|
ايها العقل العربي كيف تعربت ؟
سامي توفيق
الحوار المتمدن-العدد: 4857 - 2015 / 7 / 5 - 16:44
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
العقول متعددة و مختلفة لكن ليس مكتوب تحتها صنع في ألمانيا أو أمريكا .. العقل لا يصنف عرقيا مهما بلغ تأثير العرق عليه ، و مع ذلك نجد العقل العربي الوحيد الذي يسمى" بالعقل العربي " هل سنفرح لان عقولنا تملك جنسية على خلافنا ..؟ وكأنه مصمم في مصنع عربي ؟ رغم أننا لا نملك مصنع بهذه المواصفات العالية التي تمنحنا الكفاءة و الاعتراف في صناعة العقول .. الشيء الايجابي من وصف العقل العربي" بالعربي " انه يتم تصديره إلى أوروبا و أمريكا مجهزا ، حتى إن الغرب يتنافس من اجل إرضاءه و يتم أيضا تصدير ممتلكاتنا من خيرات البلاد ليقوم العقل العربي بالمساهمة في صقلها و تحويلها إلى منتجات يتم تصديرها إلينا ؟ يا لروعة العقل العربي نذهب إليهم في عقر ديارهم لنساهم في صنع منتجات و تكنولوجيا عصرية بخيراتنا ؟ " حسرتنا على خيراتنا و رغبتنا في استغلالها جيشت من اجلنا الأقدار " ؟ و كأننا نقول لهم استغللتم خيراتنا ؟ ابتعدوا سنصنعها بادينا و نصدرها إلى ديارنا كما صدرتنا ديارنا بثمن بخس ؟ انتقام العقل الباطني العبقري من ظاهره الغبي الذي يصر على انه ذكي . _ لا اعلم إن كان الموقع يسمح لي بتقدير مبادرته التي تعادل إصلاحا حضاريا فعال ، ففضاء كهذا يجعلنا نؤمن أن العقل العربي حقا مقيد . لكنه مدرك لما حوله و يفعل ما بوسعه للتحرر من هذا الواقع الموبوء بل انه بدا يتفوق . وهذا يفتح أفاقا قد تجدد التواصل مع الأمل و تبعث في النفس تفاؤلا نواجه به جيش التخلف هذا الذي أنهكتنا تحضيراته قبل أن نشرع في الصراع معه . عموما سأسمي هذا الحوار بالمركز الذي يحمل أفكارنا و معتقداتنا جميعا ، لأنه ابهرني بقدرته على ربطنا فكريا و حسيا فالعالم العربي في هذه المرحلة افتقد إلى الكثير من القوة و خسر كل الحصانات التي كانت تضعه على هيئة امة متكاملة و مجتمع فعال . الأديان في هذه المرحلة خسرت حظوظها بين مختلف الفئات بسبب تصاعد الرؤية الإنسانية الجديدة للعالم و بسبب افتقار الأديان حاليا إلى حجج تلجم شكوك العقل البشري الجديد الذي طبعت عليه صبغة الحيرة أكثر من السابق ، و على جهة مقابلة نجد الفكر العلماني الذي يفصل الدين عن الحياة و ينتهج مبدأ الحرية الشخصية و حرية المجتمع بجميع طبقاته المادية و جوانبه العقائدية يواجه الكثير من الصعوبات من اجل تلطيف الجو بين الفرد و المجتمع و بين المتشابه و المختلف من جميع النواحي . و ما صعب في مأمورية " الفكر " أكثر هو افتقار المفكر العربي و الفيلسوف و العالم إلى القدرة على احتواء أفكاره و فلسفته و علومه تحت ضوابط و قواعد منهجية تتماشى مع عقل الإنسان وفق تركيبته الإدراكية ، عقل ، حس، ومعتقد . فالكثير من العلماء المسلمين تأثروا بأفكار غربية فأنكروا كل ما كتبوه في يوم ما عن الدين و المعرفة و يوجد عدد معتبر أيضا من الفلاسفة الذي تعمقوا إلى حد ما في الفلسفة ثم عرجوا إلى الدخول في صوفية منكرين كل أو معظم العلوم التي درسوها فان كان معظم مفكرينا يتخبطون بين الكفر و الإيمان و بين المعرفة العقلية و الحسية ، فكيف يا ترى سيكون تفاعلنا نحن كفرد و مجتمع ؟ دعونا لا ننسى دور السياسة التي دائما ما يكون اكتشاف صلتها بالموضوع متأخرا و هو دليل على أن السياسة أول يد أخلطت الأوراق . في الحقيقة إن السلطة في كل العالم لا تملك سلطة مطلقة ، بل إن الدين يستغل أفكاره وتأثيرها على الجماعة من اجل بلوغ مراكز و الاستفادة من مزايا عديدة ، فمثلا جامع الأزهر الذي يعد وجهة أو قبلة إضافية للتواصل مع المسلمين يقوم بحشد شيوخه للتناظر و الوقوف في وجه عديد المفكرين الجدد من أمثال " إسلام البحيري " و الكثير من الناشطات و المفكرات اللاتي يقفن مستعجبات من مكانة المرأة في العالم العربي، فنجد علماء الأزهر يسارعون للدفاع عن الإسلام و تبرئة شريعته، لكنهم على ارض الميدان يواجهون مشكلا في إثبات حقيقة إخلاصهم للدين، لان المجتمعات العربية تعدت حدود الأخلاق و الأنظمة العربية سارعت في إفشاء الفساد داخل المجتمع العربي .. فهل سمع احد الأزهر أو أي هيئة دينية تنكر على الأنظمة العربية تفعيلها للفساد؟ أو تذكر المجتمع بالعودة قبل غروب الشمس ؟ الكثير منا يدخل إلى المعابد ليمارس حريته في الإيمان بالله، و عندما يدخل المسلم إلى المسجد تنزع عنه صفة مواطن فيجد نفسه يتعرض إلى اعتداءات صارخة من الأئمة . لوم على الضلال و توبيخ على التقصير و فضح لكل من ارتدت ابنته تنورة قصيرة أو انتشى ابنه لفافة مخدرات . اتهامات خطيرة يوجهها المسؤول الديني على الرعية ..فيخرج هذا المسكين ليستنشق القليل من المواطنة و إن بدا له الاستماع لرغباته و متطلباته و نادى بخبزه،عايره النظام بالعمالة، حتى صار الشعب في ما بينه يسخر من بعضه، فإما اراغوز أو شيتة كما نقول في الجزائر .. هل سيدخل الإنسان يوما ما إلى المسجد يسأل الإمام عن ضلاله ؟ و طاعته للحاكم بدل الاعتراض ؟ علاقة الدين بالسياسة في العالم العربي واضحة و لا يجرؤ على نفيها سياسي أو خبير أو شيخ، فعلماء الدين على علاقة جيدة بأولياءهم السياسيين فهم يكفروننا و يلعنونا ويدعوننا في كل مرة لنمسح خطايانا لكن لم يجرؤا احد منهم على دعوة السياسيين و الأنظمة بالتحديد إلى غسل ذنوبهم .. كيف للدين أن يكون هو المورث الشرعي للإرهاب إذا كان الدين خاضعا للسياسة ؟ إذا كان هؤلاء المشايخ ينشرون الفكر ألظلامي فهذا يعني أنهم يخرجون من رقابة النظام و يهددون استقراره، هؤلاء الأئمة و العلماء الذي يسمون أنفسهم بالعلماء لماذا لا نسمعهم يدعون الشعوب إلى المطالبة بحقهم " سلميا " و شرعيا و يقومون في الخلف بدعوتنا ظلاميا ؟ يعني إذا كان الأمر في مصلحتنا الإنسانية حرية و حقوق نجدهم يفكرون في الاستقرار و الأمن .. لكن من جهة ما يدعوننا للعنف مخالفين مفهوم الاستقرار الذي استفاد منه النظام و جزء كبير منهم .. قد يكون خوفهم من الحكام اكبر من خوفهم من الله .. هذه نافذة تجعلنا نشاهد الإشكالية كما يشاهد " الشاهد " جريمة ما، لكننا للأسف لا نقدر على الشهادة قد يكون بسبب الخوف من الله الذي تزرعه فينا فتاوى " أم القرى " التي تتحرك بلا اثر عكس بناتها المراهقات أو بالأحرى لأننا نخاف من الإقصاء الاجتماعي الذي تعتمده معظم دولنا " تشهد يشهد عليك انك لا تملك ضوابط شرعية للشهادة " فتوة جديدة ما ذنبنا نحن ؟ . أو قد يكون بسبب أخر لا ندري إن كنا سنعلمه مع قادم الأيام، أم أننا سنظل على جهل بعلته و غايته . إن التخلف في العالم العربي هو صناعة جماعية و هو الشيء الوحيد الذي جمعنا بعد الفراق الذي اسر أهدافنا و كبتها فالعالم العربي كله على دراية بإشكالية التخلف .. و المعرفة من هذه الناحية سهلة لكن المعرفة من جهة الإصلاح فلا احد يستطيع أن يقول إن الأمر سهل . لم انجح البارحة سأنجح اليوم، لن انجح اليوم سأنجح غدا . إن الهدف يتحقق بعنصرنا فقط : فرصة + تجربة . كلما أخفقنا زادت تجاربنا و بازدياد تجاربنا تزداد فرصنا، لان المجرب يملك الرؤية التي تقوده لاقتفاء اثر الفرصة، عكس الطامح الذي يرى كل العالم مشعا حتى يفقد غايته و يفقد بريقه . السؤال المطروح هل يمكن أن تحدث معجزة في العالم الإسلامي و ننتقل سلميا إلى حضارة تجمعنا ؟ أم أن السياسة ستمنحنا الحق في ازدواجية الجنسية " هدية لكل عربي جنسية أمريكية لعقله " ؟ ، أتمنى أن لا اسمع " يجوز يا ولدي أن تعيش في إسرائيل اذا كنت تملك نية في تدميرها " لا يجوز لعقلك أن يتواجد هنا انتم تواجهون فربيا عقولنا للأسف حطمتمونا برهانكم .
#سامي_توفيق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجيش السوري يسقط 11 مسيرة تابعة للجماعات التكفيرية
-
بالخطوات بسهولة.. تردد قناة طيور الجنة الجديد علي القمر الصن
...
-
TOYOUER EL-JANAH TV .. تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر ا
...
-
أنس بيرقلي: الإسلاموفوبيا في المجتمعات الإسلامية أكثر تطرفا
...
-
عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي
...
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|