|
التعددية السياسية-الواقع و التحديات
انغير بوبكر
كاتب وباحث مغربي مهتم بشؤون الديموقراطيةوحقوق الانسان
الحوار المتمدن-العدد: 1343 - 2005 / 10 / 10 - 06:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يهدف هدا المقال إلى إثارة مجموعة من القضايا التي تطرحها مسألة التعددية السياسية لتكون محلا للنقاش والتداول الفكري والسياسي دون أن يطمح إلى تقديم حلول جاهزة لتطبق في واقعنا السياسي. ولعله من المقبول أن نتبنى تعريفا للتعددية السياسية باعتبارها تعدد الجماعات الاجتماعية التي تتبنى مفاهيم متميزة بالواقع والمستقبل السياسي للوطن داخل المجتمع الشامل. وبهذا المعنى فمن المقطوع به أن التعددية الاجتماعية ظاهرة ملازمة للمجتمع البشري مند أن عرف هدا المجتمع ظواهر التبادل السلعي و الدولة وبصفة أدق من نشوء المجتمع الطبقي.بل وقبل دلك وبعده فإن التمايزات الثقافية والعرقية والدينية والمواقع الطبقية ذات المضمون الاجتماعي بما تفرضه من تمايزات في الرؤى والمواقف السياسية هي تمايزات ملازمة لطبيعة المجتمع البشري ذاته. ولن يتسع المقام هنا بطبيعة الحال لاستعراض كافة ما تفتق عنه الفكر الإنساني من تبريرات عقلية لطمس التمايزات الاجتماعية والسياسية لمصلحة جماعة مسيطرة بدءا من نظم ديمقراطية الأحرار في الدويلات اليونانية وديكتاتوريات الشيوخ والفرسان في الامبراطورية الرومانيةأو حكم النبلاء الإقطاعيين في أوروبا في العصر الوسيط أو نظريات روح الشعب وسيادة الدولة في الفكر النازي والفاشي أو غير دلك من الأفكار والممارسات التي تحاول تبرير الحكم المطلق استنادا الى إنكار وجود التمايزات الاجتماعية والسياسية داخل المجتمع أو إنكار حق هده التمايزات في التعبير والفعل السياسيين بشكل مستقل. وارتبطت تاريخيا فكرة نبد الاختلاف والتعددية بالأيديولوجيات التي تستند على فكرة امتلاك ناصية الحقيقة سواء تأتى لها دلك من مصدر ديني أي المقدس أو سوغت لها شعاراتها فكرة احتكار النطق باسم الحقيقة المطلقة ، ونستحضر للتو ثلاثةنمادج من هده الأيديولوجيات ، أولهما الأيديولوجية الأصولية الدينية ولا نقصد بها تحديدا أي دين معين إنما جميع الأديان لها اصولياتها هده الأيديولوجية احتكرت تفسير الدين واعتبرت كل تفسير للدين غير تفسيرها بدعة وردة وتغريبا فألغت الآخر وسفكت دماءا بريئة باسم القراءة الحقيقية للدين. ثانيهما الأيديولوجية الماركسية المسفيتة أي الماركسية التي تعتبر الاتحاد السوفياتي سابقا هو محرر الإنسانية من الظلم والاستغلال ،وان كل ما يملى من قرارات من طرف الحزب الشيوعي السوفياتي يجب تنفيدها بأمانة ولو تعارض مضمونها وتوجهاتها مع مصالح الشعوب وأمانيها فأجبرت الأحزاب الشيوعية التابعة للكرملين على إسقاط الاجندة السوفياتية الأم بأخطائها وخصوصياتها على الشعوب المستضعفة المقهورة مما فاقم من الفوات الحضاري بينها وبين منجزات الحضارة الإنسانية وجعلت أمانيها بالتنمية والتقدم سجينة إرادة الهيمنة الخارجية. وقد احتكر الماركسيون المسفيتون وأحزابهم الحقيقة الثورية و نصبوا أنفسهم ناطقيين رسميين ووحيدين باسم الطبقة العاملة والصقوا تهم التحريفية والإصلاحية بالمختلفيين معهم فكانت النتيجة نكوص الإصلاح والتغيير معا. أما النموذج الثالث فهو المتعلق بالأصولية الليبرالية أي الأصولية التي تلغي كل الأفكار الأخرى وتطلق لثقافة السوق مطلق العنان لتحديد توجهات الناس وقيمهم وتلخص كل شئ في قيمته المادية ولاترى للقيم الرمزية والامادية من قيمة وهدا النموذج انتعش مستفيدا من مجموعة من التحولات العالمية التي أطاحت بالمشاريع الكبرى الطامحة الى التغيير ،لدلك فهو مرتبط أو للدقة هو وليد أزمة الفراغ و ضمور المعنى. وعلى أي حال وأيا كان حجم التراث الإنساني في محاولة طمس التمايزات الاجتماعية والسياسية داخل المجتمع فقد أسفر نضال الإنسانية في سبيل الحرية والعدل والأداء السياسي الأفضل عن ضرورة الاعتراف بالتعددية السياسية داخل المجتمع وعن ضرورة أن يؤمن النظام القانوني لكافة الفئات الاجتماعية الحق في التنظيم المستقل والتعبير عن آرائها وعن ضرورة التسليم بالطموحات المشروعة لمختلف الفئات الاجتماعية في سعيها السلمي للوصول الى السلطة السياسية تحت مظلة تنظيم تشريعي يسمح بدلك ويقننه. ونستطيع أن نستقرئ هدا الإجماع الإنساني المعاصر حول ضرورة الاعتراف بالتعددية السياسية بواسطة النظام السياسي الرسمي في النصوص المتعددة الموجودة في عديد من الوثائق الدولية ذات الطابع العالمي. المواثيق الدولية لحقوق الانسان التي جاءت وليدة للتجادبات السياسية والتمايزات الثقافية والطموحات المختلفة هي عنوان توافق إنساني دولي على مبادئ وبنود تعكس موازين القوى الدولية من جهة حيث لا يمكن مقارنة نصوص الإعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة1948 والمصدرة بنوده الثلاثين بعبارة لكل فرد الحق في .. أي إعلان الحقوق الفردية كانعكاس عن اختلال موازين القوى الدولية في 48 لصالح الليبرالية الفردية ومن جهة ثانية مع الحقوق الجماعية التي انتزعتها الشعوب المناضلة فس سنوات منتصف الستينات وخاصة في سنة إعلان العهدين الدوليين 1966 لدلك فالتعامل الشمولي المتكامل مع الشرعة الدولية لحقوق الانسان لا يجب أن يخفي تاريخية كل نص على حدة وظروف نشأته. فالفهم المتكامل للمواد19-20-21 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان يؤدي الى استخلاص أن الإعلان قد أقر مبدأ التعددية السياسية شريعة ومنهاجا في النظام السياسي المعاصر. اد تقضي المادة 19 بأنه (لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير ويشمل هدا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها الى الآخرين بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود). وتنص المادة 20 من الإعلان على حق كل شخص في الاجتماعات والجمعيات السلمية وعلى أنه لا يجوز إرغام أحد على الانتماء الى جمعية ما. وتؤكد المادة 21 على حق كل شخص في المشاركة في إدارة الشؤون العامة للبلد أما مباشرة و أما بواسطة ممثلين يختارون في حرية. وتنص الفقرة الثالثة من نفس المادة على أن إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم وعلى أن إرادة الأمة يجب أن تتجلى من خلال انتخابات نزيهة تجرى دوريا بالاقتراع العام وعلى قدو المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري أو بإجراء مكافئ من حيث ضمان حرية التصويت. هده النصوص مجتمعة تؤكد مبادئ حرية الرأي والتعبير وحرية تكوين الجمعيات السياسية وحق المشاركة في إدارة الشؤون العامة مباشرة أو من خلال ممثلين وهدا معناه أن كل المجموعات والجماعات السياسية لها حق المشاركة في السلطة وفي تسيير الشأن العام. وقد تضمنت كذلك بشكل تفصيلي المواد 19-21-22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية حق التعددية السياسية وحق المواطنتين والأحزاب في اعتناق والترويج لأفكارهم بكل حرية ومسئولية. وتؤكد المادة 22 على انه لكل فرد الحق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين بما في دلك حق إنشاء النقابات والانضمام اليها من اجل حماية مصالحه وانه لا يجوز وضع قيود على ممارسة هدا الحق الا تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديموقراطي لصيانة الأمن القومي او السلامة العامة او النظام العام او حماية الصحة العامة او الآداب العامة او حماية حق الآخرين وحرياتهم . الدستور المغربي كدلك كأسمى وثيقة تشريعية في البلاد يؤكد على حق انشاء الاحزاب والنقابات والجمعيات لكن في الواقع العملي لايمكن الحديث عن تعددية حقيقية في المغرب حيث أن مجموعة من الجمعيات لم يرخص لها كما أن التعددية السياسية مفبركة بحيث لايمكن الحديث في بلادنا عن طبقات اجتماعية يمثلها احزاب مثلما نجد في الغرب الرأسمالي ،لدلك يحثنا معطى كثرة الاحزاب في المغرب بدون تعددية حقيقية عن جملة من الاسئلة التي اود مقاربتها : 1-هل تواجد احزاب كثيرة من مؤشرات وجود تعددية سياسية ؟ اداكان الجواب على السؤال بنحو ايجابي أي كثرة الاحزاب السياسية دليل على وجود تعددية سياسية فان قلتها يعني نقصان معدل التعددية وهو ما ينفيه الواقع ، فالمغرب وموريطانيا مثلا تعرفان اعدادا كبيرة من الاحزاب فيما تعرف بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية اعداد قليلة من الاحزاب هل هدا يعني أن التعددية السياسية في المغرب وموريطانيا انضج وارقى منها في بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية ؟ لا هدا لايستقيم مع المنطق والواقع .التعددية السياسية الحقيقية يجب ات تعكس وتعبر عن تعددية اجتماعية طبقية فهل وجود 30 حزب في المغرب يدل عن وجود 30 طبقة اجتماعية متمايزة ؟ أن ظاهرة اللافرز الطبقي في مجتمعنا تجعل من قدرة الاحزاب والتجمعات السياسية على التعبير عن طبقات متبلورة واضحة المصالح امرا مستحيلا،لدا يمكن الحديث عن توزيع او تنظيم رسمي للتعددية السياسية على مقاس صناع القرار السياسي الدين يقل عددهم كلما كثرت الاحزاب والجمعيات . فلا يمكن في المغرب الحديث عن طبقة بورجوازية بالمعنى الاوروربي للكلمة وبمعنى التحديات والمهام المطروحة عليها اوروبيا دائما لدلك تحدث بعض المنظرين عن برجوازية كولونيالية أي مرتبطة مصالحها وبقائها بعلاقات مع البرجوازية المسيطرة في اوروبا، فبرجوازيت"نا" تشترك مع البرجوازية الاوروبية بالقدرة على الاستغلال والاغتناء السريع ولا تشترك معها في مهام التحديث والدمقرطة والتنوير ، كما أن الطبقة العاملة المغربية و جماعات الفقراء والمعدمين لا تقوم بنفس مهام البروليتاريا الاوروبية في تصعيد النضالات وتحصين المكتسبات فغياب الوعي لدينا وتشوهه وبقاء ملايين الناس خارج دائة الانتاج حيث تنخرط في انشطة هامشية او مجالات انتاج تقليدية .هده المعطيات كلها تفرض على النخب المثقفة المناضلة توجيه بحوثها ومجهوداتها البحثية في اتجاه فضح وتعرية التعددية السياسية التي يطبل لها واعادة التفكير في اركيولوجيا التكوين السياسي بسبر اغوار البنيات الاجتماعية المغربية واجتراح امكانات فرز تعددية سياسية حقيقية تعبر عن قوى اجتماعية حقيقية. السؤال الثاني : هل تغييب دور الفرد في ثقافتنا اثر سلبا على وجود تعددية سياسية حقيقية ؟ لاشك أن ثقافتنا تعرف مفارقات كثيرة تعكس بشكل واضح وجلي أزمتها البنيوية الغير قابلة للترميم والترقيع إنما لابد أن تخضع لمبضع التشريح واستئصال مقومات وأساسات الأزمة. من أهم هده المفارقات أن ثقافتنا تنبني على الفرد الواحد المخلص الكاريزم إلا أن دور الفرد كفرد في عملية التغيير يكاد يكون مهمشا حيث في الزاوية المقابلة له القبيلة والعشيرة والأسرة هي التي تقرر مصيره في الوقت الذي نجد فيه الثقافة الأوروبية تركز بل وتمجد الفرد لكن تقدس العمل الجماعي التعددي أي الأحزاب والتنظيمات .إنما ثقافتنا لاتسمح إلا بتعددية واحدة هي تعدد الزوجات!!! فالنموذج الغربي للديموقراطية اعتمد على قدرة الفرد على تقرير مصيره ويبدو دلك جليا في التراث الفلسفي والأدبي والقانوني الذي يؤكد على الإرادة الفردية كمصدر للحقوق والالتزامات وقد كانت الحرية الفردية هي الفكرة المصاحبة واللازمة لنمط الإنتاج الرأسمالي في مختلف مراحل تطوره لكن هده الحرية الفردية احتضنتها طبقات اجتماعية صاعدة وأحزاب سياسية مدركة لمصالح من تعبر عنهم وتمثلهم. أما عندنا فالفرد تم تجهيله وإقصائه وجعله رهن إشارة أسرته وعشيرته تعج كتب السيرة والحديث والتراث بصفة عامة عندنا في تمجيد طاعة الأسرة والعشيرة والأمة حيث يعتبر شعار يد الله مع الجماعة خير تعبير عن أن الجماعة دائما اعرف وأصوب رأيا من الفرد . كما أن التطور اللاطبيعي للمجتمع الذي انتقل من الإقطاع إلى ما يشبه الرأسمالية ليس بفعل تراكمات كمية ونوعية ضرورية بل كان مدفوعا في المقام الأول باعتبارات الاستجابة القهرية المصطنعة لحاجات الاستعمار الأوروبي لدلك لم يحدث هدا التطور التاريخي طبقات قادرة على تحديث المجتمع والسير به إلى مدارات التقدم والتطور إنما خلقت مافيات لها علاقات استغلال متبادلة مع المتربول الأجنبي مقطوعة الثقافة وجاهلة للتاريخ والحضارة يضاف إلى هدا المعطى الاستعماري سيطرة رجال الدين وأصحاب الملل والنحل على مجتمعاتنا فتحالفت المافيات الاقتصادية مع رجال الدين وكانت النتيجة مجتمعا مهمشا فاقدا لإرادته مسيرا من طرف من لايهمهم سوى أنفسهم . وهدا موضوع في التاريخ يحتاج إلى ورش حقيقي يزيل الغمة عن بدايات تشكل الدولة وجماعات المصالح ببلادنا. وفي السنين الأخيرة وبفعل الضغوط الدولية المرتبطة بالظرفية الدولية المتسمة بانتشار إعمال الإرهاب المرتبطة بالجماعات الإسلامية وباستشعار الدول الرأسمالية لخطر تحول المجتمعات المتخلفة إلى بؤر لصنع الإرهابيين والانتحاريين بدأت في ممارسة ضغوط ومطالبة الدول التابعة لها بالقيام بإصلاحات سياسية تتوخى من خلالها توسيع هامش الحريات السياسية وإدماج المرأة والسماح لقوى المعارضة بإنشاء الأحزاب والتنظيمات والصحف ،مرة أخرى تكون التعددية مفروضة بقرار خارجي ولم تكن قط استجابة لآدمية وحقوق المواطنين في الداخل.وهكذا بفعل الضغوط الأجنبية تنفست المعارضات السياسية الصعداء وبدأنا نسمع انتخابات بلدية في السعودية فبراير المقبل وتأسيس جمعيات حقوق الإنسان في الخليج وتحرك اجتماعي لمجتمع مدني جنيني لكن رغم دلك بقيت الإصلاح ديكورا والمؤسسات هياكل شكلية تأخذ من الديموقراطية الغربية اليبيرالية الشكل في حين أن جوهرها يقوم على المنهج الأبوي التقليدي المتهالك ولم تكن الأحزاب والبرلمانات وكافة مؤسسات التعددية السياسية سوى واجهات للانتماءات القبلية والعرقية والدينية فيكفي أن نقول بأن هناك مجلس للأعيان في الأردن ومجلس الشورى في السعودية .. السؤال الثالث : هل يمكن تحقيق التعددية السياسية في مجتمع يفتقر إلى الحد الأدنى من التنمية ؟ السؤال يطرح دائما في إطار من إعادة ترتيب الاولويات ايهما اسبق ملء بطون الجوعى وتعميم التمدرس والصحة وتشغيل المعطلين أم إشاعة الحريات السياسية والحريات الإعلامية ؟ السؤال بمنطق الاختيار بين الحرية أم التنمية استغلته الطغم الحاكمة وأعطاها مبررا لقمع الحريات وكبتها لتحقيق التنمية وهده هي المنهجية السياسية التي إتباعها ستالين ومجموعة من الأحزاب التي استولت على السلطة ووعدت بالتنمية قبل التحرير ودلك لقطع الطريق عما أسمته بقوى الثورة المضادة لكن النتيجة هي قمع وقهر مع فقر وتخلف واضطهاد فالحرية والتنمية مطلبان متصلان مند غمان لا يقبلان الانفصال والانتقاء لدلك نقترن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالحقوق المدنية والسياسية فلا يمكن الحديث عن الحقوق إلا في شمولية وتكامل. تحديات إذن كثيرة تواجه الأخذ بنظام سياسي يقوم على التعددية والاعتراف بالآخرين في الواقع السياسي، تحديات اجتماعية مبعثها طبيعة البنية الاجتماعية. غير أن أحد أهم هدة التحديات وأكثرها خطورة يتمثل في موقع قيمة التعددية لدى عديد من الايديولوجيات التي يطالب اصحابها بها كوسيلة للوصول إلى السلطة. وبعبارة أخرى فانه ادا استعرضنا الخريطة السياسية في مجتمعاتنا فسرعان ما سنكتشف انه رغم أن عديدا من الجماعات السياسية خارج السلطة تطالب بإلحاح باشاعة مناخ التعددية السياسية كوسيلة لتداول السلطة وعدم احتكارها الا أن نفي الآخرين والايمان بوحدانية الحقيقة التي تعلنها هي وحدها هما قيمتان تقعان في قلب بنائها الايديولوجي الأمر الدي يطفي شكوكا جدية حول ما ادا كانت هده الجماعات تؤمن بالتعددية وبتداول السلطة كموقف مبدئي أم تتخد هده الشعارات كوسيلة للوصول الى السلطة ثم يأتي بعد دلك شأن آخر. يصدق دلك على الماركسيين الدوغمائين الدين لا يعترفون بمشروعية أي سلطة الا ادا كانت من جنس سلطة البروليتاريا ولا يعترفون بأي حزب إلا الحزب الشيوعي ولا يعترفون بأي تنظيم الا التنظيم اللينيني المركزي فالحقيقة عندهم جاهزة منتهية لا ينقصها إلا الحزب الثوري الذي سينفذها فور استيلائه على السلطة. نفس الموقف ينطبق على القوميين الدين لا يؤمنون الا بأبناء جلدتهم ولغتهم فهم من اصحاب تصنيف الشعوب على الأساس القومي ويبنون سياساتهم على أسس قومية وليس على اسس انسانية نبيلة فالعرب عندهم خير امة أخرجت للناس . أما الإسلاميون فخلطهم بين الحقيقة الدينية والحقيقة السياسية يؤدي بهم إلى إسقاط آليات مجال مخصوص على مجال عمومي فالحقيقة الدينية عندهم مقدسة لا تقبل النقاش وقراءتهم للدين قراءة هي المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك فيما السياسة وقواعدها تتطلب تكتيكات واجتهادا وقواعد متحركة في التعامل فهي عكس الدين لا تقبل بالثوابت وهي مجال الممكن والخطأ .وعندما تؤمن الحركات الاسلامية بأن خطابها منطلق من صحيح الدين فهدا يعني انها تمتلك الحقيقة المطلقة وبالتالي تنطلق من موقف الاستعلاء من الآخرين . التعددية السياسية الحقيقية هي من مقاييس تحضر الشعوب ومن البراهين الاساسية على أن مجتمعا ما ينتظره مستقبل زاهر مبني على الحوار والتعايش والتقدم ،لكن التعددية مثلها مثل الحرية ليست منة من الحاكم او فطرية لدى حضارة دون اخرى إنما تنتزع من بين انياب الانظمة الاستبدادية الجاثمة على صدورنا وتبنى على اكتاف المناضليين التواقيين للتغيير والغد الافضل . التعددية التي نحتاجها هي التعددية العقلانية القائمة على الديموقراطية والعلمانية واحترام حقوق الانسان وليست التعددية التي تفرخ الاحزاب والجمعيات للترويج الخارجي بدون تبيئة داخلية.
#انغير_بوبكر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدستور العراقي والارهاب
-
خريطة الطريق الامازيغية
-
هل حركة البوليزاريو حركة تحرر وطني او حركة ارهابية؟
-
هل يفلح الدستور العراقي الجديد في دحر الارهاب؟
-
الحركة الامازيغية والانتقال الديموقراطي :مقاربات اولية
المزيد.....
-
صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع
...
-
الدفاع الروسية تعلن إسقاط 8 صواريخ باليستية أطلقتها القوات ا
...
-
-غنّوا-، ذا روك يقول لمشاهدي فيلمه الجديد
-
بوليفيا: انهيار أرضي يدمّر 40 منزلاً في لاباز بعد أشهر من ال
...
-
في استذكار الراحل العزيز خيون التميمي (أبو أحمد)
-
5 صعوبات أمام ترامب في طريقه لعقد صفقات حول البؤر الساخنة
-
قتيل وجريحان بهجوم مسيّرتين إسرائيليتين على صور في جنوب لبنا
...
-
خبير أوكراني: زيلينسكي وحلفاؤه -نجحوا- في جعل أوكرانيا ورقة
...
-
اختبار قاذف شبكة مضادة للدرونات في منطقة العملية العسكرية ال
...
-
اكتشاف إشارة غريبة حدثت قبل دقائق من أحد أقوى الانفجارات الب
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|