خليل صارم
الحوار المتمدن-العدد: 1345 - 2005 / 10 / 12 - 10:38
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مفهوم خاص في :
القرآن - العلم – العلمانية -1-
بعيداً عن الموروث بمفاهيمه المتناقضة والتي وصلتنا انطلاقاً من رؤية قاصرة جاءت في عصر مضى وفي ظل ظروف كان القهر والظلم هو السائد الأمر الذي وفر إمكانية فرض تلك الرؤى والمفاهيم المنحرفة على شعوب بكاملها بالقوة القاهرة لما كان فيه من مصلحة للسلطة الجائرة .
يمكن لنا الخوض في رؤية مختلفة عن تلك المتخلفة والفهم المتخلف للقرآن الكريم وعن المفاهيم التي كان يقصد بها القرآن الكريم بعد أن توفرت إمكانية الرؤية السليمة في ظل التقدم العلمي والتطور الإنساني اجتماعيا ً واقتصاديا ً وسياسياً وانطلاقاً من أن الاقتصاد هو موجه الأفكار فالواقع الاقتصادي بكافة أوجهه هو المحرض الأساس والدافع للبحث في الواقع سلباً كان أم ايجابا ًوكيف ترافق مع الواقع السياسي ( واقع السلطة ) عبر التاريخ حتى وصلنا بهذا الشكل الذي هو عليه بحيث أصبح التفسير المنحرف والقاصر للنص مقدساً أكثر من النص وأصبح الناس يكفرون بعضهم البعض انطلاقاً من فهم خاطىء رسخه في عقولهم النظام السياسي وفقهائه . لذا يجب ألا نتفاجأ بمفاهيم غيبية غبية تتعارض تماماً مع أبسط بديهيات العقل والمنطق , ذلك أن فقهاء السلطة قد قطعوا الطريق مسبقاً بفتوى ( من تمنطق تزندق ) وهي فتوى لاتتجاوز كونها ختماً أو سمة أو شهادة محفورة في الصخر الأصم تؤكد غبائَنا وتخلفنا . لم لا . سيما وأن أفضل العلماء والمخترعين الأوائل والأدباء والشعراء صنفهم نظام مولانا الخليفة حامي حمى الدين والإيمان , أمير المؤمنين وقاهر المشركين ..؟؟ على أنهم زنادقة .؟!! بينما صنف فقهائه المنحرفين المنافقين على أنهم علماء مبجلين ؟؟ وأحاطهم بشيء من قداسته ؟!!! .
لذلك يجب ألا نستغرب سماعنا كيف يتقاسم كل من بن لادن والزرقاوي إمارة المؤمنين ؟؟!! ويفتون ويشرعون قتل الأبرياء وذبح النساء والأطفال بكل مافي قاع النفس البشرية المنحرفة المنحطة الضالة من تعقيد وحقد أعمى , وبتنسيق وتناغم مع أعداء الإنسانية في أي جحر نتن وجدوا فيه .
ان هذا حصيلة ماوصلنا من فقه ضال منحرف عبر التاريخ ومن تفسير مضلل للقرآن الكريم ينهل منه هؤلاء حتى الثمالة ليرسموا وجهاً دراكولياً للإسلام ولهذه الشعوب المضللة المغلوبة على أمرها والإسلام وهذه الشعوب من هذا الرسم براء ذلك أن الإسلام في حقيقته مجرد فعل إيماني سمح بسيط سهل لمن أراد ولايرفض أو يعادي أو يحقد على من لايريد لأنه يعترف بالحرية الكاملة للإنسان باختيار مايريد . .. من هنا يمكننا محاولة فهم القرآن الكريم الذي يمكننا أن نكتشف فيه الكثير من الجوانب المحرضة للعقل الإنساني على التمسك بالحرية والبحث والاستقصاء لفهم الكون والمحيط وابتداع مايشاء من تركيبات اجتماعية تكون صالحة للإنسانية عموماً وأن يستكشف كل عوامل رفاهيته وكل مايسهل له أساليب حياته على ظهر هذا الكوكب كما يحرضه على رفض كافة أشكال الظلم والقهر والاستبداد ذلك أنه يرى في الانسان أرقى وأشرف المخلوقات في الدنيا .
بمعنى أن القرآن الكريم بقراءته السليمة قد طرح المفاهيم العلمية والعلمانية للمجتمع والكون , بعيداً عن تفسيرات المفسرين الذين يتناقلون الموروث بقدسية أكبر بكثير من النص الأمر الذي أضفى على الكثير من المنحرفين والمجرمين والسفاحين والظلمة غطاءً مقدساً لايجوز الاقتراب منه ويحرمون مجرد مناقشته بشكل لانفهمه الا نكاية طوائف ومريدين وأنصار لايعلمون كيف توزعوا هنا وهناك سوى أنهم
( هكذا وجدوا آبائهم ) . وهي مقولة حرمها الكتاب بالنص الحرفي , ومع ذلك فإنهم يعبدون الموروث على أنه فوق المقدس , ثم يوزعون الكفر والإيمان وفق رؤيتهم المنحرفة وعقولهم المقفلة التي ترفض أي نقاش منطقي عقلاني على أساس أن هكذا نقاش هو الكفر . اذاً فليهنأوا بجنتهم الموعودة .؟؟ بعيداً عن الآخرين ومحاولاتهم لفرض انحرافهم المخزي والمخجل على مجتمعات بكاملها .
ولنبدأ مع القرآن الكريم وفق مفهوم نراه خاصاً لعل وعسى نكون قد قاربنا الحقيقة فيه وفق المنطق وتداعياته وعلى أساس أننا نعيش القرن الحادي والعشرون بما فيه من منجزات علمية مذهلة تتوالى يوماً بيوم وساعة بساعة .
ولنبدأ بالمراجعة حسب تسلسل النزول :
ان أول سورة نزلت هي ( سورة العلق ) والتي تبدأ بعبارة آمرة ( إقرأ ) والتي تابعت محرضة على العلم ... ( الذي علم بالقلم * علم الانسان مالم يعلم )
- لقد رأى المفسرون أن من معجزات النبوة هي ( أمية الرسول الكريم ) وعدم قدرته على القراءة والكتابة .. وهذا يخالف العقل والرواية والمنطق : فرب العالمين الذي يعلم كل شيء يعلم تماماً أن من اختاره للنبوة والرسالة إن كان أمياً أو غير أمي . لذلك يدخل القول بأمية النبي وعدم معرفته بالقراءة والكتابة تحت عنوان اللامنطق. وطالما أن رب العالمين يعلم كل شيء فانه لن يخفى عليه أنه أمي حسب تفسيرهم فلن يقول له إقرأ .
والرواية المتداولة تقول : أن جبريل ( عليه السلام ) عندما قال له اقرأ , رد النبي : ماأنا بقاريء , وهنا تكون المعقولية والمنطق متطابقة مع التفسير الذي يقول : أنه رد على السؤال بسؤال ويقصد ( ماذا أقرأ ) أو ماذا تريد أن أقرأ .
عندها يتابع جبريل تلاوة الآية ( اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الانسان من علق ) . ولايخفى على المطلع على التاريخ بأن أسرة الرسول الكريم كانت نخبة مكة ورأس أشراف قريش وهي الأسرة التي تختزن العلم وتعلمه , أي أنها أسرة متعلمة لذا لايمكن أن يكون النبي أميا ً . هنا سيردون علينا بالآية :
( هو الذي بعث في الأميين رسولا ً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ) الجمعة 2
والتاريخ يؤكد لنا أن لقب الأميين كان يطلق على الجاهلية التي لم يكن لديها كتاب تهتدي به ( كالموسوية والمسيحية ) بدليل أن القرآن الكريم يفرق بينهم على هذا الأساس ( وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم ) 20آل عمران
لاحظ هنا أن الذين أوتوا الكتاب هم غير من ليس لديهم كتاب فوصفهم بالأميين . اذا ً أنه من السذاجة بمكان أن يقال عن الرسول أنه أمي بمعنى لايحسن القراءة والكتابة ولكنه كان أمياً لأنه لم يكن لديه كتاب يبشر به ويتلو آياته . ونتساءل هل هي معجزة أن يكون الانسان أمياً ويحفظ ما يتلى عليه
أو أن تمحى أميته ؟! كيف نقبل هذا التفسير والإمام علي نشأ في حجر النبي ونربى وعاش في بيته منذ أن كان طفلاً , ولم يذكر لنا التاريخ أين تعلم الإمام علي الذي يوصف بسيد البلاغة والعلم معنى ذلك أن النبي الكريم كان ذاك المعلم وفي أكثر من مقام ومقال جاء على لسان الإمام أن العلم الذي يختزنه قد علمه إياه رسول الله . هذا من جانب .
من جانب آخر نرى أن القرآن الكريم بدأ وفي أول سورة بالحديث العلمي البحت ( خلق الانسان من علق ) ثم ( الذي علم بالقلم ) كما بينا أعلاه وعملية خلق الانسان أوضحها في غير مكان ( فخلقنا العلقة مضغة ) ( ثم خلقنا النطفة علقة ) 14 المؤمنون ( ثم كان علقة فخلق فسوى ) 38القيامة ( فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلاً) 67 غافر
بالطبع فان الخلق من تراب غير مختلف عليها علميا ً كونه من الثابت أن تركيبة جسم الانسان تحتوي عناصر الطبيعة المعدنية الموجودة في التربة أو التي تتشكل منها التربة . أما عملية الحمل منذ تلقيح البوييضة ونمو الجنين فقد أصبحت من المسلمات البديهية حتى أنها لم تعد وقفاً على الأطباء فقط . لقد جاء كل ذلك في الوقت الذي كانت فيه البشرية لاتعلم أي شيء عن هذه المعلومات بتفاصيلها الدقيقة وربما كان ينظر اليها على أنها من الغيبيات الا أن القرآن الكريم قد أكد في حينه أنها ليست من الغيبيات بل أنها وقائع علمية بحتة وهذا ماأثبته التقدم الطبي في العصر الحديث .
وهنا نتساءل : هل أن ماأوردناه يختلف عن العلم بشيء ؟ أليس علما ً كله . ثم أليست العلمانية تعني في أحد أوجهها الإقرار بالواقع والتعامل مع الواقع كما هو .... ؟؟؟؟؟ . مع ذلك يصف الجهلة العلمانية بالكفر والالحاد ..؟؟!! وهذا ماسنبينه لاحقاً *
يتبع .
#خليل_صارم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟