(( كركوك رحلة في ذاكرة التاريخ .. للباحث الكردي عوني الداوودي ))
وإنصاف شعب يتعرض للإبادة ..!
(( ـ لا يعرف طعم مرارة الإبعاد عن الوطن،
إلا ّ مَن ْ تذوق الكأس التي اجترعها المنفي عن وطنه
... عوني الد ّاوودي ))
صدر عن مطبعة نينا في اوبسالا كتاب قيّم للكاتب والباحث الكردي المعروف عوني الداوودي بعنوان ـ كركوك رحلة في ذاكرة التاريخ ويقع في ( 109 ) صفحة وبطباعة أنيقة زيّن غلافه الأول صورة حزينة لمدينة كركوك العزيزة وهي تتحدى كل محاولات التطهير العرقي والمسخ القسري طيلة العقود الماضية من حكم النظام العراقي، وفي الغلاف الأخير سطور مؤلمة للأديب الكردي محمد عفيف الحسيني والتي تخاطب بشجون قلعة المدينة وتناشد الإنسانية لنفض غبار النسيان عن صفحات مجهولة من تاريخ هذه المدينة الكردية العريقة.
وجاء هذا الكتاب في وقت كثرت بعض الأقلام المغرضة في تزوير الحقائق التاريخية حول كركوك وادعائهم بعدم كرديتها ،بل نجد في بعض كتابات الأخوة الكُتاب إنكار وجود الكرد في كركوك رغم معرفتهم الجيدة بالوجود الكردي فيها منذ آلاف السنين. فنحن هنا لسنا في معرض رد الذين لا يقرؤون التاريخ بموضوعية المؤرخ المنصف،او انهم لا يفهمون التاريخ على حد قول الدكتور خالد يونس، والرجوع إلى الكم الهائل من الوثائق والسجلات والإحصائيات المثبتة في الدوائر الرسمية المعتبرة والتي حددت نسبة سكان الكرد في كركوك فكتاب الباحث الداوودي خير شاهد عصر لما تضمنته من الآراء والشهادات القيمة لنخبةمن رجال الفكر السياسة من الكرد والتركمان والعرب حول مدينة كركوك ، وكتب الدكتور نوري طالباني رئيس مركز كركوك مقدمة الكتاب و تحت عنوان ( انصفوا شعبا ناصركم دوما ، وهو يتعرض اليوم للإبادة، ولأهميته تلك المقدمة ننقل منها فقرات تثبت حقيقة كردية كركوك على لسان أناس عاشوا على سجيتهم وفطرتهم القومية بعيدا عن لعبة السياسة وديمومة الكراسي للأحفاد ،( نعم كانت كركوك كردستانية حتى قبل أن تكون عاصمة لولاية شهر زور في العهد العثماني. دو ّن لنا هذه الحقيقة شاعر كركوك الخالد الذي نظم الشعر باللغات الكردية والتركية والفارسية والعربية منذ اكثر من قرن، يقول الشيخ رضا الطالباني في بيت شعر له باللغة التركية .
موصل أولده ولايت، نافع افندى والي
ويل لكم رعية، كول باشوه أهالي
بمعنى إن الموصل أصبحت مركزا للولاية بعد كركوك واصبح نافع افندي واليا عليها وكان يعرفه شاعرتا الكبير عندما كان واليا في كركوك وكان معروفا بالقساوة والفساد ثم يخاطب ولاية شهر زور محذرا إياهم من الوضع الذي آلت إليه أحوالهم ويقول ويل لكم فقد طمرت رؤوسكم بالطين جراء ذلك)
وحسب مقدمة أستاذنا ودكتورنا الفاضل نوري طالباني بان نفط كركوك هو السبب الأساسي لإلحاق ولاية الموصل العثمانية بالدولة العراقية الحديثة التي استحدثتها وزارة المستعمرات البريطانية عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى. ولقد اقرّ هذه الحقيقة بعض الكتّاب العرب المعاصرين وكتبوا بوضوح انه لولا الجهود التي بذلها الإنكليز لما أصبحت ولاية الموصل جزءا من العراق ، هذا ما كتبه المرحوم عبد الرحمن البراز قبل قرابة نصف قرن من الزمان.ويقول في جانب آخر من مقدمته للكتاب ( بان ما يقوم به النظام العراقي في منطقة كركوك وفي مناطق أخرى من كردستان لا تزال خاضعة لسيطرته وهيمنته، لا يختلف في شيء عن تلك الممارسات التي لجأت إليها ولا تزال السلطة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.أود أن أخاطب ضحايا الاضطهاد الإسرائيلي في فلسطين ، إن من يمارس هذه الجرائم البشعة بحق الشعب الكردي، لا يمكن ان يكون حليفا لكم ولا نصيرا لقضيتكم العادلة، لقد ناصر الكرد دوما قضايا العرب في فلسطين وفي البلدان العربية الأخرى عندما كانت شعوبها تناضل من اجل حريتها واستقلالها، فمتى يناصر المثقفون العرب الكرد في نضالهم من اجل البقاء في ديارهم التي عاشوا فيها منذ قرون وقرون ، لتظل راية الإخاء العربي- الكردي خفاقة ولا تتعرض للانتكاس؟ إذ بسكوتهم عن إدانة سياسة التعريب في كردستان بضمنها منطقة كركوك الخاضعة لسلطة النظام العراقي، يساهمون في إنهاء هذه العلاقة التاريخية.
وفي كتابه حاول الداوودي بقلمه المؤثر أن يرسم لنا لوحة موجعة لملامح كركوك وهي التي تتعرض اليوم للتطهير العرقي والتعريب مقارنة مع ملامحها الجميلة وأيامها الذهبية في الماضي ،مستعينا على ألبوم هذه المدينة قبل عدة عقود من الزمن فينقلنا الباحث على حين غفلة من العسس ونواطير الحزب لأطراف كركوك وسؤالنا عن أحوال الناس وعن الشارع الرئيسي شارع الجمهورية حيث المحلات الفاخرة ومحلات المرطبات والعصير والصيدليات وعيادات الأطباء ، في هذه المدينة وجوه تعرفها ، وأياد تصافحك بحرارة وشوق تسأل عنهم ويبادلونك السؤال ، يختلس العشاق النظرات إلى بعضهم البعض ، يتبادلون التحيات بابتسامة، لا ادري ماذا حلت بهذه الأخوة الصادقة بعد غزو المدينة من قبل أفواج المحتلين أصحاب الضمائر الميتة والنفوس الدنيئة مقابل حصولهم على منحة عشرة آلاف دينار دماء الشعب الكردي تشجيعا لتعريب وتدنيس كركوك بمثل هذه النماذج المؤذية لحضارة وتاريخ المدينة العصية على العداء وعلى مر الأزمان.ويقول الداوودي عوني بهذا الشأن وبعد اشتداد موجات التعريب والتدنيس الطائفي.
(( إن الشارع الذي تتكلم عنه هو الآن ليس بذلك الشارع الذي تعشقه، بات غريبا على القلة المتبقية من أبناء المدينة يقطع الشارع عصرا ً من أوله إلى آخره لا تصادف فيه أي شخص تعرفه.. ولا هناك من يرجو لقاءك لا أحد يسلم عليك ولا أنت بحاجة لأن تسلم على أحد .. لأن الجميع غرباء ولا تعرفهم .. وجوه غريبة قامات تتدلى منها المسدسات، يرتدي معظمهم الملابس الخاكية والبنية.. وجوه تقول لك ها نحن هنا – اخرج وإلاّ سيكون مصيرك مصير من سبقوك ..)) وفي الكتاب نقرأ كما ً هائلا ً من المعلومات والحقائق التاريخية المهمة حول كركوك والكتاب عبارة عن ترجمة وإعداد لمداخلات ومعلومات وحوار مباشر لشخصيات أكاديمية وسياسية واجتماعية معروفة ومن مختلف القوميات العراقية والذي أعده قبل شهور الأستاذ سيروان رحيم في برنامج وثائقي للفضائية الكردية ( Med tv ) حول تغيير الواقع الديمغرافي لمدينة كركوك، ويشير الباحث عوني أيضا إلى السبب من كتابته لكلمة الكرد بـ (الكورد ـ وكردستان بـ (كوردستان ) انه قد اتبع الإملاء الكردي في كتابة هاتين الكلمتين .
نعود إلى الكاتب ونقرأ معه إلى ص (13 ) حول كركوك تاريخ نشوئها : بان كركوك ( تعتبر واحدة من المدن القديمة التي أنشئت خلال فترة ازدهار حضارة وادي الرافدين – بيت النهرين ) حيث يعود تاريخها إلى العصور الغابرة .. وتشهد قلعتها المنتصبة على الجانب الشرقي من نهر –خاصة ) داخل المدينة على ذلك .. وتشير الدلائل التاريخية بان الكوتيين على الأرجح هم الذين وضعوا اللبنات الأولى لهذه المدينة ..ونقل لنا ملاحظة العلامة توفيق وهبي حول كركوك بان كركوك ( مدينة قديمة وهي اقدم ذكرا في المسمارية من مدينة اربيل ... واقدم ما لدينا من المعلومات الخاصة بكركوك هو ما جاء في التقويم الجغرافي المشهور عن ممتلكات ( سرجون ) الأكدي ( 2530 – 2473 ق.م تقريبا).والمؤرخ العراقي عبد الرزاق الحسني في كتابه العراق قديما وحديثا يشير إلى أن (سردنابال ملك الآشوريين ) هو الذي انشأ هذه المدينة مستندا إلى بعض المصادر السريانية ، والدكتور شاكر خصباك يذهب في كتابه ( الكرد والمسألة الكردية ) إلى أن الكوتيين هم الذين شيدوا هذه المدينة وتتطابق رأي السيدة ليلى نامق مع رأي د. خصباك بان الكوتيين عاشوا في هذه المدينة واتخذوا من مدينة اربخا مركزا ً لهم . وأما العلامة شمس الدين سامي صاحب موسوعة الأعلام والذي ألفه عام 1896 وباللغة التركية – طبعة اسطنبول فيقول بصدد مدينة كركوك بأنها ( من المدن الكردية الكبيرة، المسكونة من قبل الكرد والتي تقع في قلب كردستان وبان ثلاثة أرباع سكانها من الكرد والباقي من الترك وأقوام أخرى,رغم الكثير من الدراسات والإحصائيات التي جرت للمدينة ،فيقول الباحث بأننا نجد التزوير وعدم ذكر الأرقام الحقيقية لسكان الكرد القاطنين في كركوك و كذلك المبالغة في أرقام سكان بعض الأقوام غير الكردية.ويضرب الباحث لنا مثلا بسيطا على عدم دقة بعض هذه المعلومات والأرقام المثبتة في الإحصائيات التركية حينذاك ...فيقول (ذكرت تلك الإحصائيات بان هناك في السليمانية اكثر من ثلاثين ألف تركي في مدينة السليمانية ،بينما الحقائق التاريخية تذكر بان لا توجد هناك تركي واحد في مدينة السليمانية الكردية الصرف.وبعد تعدد الأقوال والآراء حول عدد ونسبة الكرد في مدينة كركوك فيقول الباحث بان نسبة الكرد في كركوك كانت 51% والتركمان 5،21% والعرب %20 كلدان آشوريين سريان يهود أرمن وغيرهم5 ،7 % وحسب الإحصاء عام 1930 مع ملاحظة تزايد عدد القوميات الأخرى على حساب عدد الكرد قياسا مع ما جاء في موسوعة العلامة شمس الدين سامي عام 1896 م . وأما بالنسبة الذين مثلوا مدينة كركوك في البرلمان العراقي فكانوا جلّهم من الكرد ومن أبناء المدينة ومن أوائل النواب المنتخبين أمثال اـ دارا بيك رئيس عشيرة الداوودة في عام 1927 م واحمد الكركولي نائب كركوك في عام 1937 م والشيخ فائق الطالباني عام 1935 – 1939 والشيخ عبد الوهاب الطالباني في 1943 و1948 والشخصية الكردية أمين رشيد اغا رئيس قبيلة هموند في عام 1939 ومحمد سعيد قزاز في عام 1953 .
بدء سياسة التعريب في كركوك ومحاولة تغيير هويتها الكردية :-
إن بدء سياسة تعريب مدينة كركوك كانت عبر مراحل زمنية وقد اتبعت سياسة عنصرية وشوفينية والتطهير العرقي بحق الكرد سكان كركوك الأصليين وليس خافيا على متتبع تاريخ كركوك بان انتهاج سياسة تهجير وإبعاد الكرد من المدينة قد اتبع منذ زمن العثمانيون وصراعهم مع الصفوييين وقد شجعوا رعاياهم الهجرة والعيش في كركوك وبعدهم الحكومات الشوفينية في العهد المالكي حيث عملوا في تسهيل توطين بعض العشائر العربية مثل الجبور والعبيد وعشائر أخرى حول أطراف كركوك ولقد نفذ النظام العراقي الحالي بعد 17 تموز عام 1968 سياسة التعريب والتبعيث بشك منظم وبمراحل زمنية ولقد استغل فترة المصالحة والهدنة بعد اتفاقية 11 آذار عام 1970 فعبث بسجلات النفوس عن طريق استخدام رجال الآمن و الحزبيين وتعينهم كموظفين في دوائر الأحوال المدنية في كركوك ونقل وإحالة الموظفين الكرد في دوائر النفوس في المدينة ، وبعد فترة بدا النظام بتغيير أسماء القصبات الأحياء الكردية وفك بعض الأقضية والنواحي الكردية ذات الأكثرية الكردية من كركوك وضمها إلى محافظات بعيدة أو مستحدثة لهذا الغرض وترحيل سكان المدينة الأصليين وجلب العرب من وسط وجنوب العراق وإذكاء نار العداء بين العرب والكرد على حساب الأخوة العربية الكردية التاريخية ، وبناء أحياء سكنية جديدة وهدم الأحياء الكردية بحجة فتح الشوارع وتوسيع العمران في هذه الأحياء وفي اضعف الحالات تعويض بعض العوائل الكردية المتضررة بمبالغ زهيدة تكاد لا تكفي لشراء قطعة ارض سكنية حتى في ضواحي كركوك.فيقول الباحث (إن خلال عشرين سنة فقط مابين إحصائية 1957م وإحصائية 1977 م حصل تغيير الذي حصل فقفز عدد العرب من 5،28 % إلى 4،44 % وتناقص عدد الكرد إلى 33 ، 37 % وكذلك للتركمان وبلغت نسبتهم 31 ،16 % ).
ولقد استمرت خطط التغيير الواقع القومي لمدينة كركوك بعد ترحيل العائلات الكردية وتدمير القرى في منتصف السبعينيات والى نهاية منتصف الثمانينيات وحسب إحصائية الباحث بلغت 37726 عائلة و779 قرية واستمرت هذه السياسة الشوفينية اوجها ما بين أعوام 1991 – 2000 بعد تعميم تغيير قومية سكان كركوك من غير العرب أو ترحيلهم من المحافظة وتوزيع الاستمارات الخاصة بتصحيح القومية على الكرد والتركمان وإجبار رؤساء العشائر الكردية بالحضور للقاء عزت الدوري وتبليغهم بقرار القيادة حول شمول العشائر الكردية وأبنائها في كركوك بمكرمة عظيمة ألا وهي اعتبارهم من العشائر العربية الأقحاح واعتمار رؤساء العشائر الكوفية والعقال لدى مراجعتهم لرؤساء الدوائر الرسمية ، وهذا ما تم فعلا بعد زيارة عزت الدوري لمدينة كركوك ولقائه مع محافظ كركوك في 10/9/ 2000 وهذه الزيارة واللقاء وإجبار رؤساء العشائر الكردية بتغيير قوميتهم وألقابهم تدخل حسب قول الباحث ضمن سياسة التطهير العرقي وتعتبر جريمة دولية ولا تسقط بمرور الزمان .
كركوك في المسرات والأوجاع :
أول شهادة حزن ومشهد درامي وخاطرة من الذاكرة جاءتعلى لسان معد البرنامج الوثائقي لسياسة التعريب لمدينة كركوك الأستاذ سيروان رحيم ونقتطف جانبا من تلك الخاطرة الحزينة ( في إحدى المدراس الكردية في كركوك ، تلك الأيام العالقة في ذاكرتي ولا تريد أن تبرحها ، كانت أولى حالات الوعي المبكرة لي لما أصابت مدينتي الثكلى لأبشع الممارسات اللآنسانية لتغيير الواقع الديموغرافي وتعريب هذه المدينة الكردية كركوك.
وتمتزج دموعه بعبراته المختنقة وهو يصور إحساسه الطفولي لكركوك آنذاك ( بإحساسنا الطفولي كنا نشعر بأنها حالة شاذة وغير طبيعية ، لكننا لم نكن ندرك أبعاد تلك السياسة البشعة ونحن في ذلك السن،في الوقت ذاته كنا نلمح علامات الحزن والقهر على محيا الكبار من النساء والرجال لما يجري، ونلمس بشغف عبء ما تخلفه تلك الإجراءات على أولياء أمورنا من خلال ردة الفعل لديهم، ومناقشاتهم الساخنة في الليالي الطوال. بالطبع لم نكن نفهم فحواها والتي تنضح بالمرارة.
ويقول السياسي والمؤرخ الكردي الأستاذ نوشيروان مصطفى وكما جاء في الكتاب، ( قبل كل شيء أود أن انوه بأنه لا غبار على كردية كركوك فهي ضمن جغرافية كردستان على مر التاريخ ، ومع اكتشاف النفط في كركوك في عام 1927 م بدأت سياسة تعريب كركوك من قبل القوميين العرب وبمساعدة الإنكليز ، وبان التعريب الفعلي لمدينة كركوك بدأت في نهاية العشرينات وبداية الثلاثينات من القرن العشرين ولكن سياسة التعريب لم تكن بهذه الصورة البشعة في العهد الملكي ، ويقول حول وجود التركمان في كركوك ( الظاهر بان التركمان قدماء في المنطقة وهم اقدم من العرب في تلك الربوع.
وحول وضع مدينة كركوك في المفاوضات التي جرت مع النظام العراقي يقول ( دخلنا في مفاوضات عسيرة مع النظام العراقي واتفقنا على نقاط كثيرة بما فيها وضع مدينة كركوك ، ولكن وفي نهاية المطاف لم نتوصل إلى اتفاق وفي عام 1991 اظهروا الندم على كل ما توصلنا إليه من اتفاقيات أي مفاوضات عام 1984 ، وفي إحدى الجلسات قال لنا طارق عزيز : أنسوا كركوك كما نسي العرب الأندلس.ويختتم نوشيروان مصطفى انطباعه عن كركوك ( أنا لست متعصبا شوفينيا ، ومن الطبيعي أن أرى العربي والتركماني والآثوري يعيشون في كركوك بجانب الكردي بهدوء وسلام ، أتمنى من كل قلبي أن نرى كركوك محررة ، معززة ، مكرمة ، في المستقبل القريب.
أما الدكتور نوري طالباني فيقول حول كركوك بان ( كركوك هي ملك الكرد جميعا ، وقد قلت أشرت في ما مضى إن خلاص الكرد من وضعهم المأساوي الحالي، والعيش بسلام على أرضه التاريخية كباقي أمم وشعوب العالم، هو يوم عودة كركوك إلى أحضان الوطن الكردي، وتحت إشراف الإدارة الكردية.وكردستان بدون كركوك هو كجسد بدون روح، لذا يتحتم على كل كردي وكل الأحزاب السياسية الكردية، تسخير كافة الطاقات لإيقاف هذه السياسة العنصرية الشوفينية من قبل حكام بغداد، واستنباط الوسائل الجديدة لدلك العمل الجليل. ويقول حول حدود كركوك ، ( إنني لا اعني كركوك المدينة فقط، بل محافظة كركوك الممتدة من الزاب الصغير إلى نهر سيروان، ومن زاغروس إلى سلسلة جبال حمرين، إن هذه البقعة الجغرافية تدعى منطقة كركوك حسب الوثائق التاريخية).
ويقول الدكتور جبار قادر عن واقع التكوين الأثني لسكان كركوك وكيفية تغييره هو اعتراف علي حسن مجيد أثناء اجتماعه مع ثلة من مسئولي البعث والجيش والمرتزقة وتباهيه بما عمله وانجزه من المذابح والأعدامات والتهجير بحق أبناء محافظة كركوك (أود أن أتحدث عن نقطتين الأولى التعريب والثانية المناطق المشتركة بين الأرض العربية ومنطقة الحكم الذاتي النقطة التي أتحدث عنها هي كركوك، عندما جئت إلى هنا لم يزد عدد العرب والتركمان عن 51 % من مجموع سكان كركوك مع ذلك صرفت 60 مليون دينار إلى أن وصلنا إلى الحالة الراهنة ليكون واضحا لديكم لم يوصل كل العرب الذين جلبناهم إلى كركوك نسبتهم إلى 60 % عند ذلك أصدرت أوامري ومنعت بموجبها كرد كركوك من العمل في كركوك والمناطق التابعة خارج منطقة الحكم الذاتي ). واترك تحليل هذه الكلمات القيّمة الصادرة من حاكم عسكري جاهل وصاحب الصلاحية المطلقة وبموجب الدستور العراقي الموقت؟!.
والدكتور إسماعيل محمد ( يرى ثمة مخاطر جدية من استمرار حملات التطهير العرقي للسكان الكرد في محافظة كركوك، ليس للوجود القومي الكردي في المحافظة وحسب بل وعلى مستقبل القضية الكردية في العراق أيضا ) .
والأستاذ عرفان كركوكلي رئيس حزب الإخاء التركماني في العراق يقول ( إن جميع الحكومات المتعاقبة انتهجت سياسة فرق تسد ومارست ابشع الأساليب للوصول إلى غاياتها تلك، زرعت الفتنة بين جميع القوميات التي تعيش في كركوك على مدى سنين طويلة وخاصة بين الشعبين الكردي والتركماني ) وحول مسألة استيطان الفلسطينيين في كركوك يقول ( وحسب معلوماتنا يحاول النظام وحسب خطة مبرمجة توطين الفلسطنييين في كركوك ليحلوا محل الكرد والتركمان ، الفلسطينيون هم أيضا ضحية لهذه السياسة الخبيثة وانهم أصحاب قضية ) ويختتم قوله حول الموضوع ( ويجب على الفلسطينيين أن يفكروا قليلا ، ويتساءلوا، لمن هذه الأراضي؟.).
وأما السياسي الكردي د. محمود عثمان والذي ناضل في صفوف الحركة الكردية التحررية منذ نشؤها وعاصر الزعيم الكردي الراحل مصطفى البارزاني لحين توقيع اتفاقية الجائر المشؤومة عام 1975 ،فيرى إن توحيد الصفوف والتنسيق معا في مقومة ما يجري ( لأن واقع الحال لا يحتمل التمزق والجري وراء المصالح الحزبية الضيقة، إن 40 % من الأراضي الكردستانية لا تزال تحت نظام الحكم في بغداد إن هذه الأراضي هي التي كانت نقطة الخلاف دائما بيننا وبين الحكومات العراقية وحاربنا من اجلها وضحينا وقدمنا الشهداء من اجل ذلك ،بان الحزبين الرئيسيين في كردستان مقصران في الدفاع عن حقوق شعبنا وأراضينا ، وتقع المسؤولية عليهم مباشرة ،إن لم يسرعوا لمقاومة سياسة التعريب المقيتة ) نؤيد كلام الدكتور محمود عثمان في تحمل المسؤولية ونحن بدورنا أيضا نتحمل جانبا من تلك المسؤولية حيال سياسة التطهير العرقي والترحيل الجاري لكركوك ، وليست الأحزاب الكردية في كردستان وحدها تتحمل المسؤولية فتكفي نشر قصيدة أو وثيقة وإدانة وتعرية وفضح الأساليب المتبعة في إنجاز عملية التطهير العرقي ..
وكما تضمن كتاب الباحث الكريم عوني الداوودي أقوال وأحاديث لبعض الأستاذة ورجال السياسة والمعنيين بشؤون تاريخ مدينة كركوك ولا يسع المجال هنا في نقل هذه الأحاديث بالرغم من أهميتها ودقة المعلومات التاريخية فيها وسنكتفي في ذكر أسماء هؤلاء السادة الكرام أمثال : الدكتور فؤاد معصوم والسيد محمد بحر العلوم والسيد مشعان الجبوري و الدكتور مبدر الويس والسيد شورش حقي والدكتور آلان درويش والمهندس حسين غلام والسيد مصطفى جاوره ش السيد علي زه نكنه والسيد رفعت عبد الله والمهندس آمانج كركوكلي والدكتور آزاد شيخاني الدكتور كوران طالباني، بالإضافة 10 ملاحق مهمة في ص90 من الكتاب خمسة منها عبارة عن تقارير عسكرية حول مذكرة المدرسين الكرد إلى وزارة المعارف والرسائل السرية لقائد الفرقة الثانية الزعيم الركن ناظم الطبقجلي المرسلة إلى مديرية الاستخبارات العسكرية والتي تحذر الحكومة من خطر المتطرفين الأكراد في مدينة كركوك والى الحاكم العسكري العام في بغداد حول مراجعة نقابة المعلمين في كركوك حول بعث مديرية معارف لكردستان مركزها كركوك وأخرى حول الحالة السياسية في منطقة مسؤولية الفرقة الثانية مع اقتراحه بجعل المناصب الإدارية تدار من قبل موظفين العرب في ( كل من آلتون كوبري وطوز خورماتو وكفري ) لأنهم عنصر الحياد بين الأكراد والأتراك الساكنين فيها ( القائمقامون- مدراء النواحي –المعاونون- مدراء المدراس – الحكام . هذه أفكار واقتراحات مسؤول عسكري وقائد فرقة في محافظة كركوك وليس لدي تعليق سوى بيان (معنى الحياد) وفق تصور المؤسسة العسكرية الحاكمة آنذاك . والملاحق الأخرى عبارة عن خرائط للعراق منها للعلامة المقدسي والأصطخري ولإبن حوقل والبلخي وينوه الباحث تحت الملحق التاسع بأن الخرائط الأربع مأخوذة من كتاب ( الكويت جزء من الجزيرة العربية ) للمؤرخ العلامة الدكتور احمد خليل كمال الطبعة الأولى مصر 1991 ، و الملحق الأخير عبارة عن خريطة لكردستان العراق والتي تبدو فيها المناطق الكردستانية تحت سيطرة الحكومة العراقية، وخلاصة القول نثمن ونقدر جهد الباحث العزيز عوني الداوودي في هذا الكتاب القيم ووفائه لمدينته العزيزة كركوك والى جميع من اغنوا الكتاب بالوثائق التاريخية والأدلة الدامغة وكشف الحقائق المخفية حول ملابسات سياسة التطهير العرقي منذ بداية القرن الماضي ولهذه الساعة ، وآمل أن تسود المحبة والوئام والأخوة بين الأقوام المتآخية في كركوك وان مفتاح حل القضية الكردية هو مسالة كركوك كما قال الدكتور كوران طالباني وبان تكون مدينة التآخي للكرد والتركمان والعرب والكلدان والنضال من اجل غد افضل للجميع .
نه به ز الد ّاوودي