أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - ملح وسمك وغاندي














المزيد.....

ملح وسمك وغاندي


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4864 - 2015 / 7 / 12 - 22:19
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ملح وسمك وغاندي
نعيم عبد مهلهل

يشكلُ الملح ذاكرة جميلة لطرف اللسان ، هذا ما تعلمته من أبي ، ومن الافلام الهندية تعلمت أن الملح هو غاندي ، وغاندي هو الفقراء عندما يكونوا حفاة وبملابس بيضاء تشبه أحرامات الحجاج .
لكن الملح في الأهوار هو ما يلازم فقط ذاكرة الخبز والطبيخ والسمك المشوي أو المجفف ( المسموطة ) ، وبالرغم من أن الضفاف المالحة لمياه الأهوار تنتج ملحا إلا أنهم قلما يستخدموه ، فلقد عودتهم مراكب شركة الهند الشرقية وتجارها أن يتبضعوا الملح الناصع البياض مع البهارات والكركم والتبغ ( التتن ).
، وعدا هذه الاستعمالات نادرا ما تسمع بصدى الملح في الفم والذاكرة ، وحتى عبارة العيش والملح التي تدل على المعايشة والمودة لا يستخدمونها ، لأن الالفة في حياتهم ازلية والغرباء نادرا ما يأتون كضيوف لعزلة المكان ونأيه ، والمعيدي لا يحتاج بطبيعته وفطرته ليقول لأحد هذه العبارة حين يقدم واجبات الضيافة فهم لا يشعرون بمنية على أحد عندما يخدموه ، وتلك العادة سكنت قلوب المعدان لأنهم لا يملكون في اجسادهم وحواسهم امراضا حضارية.
لم يعش الملح في خلدهم كما القصب والجواميس والسمك ولكنه حين يشح في مذاق موائدهم ترتبك الحياة عندهم فيعودون الى حقيقة أن الملح من بعض اسرار حياتهم فيرسلون من طرة الفجر احدهم بمشحوف ليجلب الملح من مركز القضاء. لأنهم يعتقدون أن الاسماك المجففة من دون أن نملحها تظل حية على قيد الحياة وتتحول الى كوابيس ليلية لأطفالهم.
ذات يوم كنت اتحدث بأعجاب عن مسيرة غاندي في الحياة وسيره لمئات الاميال ليقود شعبه في المقاومة الصامتة ضد احتلال بريطانيا للهند لما كان يسمى بمسيرة الملح ، وفهم شغاتي من كلامي أن الرجل كان هندوسياً ، وليس موحداً ، أي لا مسلماً ولا يهودياً ولا مسيحياً : أن الثوار من رحم المظلومين يأتون ويرحلون ولن يبقى من أثرهم سوى الملح وأرغفة الجياع.
قال شغاتي : ولماذا نسي أن يذكر السمك؟
قلت : لأن الهند تقدس انهارها فلا تريد أن تؤذي اسماكها بحشو بطونها في الملح لتصبح مسموطة.
ضحك وقال :حياتنا بدونها ( ماصخة ).
وهكذا يسجل الملح تفاصيل رؤيا جديدة دخلت بفضل المهاتما الى عالم رجل بسيط لا يدرك في الملح سوى ثلاثية الطبيخ والخبز والسمك.
واليوم يأتي غاندي برداءه الابيض ليزرع في الرجل أن الملح ليس فقط لإبقاء المسموطة لذيذة في قدور النحاس بل هي نظرة الانسان الى جعل هذا البياض الناصع بياض لأحلامه في التخلص من جور الطغاة. يحمل شغاتي اليه مديحا لا يوصف حد الذي سأل الروزخون ذات عاشوراء : لماذا لا تأت على ذكر غاندي وهو الذي ينسب اليه القول تعلمت من الحسين أن أكزن مظلوما فأنتصر.
وها انا أتذكر حوار الملح مع الرجل عندما قال : ب
الرغم من اننا لا نعاني من عقدة الحاكم والاقطاعي وليس بين ديارنا مخافرا ودوائر حكومية إلا انني ينبغي ان اتضامن مع السيد غاندي ولو اراد اسافر اليهم بمشحوفي لأشارك في مسيرة الملح.
ضحكت . وقلت : انت لست نوحا ، انت شغاتي .؟
ابتسم ايضا ، واغمض عينيه وقال :سأشاركه بالأمنية فقط.
اغمض عينيه ، وحين فتحها ، قلت له ان المهاتما قتل اغتيالا قبل عشرات السنين.
قال : ولكن ملحه ورداءه لم يستطع أحد أن يغتالهما.؟



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دشداشة الملك
- مواويل البادَم والچِرك
- زمزم الغزلان
- الطبيخ والمريخ
- نزهات نوبخذنصر
- جويريد وملك السويد
- جلجامش في شوارع روما
- نوايا مصور الغارديان
- حفريات توفيق التميمي
- رسومات بيوت أصيلة
- تغريدة جعفر في تويتر
- بلدية باريس وبلدية الجبايش
- طفولة السميسم الله
- الحبوبة وأيام سانوبه......!
- كاهنة قرية أمُ البْشُوشْ
- النيوزلنديون أعمامنا
- غرق المشحوف ميدوزا
- خواطر قابيل وهابيل
- أطلس أبن بطوطة
- أبو العود والطور الصُبيّْ.!


المزيد.....




- من الصين إلى تشيلي والمكسيك.. بعض البلدان تعاني حرارة شديدة ...
- مقتل إسرائيلي بالرصاص بالضفة الغربية والجيش يعلن فتح تحقيق
- -اليونيفيل-: استهداف المواقع الأممية في لبنان أمر مرفوض 
- باتروشيف: مسؤولو الغرب يروّجون الأكاذيب حول روسيا للبقاء في ...
- هجوم محتمل للحوثيين في اليمن يستهدف سفينة في خليج عدن
- مقتل إسرائيلي في إطلاق نار في قلقيلية بالضفة الغربية المحتلة ...
- كشف سبب الموت الجماعي للفقمات في مقاطعة مورمانسك
- دعوة روسية للحيلولة دون انهيار الاتفاق النووي مع إيران
- عالم سياسة أميركي: حماس تنتصر وإستراتيجية إسرائيل فاشلة
- فيديو يرصد الحادثة.. السلطات الأردنية توضح طبيعة -انفجار عمّ ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - ملح وسمك وغاندي