أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد سعيد - تأثير عرب الوثنية على الإسلام















المزيد.....

تأثير عرب الوثنية على الإسلام


محمد سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 4861 - 2015 / 7 / 9 - 20:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



رجع نبي الإسلام إلى الجذور الأولى لليهودية و المسيحية،و بما أنه كان يعرف أن أهل الجزيرة العربية كانوا في زمن إبراهيم مؤمنين بوحدانية الله،و بما أنهم حافظوا على كثير من العادات و الفروض عن طريق التوارت عن أبائهم الأتقياء،فإنه لم يلزمهم أن يتركوها كلها،بل بدل الجهد في تغيير دينهم و إبقاء كل عادة قديمة رأى أنها موافقة و مناسبة لدينه الجديد،فقال :"و من أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله و هو محسن و إتبع ملة إبراهيم حنيفاً و إتخذ الله إبراهيم خليلاً" (سورة النساء 4:125) و قال :"قل صدق الله فأتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً و ما كان من المشركين" (سورة أل عمران "3:95) و قال أيضاً :"قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم ديناً قيماً ملة إبراهيم حنيفاً و ما كان من المشركين" (سورة الأنعام 6:161).
و قال إبن هشام و الطبري و غيرهما إن كثيرين من سكان جهات بلاد العرب الشمالية و الغربية تناسلوا من سام بن نوح و بعضهم تناسل من قحطان (يقطان)،و بعضهم تناسل من أولاد قطورة زوجة إبراهيم،و تناسل البعض الأخر و منهم قبيلة قريش من إسماعيل إبن إبراهيم،و لا ينكر أحد أن جميع القبائل التي تناسلت من ذرية سام كانوا يؤمنون بوحدانية الله،و لكن مع مرور العصور أخذوا الشرك و العبادة الصنمية من القبائل السورية و سكان الجهات المجاورة لهم،و أفسدوا ديانة أسلافهم،و فسدوا هم أنفسهم،و مع ذلك لما نسيت جميع الأمم الأخرى ما عدا اليهود وحدانية الله،كان سكان الجهات الشمالية و الغربية من شبه الجزيرة العربية متمسكين بالوحدانية تمسكاً راسخاً.
و الأرجح أن دخول عبادة الشمس و القمر و الكواكب بين سكان تلك الجهات بدأ في عصر أيوب (أيوب 26:31) و قال "هيرودت" أشهر مؤرخي اليونان (400ق.م) "إن العرب سكان تلك الجهات كانوا يعبدون معبودين فقط،هما "أرتال" و "الإلات" (1)،لقد قصد "هيرودت" بالمعبود "أرتُال" الله،فإن هذا هو إسمه الحقيقي،و مع أن "هيرودت" زار بلاد العرب إلا أنه كان أجنبياً،فلم يتيسر له ضبط هذا الإسم،فحرفه لجهله باللغة العربية و تهجئتها و النطق بها،و من الأدلة القوية الدالة على أن هذه التسمية (أي الله) كانت مشهورة و منتشرة بين العرب قبل زمن محمد،أنه كثيرأً ما ذكر إسم الله في سبع معلقات العرب،و هي من تأليف مشاهير شعراء العرب قبل مولد نبي الإسلام،فقد ورد في ديوان النابغة ما نصه :

لهم شيمة لم يعطها الله غيرهم من الجود و الأحلام غير مَوازب
محلُتهم ذاتُ الإله و دينُهم قويمُ فما يرجون غير العواقب

و أيضاً :

ألم ترَى أن اللهَ أعطاك سورةَ ترى كل مَللك دونها يتذبذبُ
بأنك شمسُ و الملوكُ كواكبُ إذا طلَعَت لم يبدُ منهنضَُ كواكبُ

و أيضاً :

و نحن لديه نسأُُل اللهَ خَلدَهُ يردُ لنا مُلكاً و للأرض عامراً
و نحن نزجُي الخُلد إن فاز قدحُنا و نرهبُ قدحَ الموت إن جاء قاهراً

و قال لبيد في ديوانه :

لعمرك ما تدري الضوارب بالحص و لا زاجرتَ الطير ما الله صانعُ

و قد كانت الكعبة من قديم الأزمان أقدس مكان عند جميع قبائل العرب،قال "ثيودور الصقلي" أحد مؤرخي اليونان (60 ق.م) :"إن العرب كانوا يعتبرون الكعبة في ذلك الوقت مكاناً مقدساً" (2) و كان يطلق على هذا المكان المقدس "بيت الله".
و يستدل من أداة التعريف على لفظ الجلالة أن العرب لم ينسوا عقيدة وحدانية الله،و أنه كان عندهم كثير من المعبودات،حتى أطلق عليهم القرأن بسببها إسم "المشركين" لأنهم أشركوا مع الله غيره من المعبودات و عبدوها،و ظنوا أنها شريكة معه في الإكرام و العبادة.
و لكنهم كانوا يقولون لا نعبد هذه المعبوات الثانوية كما نعبد الله (الذي هو الله) بل بالعكس إنا نعتبرهم شفعاء،و لنا الرجاء أن بشفاعتهم نستميل الله الحقيقي لإجابة طلباتنا،و قال الشهرستاني :"إن العرب كانوا يقولون الشفيع و الوسيلة منا إلى الله تعالى هم الأصنام المنصوبة،فيعبدون الأصنام التي هي الوسائل" (3).
و من الأدلة على أن عبدة الأصنام كانوا يعتقدون بهذا،ما ورد في كتاب "المواهب اللدنية" :"قدم نفر من مهاجري الحبشة حين قرأ محمد "و النجم إذا هوى" (سورة النجم 53:1) حتى بلغ "أفرأيتم اللات و العزى،و مناة الثالثة الأخرى" (سورة النجم 53:19) ألقى الشيطان في أمنيته (أي في تلاوته) "تلك الغرانيق العلى،و إن شفاعتهن لترتجى" فلما ختم السورة سجد نبي الإسلام و سجد معه المشركون لتوهمهم أنه ذكر ألهتهم بخير،و فشى ذلك بالناس و أظهره الشيطان حتى بلغ أرض الحبشة،و من بها من المسلمين،عثمان بن مظعون و أصحابه،و تحدثوا أن أهل مكة قد أسلموا كلهم و صلوا مع نبي الإسلام،و قد أمنوا المسلمون بمكة،فأقبلوا سراعاً من الحبشة،و ذكر إبن إسحاق و إبن هشام،و الطبري و كثيرون غيرهم من مؤرخي الإسلام هذه الحكاية أيضاً،و أيدها يحي و جلال الدين السيوطي و البيضاوي في تفاسيرهم لسورة الحج (22:52) "و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته،فينسخ الله ما يلقي الشيطان".
كانت الجاهلية الوثنية كما تسمى في التاريخ الإسلامي تفعل أشياء جاءت شريعة الإسلام بها،فكانوا لا ينكحون الأمهات و البنات،و كان أقبح شيء عندهم الجمع بين الأختين،و كانوا يعبون التزوج بأمرأة أبيه و يسمونه "الضيزن"،و كانوا يحجون البيت و يعتمرون و يحرمون و يطوفون و يسعون و يقفون المواقف كلها و يرمون الجمار،و كانوا يكبسون في كل ثلاثة أعوام شهراً،و يغتسلون من الجنابة،و كانوا يداومون على المضمضة و الإستنشاق و فرق الرأس و السواك و الإستنجاء و تقليم الأضافر و نتف الإبط و حلق العانة و الختان،و كانوا يقطعون يد السارق اليمنى كما جاء بكتاب "الملل و النحل" للشهرستاني.
لقد ذكر في القرأن قوله :"إن ربكم الله الذي خلق السماوات و الأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر،ما من شفيع إلا من بعد إذنه،ذلكم الله ربكم فأعبدوه أفلا تذكرون" (سورة يونس 10:3)،فالواضح من هذا أن العرب في أيام الجاهلية حسب المنطق الإسلامي كانوا يعبدون الله بشفاعة العزى و مناة و اللات،و حينئذ يصدق على العرب الوثنيين لا مسلمي هذا الزمان قول القرأن إنهم مشركون،فينتج عن ذلك أن سكان بلاد العرب حافظوا على عبادة الله إلى عصر محمد،و إعترفوا بوحدانيته،و بناء على ذلك يقول المعترضون إن محمداً أخذ هذه العقيدة من قومه و تعلمها من أجداده و أسلافه،و يتضح من إسم والده "عبد الله" و إسم إبن أخيه "عبيد الله" الوارد فيهما إسم الجلالة بأداة التعريف (و هي دلالة على الوحدانية) أن هذه العقيدة كانت معروفة قبل زمن محمد،و أن الديانة الإسلامية أخذت عادات الطواف و الإهلال و الإحرام و غيرها كثير من ديانات هذه القبائل القديمة،و مع أن العرب كانوا يعبدون أصنام كثيرة في أيام محمد،حتى كان يوجد في الكعبة 360 تمثالاً يتعبدون لها كما يقول الدكتورعبد الهادي بوطالب (4)،إلا أن إبن إسحاق و إبن هشام قالاً إن عمراً بن لحي و هذيل بن مدركة أتيا بعبادة الأصنام من سوريا إلى مكة خمسة عشر جيلاً قبل عصر محمد،و لا يحتاج أحد إلى وحي و إلهام لمعرفة قباحة و بطلان هذه العادة المستحبة جداً عند العرب،بحيث لم يتمكن محمد نبي الإسلام من منعهم عن مزاولتها،و هذا هو سبب تقبيل الحجاج الحجر الأسود إلى يومنا هذا،فواضح أن مصدر الديانة الإسلامية الأول كان تلك الفروض الدينية و العادات و الإعتقادات التي كانت متداولة و سائدة في زمن محمد بين قبائل العرب،و لا سيما قريش.
و لم أعرف جواباً شافياً يرد به المُسلمون على أقوال المعترضين هذه،إلا قولهم إن هذه الفروض و العادات أنزلها الله أولاً على إبراهيم،ثم أمر محمداً أن يبلغها للناس ثانية ليتمسكوا بها تمسكاً راسخاً،و لكن واضح من خمسة أسفار موسى الأولى بالكتاب المقدس المسماة ب"التناخ" في اللغة العبرية أن الإعتقاد بوحدانية الله،و فرض الختان كان من أركان ديانة إبراهيم،إلا أنه لم يرد في التوراة و الإنجيل ذكر لمكة و لا للكعبة و لا للطواف و لا للحجر الأسود و لا للإحرام،و لا شك أن العادات المرتبطة و المتعلقة بهذه الوثنيات هي إختراعات عبدة الأصنام،وليس لها أدنى إرتباط و لا علاقة لها بدين إبراهيم (5)،و قد أخفق الباحث مصطفى بوهندي في كتابه "الإضافة النوعية القرأنية لسفر التكوين" (2011) بمحاولته أن يربط معتقدات العرب الوثنيين بالتوراة.
و يقول القرأن "قالوا أساطير الأولين اكتبها فهي تملى عليه بكرة و أصيلاً قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات و الأرض إنه غفور رحيم" (سورة الفرقان 5-6) و الأسطورة هي قصة وهمية و إكتتبها تعني إنتسخها من ذلك القوم،إن القرأن إفك كذب،و قالوا أيضاً إفتراه محمد و أعانه عليه قوم أخرون و كان هؤلاء القوم الذين إتهموا محمد من أهل الكتاب - فما مدى صحة كلامهم ؟ و هل كان هؤلاء الناس كاذبين ؟

*المراجع :

1 - ٍتاريخ هيرودت الكتاب الثالث = الفصل الثامن.
2 - تاريخ ثيودور الصقلي = الكتاب الثالث
3 - الملل و النحل = للشهرستاني (ص 109)
4 - كتاب "حقيقة الإسلام" الدكتور عبد الهادي بوطالب = إفريقيا الشرق = 2004.
5 - http://www.alkalema.net/asources/chapter 2
عضو المكتب التنفيذي لمركز الدراسات و الأبحاث الإنسانية (مدى



#محمد_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعترافات...


المزيد.....




- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد سعيد - تأثير عرب الوثنية على الإسلام