من مشكلات الفكر الإسلامي , الضياع بين حدود النص والهوية

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)

الحوار المتمدن-العدد: 4865 - 2015 / 7 / 13 - 15:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

من الجوانب الإشكالية الأخرى في الواقع العربي والإسلامي وخاصة المتعلق برؤيته الفكرية للوجود هو الخلط المستمر بين الحدود والهوية , مثلا عندما يدرس المفكر الإسلامي والعربي قضية ما محاولا الوصول لنتائج يطرحها للنقاش والحوار , المتلقي الفكري لا يمكنه بالغالب التفريق بين حدود هذه القضية والتي تجعل منها كيان فكري وبين هوية الموضوع الذاتية , وهذه من الإشكالات المهمة خاصة في المواضيع التأريخية والدينية بالتحديد , يأت مفكر ما ويدرس قضية تتعلق بمقدس إسلامي وهو أصلا خارج مفاهيم القداسة .
مثلا قضية الصحابة ويحاول أن يفكك الأطر التي تحيط بالقضية وينتقد أو يشخص أخطاء أو ملاحظات من خلال جعل خطوط فارقة للحد بين الشخص أو مجموعة الأشخاص وبين القضية ,نجد أن القيامة تقوم من الكثيرين ويجعلون من عملية النقد العقلي التأريخي محاولة لأستهداف هوية ما أو محاولة المس بها وكأن عملية النقد هي تجاوز على المقدس ,هذا الخطأ أجبر الكثيرين من المفكرين والكتاب أن يتركوا عملية البحث النقدي واللجوء إلى الأستعارات والتلميح والمدارات التي لا تنفع العلم ولا تكشف لنا الحقيقة كما هي ,ويبقى الخلط مستمرا ومتواليا بين الحدود والهوية لأننا أصلا لا نتمتع بحس عملي وعلمي للتفريق بين المفاهيم والمصطلحات .
مثال أخر حينما نتاول نص ديني في حدود البناء اللغوي والمتحصل المعرفي منه يقودنا إلى قضية محددة , العقل المسلم يقف فقط عند هذه القضية ويعتبرها حد وهوية دون أن يمنح عقله حرية قراءة ما وراء النص محاولا أختراق عقل الناص والبحث في خلفيات الفكرة وأبعادها العقلية ,مثلا ما ورد في سورة المطففين من قوله تعالى {إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم} يأت الشارح ويقف عند التساؤل ويخرج علينا بتفسيرات وتبريرات خارج ماهية النص وحدوده مع وجود الجواب التام إنه كتاب مرقوم ,كان عليه أن يقف أولا في معنى الكتاب ومعنى مرقوم ويدرس المتلازمة بين الكتاب والترقيم وحدود هذا الترقيم وماذا أراد النص أن يشير من وراء إيراد الجواب مع السؤال ,مثل هذه الحالات نجدها منهج غالب نتاج العقل الإسلامي حين لا يفرق بين النص وحدوده وهوية النص وشكلها البنائي .
مهمة الكاتب الإسلامي والباحث عن معرفة أصيلة وفكر حر أن يتجاوز التقليدية ويحدد بصورة واضحة ما يريد من خلال النظر للنص بأبعاد متساوية ويستشف من هذه النظرة الحيادية والمجردة المكنونات التي يجب أن يبلغها القاري أو المتوجه له في الخطاب النصي بروح نقدية مبنية على فكرة أن النقد ليس البحث عن النقص ونقاط الضعف بل أن النقد هو تقديم الفكرة كاملة ومتكاملة بروحها وجوهرها وأبعادها بحيث يمكن للعقل البشري أن يجعل منها أساس لبناء أخر يتصل بما في النص ومنفصل عنه في العمل والوظيفة , وأن النص هو مجموعة مباني تنتج قراءات متعددة تبعا للنظام العقلي الذي يضعها موضع الدراسة النقدية , وبذلك يمكن للنص أن يكون ثروة فكرية من خلال تعدد الصور الذهنية وتنازعها لأثبات النتيجة الأقرب للصح والتي تتوافق حتما مع جوهرية القصد النصي .

#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات