أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الله يسامحك!














المزيد.....

الله يسامحك!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4866 - 2015 / 7 / 14 - 10:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل نتبدّل مع السنوات؟ أقصد برمجتنا الداخلية التي ضبطناها على نظام معين منذ صحُّ وعيُنا وتكامل إدراكنا مع سنوات الصبا الأولى، هل يحدثُ أن تتغير تلك البرمجةُ من النقيض إلى النقيض، في لحظة واحدة؟ ربما يحدث!
طوال حياتي كلها لم أدعُ على إنسانٍ بسوء، مهما تملّكني الغضبُ. قد أثور! أنفعل! أتعصّب! أصرخ! لكن مستحيلٌ أن أدعو على إنسان بالشرّ. حتى في لحظات الشعور المُرّ بالظلم والقهر وضياع حقوقي أمام عيني. وتلك عادة هي اللحظات التي يوجه فيها الإنسانُ ضعفَه وقلّة حيلته إلى القوى العليافي السماء لكي تقتص له من ظالميه؛ فيدعو على عليهم بالشر وقصاص السماء. لكنني أبدًا لم أفعل. تلك إحدى مواهبي الخاصة التي شكّلتُها بالصلصال في طفولتي الأولى، وخبأتها في صندوق لعبي وأسراري وكنوزي، ولم أتناول عنها أبدًا، حين كبرت.
ومازلتُ أشعر بالدهشة والعجب كلما سمعت إنسانًا يختتم صلاته بالدعاء على الناس بالويل والثبور وعظائم الأمور، ثم يقول: (اللهم)! كيف يجتمع النقيضان؟! الله هو الخير المطلق. فكيف نجمع بين الخير والشر في جملة واحدة مفيدة؟!!
لم أدعُ على كل من ظلموني طوال حياتي ولم أتمنَ الشر لمن ذبحوني إيذاءً وشرًّا وشائعاتٍ واكاذيبَ وحقدًا وتخريبًا في حياتي. أصررتُ على نصاعة قلبي ورفضتُ أن تتسلّل أيةُ نقطة سوداءَ، مهما كانت ضئيلة، إلى ساحته البيضاء. حملت معي من معجم طفولتي كلمةً رفضتُ أن أتخلى عنها حين كبرتُ: "الله يسامحك". تلك التي كنّا نقولها في طفولتنا لمن يُغاضبُنا. كان معلمونا ومعلماتنا يحرصون أن تتعود ألسنُنا الصغيرةُ على هذا الكلمة الطيبة، حين نشكو إليهم من زملائنا في الفصل. لكن معظم من أعرف تركوا هذه الكلمة على باب طفولتهم حين كبروا؛ واستبدلوا بها كلمات الوعيد والتهديد والدعاء بالشر والويل حين يغضبون. قليلون فقط ممن أعرفُ حين كبروا معي، جلبوا معهم من صندوق طفولتهم هذه الكلمة الطيبة: (الله يسامحك)، ولم يتركوها خلفهم، مع ما تركوا. معظم أصدقائي المسيحيين يستخدمون هذه الكلمة كثيرًا؛ لهذا دائمًا ما أداعبهم قائلة: "أنتم مازلتم أطفالا تحتفظون ببراءتكم.”
اليوم، كعادتي مع إشراقة كل نهار جديد، صحوتُ على صوت تيكرز وكالات الأخبار تتواتر على شاشة هاتفي: "صوت انفجار مدوّ هائل في قلب القاهرة"! "تفجيرات في قلب القاهرة واستهداف سفارة إيطاليا”! كنتُ لم أزل بين النوم والصحو، فقبضتُ على نفسي وأنا أدعو على الإرهابيين بالشر! (اللهم شِلّّ يد كل من يريد بمصر شرًّا!) يا إلهي! ماذا أقول؟! انزعجتُ كثيرًا لأن هذا معناه أنني أتبدّل! أنني أكبُر! أنني أفقد برائتي! أنني أغادر طفولتي! أن قلبي يشيخ إذ يتمنى الشر للناس! أن لساني يتبذّل ويتدنّس ويفقد المنطق اللغوي والبلاغي بالجمع بين لفظ الجمال والخير المطلقين (اللهم) وبين القبح والشر والدعاء على الناس بالسوء؛ مهما كانوا أشرارًا!

-;-الله يسامحكم تعلموننا أن نكون أشرارًا مثلكم!لكن ما يشفع لي أمام نفسي هو أنني لم أكن قد استيقظتُ تمامًا حين قبضتُ على نفسي مُتلبسةً بقبح الدعاء السلبي على أحد . يبدو أن الهمجيَّ داخلنا ينتعش ويتحرر من أصفاده ونحن نيام، وحين نصحو نُلجمه ونكبّله بالجنازير وبالأخلاق.

-;-الآن بعدما استيقظتُ أقول: اللهم احمِ مصر َمن الأشرار وأرجعهم خاسرين عن إيذائها. 
-;-أيها الأشرارُ لن تنجحوا في أن تجذبونا إلى هاويتكم السحيقة الشريرة المظلمة. فحاولوا أن تصعدوا إلينا، لأن القاع امتلأ!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فارسٌ وجميلة وبعض خيال
- ليه كده يا أم أيمن؟!
- لماذا أكتب في -نصف الدنيا-؟
- القرضاوي يفخّخ المصريين بالريموت كونترول
- أصعبُ وظيفة في العالم
- شركات الاتصالات: اخبطْ راسك في الحيط
- السراب
- وسيم السيسي... سُرَّ من رآك
- في مهزلة التعليم.... المسيحيون يمتنعون
- فانوس رمضان
- درجة الإملاء: صفر
- -الحرف-... في المصري اليوم
- هدايا لم تُفتح منذ مولدك
- مصرُ ... وشخصية مصر
- شيخ الكافرين
- رحلتي للسماء
- رسالة من ذوي الإعاقة إلى الرئيس السيسي
- سلطان القاسمي... أحدُ أبناء مصر
- ليس بوسعي إلا السباحة ضد التيار
- قبل أن تُحبَّ صحفية


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الله يسامحك!