتزوج المسلم من غير مسلمة، بينما لا يحق لغير مسلم ان يتزوج من مسلمة.
.
*سامي الذيب: نحن اذن امام نظام تمييزي في اتجاه واحد. فإن اردتم ان تأخذوا من نسائنا، فيجب ان يكون على شرط ان نتمكن من اخذ نسائكم. فماذا تفضل: تطبيق حقوق الإنسان التي لا تميز بين الناس على اساس الدين، أو ان نطبق مبدأ المعاملة بالمثل؟
*نجيب محفوظ: أنا افضل تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل. فإما نسمح بالزواج للطرفين، او نمنعه للطرفين.
.
*سامي الذيب: وماذا تفعل مع النص القرآني.
*نجيب محفوظ: القرآن لم يقل بأن المسيحي لا يحق له ان يتزوج من مسلمة. الاجتهاد هو الذي ادى إلى هذا المنع. والأن يمكن ان نطور الأمر بصورة اخرى. في السابق كان الهدف عدم تعريض المرأة للخطر. وكان الإسلام في موقف دفاعي. ولكن اليوم الإسلام لا يخاف.
.
*سامي الذيب: ولكن يبقى وضع غير المسلمين. لنفرض ان مسلما يريد ان يتزوج من بوذية. فهل نسمح له؟
*نجيب محفوظ: البوذيون يعتقدون بوجود الله. يمكن اذن ان نضمهم إلى قائمة الديانات المعترف بها. فالقرآن يقول بأن هناك انبياء ذكرهم، وهناك انبياء لم يذكرهم.
.
*سامي الذيب: واذا اراد مسلم ان يتزوج من ملحدة. والقوانين ومشاريع القوانين تمنع زواج المسلم من مرتدة او من ملحدة أو غير كتابية.
*نجيب محفوظ: انا لا اتفق مع هذه القوانين، ولكن انا ضد زواج الملحدين.
.
*سامي الذيب: ولماذا انت ضد زواج الملحدين؟ هل انت مع مشروع قتل المرتد والشيوعيين، وكما جاء في فتاوى الأزهر؟
*نجيب محفوظ: لم اسمع عن هذه المشاريع. ولكن الشيوعيين ليسوا بالضرورة ملحدين.
.
*سامي الذيب: ولكن لماذا نقتل الملحدين؟
*نجيب محفوظ: يقول القرآن لا اكراه في الدين. اذن لماذا نقتل الملحدين؟ كلامك صحيح.
.
*سامي الذيب: ولكن ماذا عن زواج الملحدين؟
*نجيب محفوظ: لا اسمح بزواج الملحد أو الملحدة لأنهما خطر على المجتمع.
.
*سامي الذيب: ولكن هل ستتدخل الدولة في ضمائر الناس وتسأل من هو الملحد؟ هل الدين هو من مهام الدولة؟
*نجيب محفوظ: نعم الدين من مهام الدولة. لا يحق لك ان تقتل ابنتك، رغم انها ابنتك. وهذا نفس الشيء. الملحد لا ضمير له، ويمكن له ان يقتل ابنتك.
.
*سامي الذيب: يمكن ان ننظر للأمر من جهة اخرى. الدولة تضع قوانين لا علاقة لها بالدين، وتطلب من الجميع الالتزام بهذه القوانين، إن كان ملحدا ام لا. وهكذا نتجنب الدخول في ضمائر الناس والحكم عليها.
*نجيب محفوظ: نعم، هذا ايضا ممكن.
.
*سامي الذيب: هناك ايضا موضوع الميراث. لماذا نمنع الميراث بين المسلمين وغير المسلمين.
*نجيب محفوظ: انا اتفق مع ذلك، ولكن يجب ان لا نضغط على الرأي العام.
.
*سامي الذيب: ولكن يجب ان نربي الرأي العام. لقد تصدى الفلاسفة للرأي العام لتحرير الناس من الخرافات. يجب ان لا نترك الناس في الجهل. يجب ان لا نترك الصراخ في الميكروفونات او اذاعة القرآن.
*نجيب محفوظ: لقد تم الاعتراض على الميكروفونات، ولكن دون فائدة. فربما هناك شخص يريد ان يذاكر أو انه مريض أو مسيحي.
.
*سامي الذيب: بخصوص الراديو، قالت لي السلطات الدينية المسيحية: نحن اهل البلد وسكانها الأصليون. والدولة تعطي للمسلمين الحق في الصلاة في كل وقت ويزعجونا، بينما لا يعطونا إلا ربع ساعة في الأسبوع. والحل هو اعطاء نفس الحق للجميع او بمنع الصلاة للجميع وترك كل شخص يصلي في بيته.
*نجيب محفوظ: انا اتفق مع هذا الأمر.
.
*سامي الذيب: سؤال دستوري: لماذا ينص الدستور على أن الإسلام دين الدولة؟ أليس الدولة للجميع؟ أم انها فقط للإسلام؟ الأقباط غير موافقين على هذا النص الدستوري.
*نجيب محفوظ: أنا رايي ان يتم حذف هذه المادة وارضاء الجميع.
.
*سامي الذيب: في الواقع نحن كأقليات مسيحية عندنا حساسية كبيرة. فمثلا في حرب 1967 تم الهتاف ضدنا: اليوم السبت وغدا الأحد.
*نجيب محفوظ: هذا امر غريب فعلا. لماذا اذن وضع بند الإسلام دين الدولة في الدستور اذا كان هذا يثير الضغينة؟
.
*سامي الذيب: نحن المسيحيين، اذا لم تكن هناك علمانية، نرى في تحرير فلسطين استبدال استعمار يهودي باستعمار اسلامي اذ لا ينظر لنا كمواطنين بل كمسيحيين. ولذلك نطالب بالعلمانية.
*نجيب محفوظ: في هذه الحالة، العلمانية تصبح ضرورية
.
د. سامي الذيب
مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com
كتبي المجانية: http://goo.gl/lPdG9y
طبعتي العربية للقرآن: ورقيا من أمازون http://goo.gl/EtrbqN أو مجانا من هنا http://goo.gl/a6t77b
حلقاتي في برنامج البط الأسود https://goo.gl/AZoTfn

#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات