أكذوبة الوحم!

محمد مسافير

الحوار المتمدن-العدد: 4866 - 2015 / 7 / 14 - 21:06
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    

لا ترتبط ظاهرة الوحم بالمجتمعات العربية وفقط، بل تجد لها موطئ قدم في أغلب البلدان العالمية، إلا أن الاختلاف يكمن في حدة الانتشار، فكلما اتجهنا غربا، تقلصت الظاهرة حتى تدنو من التلاشي !
ومن تجلياته في بلداننا الغريبة، أن تجد المرأة الحامل تشتهي أكل الفحم أو الطين أو الصابون أو الطباشير....، أو أن تجدها تمقت بعض الوجبات التي اعتادت تناولها قبل فترة الحمل، أو أن تبغض عطر زوجها رغم أنها من أهدته لها، أو أن تكره وجوده أصلا، وتشتهي رجلا آخر غيره، أو تحب طفلا وتمقت آخر..
صفوة القول، إن الوحم يعني تقلبا حادا في شهوات وأحاسيس الحامل، وقد تمتد فترة الوحم حتى لحظة الإنجاب، دون أن يجد له الزوج مخرجا، فيرضخ في الغالب لطلبات الزوجة ما استطاع إليها سبيلا.
حشر العديد من الأطباء أنوفهم في تحليل الظاهرة، وأبدعوا في خلق المبررات البيولوجية، إلا أنها كلها تنهد ركاما أمام سؤال وحيد:
- لماذا لا تحس المرأة بالوحم إلا فور علمها بموضوع الحمل؟ رغم أن إدراكها به قد يأتي متأخرا.
لا نقصد بهذا السؤال أن المرأة تتعمد الوحم، لكننا نقصد أنها ابتليت به.
غالبا ما تجد علاقة الزوجين تتحول إلى جفاف الإحساس عقب تشييد عش الزوجية بأشهر قليلة، فتجد الزوج يستهوي رفقة الأصدقاء إلى وقت متأخر من الليل، ثم تحتويه غرفة النوم متثاقلا متثائبا، فيسود العلاقة نوع من الصمت الممل، غالبا ما يبديه الرجل على حساب المرأة، خاصة إذا طغى منطق الذكورية على جو العلاقة، فينظر الرجل إلى المرأة كضيف ثقيل على النفس، يستهلك قنطارا دون أن ينتج مسمارا، وتنعدم هذه النظرة لدى الأسر التي يشتغل فيها الزوجان.
منذ اللحظة التي تعي فيها الزوجة بحملها، تلاحظ تغيرا مفاجئا في اهتمام الزوج، رغبة في الجنين وليس حبا في الزوجة، فتبدأ الزوجة في الانتقام عن طريق قهر الزوج بالمتطلبات والشروط، فتجدها تطالبه بأشياء تعجيزية في أغلب الأحيان، لكنها في أحيان أخرى، ربما لمانسوشيتها (تعذيب الذات)، أو ربما للحب العظيم الذي تكنه لزوجها، ما يجعلها تعجز عن أذيته أو قهره، تجدها تشتهي تناول مواد غير غذائية، بل وخطيرة على سلامة الأم وجنينها، وتسبب مضاعفات خطيرة، كحدوث التهابات بالأغشية المبطنة للمعدة، أو إسهال مزمن أو حروق كيمائية بالفم والمعدة .
وقد تكون أذية النفس هذه نتيجة مخلفات الكبت السابق لفترة الزواج، حيث تنقش فكرة دناءة الجنس عميقا في ذهن الفتاة، وتطفوا آثارها إلى السطح في فترة الحمل، فيغدو الزوج مجرما آثما، والجنين نتاج المعصية، فتحاول أعقاب ذلك، الانتقام من الذات والجنين والزوج.
هكذا ابتدأت حكاية الوحم، فمن النساء من أصابها الوحم نتيجة الأسباب المذكورة سلفا، ومنهن من انتقل إليها عدوى الجهل، فتخال أن الوحم ضرورة طبيعية مرتبطة بالحمل، وما هي بذلك !
تتقلص الظاهرة في الغرب عموما، بفضل تطور الطب، وانتشار ثقافة الاستشارة الطبية، بل ولمجانية الخدمات الطبية، بينما تستمد جذورها في بلداننا، من التخلف أساسا، التخلف على كافة المستويات !

#محمد_مسافير (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات