|
قناة الحرة وإذاعة سوا .. إجابة خاطئة!!
عادل مرزوق الجمري
الحوار المتمدن-العدد: 1344 - 2005 / 10 / 11 - 12:54
المحور:
الصحافة والاعلام
أمام سؤال "قناة الجزيرة".. "قناة الحرة" و"إذاعة سوا" .. إجابات خاطئة ..
حقيقة أولى، يقدر الإعلام العالمي الموجود في داخل الولايات المتحدة بنسبة تقدر في أخر الإحصائيات بنحو 40 من المائة، أما نسبة الكتب والإصدارات المعرفية فهي تقدر بنحو 84 من المائة. ومع هذا فشلت قناة "الحرة"، وإذاعة "سوا" في السيطرة على زمام الأمور في مواجهتما البسيطة مع الجزيرة "الخاصة"، ذات الإمكانيات المحدودة نسبياً، هذا إذا ما تجاوزنا –تعمداً- أي إدعاءات أخرى في أسباب ظهور القناتين الأمريكيتين خلاف تحجيم الجزيرة إعلاماً وشعبية لدى المتلقي العربي. في الكتاب الأخير للكاتب الأمريكي "ستلوف" (معركة الأفكار في الحرب ضد الإرهاب) حدد المفكر الأمريكي ستة أخطاء للدبلوماسية الأمريكية، وكان الفشل الأمريكي إعلامياً هو أحد أهم الأسباب الرئيسة في فشل الدبلوماسية الأمريكية في تعاملها مع الدول العربية والإسلامية. إن التعليل الأكثر دقة في محاولة فهم هذا الإخفاق الأمريكي هو إعتبار "قناة الحرة" و"إذاعة سوا" مجرد إجابات خاطئة على سؤال مركزي رئيس، بمعنى أن الحكومة الأمريكية لم تستطع في الحقيقية أن تجيب على سؤال الجزيرة الإعلامي، أو على تأثيرات هذا السؤال سواء على الصعيد الإجتماعي أو الصعيد السياسي العربي. لابد أن ثمة مفصلية تاريخية في الإعلام العربي مع ظهور قناة الجزيرة، ومهما كانت ردود الفعل متباينة سياسياً وإعلامياُ حيال هذه القناة، فالجميع متفقون على أن الجزيرة أحدثت بما لا يدعو للشك حراكاً إعلامياً مدنياً طال شتى القطاعات الإعلامية العربية سواء الحكومية منها أو الخاصة. الإستراتيجية الدبلوماسية الإعلامية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط الكبير ضعيفة ومهترئة، وباتت غير قادرة على مسايرة البيئة السياسية الإقليمية وتعقيداتها الراهنة، هذا ما يحيل إلى أن الرأسمال الإعلامي الأمريكي غير مستثمر إستثماراً (عقلانياً) بالشكل المطلوب، لذلك كانت ولازالت أدوات هذا الرأسمال الإعلامي (قناة الحرة وإذاعة سوا) تدور في حلقة مفرغة من مضيعة الوقت، مع جمهور يفتقد لأي تفاعل إيجابي مع هذه الأدوات.
تأسيس الإشكالية الإعلامية "لماذا نجحت الجزيرة؟": أولاً: لقد كانت القنوات والمؤسسات الإعلامية العربية بعيدة على الدوام عن روح الحدث، وكانت تفتقد إلى الجرأة، تارة نتيجة الضغوط السياسية التي تمارس عليها من قبل مالكيها ومصالحهم وتوجهاتهم الملحة، ونتيجة ضعف الإمكانيات تارة أخرى، الجزيرة إستطاعت أن ترفع هذا السقف من الحرية والتغطية الإعلامية العميقة المدعمة بالصورة وصولاً إلى ما يشبه "دغدغة" نظريات المؤامرة، والتي تسكن عقل المتلقي العربي بشكل جلي. ثانياً: القنوات الإعلامية العربية "الحكومية" كانت منبع الكوادر الإعلامية ومصدر المعلومات الأول في تطور الإعلام العربي ككل، والقنوات الفضائية –ومنها الجزيرة- ككوادر ومعدي برامج هي امتداد لها، إلا انه إمتداد تخلص من أي غطاء سياسي مباشر يتصف بالإلزام، تلك الكوادر إستطاعت ان تجد في الجزيرة والقنوات الفضائية التي أتت بعدها مسرحاً خصباً للإبداع الإعلامي والإنتاج. ثالثاً: لم تكن الأجهزة الإعلامية العربية تمثل رسالة الإعلام الحقيقية بالمصداقية والتناول الحر للقضايا الإخبارية، واللعب بالخطاب الإعلامي في الجزيرة خلق مجازات إعلامية جديدة على المشاهد العربي "ننقل لك الخبر بصدق"، "الرأي والرأي الآخر" هذه الثقافة الإعلامية الجديدة للجزيرة جعلتها قادرة على الرواج والمراهنة. رابعا: في الحقيقة لا تمثل القنوات الفضائية الجديدة وأجهزة الإعلام الحديثة الخاصة إخباريا "رسالة الإعلام الحقيقية"، فهناك الكثير من الشبهات في تأسيسها وأهداف رسائلها الإعلامية، إلا أنها في المجمل تلعب "لعبة الجمهور"، والإعلام الناجح هو الإعلام الذي يراهن على الجمهور، لذلك كانت البرامج الحوارية في الجزيرة والمعتمدة على الجمهور الطريق الأقصر لها في المنافسة ولفت الإنتباه . خامساً: لعبت القنوات الفضائية الخاصة على الصعيد الإخباري دور هام وكبير في تطوير أساليب التحرير والصياغة الإخبارية في السنوات الثمان الماضية كما أنها خلقت روح التنافس بين القنوات الإعلامية في سبيل الوصول إلى السبق الإعلامي .هذا ما أطلق عليه نتيجة "إعلام السوق"، فالإعلام المنافس هو الإعلام القادر على الإنتاج والإبداع والتطور، أما الإعلام الواحدي فهو رمز الجمود والإنغلاق.
لماذا أخفقت الحرة وسوا: أولاً: لم تستطع الحرة أن تدرك اللعبة الإعلامية العربية، فلم تقدم للمشاهد العربي ما يجعله مقتنعا أن الحرة تخدم قضاياه وتناقش إحتياجاته، إذ أنها لعبت في إستراتيجياتها الإعلامية دور المدافع أو المبرر للسياسات الأمريكية. هذا البعد إذا ما أضفناه للمتخيل الثقافي العربي تجاه الولايات المتحدة خاصة بعد حرب تحرير العراق فإنه يصنع من قناة الحرة أضحوكة شعبية، أو في أحسن الأحوال "مؤامرة أمريكية جديدة". ثانياً: لم تقدم الحرة فضاءً إعلامياً جديداً للمشاهد العربي، سواء على صعيد مستويات البرامج وعمقها في سبر الواقع العربي، أو على صعيد التقنيات الفنية في إخراج البرامج وإعدادها، كما أنها لم تعمد إلى إستغلال تلك التقنيات الجاهزة في الإعلام الأمريكي، فالحرة وسوا ولدتا قناتين مجهولتي الهوية مضموناً وشكلياً، مما جعلهما في إشكالية تموضع إعلامي مركبة. ثالثاً: لم تستشعر أي من قناة الحرة أو إذاعة سوا المركب الثقافي والسياسي لمشاهدي الجزيرة، بل لعلها قامت ببناء خططها الإستراتيجية من وحي التوقع والحدس الإعلامي، وهذا ما يعود في الحقيقة بتأثيره على كافة البرامج الإعلامية الأمريكية الموجهه للدول العربية في الشرق الأوسط الكبير، سواء عبر موقع الإعلام الخارجي للخارجية الأمريكية أو مجلة "هاي"، وأخيراً القناة والإذاعة موضوع المقالة. هذا ما إنعكس سلبياً على مستوى الإدراك الجماهيري للحرة وسوا، فإذا كانت الجزيرة تؤسس لخيار تحرير فلسطين، ولعلها نتيجة تسويقية جيدة نسبيا بالنسبة للجمهور العربي، فإن الحرة وسوا بقيتا دون أهداف إجرائية ثابتة وواضحة، مما أحال المشاهد العربي إلى إلصاقهما ضمن المؤسسة السياسية الأمريكية ككل، وهذا ما جعلهما مرفوضتين، وأبطل فلسفة وجودهما كمؤسستين ترويجيتين شارحتين مصحيحتين للإعلام العربي.
#عادل_مرزوق_الجمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صحافة .. وسخافة!!
-
كيف تستفز الصحفيين!!
-
التسويق السياسي من خيار التأسيس لهوس المدافعة!!
-
المقهى - بوصفه مكانا آمنا للحب
-
المقاطعة بوصفها فعلا سياسيا لا عيبا تاريخيا
-
خفيفة في تاريخ البحرين ثقيلة على مستقبلها..
-
ما بعد الإمبراطورية الأمريكية
-
الصحافة المدنية والصحافات الأخرى
-
عقوبة واشنطن !!
-
!!الأمريكيون.. بطعم الشوكولا
-
نعم.. لمطرقة الإصلاح بالخارج.
-
التشكيل السياسي الأمريكي -تحت المجهر-:
-
ما يمنع الصحافة أن تتأدب؟
-
يتلاعبون بالإعلام والصحافة
-
من خيارات الإرهاب إلى المدنية العجوزة..
-
الولايات المتحدة، الإعتباطية المنظمة!!
-
صحافيون متعجرفون
-
كيف تدير مجموعات المعارضة العربية إعلامها؟: بعيداً.. عن الزو
...
-
قراءة في الحقل الإلكتروني معرفيا..
-
قنواتنا الحكومية كسيحة، والإتجاه نحو الغرب سيفشل
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|