جورج مونبيوت
الحوار المتمدن-العدد: 1343 - 2005 / 10 / 10 - 10:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
"نحاول محاربة الجريمة في القرن الواحد والعشرين – السلوك المعادي للمجتمع، تجارة المخدرات، إدمان الكحوليات، الجريمة المنظمة – بأساليب القرن التاسع عشر كما لو كنا ما زلنا نعيش في زمن تشارلز ديكنز". توني بلير، السابع والعشرين من سبتمبر 2005. (1)
"نصب النبيذ على الأرض مثل صبنا للزيت على النار المشتعلة. وما زال الشغب يقع – الفسق ترتفع قامته – نلقي بالكئوس على الأرضية بواسطة الأيادي التي لا تقوى على حملها إلى أفواهنا، نقسم القسم بشفاهنا التي نادرا ما تستطيع تكوين الكلمات حتى تنطقها؛ الخاسرون السكارى يسبون ويلعنون بهياج؛ البعض قد اعتلى المنضدة، يلوحون بالزجاجات أعلى رؤوسهم يزدرون الآخرين؛ والبعض يرقص، والبعض يغني والبعض يمزق كروت الكوتشينة ويصخب. الضجيج والحمى تحكم وتسود...". نيكولاس نيكلباي، تشارلز ديكنز، 1839. (2)
كل السياسيين الذين يسعون إلى تبرير فرضهم لتشريعات قمعية يدعون أنهم رد فعل لمخاطر غير مسبوقة تهدد الأمن العام. وكل السياسيين الذين يصرحون بمثل هذا التهديد ويتخذون تدابير كرد فعل له يمكن استخدامها بسهولة ضد الاحتجاجات الديموقراطية. لم يتخذ تدبير واحد طوال العشرين عاما الماضية بغرض منع السلوك المعادي للمجتمع، والمسلك الذي يخلخل النظام، والتعدي، والتحرش والإرهاب والذي لم يتم استخدامه لتجريم الانخراط العام السلمي في الشئون السياسية. عندما اعتقل البوليس والتر وولفجانج لفترة قصيرة بعد أن حاصر وزير الخارجية بالأسئلة وقاطعه الأسبوع الماضي، أمسك الرأي العام بلمحة من شيء ما ظلت القلة منا تحذر منه بصوت عالي دون جدوى لمدة أعوام.
يوم الجمعة، أدين ستة طلاب وخريجون من جامعة لانكستر بتهمة التعدي الفادح. جريمتهم كانت دخولهم قاعة المحاضرات وتوزيعهم منشورات على الحضور. كانت هيئة التدريس في لقاء مع شخصيات من شركات BAE، ورولز رويس وشل وكارليل وجلاكسو سميث كلاين، وديو بونت، ويونيلفر ودياجيو، من أجل تعليمهم كيفية "تسويق أبحاث الجامعة تجاريا". (3) كان الطلاب يأملون في إقناع الباحثين ألا يبيعون أعمالهم. مكث الطلاب في القاعة لمدة ثلاثة دقائق. كما اعترف القاضي، لم يحاول الطلاب تهديد أي شخص ولا منع وقائع المؤتمر. (4)
تم معاقبتهم طبقا لقانون العدالة الجنائية لعام 1994، الذي صدر عندما كان مايكل هوارد هو وزير الداخلية في حزب المحافظين. ولكن الجامعة استطاعت استخدام القانون فقط لأن حزب العمال أضاف ملحق للقانون عام 2003، لتأكيد أن من الممكن تطبيق القانون في أي مكان، بدلا من تطبيقه على الأحداث التي تقع "في أماكن مفتوحة". (5)
لو كان السيد وولفجانج قد قال ’كلام فارغ‘ مرتين أثناء خطاب وزارة الخارجية، لكان في استطاعة البوليس أن يتهمه طبقا لقانون التحرش لعام 1997. التحرش، كما يقول القانون، "يجب أن يتضمن مسلكا على الأقل في مناسبتين.. المسلك يتضمن الحديث". (5) أخبروا البرلمان أن غرض القانون هو حماية النساء من المتسكعين الذين يتطاولون عليهم بالكلام أثناء السير، ولكن أول من قبض عليه البوليس بهذا القانون كان ثلاثة من نشطاء السلام. (6) ومنذ ذلك الحين، تم استخدامه بواسطة منتجي السلاح ( ) ليمنع المتظاهرين من القرب من بوابات مصانعها، (7) وبواسطة بوليس كنت للقبض على امرأة أرسلت إلى مسئول تنفيذي في شركة أدوية عن رسالتين عن طريق البريد الإلكتروني غاية في التهذيب، ترجوه ألا يجري اختبارات لمنتجاته على الحيوانات. (8) في 2001، ناشطات السلام لينديس بيرسي وآني رينبو تم إدانتهم بالتسبب في "التحرش، والإزعاج والضيق" لرجال الخدمة الأمريكيين في قاعدة الاستخبارات العسكرية في منويذ هيل بيوركشاير، عن طريق الوقوف على البوابة يحملون النجوم والخطوط [العلم الأمريكي] ولافتة عريضة تقول "جورج دابليو بوش؟ آه يا عزيزي!". (9) في هول قبض على أحد المحتجين طبقا لهذا القانون لأنه كان واقفا "يحملق في المبنى". (10)
لو كان السيد وولفجانج قد قال "كلام فارغ" لأي واحد من المأجورين الذين سحبوه خارج المؤتمر، لكان من الممكن اتهامه طبقا للقسم 125 لقانون الجريمة المنظمة بخطورة والبوليس لعام 2005، الذي دخل حيز التنفيذ في أغسطس. القسم رقم 125 أضاف تعريفا جديدا للتحرش على قانون عام 1997: "سلسلة من المسلك.. يتضمن تحرشا بشخصين أو أكثر". ما يعنيه ذلك هو أنك تحتاج فقط أن تخاطب شخص ما آخر بنفس الأسلوب. هذه المادة، بكلمات أخرى، يمكن استخدامها لتجريم أي احتجاج في أي مكان. ولكن عندما مر اقتراح القانون خلال مجلس العموم واللوردات، لم يناقضه أي عضو أو حتى أثار انتباهه.
لم تستخدم المادة 125 حتى الآن بعد، ولكن القسم 132 من القانون قد أصبح نافذا توا وأصبح سلاحا فعالا ضد الديموقراطية. إنه يحظر على الناس التظاهر في منطقة "ترسمها" الحكومة. احد هذه المناطق هي الكيلو متر مربع حول البرلمان. حيث ان القانون قد دخل حيز التنفيذ، نشطاء الديموقراطية يقومون بنزهة في هذا الكيلو متر مربع حول البرلمان كل يوم أحد بعد الظهر (انظر: http://www1.atwiki.com/picnic/). قبض على 17 شخصا حتى الآن. (11)
ولكن القانون الذي برهن على أنه كان أكثر فائدة للبوليس هو القانون الذي أمسك بالسيد وولفجانج: القسم 44 من قانون الإرهاب لعام 2000. إنه يسمح لهم بمنع الناس والتحري عنهم، دون الحاجة إلى إظهار أن لديهم "شكوك معقولة" في أن عملا مؤثما قد تم ارتكابه. لقد استخدموه لإرسال المحتجين من أنصار السلام إلى الجحيم.
في بدايات عام 2003، المتظاهرون ضد الحرب الوشيكة على العراق انشأوا معسكرا للسلام خارج القاعدة العسكرية في فيرفورد بجلوشيسترشاير، التي تنطلق منها طائرات البي 52 الأمريكية للقيام بغارات القصف بالقنابل. في كل يوم – أحيانا عدة مرات في اليوم الواحد – يتم إيقاف المحتجين ويفتشون طبقا للقسم 44 من القانون. (12) الشرطة، طبقا للاستجواب البرلماني، قد استخدمت القانون 994 مرة، رغم أنهم يعرفون أن معسكر أنصار السلام ليس بينهم إرهابي. (13) التحرش المستمر والاعتقال كسر بشكل جيد إصرار النشطاء. ومنذ ذلك الحين استخدمت الشرطة نفس هذا القسم لتفريق المتظاهرين خارج مقر القنبلة في ولفورد ببركشاير، وعند مبنى مؤسسة الأسلحة الذرية في ألدرماستون، وفي منويز هيل وفي معرض السلاح السنوي في دوكلاندز بلندن. (14)
الشرطة أيضا تعيد اكتشاف فوائد بعض من أدواتنا الأكثر فاعلية. في العاشر من سبتمبر، كيث ريتشاردسون، واحد من ستة طلبة أدينوا بتعدي خطير يوم الجمعة، تم احتجازه في مركز مدينة لانكستر في ظل قانون التشرد لعام 1824. (15) "كل شخص يحوم في الخارج ويسعى بواسطة عرض الجروح والتشوهات للحصول على أو جمع صدقات... سوف يعتبر كمتشرد أو محتال..." (16) كان المقصود بالقانون منع المحاربين القدامى في الحرب النابوليونية من الشحاذة، ولكن البوليس قد قرر أن صور الجروح والتشوهات التي حدثت بفعل مناهضته لمنشورات الأحزاب المعارضة قد وضعته في الجانب الخطأ من القانون. في حالتين مؤخرا، قبض على المحتجين طبقا لقانون العدالة والسلام لعام 1361. وهذا كثير بالنسبة للسيد بلير "وأساليبه للقرن الواحد وعشرين".
ما هو جدير بالملاحظة حول كل ذلك هو أن حتى يحتجز السيد وولفجانج، لن يهتم البرلمانيون ولا الصحافة بالأمر. جماعة الضغط ’الحرية‘، وحزب الخضر، وزوج من الكوميديين البدلاء، وشبكة الاندي ميديا، والمجلة البديلة سكنيوز، كلهم تركوهم ليدافعوا عن حرياتنا المدنية تقريبا بلا مساعدة. حتى بعد أن ألقوا بـ "وولفي" خارج مقر المؤتمر، تركز الانتقاد العام على قمع المنشقين داخل حزب العمال، أكثر من تركيزه على قمع المعارضين في طول البلاد وعرضها. وبينما انهارت المعارضة البرلمانية متناثرة، من هم خارج البرلمان أطبق عليهم بالكاد بواسطة أشتات من الاحتجاجات المتفرقة كلما اتفق وهي تصر على أن الحريات المدنية هي هبة بريطانيا الى العالم. ربما هتفوا بذلك وهم خائفون من القبض عليهم بسبب قولهم هذا.
www.monbiot.com
References:
1. Tony Blair, 27th September 2005. Speech to the Labour Party conference.
2. Page 757 of the 1978 Penguin edition.
3. George Fox 6 Supporters Group, no date given. Students Face Jail for Handing out Leaflets at University. Press release. There is more information at: http://www.free-webspace.biz/GeorgeFox/
4. George Fox 6 Supporters Group, 30th September 2005. Student demonstrators will appeal aggravated trespass conviction. Press release.
5. Section 59, the Anti-social Behaviour Act 2003.
6. SchNEWS, 20th March 1998. Issue 159. http://www.schnews.org.uk/
7. Smash Edo, 26th March 2005. Arms Dealers Drop Legal Bombshell On Protesters. Press Release.
8. Simon Dally, pers comm, 4th August 2004 and 21st February 2005. Simon Dally acted as legal adviser in this case.
9. Yorkshire CND, 13th December 2000 and 16th January 2001. Menwith Hill news diary.
http://www.cndyorks.gn.apc.org/caab/articles/caabspmhs.htm
10. Schnews, 16th February 2001. Issue 293.
11. Mark Barrett, People s Commons protester, 2nd October 2005. Pers comm.
12. Liberty, Gloucestershire Weapons Inspectors and Berkshire CIA, 2003. Casualty of War: 8 weeks of counter-terrorism in rural England. http://www.liberty-human-rights.org.uk/issues/pdfs/casualty-of-war.pdf
13. Bob Ainsworth MP, 11th April 2003. Holding Answer.
14. Liberty, Gloucestershire Weapons Inspectors and Berkshire CIA, ibid.
15. Keith Richardson, 30th September 2005. Pers comm.
16. An Act for the Punishment of idle and disorderly persons, and Rogues and Vagabonds, in that part of Great Britain called England, 1824.
#جورج_مونبيوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟