|
عَتَبي عليكَ صَديقيَ المُلحِد ج 3
سالم الدليمي
الحوار المتمدن-العدد: 4863 - 2015 / 7 / 11 - 10:29
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
صَومَنا .... بينَ المفهوم الوثَني والمفهوم الإسلامي - القسم الثاني
لا الحمدُ للاهِ و لا الشُكرُ لهُ .... إنَّ لِلاهِ إلـــهٌ فَوقَهُ ..... هذا ما عمدتُ ترديدهُ حين لمحتُ صديقي مُقبلاً .. • قال :ما هذا التغيير يا سالم !!! أَيُعقَل أن تتغير في ظرف أيّام كل هذا التغيير ؟ • لا طبعا.. فما الذي فهمتهُ من هذا البيت ؟ فمثلُكَ لا أظنهُ يفهمُ في الشعر ؟ قال : حضرتُ كما وعدتُكَ ، و سأُكمِل معكَ ،و لن أتركك إلّا مُقتَنِعاً ،لكن قُلي أولاً ما الذي تقصدهُ بهذا البيت ؟ • أقصدُ ذَم اللاهين عن أعمال الخير، فهؤلاء لهم إلــهٌ فوقهم سيُحاسبُهم يومَ لا يَنفعُ مالٌ و لا بَنون. هؤلاء أمثالكَ طبعاً لا يشغلهم شيء سوى مشاكسة الغير ههههههه ... قال: أنا أستبعِد قناعة أمثالك لأنكم مُرتاحون لأيمانكم ولا تريدون أن تتحطّم أوهامكم التي بُنيَت بسنين أعماركم ، خاصة كبار السن مثلَك .. وأنا أعذركم فسَلَفكم (الصالح) قدوتكم سُنَّةً وشيعة ألغوا عقولهم أمام إيمانهم الأعمى فهذا علي بن أبي طالب يعترف أن الأيمان ليس بالعقلِ فيقول عن الوضوء : " لو كان الدينُ بالرأي لكانَ أسفلُ الخف أَوْلى بالمسحِ من أعلاه ، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه" أخرجه : أبو داود بإسناد حسن . .. و هذا أيضاً عمر بن الخطاب لمّا قبَّل الحجر الأسود قال : "إني أعلمُ أَنكَ حجر لا تَضر و لا تَنفع ولولا أني رأيتُ النبي يقبِّلُكَ ما كنتُ قبَّلتُكَ".. فتح الباري شرح صحيح البخاري لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني بالرقم1520 • قلت : هات مزيدكَ يا صديقي !! إنها فرصتك ،فأمامك مؤمن تَشَرَّب إيمانهُ مع رضاعتهُ صغيراً ، يقع اليوم فريسة ثقافتُكَ و إطِّلاعُكَ الواسع على تُراثِنا الإسلامي .. • أسمع يا سالم ، لا أظن بإمكانكَ الآن إنكار أن لا فضيلة حقيقية لرمضان مما ذكرتهُ لي ، فنبيكَ و إبن عمهِ علي غزا الآمنين ،و لم يكن لنشر الإسلام، وشَقَّ العجوز أم قرفة نصفين وأرسل من يقتل العصماء وهي ترضع طفلها في شهر (الرحمة)، والعرب اليوم مُجتمعون في شهر الإحسان على قصف اليمن ثاني شعوب العالم جوعاً ، و أن هناك الكثير مما لم أذكرهُ لكَ، بقي أن تعرف تشريع الصوم في إسلامك (الحنيف) ، .... الأمر متشعّب وسأحاول تبسيطهُ لكَ ،فالصوم في بداية الإسلام كان طوعياً، نقرأ في الآيه 184 من سورة البقرة في تفسير الجلالين : "...كانوا مُخيرين في صدر الإسلام بين الصوم والفدية ثم نُسِخَ بتعيين الصوم بقوله {..... فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ.... } سورة البقرة-الآية 185 وأول يوم صامه المسلمون هو الأول من رمضان 2 هجرية ،و هناك رواية أخرى تُفيد أن فرض صيام رمضان كان في الأثنين الأول من شعبان عام 2 هجرية .. وعندما صار الصوم فريضة عليكم أنتم المسلمين تَفَننتُم في فرضها في الشارع حتى على غير المسلمين ، لأن المُستَعبَد يحاول أن يرى الآخرين مُستعبَدون مثله ..أما أنهُ كان مفروضاً على المسيحية و اليهودية فهذا محض إفتراء لا صحة لهُ ، فلا يوجد أي نص بالتوراة أو الإنجيل يفرض الصوم البتّه.. • و لكننا كمسلمين نعرف أن التوراة و الإنجيل مُحرّفان ، و طبيعي أن تغيب منه هكذا نصوص .. • لا يا سالم حدّثني بالحُجة و بالسَنَد ، و لأوافقك الرأي مجاراةً لكَ سأتسائَل : هل صار الصوم خطر اً على بقاء دين اليهود و النصارى كخطر ظهور نبي لاحق !!! أكيد الجواب (لا) .. إذا لماذا سيُحذّف من نصوصهم الكتابية ؟؟ أولا لأوضّح لك أصل تسمية رمضان قبل الأسلام حيث كان إسمه (ناتِق) كما ورد بكتاب تاج العروس ج2ص592 وأكّدَهُ الدكتور جواد علي في كتابه "المُفَصَّل لتاريخ العرب" وهو مأخوذ من كلمة (أنتَقَ) أي صامَ ويذكر إبن منضور في كتابه لسان العرب أن أسم شهر الصوم تحوَّلَ قبل الأسلام من ناتِق الى رمضان .. وقد ذكر المسعودي في كتابه مروج الذهب أن إسم رمضان مأخوذ من الرَمضاء و هو شدّة الحَر بينما يعترض جواد علي بكتابهِ المُفَصَّل في تاريخ العرب : "أن أسم رمضان لا ينطبق مع المعنى الذي يُفهَم منه على أنه من (الرَمَض) و هو حر الصيف بينما هو شهر متنقّل قد يأتي في الشتاء وهذا دليل على أنه إسم أعجمي" وهذا يا سالم يُبطِل إدعاء المسلمين في صحة أن المسيحيين جعلوه في الربيع كما في رواية الطبري عن السُدّي قوله : "إن النصارى كُتِبَ عليهم رمضان و لا يأكلوا بعد النوم و يمنع عليهم نكاح النساء شهر رمضان، و لما إشتدَّ عليهم إجتمعوا وقرروا أن يجعلوه بين الصيف و الشتاء و قالوا نُزيد عليه عشرون يوماً نُكفِّر به ما صنعنا فجعلوا صيامهم خمسين يوماً"، و الحقيقة أن الصيام المسيحي طوعي و أتحداك يا سالم أن تدلَّني في الأنجيل أو التوراة عن فرض الصوم .. رمضان فرضه نبيّكم في السنة الثانية للهجره و فرض الحج قبل وفاته بسنتين و تم فرض الصلاة على هيئتها الأخيره في المدينة وكذلك الزكاة بينما الفترة المكيّة تخلو من أي ركن من أركان الإسلام تلك .. قال إبن جرير : "وفي هذه السنة(2هــ ) فُرِضَ صيامُ شهر رمضان . وقد قيل : إنه فُرِض في شعبان منها . ثم حكى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قَدِمَ المدينة وَجدَ اليهود يصومون يوم عاشوراء ، فسألهم عنه فقالوا : هذا يوم نَجّى الله فيهِ موسى . فقال : "نحن أحقُّ بموسى منكم"، فصامَهُ وأمرَ الناس بصيامِهِ وهذا الحديث ثابت في " الصحيحين " عن إبن عباس ، و إن دلَّ هذا على شيء يا سالم إنما يدل على أن نبيّك هو مَن فَرَضَ الصوم و ليس ربّه .. • كنتُ مُنصتاَ لما يسوقهُ لي ، والحقيقة أنني لم أفكّر فيها من قبل ، كنت أقرأ نصوص القرآن الكريم (فُرِضَ عليكم) فألتزم بها دون أي مراجعة لأسباب هذا الفرض أو جذورهُ التاريخيه .. طلبتُ من صديقي أن يوضّح لي من مصادرنا الإسلامية حقيقة صوم النصارى فتابع قائلاً : أخرج إبن حنظلة في تاريخه والنحّاس في ناسخه والطبراني عن معقل بن حنظلة عن نبيّكم أنهُ قال: "كان على النصارى صوم شهر رمضان، فمرض ملكهم فقالوا: لَئِن شَفاهُ اللهُ لنزيدَنَّ عَشراً، ثم كان آخر فأكل لحماً فأوجع فوه، فقالوا: لَئِن شفاه الله لَنُزيدَنَّ سَبعة، ثم كان عليهم ملكٌ آخر فقالوا: ما تدع من هذه الثلاثة أيام شيئاً أن نتمها ونجعل صومنا في الربيع، ففعل فصارت خمسين يوماً". و هذا دليل قاطع عن لسان نبيّك أنه غير مفروض عليهم من ربّهم ، و بقوله هذا يُناقض قرآنه في سورة البقرة الآية 183{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } .. طبعا هناك وروايات أخرى من كتبكم الأسلاميه تدعم قولي و عليك يا سالم أن تحاول البحث و القراءه فليس من الإنصاف أن أبحث أنا عوضاً عنك دائماً . يمكنك أيضاً أن تجد في رسالة أيرانيوس (230م)الى فكتور الأول أسقف روما أن الصيام قبل عيد الفصح لم يكن متّفق على شكله و أيامه فعند البعض بيوم و عند آخرين بيومين و البعض الآخر يجعلها 40 ساعه و هذا موجود في كتاب Eusebius, History of the Church, V.24، و أن التشديد على فكرة الصيام لأربعين يوماً بدأ من مجمع نيقيا (325م) و نرى جريجوري أسقف روما (604 م) يكتب الى أوغستين من Canterbury عن نوع صيام الكنيسة في عصره بأنه الأمتناع عن أكل اللحوم والمشتقات الحيوانية هي الفريضة . و بهذا نعرف بأن الكاثوليك في زمن النبي محمد كانوا يمتنعون عن هذه الأمور فقط،فصيام الأربعين لدى النصارى جاء بعد إقتراحات مجمع نيقيه سنة 325 م أن يُصام 40 يوم قبل الفصح و ليس فرضاً من الرب كما إدعى قرآن نبيّك .. • قلت : دعنا من النصارى و اليهود و فروضهم و إثبت لي أن صومنا أصولهُ وثنية كما تدعي . • طيب سالم ، هذه حكايه تحتاج الى ترتيب للمعلومات لتدخل من الثقب الصغير الذي فتحته في مخك .. هل تعرف مَن هم الصابئه وما هي نشأتهم ؟ • قلت : هَبْني لا أفقهُ شيئاً و أَسمِعْني ما تعرفهُ أنتَ .. • قال : يذكر إبن النديم في كتابه الفهرست ص 348عن أن الصيام تمتد جذوره الى ما قبل الإسلام لطائفة (الجندريهكنية) التي كانت تصوم للقمر وهي تُراقب الهلال ،كذلك الصابئيون المندائيون ويتحدث المؤرخون عن طائفه يسمونها (المُغتَسَله) و يُعتَقَد أنهم الصابئة فهُم يتوضئوا قبل كل صلاة و يصومون رمضان و هؤلاء أخذوها عن الصابئيين الحارانيين الذين كانوا يعبدوا إلــه القمر الذي يدعونه (سين) و شعاره الهلال الذي أخذهُ المسلمون عنهم شعاراً لهم (وكانت مدينتهم تسمى مدينة القمر) وكان لدى الحارانيين إسطوره في أن القمر يغيبُ عنهم شهر لأنه غاضب منهم لذا فهم يصومون شهر إسترضاءاً له فيعِدهم القمر بالرجوع ، لكنه يعود لدير "كادي" وهو مكان بجانب بوّابات حاران فيذهبون الى هناك لرؤية الهلال فيبتدأون عيد الفطر وهذهِ لم تكن عبادة سماويه بل وثنية كما يذكر إبن النديم ، ويقول إبن أبي زناد عن أبيه في تفسير إبن كثير جـ 2 أن الصابئيين هم من جنوب العراق يصومون رمضان للقمر و يصلّون لهُ باليوم خمس صلوات .. أما إبن حزم الأندلسي ففي كتابه (الفصل في المِلَل و النِحَل) يؤكد صيام الحارانيين لرمضان بأنهُ نفس صيام المسلمين له فكلاهما يصومان شهر رمضان و كِلا صيامهما يرتبط بالقمر .. • كلُّ ما أوردهُ صديقي المُلحد من معلومات ومصادر جديدةٌ عليَّ تماماً .. كنتُ أحرِّكُ رأسي علامة الأيجاب طالباً بشكل ضمني أن يُتابع ..... • وهذا أبو الفداء في كتابه المُختَصَر في تاريخ البشر يقول في ص 65 : الصابئة الحارانيين لهم صلاة على الميّت بلا ركوع و لا سجود و يصومون ثلاثين يوماً و إن نَقُصَ الشهر الهلالي صاموا تسع و عشرين يوماً ،وكانوا يراعون صومهم الفطر والهلال بحيث يكون الفطر وقد دخلت الشمس الحمل ويصومون من ربع الليل الأخير حتى غروب قرص الشمس ،..... شفت يا سالم !!! كما تُصلّون على موتاكم وكما تصومون أنتم تماماً و كأنكم نسخه كربونية عنهم .. فهل هذا صدفه أم أنكم أخذتموه عنهم !! ؟؟ • قلت : أرجوك صديقي دع تعليقاتك الآن فما تقوله مُثير جداً (بالنسبة لي على الأقل) .. فتابع يقول : يذكر محمد عبدالحميد الحمد في كتابه (صابئة حران و أخوان الصفا- ص57) : "فكانوا (أي الصابئيين) يبدأون صومهم خلال شهر الصيام من قبل أن تشرق الشمس حتى غروبها ،تماماً كما يفعل المسلمون في شهر رمضان" لاحظ يا سالم ، هو القائل و لستُ أنا .. فتعليقاتي التي إستفزتكَ هي تعليقات المؤرخين .. أما أبن الجوزي فيقول في كتابه (شيس إبليس، ص84) : بأن الصابئة الحرانيين يختمون صيامهم بالصدقَة والذبائح وهو ما تسمونه أنتم بزكاة الفطر .... هههههه حتى زكاة الفطر أخذتموها عن الوثنيين . أما إبن النديم في كتابه الفهرست ص 319 فيقول أن عيد الفطر هو عيد حرّاني و أنهُ إحتفال بعودة القمر بعد صيامهم شهراً إسترضاءاً لهُ وحتى أن يوم الجمعه هو يوم حرّاني وهو يوم كوكب الزُهرَه .. هل أكتفيت يا سالم ؟؟ لأن هناك المزيــــــــــــــــــد من المصادر الأخرى لكنني آثرت أن أذكر لكَ من مصادر مؤرخيكم .. • قلت : حتى لو كان ما تقولهُ صحيحاً فالإسلام لم يأخذ عن هؤلاء الوثنيين بل ربما عن الأحناف في مكة و هم موحّدون ، صحيح ليس لديهم كتاب لكنهم موحّدون .. و حتماً أنت تعرفهم أفضل مني لما أراه عندك من ثراء معرفي و تاريخي و ديني .. وسأوضّح لك يا صديقي عن الأحناف ما أعرفُهُ لو أردتَ ذلك .. فأن مؤسس جماعة الأحناف في مكه هو زيد بن عمرو بن نُفيل حيث يروي أبن كثير عن أبن إسحاق، بينما يذكرها أبن حبيب (ت 245 هج) عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي في كتاب "المنمق في أخبار قريش لأبو جعفر محمد بن حبيب البغدادي 245هـ : 152 . قال أبن إسحاق : “إجتمعت قريش يوماً في عيدٍ لهم عند صنمٍ من أصنامهم، كانوا يعظّمونه وينحرون له، ويعكفون عنده، ويدورون به، وكان ذلك عيداً لهم في كلّ سنةٍ يوماً، فخلص منهم أربعة نفرٍ نجيا، ثمّ قال بعضهم لبعض: تصادقوا وليكتُم بعضكم على بعض، قالوا: أجل. وهم: ورقة بن نوفل، وعبيد الله بن جحش، وعثمان بن الحويرث، وزيد بن عمرو بن نفيل. فقال بعضهم لبعض: تعلموا والله ما قومكم على شيء ! لقد أخطأوا دين أبيهم إبراهيم! ما حجرٌ نطوف به، لا يَسمع ولا يُبصِر ولا يضر ولا يَنفع!.. يا قوم، التَمِسوا لأنفسكم ديناً، فإنّكم والله ما أنتم على شيء. فتفرّقوا في البلدان يلتمسون الحَنَيفية، دين إبراهيم.” (أبن هشام : 1 / 237-238) . • قال صديقي : هذا كل ما تعرفه !!؟؟ماذا عن تأثّرهم بالحرّانيين الصابئة ؟أظنّك كبقية المسلمين ستنكر ذلك و تنكر صحة ما سأوردهُ لك من مصادركم ،فهذا ديدَنكُم ،كل واحد منكم مستعد ليُكذّب كل المصادر ويريد من الجميع أن يصدقوه و كأنه بُخاري زمانه .. سأوضّح لك كيف أن الأحناف الذين ذكرتهم أخذوا عباداتهم عن الحرّانيين .. بدأ صديقي يرسم لي صورة نواة الحرانيين في مكة ، قال : أن ما ذكرته لي يا سالم عن نشأتهم صحيح و أتفق مع مصادرك لكننا سنختلف في حيثيات عباداتهم و تأثر بعضهم بديانات أبراهيمية كورقة بن نوفل إبن عم خديجة زوجة نبيكم فكلاهما أعتنقا المسيحية النسطورية و هنا إنتهت علاقة ورقة بالأحناف وقد ذكر اليعقوبي في تاريخه (جـ 1 ص 220)خبر تنصّره هو وعثمان بن الحويرث ، و أنت تعرف يا سالم بأن أي دوله تقوم تحاول طمس معالم ما قبلها و هنا أركّز إنتباهك على التعتيم الذي مارسته المؤسّسة الإسلاميةضد ثقافة العصر قبل الأسلام فوصفتهم بالجاهيه و هذا ما ترسّخ في عقولكم لأجيال متعاقبه، تصوّر عصر معلقات الشعر كان جاهليه !! ، فرغم أهمية جدلية حركة المجتمع المكّي قبل الإسلام نجد أنّ أغلب أمهات كتب التاريخ الاسلامي تغافلت عنه و سكتت عن ذكره عامدةً ، فلم تعطي لحركة الأحناف الفكريه حقها في بلورة نشوء الإسلام و تأثره بهم ، و كل ما وصل الينا كان عبر روايتين مركزيتين هما :- رواية إبن إسحاق (ت 152 هج) بعد أن مرّت تحت رقابة إبن هشام في (السيرة النبوية لابن هشام) . ورواية إبن كثير (ت 774 هج) في كتابه (البداية والنهاية) . لكننا نجد الشاعر الرصافي يشرحها لنا تحت عنوان “فكرة النبوّة وكيف حصلت لمحمد” في كتابة الشخصية المحمدية ص 126 و الذي إعتمد فيه على إبن كثير و أبن هشام .. الأحناف تأثروا بالصابئة الحرانيين حين كان ورقة بن نوفل يصطحب بعض الأحناف في رحلات للبحث عن دين يعتنقوه ومنهم زيد بن عمرو بن نفيل ، وأبي قيس بن الأسلت في يثرب، وأمية بن أبي الصلت في الطائف و عثمان بن الحويرث وأبي أُحيحة سعيد بن العاص و سويد بن الصامت ، ومن أشهر رحلات الأحناف رحلة زيد بن عمرو بن نُفيل للشام و تبدأ الشام تبدأ الرحلة بالذهاب إلى يثرب ومنها إلى أحبار خيبر، ثم إلى أحبار فدك، ثم إلى أيلة، ثم إلى البلقاء، ثم إلى راهب في الموصل، ثم إلى شيخ في الجزيرة، ثم إلى شيخ في الحيرة، ثم عودته لمكة. كما جاء ذكرها في السيرة النبوية لإبن كثير : 1 /391 ، والروض الأنف : 1 / 382 ، وصحيح البخاري : 5 / 50 ، وسيرة إبن إسحاق: 98 -99 .. وقد ورد في ( السيرة النبوية لإبن كثير ) 1/215،أن زيداً بن عمرو بن نُفَيل قال: “طِفْتُ البلادَ كلها أطلبُ دين إبراهيم، فكان من أَسأل من اليهود والنصارى والمجوس يقولون: هذا الدين وراءك” ، وهذا الخبر يشير إلى محاورته للمجوس أيضاً. لكنه لم يعد بشيء من كلّ رحلاته، وقد جاءه ( أمية بن أبي الصلت ) من الطائف يسأله: يا باغي الخير هل وصلت؟ قال: لا ( طبقات الشعراء : 66 ). وفي خبر آخر عن أسماء بنت أبي بكر أنّ زيداً كان يسند ظهره بجدار الكعبة ويقول:“اللهم لو أني أعلم أيّ الوجوه أَحَبُّ إليكَ عبدتُكَ بهِ، ولكني لا أعلمه، ثم يسجد على راحته” ( إبن هشام: 1/240 ). و ورد عن أسماء بنت أبي بكر إيضاً قالت: “كان زيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل يذكران أنهما أتيا النجاشي بعد رجوع إبرهة من مكة” ( أول سيرة في الإسلام: 72 ) . وكان أمية بن أبي الصلت يمرّ بالمعابد والأديرة يلتقي بالأحبار والرهبان يسألهم ويسمع منهم، بل إنه تعلم “بإسمك اللهم” من رجل أبيض الرأس واللحية يجلس في كنيسة، فأدخلها بادئة لكل كتاب، وكانت قريش أخذت عنه ذلك: ( مروج الذهب : 1 / 73 – 74 )، وفي رواية أخرى إنه علَّمَ أهل مكة ذلك فجعلوها في أوّل كتبهم فكانت قريش تكتب بإسمك اللهمّ، وكان محمد يفعل مثل ذلك ( مصادر الشعر الجاهلي : 73 ). لكن أغلب هؤلاء الأحناف وقفوا ضد دعوة محمد مكذبينَها فهذا الواحدي يقول في ( أسباب النزول : 126 ). أن الآية 175من سورة الأعراف {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ } نزلت في أمية بن أبي الصلت الثقفي، وهو مَن كان قد قرأ الكتب .. و كانت عادات الصوم بعض ما نقلهُ الأحناف عن الصابئة الحرانيين أثناء تجوالهم بحثاً عن دين حتى دخل الصوم عادات أهل مكه، فيذكر لنا صحيح البخاري ومسلم في كتاب الصوم باب صوم عاشوراء :أن صيام عاشوراء كانت يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية وكان النبي يصومه في الجاهلية ،فلما قَدِمَ للمدينه صامهُ و أمرَ بصيامِهِ ولمّا فُرِضَ رمضان ترَكَ صيام عاشوراء فمَن شاءَ صامَهُ ومن شاءَ تَرَكَهُ ، وذكر محمد عمر حمادة بكتابهِ "تاريخ الصابئة المندائيين" في الصفحات 45 - 144 بأن الصابئيون يُطلقون أسم "عاشورية" على يوم غرق المصريين في البحر الأحمر ويُقيمون الأحزان في ذلك اليوم ، و يقول إبن الأثير في كتابه "النهاية في غريب الحديث و الأثر" جـ1 ص 96 : ".... فأنهم كانوا يصومون عاشوراء و هو العاشر من محرّم ،فأراد النبي أن يُخالفهم ويَصوم التاسع..." إذا فدوافع نبيّك هو التقليد وليس الوحي الإلاهي ،ففي تاريخ الطبري جـ2ص 18 نجد نبيك يقول "... نحن أحقُّ بموسى...." كذلك وردت في سُنن أبي داوود بالرقم 2444 و النسائي في السنن الكبرى بالرقم 2834 و في صحيح مسلم بالرقم 127 ـــــــــــ1130 ،نبيّك هذا كان يتخبَّط في إقتباساته لشعائر دينه الجديد لذلك تجد أن الصيام لم يكن بصورتهِ الحاليه منذ بدء المسلمين بتطبيقه والألتزام به. فلو كان إلاهياً كما يزعم لكان ذا طبيعه ثابتة في أول إقراره .. لنستمع لإبن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري بالرقم 1895 يقول عن نبيّك :" كان محمد (ص) يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمَر بهِ بشيء لاسيما فيما يُخالف فيه أهل الأوثان فلما فتح مكه و إشتهر الأسلام أحبَّ مخالفة أهل الكتاب أيضاً.." هل ركّزت على كلمة (أحَبَّ) ؟؟ يعني نبيَّك من أَحَبَّ و ليس ربّك ، و يؤكد المسعودي في مروج الذهب ص 285 و كذلك المقدسي في كتابه البدء و التاريخ جـ 5 ص 20 من أن النبي وفي نفس السنه الثانية للهجرة الذي فرض صيام رمضان بَدلاً عن عاشوراء قد غيّر القِبلة في الصلاة نحو الكعبة .. و هنا يا سالم نجدُهُ قد خالف أهل الكتاب ووافق الوثنية وسايرَهُم وهذا عمل سياسي ليس إلّا ... كما ساير وثنية قريش في السعي بين الصفا و المروه و كل العرب تعرف ذلك لكن قرآن نبيّك أكّدها و قال أنها من شعائر الله ، و ربما سيجمعني بك حديث عن الحج لتعرف أن السعي بين الصفا و المَروَه ما هو إلّا سعياً بين صنمين قرشيين في موسم (الحك) و ليس الحج حيث يحك العربي فرجه في الحجر الأسود طلباً للخصب و اإمنجاب فيقول (حكّيت) التي تغيّرت فيما بعد الى (حَج) و حجّيت ... أما حكاية الخيط الأبيض و الأسود فنجدها في التلمود و المشنا من الكتب اليهودية حيث نجد تلك العبارة "أن أول نهار صيام هو الوقت الذي يقدر المرء فيه أن يتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأزرق" فما الذي غيّرهُ نبيّك في الآية 187 من سورة البقرة سوى لون الخيط الأزرق فجعله أسوداً !!!! ؟؟ أعرف أن تَعَبي و كلامي مَعَك يُلخِّصهُ المثل المصري " كأنك تنفخ في قِربة مقطوعة" فهو يدعو لأحباط محاولات التعليم و الأصلاح... هكذا أنتم المسلمون ، تُعادون حتى من يُحاول أن يُنير لكُم طريقكم ، فتاريخكم حافل بما فعلتموه بأعلام المعرفه الذين حاولوا الأصلاح أمثال إبن المقفّع و الرازي وإبن سينا،وجابر بن حيان،والخوارزمي،والجاحظ،والفارابي و غيرهم .. • قلت : ما الذي تريدهُ مني يا عزيزي !!! قلتُ لكَ أني مؤمن بربٍ عادل و لا تهمني كل الرسالات و لا تعاليمها و لستُ مسؤولاً عن سلوك غيري من السَلَف الطالح أو الخَلَف الأصلَح .. • نهض صديقي ممتعضاً بينما بقيتُ جالساً مكاني مُحدِّقاً فيه ... رأيتُ في نظرتِهِ خيبةً في صديقه الذي إعتَقَدَهُ أكثر تَفَهُّماً لما ساقهُ من وقائع و سِيَر من بطون كتبنا ... رفعَ يدهُ محيياً إيّاي بعلامة وداع دون أن ينبس ببنت شفه ..
#سالم_الدليمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عَتَبي عليكَ صديقيَ المُلحِد ج 3
-
عَتَبي عليكَ صديقيَ المُلحِد ج 2
-
عَتَبي عليكَ صديقيَ المُلحِد
المزيد.....
-
الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت
...
-
تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ
...
-
استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
-
82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|