أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ف. بيخوروفيتش - النزعة الوطنية- بوصفها مرض الشيخوخة اليميني في الشيوعية.















المزيد.....

النزعة الوطنية- بوصفها مرض الشيخوخة اليميني في الشيوعية.


ف. بيخوروفيتش

الحوار المتمدن-العدد: 1343 - 2005 / 10 / 10 - 10:10
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


تكاد النزعة الوطنية اليوم تكون القضية الوحيدة التي لا خلاف عليها عملياً داخل الحركة الشيوعية "الرسمية".
زد على ذلك أن مفهومي الشيوعية والوطنية يكادان يتطابقان. أما الأممية فإذا ما تم تذكرها فإن هذا لن يتعدى الكلام الخطابي، وهي ستأتي بعد الوطنية بفاصلة (لاحظوا بعد الوطنية لا قبلها).
هذا الأمر من حيث المبدأ ليس عصياً على الفهم والتفسير. فعندما كان الاتحاد السوفياتي بلداً اشتراكياً يتجه صوب الشيوعية، كان الالتقاء طبيعياً بين الشيوعية والوطنية وكان الاختلاف بينهما ممكناً رسمه بواسطة النظرية وحسب. ولم تكن لهذا التمييز، بل ما كان يمكن أن تكون له أهمية عملية بالنسبة إلى الناس السوفيات العاديين (وليس طبعاً بالنسبة إلى أهل النظرية من الشيوعيين). فالوطنيةُ السوفيتية كانت مثابة الخطوة الأولى في حركة كل فرد على حدة في اتجاه تملك الرؤية الشيوعية للأمور. وإنها لمسألة مغايرة أن تكون حركة الكثير من الأفراد حتى في زمن السوفياتات نحو الشيوعية قد انتهت عند هذه الخطوة الأولى بالذات.
لَكنَّنا نحن مهتمّون بمشكلة أخرى. أفلم يتغيّرْ الوضع تغيراً مطلقاً بَعْدَ أَنْ زال الاتحاد السّوفيتي من الوجود، وبعد أن تأكدت سيطرة البرجوازية في شظاياه القومية (أو المتعددة القوميات)؟ أنحن حقاً لا يزال يحقّ لنا أن نحبّ وطننا وأن نأمل في أن تعطينا وطنيتنا هذه الحقّ في أن نسمى شيوعيين؟
قبل المضي في استعراض هذه المسألة على الصعيد النظريِ سَنُحاولُ معالجتها بطريقة أخرى، مِنْ وجهةِ نظر الحسّ السليمِ.
ما الذي يا ترى يمكن أن يكون موضوع حبِّ لدى أي واحد من الوطنيين؟ لمن النادر، كَقاعِدَةٍ، أن يكون موضوع الحب هذا أيّ منشأة صناعية، أو أي بناء ضخم أَو أي شيء مماثل. فالناس يحبون عادة شتى صنوف "الغابات والحقول والجبال" وغيرها من المناظر الطبيعية الخلابة. والغابات هذه ينبغي أن تكون في غور الطبيعة، والحقول أن تكون غير محروثة، أو أقله غير مخترقة بالطرقات المفروشة بالأسفلت، والجبال أن تكون عِصيّةً شامخة لا يسع المرء الوصول إليها. وإذا ما أخذنا في الحسبان أن ذوي النزعة الوطنية من محبي هذه المناظر الطبيعية هم في معظمهم من الناس الذي لبدوا في المدن منذ وقت طويل، فمن الصعب أن نصف مثل هذا الحب بغير الطوباوية الرجعية.
وتعالج هذه المسألة بكل بساطة من الناحية النظرية. فمبدأ المجتمع المعاصر هو أن رأس المال في تحركه أقل ما يفكر فيه هو الحدود القومية. فهو يبحث لنفسه عن مكان يوظَّف فيه في البلدان التي فيها الربح أكبر، ولذا يضطر العامل إلى أن يلحق به أينما ارتحل وإلى أن يجد وطنه فقط حيث توجد إمكانية لكسب الرزق.
لكن المبدأ شيء وطرق إحقاقه شيء آخر. فرأس المال أممي في جوهره، غير أن الدولة البرجوازية هي دائماً أو هي تقريباً دائماً قومية في شكلها. وغير نادرة هي الحالات التي تنتهَج فيها تحت يافطة القومية سياسةُ رأس المال المتجاوز الحدود القومية. وأسطع مثال على هذا تاريخ انهيار الاتحاد السوفياتي.
فهو بيّن إلى جانب أمور أخرى عجز الشيوعيين الكلي، ليس فقط "السابقين" (أي الذين خانوا)، بل حتى الحاليين ذاتهم في الشأن القومي. فالشيوعيون لم يستطيعوا أن يواجهوا سياسة البرجوازية الوقحة، ولكن المضبوطة تماماً والمصاغة أفضل صياغة (السيادة والتقوقع القومي لم يكونا وحسب خداعاً للجمهور، بل كانا أنسب أشكال إخضاع اقتصاد البلدان الاشتراكية سابقاً، ومن بينها الجمهوريات السوفياتية، لنفوذ رأس المال الأجنبي) بشيء سوى ذرف الدموع وإبداء الحنين والصبابة حيال الوطنية، السوفياتية بدايةً، والقومية السافرة في الآونة الأخيرة. فهم يخيل لهم أنهم بتلقفهم من البرجوازية راية الوطنية سيسحبون منها المبادرة التاريخية. بيد أن لون الراية لا يتغير من كون عصاها في يد شخص آخر. فحامل الراية يمكنه أن يتصور قدر ما يشاء أن الجيوش تسير خلفه بالذات، لكن الجيوش لا تسير خلفه، يبل خلف الراية إياها.
ومن هنا لا تخاف البرجوازية من شيوعيي يومنا الحاضر. فالتجربة تبين أن "الشيوعيين"- الوطنيين، حتى وإن فازوا في الانتخابات، لا يفتأون ينفذون صاغرين برامج البرجوازية، وهذا ما يجعل الناخبين في الانتخابات القادمة "يزبلونهم" ويطردونهم من كراسي السلطة بعيداً (ما حصل مثلا في بلغاريا).
وليس الأمر هنا برأيي في الوطنية بحد ذاتها، بل في أن الوطنية هي اليوم الشكل الأسهل لتخلي الشيوعيين عن الثورة. فهم يرون في الثورة انقساماً للمجتمع وحرباً أهلية و"انفجارا اجتماعياً" على وجه العموم. حاوِل إذاً أن تبقى شيوعياً وترفض أن تعمل لشق المجتمع (ما نسميه نحن بتنظيم الطبقة العاملة لتلعب دورها كاملاً في تغيير هذا المجتمع)، ولشرح أن البرجوازيين ليسوا للعمال أخوة، بل هم أعداء ألدّاء مع كل ما يترتب عن هذا من نتائج، وأن هذا الكابوس سينتهي أسرع كلما كان أسرع هبوب العاصفة. فما الوطنية غير طريقة لتوفيق ما لا يمكن توفيقه.
وبالمناسبة نقول إن التخلي عن الثورة ليس هو بعد السبب النهائي والأخير للوطنية، بل هو بدوره مشروط بأسباب أخرى: مشروط بأيديولوجية السوق (الموالية للرأسمالية) لدى أمثال هؤلاء الشيوعيين في ميدان الاقتصاد السياسي.
والمخرج هنا واحد، ألا وهو التخلي عن الانتهازية وانتقال الشيوعيين إلى مواقع الثورة.
فوطنية الثوري في أن يناضل ضد برجوازية بلده بالدرجة الأولى، وبعد هذا ضد برجوازية باقي الأمم جميعاً.
وحده نضال الطبقة العاملةِ في كُلّ أمة مِنْ الأممِ ضدّ برجوازيتها ورص صفوف الطبقة العاملةِ في كُلّ البلدان والأمم ضدّ رأس المالِ العالميِ يُمْكِنُ أَنْ يُؤدّي إلى النصر. فانكباب الأحزاب الشيوعية على مشاكلِهم الخاصةِ، ومحاولتُهم اسْتِبْدال مهمّة إسقاطِ برجوازيتهم وتحطيم النظام الرأسمالي بمهمّة الحلول محل الأحزاب البرجوازية على كرسي السلطةِ بهدف حل مشاكل المجتمع البرجوازي نيابة عنها سوف يعْنيان اندحار الحركة الشيوعيُة اندحاراً كاملا والتشهير بسمعة الفكرةِ الشيوعية لسَنَواتِ طويلةِ.
وإنّ تجربةَ الرفاقِ الروسِ في هذا المجال هي من خير ما يعلّم. فخطأ الحزب الشيوعي الروسيِ القاتل كان رهانه على الوطنيةِ وحب الدولة والكيان. وقد فشلت محاولة خَلْق جبهةٍ عريضةٍ معاديةٍ للرأسماليةِ على هذه الأرضيةِ غير المستقرةِ، مع التضحية بالشعاراتِ الشيوعية، الفشل الذريع. ففي لحظةِ الضرورةِ، وبالذات قبيل الانتخاباتِ الرئاسيةِ "افرنقع" "الوطنيون" جميعاً وراح كُلّ منهم يطرح مرشّحه. ومن ناحية أخرى، ما إن أعلن بوتين نفسه وطنياً ومحباً للدولة والكيان (وهذا أمر طبيعي تماماً بالنسبة إلى ممثل البرجوازية الكبرى التي تمسك منذ وقت طويل بناصية هذه الدولة إياها بما فيها من "غابات وحقول وجبال" خلابة المنظر وموارد طبيعية هائلة، أكثر مما هو طبيعي بالنسبة إلى شيوعي) حتى بات زوغانوف خارج اللعبة. وها هو الحزب الشيوعي الروسيَ الآن أما خيارين: أإما رَفْض عقيدةِ حب الدولة والكيان والتوجه مجدداً نحو الماركسية وشعارات الأممية البروليتارية والثورة الاشتراكيةِ، وإما أن يؤول مصير الحزب إلى الاختفاءِ اختفاء كاملاً مِنْ الميدان السياسي كقوة مستقلة.
إن أيّاً من الأفكارِ المطروحة هنا ليس لا معقّداً جداً، ولا جديداً جداً. فإن هو إلا إعادة رواية لألفباء الماركسية في حل مشكلةِ الوطنية.
لكن معرفةَ الألفباء هذه اليومَ هي بالذات ما يعوز الماركسيين من أجل أن يأَخْذوا مجدداً بناصية الوضع ويوقفوا سلسلة الهزائم المشينة التي تعيشها الحركة الشيوعية في السَنَوات الأخيرة.



#ف._بيخوروفيتش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ف. بيخوروفيتش - النزعة الوطنية- بوصفها مرض الشيخوخة اليميني في الشيوعية.