|
اللغة الدينية وتجربة أوروبا طغيان اللغة الدينية طلعت رضوان هل تصلح اللغة الدينية لتقدم الشعوب
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 4868 - 2015 / 7 / 16 - 20:51
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
طغيان اللغة الدينية طلعت رضوان هل تصلح اللغة الدينية لتقدم الشعوب ، وتـُحرّرها من كل أشكال الاستبداد ؟ وهل يوجد مثال (واحد) من أقدم العصور حتى الآن ، أنّ التقدم والحرية تحققا فى دولة تعتمد على اللغة الدينية؟ باعتبارها اللغة السائدة التى تبتلع أية لغة عقلانية، بل وتــُعاديها وتــُشوّهها ، بهدف إرهاب كل أصحاب العقول الحرة . أم أنّ التقدم والحرية تحققا فى الأنظمة التى رفعتْ من شأن الفكر الحر المُـتعدّد ؟ كما حدث فى تجربة أوروبا عندما تخلــّـصتْ من سيطرة وجبروت اللغة الدينية ، ونجحتْ فى (تحجيم) دور الكنائس ، وأنّ دورها يقتصر على شئون العبادة ، ويمتنع عليها أداء أى دور فيما يتعلق بشئون السياسة والاقتصاد والعلوم إلخ . ويذهب ظنى أنّ أهم سلاح فى تلك المعركة الفاصلة فى تاريخ أوروبا ، كان (الفلسفة) لأنها هى التى واجهتْ اللغة الدينية وقاومتها وانتصرتْ عليها بعد أنْ كشفتْ عوراتها. ولكن يجب مراعاة أنّ الفلاسفة اعتمدوا – أساسًا – على الأبحاث والاكتشافات العلمية التى أثبتتْ عدم صحة ما جاء فى كتب الديانة العبرية عن بداية نشأة الكون، أو أنّ (آدم) عاش 930 سنة. و(نوح 950 سنة) فى تناقض صريح مع علم الأجناس الذى حدّد أقصى عمر للإنسان ب 150 سنة. كما كان للاكتشافات العلمية فضل نقد الكثير مما ورد فى ذاك التراث العبرى عن (خلق آدم) من طين أو من تراب ، وأنّ العديد من أساطير الشعوب القديمة (السابقة على ظهور بنى إسرائيل) كان بها أنّ الإله المحلى لكل شعب خلق الإنسان من تراب ، كما ذكر جيمس فريزر فى موسوعته (الغصن الذهبى) كذلك اثبتتْ الأبحاث والاكتشافات العلمية استحالة حدوث (شق البحر) من أجل سواد عيون بنى إسرائيل، وأنّ تلك (أسطورة) كان لها مثيل فى الأساطير المصرية فى قصة (خوفو والسحرة) حيث كان الملك خوفو يستجم أمام بحيرة ومعه الراقصات والمُـغنيات ، فوقع العـُـقد الذى ترتديه إحدى المُـغنيات فبكتْ . وعدها الملك بعـُـقد آخر. ولكنها أصرّتْ على هذا العُـقد بالذات ، فطلب من كبير السحرة أنْ يتصرف، فألقى بتعويذة مُعينة فإذا بمياه البحيرة تنقسم وتجف المياه فمدّ ذراعه وأحضر العـُـقد وأعطاه للمغنية. وكذلك اكتشف العلماء أنّ قصة نوح والفيضان وردتْ فى ملحمة (جلجامش) البابلية وثبتَ أنها مكتوبة قبل كتابة التوراة.. كل هذه الاكتشافات استفاد منها الفلاسفة ، فبدأ العقل الإنسانى يُعيد النظر فى (المُسلــّمات سابقة التجهيز) وبالتالى أصبح من اليسير هدم كل ما لا يتفق مع النظريات العلمية ، خاصة بعد أنْ أثبتتْ التجارب العملية صحتها ، كما حدث فى علم الفلك بدءًا من كوبر نيكوس وجاليليو.. حتى العصر الحديث خصوصًا بعد أنْ نجح مشروع العالم دوين هابل الذى اخترع التليسكوب الضخم المُسمى باسمه. وهو تليسكوب يدور حول الأرض ، وقد ساعد علماء الفلك بأوضح وأفضل رؤية للكون. جاء علم الفلك وهَدَمَ النظريات السابقة – منذ بطليموس – حيث وجود سبعة أجرام سماوية فقط ، فلما تمّ اكتشاف أربعة أجرام جديدة ، كان ذلك سببًا فى إثارة الانزعاج الشديد لدى مؤسسات الكهنوت، لأنّ هذا لا يستقيم مع ما ورد فى التوراة. ثم جاء هدم نظرية أنّ نشأة الكون بدأتْ عام 4004 ق.م ، بعد أنْ أثبتتْ الأبحاث والاكتشافات العلمية أنّ هذا التاريخ يتناقض مع علم الجيولوجيا واستخدام الكربون المشع . وأنّ عمر الأرض 54ر4 مليار سنة. وتمّ تحديد هذا العمر وفق العمر الاشعاعى للمواد التى يتكون منها (مثل النيازك) وأنّ الشمس أكبر من الأرض بحولى 30 مليون سنة. كل تلك الاكتشافات هزّتْ جدران الكهنوت الدينى ، وانتصر العلم فى النهاية، ومن هنا كانت بداية النهضة الأوروبية، واضطر اللاهوت – كما كتب الفيلسوف برتراند رسل – أنْ ((يُؤقلم نفسه مع العلم . وأنّ تفسير نصوص الكتاب المقدس لا تـُساير العلم . وبالتدريج أخذ الدين يُدرك أنّ الحياة الدينية لا تعتمد على ما يقوله بشأن حقائق الحياة مثل الوجود التاريخى لآدم وحواء. وهكذا لجأ الدين إلى التخلى عن أبنيته (= معتقداته) حتى يتمكن من الاحتفاظ بقلاعه)) ولكن لم تكن المعركة بين العلم والدين يسيرة ، فقد قاومتْ الكنائس التلقيح ضد الجدرى، لأنه ((غضب من الله ولايجوز تحدى إراته)) ولكن عندما أقبل الناس على التلقيح الذى نتج عنه انخفاض معدلات الوفاة، وكان الصراع بين : فزع اللاهوتيين من التلقيح ، وذعر الناس من انتشار المرض ، فانتصر ذعر الناس على فزع اللاهوتيين . وأقبل الناس على التلقيح ضد الجدرى ، وقد شجـّعهم على ذلك موافقة الامبراطورة كاترين على تلقيحيها هى وابنها عام 1768، ورغم ذلك ظلّ الكهنوت الدينى يُقاوم بإدعاء أنّ التطعيم ضد المرض ينطوى على تحدى إرادة الله. ثم كان اكتشاف مخدر الكلورفورم عام 1847مناسبة جديدة للصراع بين لغة العلم واللغة الدينية، حيث اعترض الكهنوت الدينى على استخدامه ، خاصة فى حالات الولادة واستندوا إلى نص توراتى جاء به ((بالوجع تلدين أولادا)) (تكوين 3: 16) ووصلتْ تخاريف الكهنوت الدينى لدرجة الاعتقاد أنّ الجنين الذكر تدب فيه الروح فى اليوم الأربعين من تكوينه، وأنّ الجنين الأنثى تدب فيه الروح فى اليوم الثمانين. ولكن بفضل العلم الحديث تبيّن أنّ الجنين – سواء كان ذكرًا ام أنثى تدب فيه (الروح) فى اليوم الأربعين كما ذكر العالم (نيدهام) فى كتابه (تاريخ الأجنة) وذكر الفيلسوف برتراند رسل ((كانت الاكتشافات العلمية المُـتتالية سببًا فى أنْ ينبذ المسيحيون معتقداتهم الواحد تلو الآخر، وهى المعتقدات التى اعتبرتها العصور الوسطى من جوهر الدين)) وأعتقد – جازمًا – أنّ الاكتشافات العلمية كانت السلاح الذى استند إليه الفلاسفة الذين تحدوا اللغة الدينية ، ولذلك كتب رسل ((منذ كوبر نيكوس كان النصر حليف العلم فى كل مرة اختلف العلم مع اللاهوت. وأنّ العلم انتصر للتخفيف من عذاب البشر (خاصة فى مسائل الطب) وعلى نقيض النظرة اللاهوتية، كان انتشار النظرة العلمية سببًا دون منازع فى تحقيق السعادة للبشر)) ولكن هذا الانتصار للعلم أمامه عائق خطير، هو وجود أديان جديدة ((حلــّـتْ محل المسيحية وترتكب نفس الأخطاء التى سبق للمسيحية أنْ ارتكبتها ثم ندمتْ عليها)) وعن تجربة أوروبا وكيف خرجتْ من عصور الظلمات كتب ((لقد أضعف العلم من قبضة الكنيسة على عقول الناس الأمر الذى أدى فى النهاية إلى مصادرة الكثير من أملاك الإكليروس فى بلاد كثيرة)) (الدين والعلم- ترجمة د. رمسيس عوض - كتاب الهلال - فبراير1997- أكثر من صفحة) يتضح من درس تجربة أوروبا فى العصور الوسطى ، أنّ (طغيان اللغة الدينية) تسبّب فى الكثير من الكوارث ضد البشر، وأنّ الاكتشافات العلمية هى التى تحـدّتْ النصوص الدينية ، ثم جاءتْ الفلسفة لتعميق وترسخ قوانين (السببية) و(النسبية) و(المادية الجدلية) و(المادية التاريخية) إلخ وبانتصار العلوم النظرية وتطبيقاتها التكنولوجية ، ثم تزايد عدد الفلاسفة ، كان الطريق مُمهدًا للخروج من ظلمات الكهنوت الدينى إلى آفاق التقدم والحرية. 000 والسؤال الذى يشغل العقل الحر هو : لماذا انتصر العلم وانتصرتْ الفلسفة فى أوروبا ، ولم يحدث هذا الانتصار فى مصر، وفى الدول العربية؟ رغم وجود بعض المحاولات ، سواء فى العلم أو فى الفلسفة ؟ هل لأنّ العلم النظرى لم يكن فى مستوى العلم النظرى الأوروبى؟ وهل لأنّ التكنولوجيا انتاج أوروبى ولم تعرفه الدول العربية ولم تعرفه مصر؟ (التكنولوجيا بالمعنى الحديث بعد الثورة الصناعية) وهل لأنّ الدول العربية ومصر، لم يظهر فيها فيلسوف (واحد) له أهمية وتأثير ديكارت أو رسل أو هيجل أو ماركس إلخ ؟ وهل الفقر العلمى والمعرفى هو السبب فى (طغيان اللغة الدينية) وانتصارها الكاسح على مُجمل شئون حياة البشر، فى الدول العربية وفى مصر؟ ولكى يكون كلامى واضحـًا فإننى سأضرب بعض الأمثلة عن طغيان اللغة الدينية فى مصر. بدأتْ الكارثة بعد سيطرة ضابط يوليو1952 على مصر، ففى عام 54 تمّ إنشاء المؤتمر الإسلامى، وفى عام 60 طوّر الضباط فكرة المؤتمر الإسلامى وأنشأوا (المجلس الأعلى للشئون الإسلامية) ثم تلا ذلك إنشاء (مدينة البعوث الإسلامية) لتستوعب ثلاثة آلاف طالب أصبحوا بعد ذلك ستة آلاف من الوافدين من أكثر من 65 دولة يُقيمون على حساب مصر ليعودوا إلى بلادهم دعاة للإسلام . ثمّ إنشاء (مجمع البحوث الإسلامية) وصدور مجلة (منبر الإسلام) باللغات العربية والإنجليزية والإسبانية. ثمّ سلسلة (كتب إسلامية) بُدىء فى إصدارها فى 15 فبراير61، وكانت تصدر كل نصف شهر (عربى) ثمّ صدرتْ سلسلة أخرى بعنوان (دراسات فى الإسلام) صدر منها حتى نهاية عام 70 عشرة آلاف وأربعمائة عدد وتــُرجمتْ إلى اللغات الحية واللغات المحلية لشعوب أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. وتمّ تسجيل الأذان وكيفية الوضوء وتعليم الصلوات الخمس باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألمانية والأوردية والأندنوسية والسواحلية والبرتغالية على اسطوانات . وبلغ مجموع ما تمّ توزيعه من مطبوعات باللغة العربية والإنجليزية والفرنسية حتى عام 66 مليون و400 ألف مطبوع . وأصدر عبد الناصر قرارًا بحل طائفة البهائيين . وأمر بإهداء دارهم بالعباسية وأموالهم إلى الجمعية العامة للمحافظة على القرآن . وأصبح لزامًا على كل مدرسة ثانوية أنْ تـُوزّع المصحف على كل طالب بالمجان . وأصبحتْ مادة الدين مادة أساسية (إجبارية) منذ عام 65. وبلغ إجمالى ما تمّ إهداؤه إلى العالم الخارجى 932 مصحفـًا مُرتلا و1084 اسطوانة صلاة و80902 مصحف و302499 كتابًا ومجلة إسلامية أرسلتْ إلى بلدان القارات الست. وتأسيس وتعمير المساجد والمراكز الإسلامية فى قارتىْ أفريقيا وآسيا وفى البرازيل . مع إرسال بعثات الوعظ من مصر إلى أندونيسيا، باكستان، الهند ، الملايو، الفلبين ، لبنان ، الصومال ، السودان ، بورما ، الكويت، سيراليون، تايلاند ، غانا ومالى (المصدر : المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - يوليو 65) فهل كانت تلك القرارات تتم اعتباطــًا ؟ أم لتوظيف الدين لأغراض السياسة ؟ وتبعـًا لذلك بدأتْ مسيرة (طغيان اللغة الدينية) وهى المسيرة التى بدأتْ فى أغسطس 52 عندما قرّر الضباط قمع الحركة العمالية فى المذبحة التى تمّتْ لعمال مصانع كفر الدوار للنسيج، وإظهار (العين الحمرا) للعمال على الطريقة الأمريكية، حيث وقف الضابط عاطف نصار وقال وهو يلقى (الحكم العسكرى) بسجن الكثيرين وإعدام إثنين (مصطفى خميس ومحمد البقرى) وقال إنّ ((مصطفى خميس حارب الله ورسوله فحقّ عليه القتل)) وفى عام 53 عند محاكمة فؤاد سراج الدين وآخرين فى (محكمة الثورة) كانت جدران القاعة عليها لوحات كبيرة بها آيات قرآنية مثل ((اقتلوهم حيث ثقفتموهم)) و(ليجدوا فيكم غلظة)) و((فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان)) وفى عهد عبد الناصر تمّ افتتاح محطة للقرآن وبدأ البث الرسمى يوم 29 3/64وكانت مدة الإرسال 14 ساعة. ومع الخليفة الأول (السادت) امتدّ الإرسال ليكون 24ساعة. وأعتقد أنّ أهم محطة لتثبيت (طغيان اللغة الدينية) كانت بصدور القانون رقم 103 لسنة 61 الذى تمّ بمقتضاه تحويل الأزهر من جامع إلى جامعة ، لخريج الأصوليين الذين لا يعرفون غير لغة واحدة هى اللغة الدينية ، وهم الذين سيطروا على النقابات ، فأصبح لدينا (الصحفى المسلم) و(الطبيب المسلم) إلخ. وأعتقد أنّ عبد الناصر هو الذى أرسى قواعد (طغيان اللغة الدينية) فهو- مثلا – فى تبريره لقتل جنودنا فى اليمن وللمذبحة التى تمّت للشعب اليمنى قال ((إنّ جبال اليمن تحمل قبسًا من نفس الشعلة المقدسة التى يحج إليها المسلمون فى عرفات)) (نقلا عن الناصرى الكبير- عبد الحليم قنديل- فى كتاب " الناصرية والإسلام"- مركز إعلام الوطن العربى- صاعد عام91- ص22) وبعد أنْ انقلب على الإخوان المسلمين استخدم الدين فى الرد عليهم 103 مرة، وفى تبرير هزيمة بؤونه/ يونيو 67 استخدم الدين 58 مرة (د. رفعت سيد أحد – المصدر السابق- ص167، 168) وكتب الناصرى الكبير (عبد الحليم قنديل) أنّ ((البرلمان الإسلامى الذى حلم به عبد الناصر ليس صيغة متواضعة. إنها أكثر تقدمًا من صيغ أخرى محدودة طرحها إسلاميون من طراز حسن البنا)) (المصدر السابق- ص63) تولى الحكم بعد عبد الناصر الخليفة الأول (السادات) الذى أطلق الإسلاميين على شعبنا لينهشوا ويُمزّقوا أسسس الوحدة الوطنية ، بإدعاء أنّ مصر ((ملك للمسلمين فقط)) كما ورد فى كتاب من كتب المعاهد الأزهرية. وبعد الخليفة الأول جاء الدور على الخليفة الثانى (مبارك) الذى أوصل نظامُه الإخوان المسلمين إلى البرلمان وصار لهم 88 مقعدًا ، وسمح بظهور من أطلق الإعلام عيهم (سلفيين) واحتلوا الاعلام والتعليم . ثم جاء الدور على الخليفة الثالث (مجلس طنطاوى/ عنان العسكرى) الذى تواطأ مع الإدارة الأمريكية وسمح لكل التيارات الإسلامية بالمشاركة فى الحياة السياسية ، بما فيهم عتاة الأصوليين المُخربين المُجرمين ، وكانت النتيجة وصول الإخوان إلى رئاسة الدولة. ورغم أنّ شعبنا وقف مع السيسى فى 30 يونيو2013 وخرج أكثر من 30 مليون مصرى أعلنوا رفضهم لحكم الإسلاميين ، بما يعنى أنهم مع الدولة المدنية وضد أى نظام دينى ، رغم ذلك فإنّ القيادة السياسية ترتكب نفس أخطاء السادات ومبارك ومجلس طنطاوى/ عنان ، وهذا الخطأ مُــتمثــّـل فى السماح لحزب الضلمة (الاسم الحركى لحزب النور) بالمشاركة فى الحياة السياسية ودخول البرلمان (أى المشاركة فى التشريع) رغم أنّ الدستور ينص صراحة على عدم قيام أحزاب على أسس دينية. ومع مراعاة أنّ تصريحات أعضاء حزب الضلمة ، التى قالوا فيها أنّ حزبهم ليس حزبًا دينيًا ، هى تصريحات جوفاء ولا تخدع العقل الحر، لأنّ مقالاتهم وتصريحاتهم للصحف وللتليفزيون ، كلها مليئة بالاستشهاد بالقرآن وأحاديث محمد وسيرته ، أى أنّ مرجعيتهم دينية ولا يعتمدون إلاّ على اللغة الدينية. الكارثة أنّ فئات عديدة من شعبنا بلعوا (الطــُـعم) نظرًا لقوة (سحر) الميديا بجانب الدور التخريبى الذى يقوم به التعليم ، ومن هنا فإنّ (طغيان اللغة الدينية) شمل حتى المواطن العادى، الذى لا يعمل بالثقافة ولا بالسياسة، من ذلك – مثلا – ما يحدث فى الصحف الدينية والصحف الحكومية والبرامج الدينية التليفزيونية : سيدة تسأل : كنتُ وزوجى فى الحمام فغلبتنا الرغبة فأتممنا الفعل، فهل هذا حرام؟ وسيدة أخرى تسأل: أنا سيدة ثرية فهل يصح أنْ أمنح أخى الموظف الفقير من زكاة المال ؟ عشرات وربما مئات أو آلاف من هذه الأسئلة البلهاء – مع افتراض حـُسن النية - حيث أنّ الإنسان لا يتصرف أى تصرف إلاّ بعد الرجوع للداعى الإسلامى أو الداعية الإسلامية ، الذين سيطروا على عقول شعبنا بتخاريفهم ، وبينما يدّعون (التقوى) و(الزهد) لا يستحون وهم يبيعون بضائعهم القديمة الموجودة فى التراث العربى/ الإسلامى ، ويقبضون ملايين الجنيهات ويعيشون فى الفلل والقصور، مقابل تخريب العقول . ولأنّ أوروبا خرجتْ من عصر الظلمات بعد تحجيم دور المؤسسات الدينية (بفضل العلم والفلسفة) لذلك فإنّ أنظمة الاستبداد حريصة على معاداة العلم والفلسفة ، ولم تكن مصادفة أنْ يتعلم التلميذ فى سنة أولى ثانوى فى المعاهد الأزهرية أنه لا يجوز شراء أو قراءة ((كتب الشعوذة والفلسفة)) هكذا وضع مؤلف الكتاب الفلسفة بجانب الشعوذة . فهل يأتى يوم على مصر- ولو بعد مليون سنة - يكون فيه للعلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية - خاصة الفلسفة - مكانتها اللائقة الجديرة بالاحترام كما يحدث فى كل الأنظمة التى حققت لشعوبها التقدم والحرية؟ ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف تخلصت أوروبا من اللغة الدينية
-
الأسماء بين الرموز القومية والدينية
-
المرأة المصرية تتحدى عصور الظلمات
-
الأميرة التى تمرّدتْ على منظومة (الحرملك)
-
أكذوبة ( أسلمة العلوم )
-
الفتاة المصرية والانعتاق من عصور الظلمات
-
سيدات حزب الوفد
-
تشويه الحضارة المصرية وإدعاء الإبداع
-
الإبداع وترجمة الواقع
-
شخصيات فى حياتى : أبى
-
التاريخ المسكوت عنه فى رواية (شوق المُستهام)
-
شخصيات فى حياتى : زوجة أبى
-
شخصيات فى حياتى : جدتى
-
نشأة الأصوليات الدينية والدور الأمريكى
-
الوفد وآفة شعبنا : ينتفض وينام
-
الوفد وضباط يوليو (1)
-
جهاز كشف الأصولية الدينية
-
مؤسسات الدولة والأصولية الإسلامية
-
تجارة السلاح والمسرح العالمى
-
الشعر والصدق الفنى : قراءة فى ديوان (إسكندريه يوم واحد)
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|