ناهده محمد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4860 - 2015 / 7 / 8 - 08:32
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ألتقيت بصديقة قديمة كانت تعمل لسنوات طويلة كطبيبة في العراق و تميزت هذه المرأة بحسها الإنساني وطالما كنت أستشيرها حينما أُصاب بوعكة صحية . إبتعدت هذه المرأة عن السياسة لكنها لم تبتعد عن المآسي البشرية , قالت لي : أترين ما يحدث في الدول العربية , قلت : وما الجديد في الأمر ؟ , قالت : إني أتساءل أهو غضب من السماء أم هو نحن الغاضبون , نحن نأكل لحوم بعضنا بإسم الدين , نحن ندخل إلى الجوامع في العراق وسوريا وليبيا وتونس والكويت واليمن ونقوم بتفجير المصلين , ونقتل طلاب المدارس وعمال البسطات والعلماء والأدباء والصحفيين , العالم كله يبني ونحن نهدم , ألا يتعلم العرب أبداً , ألم يعلموا أن لا بقاء مع الخراب والتخريب , فكل أمة تنوي البقاء قد تعلمت البناء , لا تقاتل بعضها البعض بل تتجمع وتتساند , وأمامنا الأمة الروسية والصينية والهندية والألمانية . ثم توقَفَت وسَرحت بعينيها إلى البعيد ثم قالت : أتدرين ما الذي نحتاجه نحن قلت ماذا ؟ قالت : نحتاج إلى سفينة نوح ثانية , فضحكت طويلاً وقلت : أتتمنين الطوفان ليغرق كل شيء , ولكن من تتمنين أن تحمل هذه السفينة , ربما برأيك المسنين والمرضى والأطفال والنساء , قالت : لا لا لا يبقى فيها سوى الأصلح , سوى من لم يلوث يده بالدماء أو الكسب غير المشروع , ولم يخطر برأسه ولا للحظة أن يستفيد من عذابات أو حرمان الآخرين , ومن يحمل الكتاب في يد وفي يده الأخرى المحبة لكل البشر وإن أختلفوا عنه في الدين واللون والقومية , فمشاعرنا نحن البشر واحدة وآلامنا واحدة أيضاً , قلت : أنت تطلبين الكثير وتبحثين عن الفردوس المفقود وأين هي هذه المدينة الفاضلة التي تبحثين عنها , قالت : هي جزيرة بعيدة لكن السفينة ستمر بها , وركاب هذه السفينة يحملون ضمائراً نقية مثل كثير من البشر الطيبين , ضحكت وقلت : سننتظر الطوفان . قالت : إذا كان الطوفان هو الحل , فليأتي وليأخذ السحر الأسود من رؤوسنا . تمتمت بصوت منخفض وقلت : سننتظر طويلاً حتى يأتي المخلص وسننتظر أكثر حتى تُبنى سفينة نوح الجديدة وهذا يعتمد على ضمير من يستورد الخشب فقد يكون مُستهلَكاً ومن يبنيها فقد تكون شركة وهمية , وقد يثقبها إرهابي متسلل ليصلوا قبلنا إلى الجنة ؟؟ .
#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟