|
مفاهيم وقضايا/ الله؛ هو وحده.!!
بير رستم
كاتب
(Pir Rustem)
الحوار المتمدن-العدد: 4868 - 2015 / 7 / 16 - 20:48
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إننا في هذه السنوات الأخيرة؛ بتنا نسمع ونعيش مع الكثير من المفاهيم والمصطلحات الجديدة في حياة مجتمعاتنا والتي تعود بجذورها إلى القيم الفكرية والمفاهيمية الإسلامية، وإننا ومن خلال هذه القراءة النقدية سوف نحاول أن نقف على جذور تلك القضايا الإشكالية والمنطلقات الفكرية والنظرية لها، ولنلقي بعض الضوء عليها في جذرها العقائدي الإسلامي. وهنا في هذه الحلقة البحثية/المقال سوف نقف على وحدانية الرب (الإله) وماذا حفرت وشكلت من قيم مفاهيمية سايكولوجية في حياتنا ومعتقداتنا ورؤانا الفلسفية والتاريخية كشعوب وأفراد مسلمين، وهي إلى أي درجة ومستويات تترك آثارها وبصماتها على قناعاتنا الفكرية والقيمية.. لكن وقبل أن ندخل إلى الموضوع، نود أن نذكر بأن الإسلام ليس بالدين الأول والوحيد والذي قال بوحدانية الرب ومع ذلك سوف نقتصر بقراءتنا هذه حول جملة المفاهيم والقيم المعرفية والثقافية في الإسلام؛ كونها أحد أهم الروافد التي أسست وتؤسس لثقافاتنا ورؤانا ومعتقداتنا، إن لم نقل بأنه الرافد الوحيد، كما هي بقية كل الأشياء الأخرى في واقع وحيوات هذه المجتمعات الشرقية.
وهكذا.. وبالعودة إلى النص القرآني وقضية وحدانية الرب/الإله؛ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) (كتاب القرآن _ سورة الإخلاص) وكذلك الدخول المشهور لني الإسلام (محمد بن عبد الله) إلى الكعبة (يوم فتح مكة) وتحطيمه لكل أصنام الآلهة الأخرى والتمجيد والإبقاء على (الله) وحده كمعبود وإله خالق وحيد في الكون والذي بدوره أخذ كل صفات وأسماء الآلهة الأخرى _حيث نعلم بأن في الإسلام هناك من غير إسم الجلالة؛ الله.. تسعة وتسعون إسماً آخراً للرب/الإله_ وهكذا نستدرك ومن خلال نسف كل الأصنام والآلهة القديمة والإبقاء على الصنم الأوحد (الله) بأن كانت تلك إحدى أكبر المنجزات التي حققها الإسلام الرباني (الله) على غيره من الأرباب والآلهة، حيث القضاء على كل المنافسين في الربوبية _بدايةً من خلال النص وسورة الإخلاص ومن ثم فرضه على أرض الواقع مع تحطيم أصنام الآلهة المكية الأخرى داخل الكعبة؛ "يوم الفتح"_ حيث أحتفظ الله بكل أسمائهم وصفاتهم لنفسه ولم يبقي للصوت الآخر إلا إحدى الخيارين؛ إما الرضوخ للمشيئة والإرادة الجديدة _المحمدية الإلهية_ المنتصرة مع فتح مكة أو اللعن والطرد من الجنة الإلهية وإن "مأساة إبليس" هو تجسيد كامل لهذه الفكرة عن قضية لعن الآخر والذي يخرج عن الإرادة الربانية المحمدية.
وبالتالي.. ومن خلال فكرة وحدانية الإله (الواحد الأحد) في الكون ومن دون (شريك) تم التأسيس لمسألة القمع والنفي وإلغاء الآخر؛ حيث تم رفض أن يكون هناك دين آخر غير الإسلام يقبل به عند الإله _بما فيها الأديان "السماوية الأخرى"_ كونها وبحسب القراءة المحمدية؛ تعرضت للتحريف وبالتالي خرجت عن "طريق الحق".. وهكذا؛ فإن فكرة الوحدانية الإلهية هذه أسست لقضية في غاية الخطورة في الوعي الإنساني وثقافة المجتمعات، ألا وهي قضية التفرد وإلغاء الآخر حيث الاستبداد والديكتاتوريات وقضية الملة والعشيرة الواحدة والحزب والقائد الواحد الأوحد وإن وجد الآخر؛ عشيرة قبيلة أو حزباً وقائداً وزعيماً دينياً أو سياسياً فإنه كاذب (مسيلمة الكذاب _ نموذجاً) وعلى ضلال؛ كون كل الحق والصح والعرفان والحقيقة هي (عندي)؛ أنا الإله الواحد الأحد.. وإن ما نجده من صراعات حزبية سياسية بين أحزابنا وحركاتنا السياسية مؤخراً _طبعاً منها أحزابنا الكوردية_ ليس إلا إنعكاساً وتجسيداً لهذه الفكرة؛ حيث أي خروج على الزعيم يعني إعادة قصة و"مأساة إبليس" بشكلها السياسي وبالتالي فهو _أي الجديد المتمرد_ ملعونٌ ومطرودٌ من الحزب ويلحق به مئات الصفات والنعوت والعاهات المشينة.. وهكذا لا يبقى أمامه، إلا أن يعود _مجدداً_ إلى صفوف المريدين للزعيم وتقديم الطاعة والولاء له أو يتمرد نهائياً عليه ويشكل حزباً جديداً ليكون هو الآخر بدوره إلهاً _زعيماً جديداً_ مستبداً وديكتاتوراً بحق الآخر أو الموت المعنوي وذلك بالحجز على نفسه صامتاً بين جدران الصمت والنسيان.
ولذلك.. وإنطلاقاً من فكرة الوحدانية هذه والتي تحتكر كل الحق والحقيقة والصواب لنفسها وتمنع أي تمرد وتجديد وإبداع حيث "البدعة زندقة" فإنه لا يمكن وبأي شكل من الأشكال لمجتمعاتنا ودولنا أن تتحرر من القيم والأفكار الماضوية والغيبية تلك وذلك من دون مراجعة نقدية لمجمل ذاك التراث والتاريخ الديني والإسلامي على وجه الأخص؛ كونه وكما أسلفنا أحد أهم الروافد الفكرية والثقافية في مجتمعاتنا.. وهكذا فلا يمكن لهذه المجتمعات الشرقية أن تخرج من عباءة الماضي لتدخل بوابة وطور المجتمعات المدنية الحديثة من دون تخطي القديم وتجفيف المنابع الفكرية للعنف والتطرف والإرهاب وبكلمة واحدة؛ "فصل الدين عن الدولة" حيث وبتدخل الدين في كل صغيرة وكبيرة من حياة مجتمعاتنا لا يمكن لهذه المجتمعات أن تتقدم حيث فقدان الحريات والعقل والثقافة المدنية.. ومن هنا ومن هذه الفكرة؛ الوقوف في وجه قضية "الواحد الأحد" والتأسيس لمبدأ التعددية والشراكة والقبول بالآخر فإننا سوف نحاول أن نقف على ذاك التراث الضخم من القمع والإرهاب والعنف الذي أسس لنا "ثقافة من العنف وإمبراطوية على الدم" الذي هدر على طول التاريخ الإسلامي وإلى يومنا هذا.. وذلك في محاولة محاولة لكسر الجمود العقائدي و"قدسية النص" والدعوة إلى عمل العقل بدل النقل في تناولنا للتراث الديني الإسلامي.
ملاحظة: إننا سوف نقرأ النصوص القرآنية وقصصها وحكاياتها كإحدى أهم الروائع البشرية وأساطيرها وليس ككتاب ونص ديني مقدس وحقائق جاءت بها الوحي.
#بير_رستم (هاشتاغ)
Pir_Rustem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحريات الفردية .. هي الأساس لتحرر مجتمعاتنا!!
-
لإسلام .. والعنف!! الحلقة التاسعة: تتمة بدايات مرحلة العنف.
-
الإسلام .. والعنف!! الحلقة الثامنة: تتمة بدايات مرحلة العنف.
-
الإسلام .. والعنف!! الحلقة السابعة: بدايات مرحلة العنف.
-
الإسلام .. والعنف!! الحلقة السادسة _ تتمة مرحلة الجسر أو الإ
...
-
قراءة .. في قضية التمديد الرئاسي.
-
سوريا .. وتعدد المسارات والخيارات!!
-
الإسلام .. والعنف!! الحلقة الخامسة _ مرحلة الجسر أو الإنتقال
-
الإسلام .. والعنف!! الحلقة الرابعة _ تتمة بدايات الرسالة
-
الإسلام .. والعنف!! الحلقة الثالثة _ بدايات الرسالة
-
الانتخابات البرلمانية
-
صراع على السلطة أم اختلافٌ في الرؤى والبرامج
-
القيادة.. هل هي سلطة أم مسؤولية؟
-
لوثة الكتابة
-
زمن الإنقلابات
-
حزب العمال الكردستاني بين -دار السلم والحرب-
-
المخاض والولادة(بعد 11 سبتمبر)
-
الأوطان أم الأوثان
-
الخطاب العربي والقضية الكردية- 7
-
حوار مع الكاتب الكردي بير رستم
المزيد.....
-
لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
-
“هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024
...
-
“شاور شاور”.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ال
...
-
قصة الاختراق الكبير.. 30 جاسوسا معظمهم يهود لخدمة إيران
-
بالفيديو: خطاب قائد الثورة الإسلامية وضع النقاط على الحروف
-
السفير الديلمي: كل بلدان العالم الاسلامي مستهدفة
-
مقتل وزير اللاجئين في حركة طالبان الأفغانية بانفجار في كابول
...
-
المرشد الأعلى الإيراني: الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي
...
-
المرشد الأعلى في إيران يعلق على ما حدث في سوريا
-
بابا الفاتيكان يوجه رسالة للقيادة الجديدة في سوريا
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|