أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هيثم بن محمد شطورو - فضيحة العرب















المزيد.....

فضيحة العرب


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 4862 - 2015 / 7 / 10 - 09:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إذا كان مناخ العالم المتـقـدم هو الشرف الإنساني، فالمناخ العـربي هو مناخ الفضيحة الكبرى التي يئن تحت هول فضاعـتها المتـنورون العـرب.
تمخض القرن العشرون و خاصة النصف الثاني منه اثر موجة حركات التحرر الوطني من الاستعمار الأوربي عن بناء دول عربية حديثة من حيث الشكل. إدارة حديثة من حيث هيكليتها و متخلفة في مضمونها من حيث قيامها على مبدأ الولاء للأرفع رتبة. تعـليم موحد مدني في شكله و هيكليته و لكن مضمونه قروسطي مختلط بالعلوم و الآداب الحديثة.
هناك خلل مهول في كيفية إنشاء هذه الدول سياسيا و اقـتصاديا و تربويا و ثـقافيا. دول بشكل عام مبنية هيكليا على الازدواجية و الخوف من التراث و المجتمعات التي تحكمها. و استحضر هنا كلمات قالها لي احد المثـقـفين العراقيـين في بغداد في تسعينات القرن الماضي. قال لي أن أشجع رئيس عـربي هو بورقيبة. اندهشت و سألته هل هو أشجع من صدام حسين المحارب و المشارك في جبهات القـتال؟ فقال لي أن بورقيبة أشجع منه بآلاف المرات مع المجتمع و التاريخ. انه الرئيس العربي الوحيد الذي أزال العباية البيضاء عن المرأة في التلفزيون. ضحكت و قلت أننا نسميه " سفساري" في تونس. أضاف انه الرئيس الوحيد الذي منع تعـدد الزوجات و أعطى المرأة الحق في تطليق زوجها و هو الوحيد الذي أغلق جامع الزيتونة المدرسة الإسلامية منذ قرون و بكل حسم مع التعليم الديني.. و تواصل حوارنا حول تراجع البرنامج البورقيـبي منذ أعلن نـفسه رئيسا مدى الحياة و أصبح يفكر في كرسي السلطة و بالتالي بدأت عملية الانحدار التي تواصلت حتى أصبحت تونس اليوم من أكثر الدول المفرخة للإرهابـيـيـن.
كانت دول الاستبداد التي تدحرجت إليه بكل سهولة، و ذلك بحكم جرائم السلطة المقـترفة و الخوف من العقاب، و بحكم التراث الاستبدادي الطويل و الجهل و معارك البناء التي تتـطلب توحيدا للجهود. و طبعا لازال العـرب لا يفكرون في التوحيد و الوحدة إلا بمنطق الحديد و النار الذي استمر منذ حروب الردة. التوحيد القائم على العصبية القبلية الأقوى التي تحكم. و من بني أمية و الهاشميـين أي قريش المقدسة، إلى الأحزاب القرشية التي قادت معارك التحرير الوطني بلغة حزبوية سياسوية حداثوية.
استغـلت هذه الدول بدورها الدين الإسلامي لتحكم و سيجته من التراث البالي الذي يستجيب لمعطى الاستبداد السياسي. لم تخلو أي دولة عربية من وزارة للشؤون الدينية و بالتالي لا تـنـقـضي أي خطبة جمعة دون الدعاء للسلطان. هذا التمشي النفاقي المتـناقض و الغير قابل للتوافق إلا بالتجاوز الكامل للبنية الأساسية التي ما هي إلا بنية تـقـليدية برغم أشكال الحداثة. تلك البنية السياسوية التربوية الثـقافوية هي التي أسست للفضيحة العربية الكبرى اليوم. فضيحة الداعشية و الإسلام السياسي و الإسلام الموجود حتى في أكثر الإشكال الموصوفة بالمعتدلة. هذه الفضيحة تـتلخص في مجتمعات تعيش بوعي خرافي خارج عصر العلم.
فماذا يعني أن تجد طبـيـبا أو مهندسا أو مدرسا يؤمن بالعفاريت و الجن و الأجر الرباني و معجزات الأنبياء و موسى الذي شق البحر بعصا أو حولها إلى ثعبان و غيرها من الخرافات مثل عذاب القبر؟ كيف لطبـيب تعلم على أساس معطيات الجسد الإنساني و اطلع على أسباب الأمراض و الأعراض التي هي جلها من فعل الطبيعة، أن يؤمن بالقوى الخارقة للطبيعة و التي تصيب الإنسان بالمرض و الموت؟
كيف لمهندس تعلم على أساس القياسات المادية الفيزيائية أن يفكر خرافيا في الغيب و القوى الخفية بل تجده مرتعبا من قول المعتـوهين باقـتراب يوم القيامة. و نفتح قوسا هنا لنقول أن العقل الإنساني يعتبر الحياة ابتـدأت بولادته و تـنـتهي بوفاته و بالتالي فان التـفكير في القيامة ما هو إلا تعبير على هذه النزعة الإنسانية. لكن الحقيقة يا سادة أن الحياة ستـتواصل لمليارات السنين حيث لن نكون حتى غبارا و إنما جزءا ضئيلا من مادة متحولة. الحقائق الموضوعية ترعب العقل البشري دوما و لايمكننا تخيل الحياة الانسانية كيف تكون حتى بعد مئة عام و لذلك من الأفضل ان تـنـتهي كلها بنهايتي الشخصية. تـفكير عاطفي أهوج يـريد سد منافذ القلق النفسي و لكنه عابث و واهم...
كيف بدكتور مثل "زغلول النجار" الذي قد نحترم جهده في تبيان بعض الإشارات في القرآن لبعض النظريات العلمية المكـتـشفة حديثا، أن يدعو إلى شرب بول البعير كدواء شافي؟ فـقد نتـفهم الإشارات العلمية في القرآن ليتضح القصد الرباني في إثبات الوحي و التـنزيل و مخاطبة الله للإنسان في زمن العلم حيث لا يؤمن الإنسان إلا بالأدلة المادية، لكن نعلم أن الاكتـشافات العلمية الإسلامية لم تـنطلق من القرآن و إنما على أساس المنهج التجريبي، و بالتالي فالقرآن لا يمكن أبدا أن يكون أساسا أو منطلقا للبحث العلمي. أما بول البعير فـقد افسد علينا متعة الاستـئناس بتـثبيت القرآن في عصر العلم...
كيف لمناهج تعليمية لدول تعتبر نفـسها حداثية تلخص الأديان في الإسلام دون تدريس الأديان الأخرى بما فيها البوذية على سبيل إتباع منهج المقارنة. ألم يكن في ذلك ترسيخ أفضل لفكرة تميز الإسلام عن بقية الأديان فيما يخص وضوح التجـريد المطلق و التوحيد الصارم للذات الالاهية. لكن هذه الفكرة بالذات تمثل خطرا ماحقا بالاستبداد لان عبادة الله وحده مباشرة و حبه و التحرر من كل شيء في ذلك يؤسس للوعي الحر و الذاتية الفردية الحرة. ألم يكن من الأجدى التركيز على الجانب الأخلاقي في الأديان؟ ألم يكن الأجدى التركيز على البناء الأخلاقي من حيث الصدق و عدم الكذب، و الأمانة و عدم الغش، و غيرها من القيم التي تبني الحضارة و إنسانية الإنسان؟
مثـقـفون يتجهون بسهولة إلى رمي أسباب التخلف على الاستعمار الأوربي، بينما الحقيقة أن هذا الاستعمار كان ضربات المطرقة المدوية على الرأس العربي الأجوف. على الأقل قام الاستعمار بفعل الرجة و الخلخلة للبنى التـقـليدية البالية. الحقيقة التي يهرب منها الجميع أن أسباب التخلف هي النحن العربية الإسلامية الجاهلة المتخلفة المضحكة الفضائحية. أسباب التخلف كامنة في هذه الدول الاستبدادية التي لم تـتجه إلى نقل المجتمعات إلى عصر العلم. ذاك أن عصر العلم لا يتساوق مع حكومات الظلم و الجريمة و الاستبداد العوائلي و القهر للفردانية الحرة..
و اليوم حتى امتلاكنا لأفضل منطقة جغرافية في العالم أصبح مهددا بفعل الدوعشة و الاسلمة و الإرهاب و التـقاتـل.. نحن أمام المحك التاريخي الكبير، فإما أن نتجاوز مرحلة قـتـل العربي للعربي نحو الحداثة و العلم و الحضارة، و إما أن يتم طردنا جميعا بفعل الشعوب الحرة العقلانية التي تفكر بالعلم لتستوطن قلب العالم. فالأرض جديرة بالأفضل دوما و محال أن يكون عـربي الفضيحة الإنسانية اليوم هو الأفضل، سواء من الناحية القيمية الأخلاقية أو من الناحية الذهنية العقلية.. فهذه مجتمعات مريضة..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة المثقف
- التفاحة الساقطة
- الاعلام التونسي الناقص
- سوريا في مواجهة الصحراء
- القراصنة
- التنورة المتمردة
- محاولة الاستئناس في تونس بحزب -سيريزا-
- اللوحة الغريبة
- هل القرآن دستور الدم المراق؟
- قصتي مع الفتاة الروسية
- النجاح الأوتوماتيكي لفشل الحكومة التونسية
- من الاستكلاب البشري إلى التأله الإنساني
- ثورة محجبة
- ضرورة الانفتاح الوطني في تونس
- شهادة حية لحرب 1967
- -وينو البترول- في تونس
- السيجارة
- سخرية جادة
- العراق بين العمامتين
- المأزق التونسي الحالي


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هيثم بن محمد شطورو - فضيحة العرب