ماجد هديب
الحوار المتمدن-العدد: 4868 - 2015 / 7 / 16 - 03:44
المحور:
الصحافة والاعلام
حق النشر بين المباح والمحظور
في ظـل ثـورة المعلومـات والإتصالات والفضائيات والأنترنت, وفي ظل تجارة الإعلام ايضا ,وسواء كانت تجارة دول وافراد ,او حتى تجارة الطوائف بالإضافة الى تكتلات الأمـوال وجبروت الاحزاب ايضا وما يتبعها من ميليشيات مسلحة ودور هؤلاء في الغاء نزاهة وسائل الاعلام او التأثير عليها, فإنني حتما لن اكون من المدافعين عن حرية وسائل الإعلام في النشر دون ضوابط, حيث اصبحت تلك الوسائل الإعلامية في موقع المتحكم بالسلطات الثلاث كونها تعدت واقعياً المطالبة بأن تكون بمثابة السلطة الرابعة الى منافسة للسلطات الثلاث لما وصل اليه الجميع من تودد لها ,وتمنياً عليها طلباً لنيل رضا المتحكمين بها من مالكين ومشرفين وعاملين في ظل سيطرة وسائل الاعلام على صانعي القرار لما وصلت اليه من تميز في صنع الخبر وصولا لأهداف سعت لتحقيقها .
من هنا وبنظرة استقرائية سريعة الى وسائل الاعلام فإننا نجدها في مرحلة تذبذب لانحصارها بين قوى الاختلاف سياسيا وجغرافيا , فهناك ما هو محظور بغزة ,فيما هو مباح وحق طبيعي لوسائل الاعلام بالضفة, واحيانا يحدث العكس ,فما هو المحظور وما هو المباح في ظل الواقع الفلسطيني ؟, وهل المباح هو الاستثناء ؟,ام ان الاستثناء هو المحظور ؟.
صحيح ان الأصل وبمقتضى ما نص عليه القـانون ,وبما جاء في قانون النشر هو الإباحة في النشر ,الا ان هناك بعض الاستثناءات انطلاقا بان وسائل الاعلام ليست بريئة من عيوب قد تصل الى الخطايا ,ومع انني لست من دعاة فرض رقابة دكتاتورية على وسائل الاعلام, فإنني ادعو بتحديد ما هو مباح وما هو محظور, وبما لا يخرج عن اهداف وتطلعات الشعب وفقا لما تم تحديده والاتفاق عليه بالمجالس الوطنية وفي اطار البرامج الوطنية الاستراتيجية منها والتكتيكية, وذلك لتحقيق عملية تنظيمية لما يتم نشره , حيث يضع القانون عدداً من التقييدات على محتوى ما يمكن نشره وبما لا يتعارض مع مبادئ الحرية والمسؤولية الوطنية وحقوق الإنسان واحترام الحقيقة وحرية الفكر والرأي والتعبير, وهذا يمكن الوصول اليه دون تدخل من الأجهزة الأمنية او مكتب الاعلام الحكومي في عمل وسائل الإعلام وشؤونها او التسلط على محرريها ,حيث ان ارسال مكتب الاعلام الحكومي الاخبار لوسائل الاعلام جاهزة للنشر دون أي تعديل من المحرر ومنعه من اعادة الصياغة يعد انتهاكا و تعديا سافر ودكتاتورية لم يسبق لها مثيل لما في ذلك من إرهاب وإخافة للصحافة والصحفيين, ولما في ذلك ايضا فقدان قانون المطبوعات والنشر من محتواه.
ان كل من ندعو اليه هو حماية الصحفي والصحافة حتى لا يبقى الصحفي الفلسطيني دون حصانة وحصره في دائرة من الخوف اذا ما حاول الابداع والتألق خلال أدائـه مهامـه الميدانية, أو في دائرة المتابعة والملاحقة داخل المؤسسة الإعلامية التي يعمل فيها دون معرفة ما هو المحظور لذا فانه لا بد من الواجب والمحظور, وبما لا يخرج عن روح القانون او نصه.
من المتفق عليه ان وسائل الاعلام يجب أن تكون حرة لتأدية رسالتها في خدمة المجتمع وحماية المصالح والحريات ، وهو ما خوله الدستور وقانون النشر ايضا للإعلام ، لكن توجد بعض الأفعال التي تصدر عن الصحف تتميز بطابع اجرامي من حيث أركان تلك الافعال الجنائية والمتمثلة في العلانية والقصد الجنائي ,حيث ان جرائم الإعلام في مجملها تمثل مخالفة لأحكام قانون العقوبات كجريمة القذف والسب والإهانة ,أو أنها تمثل مخالفة لقانون الإعلام الذي يعتبر قانونا مكملا لقانون العقوبات فالجريمة الإعلامية مثل غيرها من جرائم القانون العام ، تقوم على ثلاثة أركان وهي الركن الشرعي والركن المادي و الركن المعنوي .
فالكتابة والرسوم والصور أو ما في حكمها اذا ما كانت تحوي عبارات وألفاظ شائنة تعد جريمة ,وخاصة اذا ما توافر القصد الجنائي المميز لجرائم الإعلام ، ففي جريمة القذف والاهانة والسب يتمثل القصد الجنائي فيها بالقول والفعل وبإرادة من الفاعل نفسه سواء كان القصد متوافرا ضد الافراد او الرؤساء, او حتى استهداف أمن الدولة ووحدتها الوطنية.
كثيرة هي تلك الجرائم الاعلامية الي يقوم بها الاعلام الفلسطيني عن قصد وتصميم ضد الافراد ورؤساء الدول سواء من الكاتب او المحرر ,او من مالك الوسيلة الاعلامية دون رادع قانوني, ولا وازع من ضمير وطني ,ولا حتى اخلاقي, فلماذا تغيب سلطة النيابة العامة عن المتابعة والملاحقة عن متل هذه الجريمة؟, وما هو موقف نقابة الصحفيين والكتل الصحفية من هذا الاختراق ؟,ام ان القذف الموجه إلى رئيس السلطة الوطنية هو حرية راي وتعبير؟.
ولماذا تصر بعض القطاعات الصحفية على ارتكاب جريمة القذف ضد مؤسسات السلطة الوطنية والأفراد الذين ينتمون اليها ,فهل السلطة حقا هي عبارة عن مواخير؟, وكل من يتبع لها اما قطعان من اللصوص او العملاء يستوجب العمل على استئصالهم والقضاء عليهم؟, وهل تمتلك الصحافة الغير حزبية ايضا حق الوقوف مع المجني عليه ضد هذه الصحيفة او تلك لما ناله منها ,وهل تمتلك حق الدفاع عنه او امكانية تثوير قضيته لإنصافه ؟.
جريمة اعلامية اخرى يتم ارتكابها يوميا وخاصة من الاعلام المسموع وهي السب بكل ما يتضمنه هذا السب من تحقير وقدح, وهذه جريمة تهدف المساس بالشرف والاعتبار فدوما نقرا ونسمع ونشاهد عبر وسائل الاعلام وصف الاشخاص, وخاصة الاعتبارية منها بالسرقة والمجون والفسق , فما هو موقف نقابة الصحفيين من القصد الجنائي العام لدى وسيلة الاعلام بحق الغير؟, فهل يحق رمي المجني عليه بأنه لص أو مرتشي أو نصاب وبكل ما يخدش شرف المجني عليه أو اعتباره سواء كانت هذه الجريمة موجهة للأفراد او الموجهة لرئيس السلطة او الاستهزاء باي بأية شعيرة من شعائر الدين الإسلامي ؟.
الاهانة ايضا جريمة اعلامية وهنا نتساءل الا يكفي ثماني سنوات من اهانة القضاة والموظفين ,سواء كان ذلك بالقول أو الإشارة أو التهديد أثناء تأدية وظائفهم أو بمناسبة تأديتها، وذلك بقصد المساس بشرفهم أو الاحترام الواجب لسلطتهم ؟, فحرمة الدين تهان والصحافة تهان اشارة وقولا وتهديدا قصد التحقير والاستهزاء ,وخاصة للصحفيين الذين يتبعون حزبا دون أخر ,كما ان رؤساء الدول المجاورة يتم اهانتهم وعدم احترامهم ولا مراعاة لاحترام كرامته الشخصية الإنسانية ومقتضيات السياسة الخارجية والامن الوطني من خلال الإعلام وأجهزته في القطاع ذات الطابع السياسي التي ينشئها الأشخاص الطبيعيين والمعنويون الخاضعون للدستور الفلسطيني .
اما الجرائم الماسة بأمن مناطق السلطة فهي كثيرة ايضا وهي في حالة تكرار وتصاعد مستمر لأنها تتزايد بتزايد حالة الانقسام ,فالأخبار الغير صحيحة عند البعض يتداولها الكثيرون من وسائل الاعلام بانها صحيحة , فهل كل من ينشر أو يذيع عمدا أخبارا خاطئة أو مغرضة من شأنها أن تمس أمن الدولة والوحدة الوطنية يعد منافسة حزبية جائزة قانونا في اطار التنافس ام انها تعتبر جريمة من قبيل الجنايات وخاصة إذا جاء التحريض على ارتكاب الجنايات ضد أمن الدولة ؟ ,وهنا يمكن طرح تساؤل اخر الا وهو من المسؤول عن ارتكاب هذه الجناية؟ فهل هو مدير الوسيلة ,او مالكها , أو صاحب النص, ام جميعهما بإعتبارهما مشاركين في الجنايات والجنح التي تسببا فيها وخاصة إذا ما ترتبت عليها أثار؟.
ان الإساءة للدفاع الوطني اعلاميا هي جريمة لا يجب الصمت عنها او سقوطها بالتقادم وخاصة اذا تم نشر واذاعة اخبار او وثائق تتضمن سرا عسكريا, او عرض وثائق ومكاتبات وخرائط تتضمن أخبار ومعلومات متعلقة بالأجهزة الامنية وتشكيلتها وتحركاتها وعتادها وأفرادها ,وهذه الجريمة الاعلامية ترتكب يوميا ولا من رادع , كما ان التحريض على ارتكاب الجرائم او اثارة البغضاء او بث روح الشقاق بين افراد المجتمع هي جريمة لا تقف عند عقوبة المخالفة بل هي من اشد الافعال جرما وهي تماما كمن ينشر افكار دولة معادية او الدعوة الى اعتناق او الترويج لمبادئ هدامة ؟. فهل يجوز التحريض مثلا على طائفة او فئة من الناس اذا كان من شان هذا التحريض تكدير الامن العام او بث روح الشقاق في المجتمع او المساس بكرامة الاشخاص مع نشر المقالات والمواد التي تشتمل على تحقير الديانات والمذاهب المكفولة حريتها قانوناً؟, وهل يجوز ان تترك المقالات التي من شأنها الإساءة إلى الوحدة الوطنية أو التحريض على ارتكاب الجرائم أو زرع الأحقاد وبذر الكراهية والشقاق والتنافر وإثارة الطائفية بين أفراد المجتمع المقالات أو الأخبار التي من شأنها الإساءة لكرامة الأفراد أو حرياتهم الشخصية أو الأضرار بسمعتهم مع نشر الأخبار والتقارير والرسائل والمقالات والصور المنافية للأخلاق والآداب العامة. ؟, وهل يجوز ايضا التحريض لفئة من الناس بعدم الانقياد للقوانين والتمرد على الاجهزة الامنية وتحسين صورة الجريمة على انها عمل وطني؟.
كاتب وباحث فلسطيني
#ماجد_هديب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟