|
الجنسيَّةُ النَّفسية والجنسيةُ الجَسَدية
سيومي خليل
الحوار المتمدن-العدد: 4855 - 2015 / 7 / 3 - 00:03
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
الكاتب : سيومي خليل الجنسيَّةُ النَّفسية والجنسيةُ الجَسَدية -------------------
يَبدُو المُّخَالف شَبحَا يُهَدد وُجودنا ، يَزداد هَذا التَّهديد كُلَّما كَان المُخالف ُمُخالفا جنسيا أَو دينيا ، وحين نُوغل كثيرا في التَّنميط فَإن النَّبذ يَكون أدنى رد فعل لهذا المُخالف ، ومُمَارسة العنف رد فعل أكثر قَوة ، ليصل في ذروته إلى القتل بكل أنْواعه وأشكاله .
الأمر لا يَتعلق بشريعة ما إلهية أو انسانية ،إنما فَقط يَتعلق بالخوف الشَّديد من ذلك الذي لا يفعل مثلمَا نفعل ،ولا يَتصرف وفق القواعد التي وجدنا عليها المُّجتمع ، ويُخَالفنا ، ويخالف قواعد المُجتمع النِّسبية ، ولكي نُعطي لأسوا أنْواع رُدود أفعالنا مُبَررا فإننا نَربطه بتراث تاريخي ديني إستئصَالي ،ولاَ إنساني ، كي نَذهب مرتَاحين حين نقصف أَحد المُخَالفين ، أو حين نُرديه قتيلا جسديا ،وفِي أَحسن الحَالات قَتيلا مَعنويا كما نفعل مع الكثيرين منَّا .
مَا تَعرض له الشاب المثلي ،والمخالف لتَصورنا عنْ مَفهوم الذُّكورة والرجولة ،من طرف مجموعة من الجَهلة ، دَليل عَلى هذا الخوف الذي يتحول إلى رد فعل عَنيف ، فَكُل شَاب من أولائك اللاآدميين فكر بطَريقة لاَ شُعورية وهُو يَرى شاب مثله جسَدا ،لكنه يُخَالفه على مستوى السلوك ، لَقد تَساءل أولائك الهمَّج ؛ أَيعقَل أَن يَكون مثل هَذا الشَّاب ؟؟؟ ،وكَي لا تَهتز الصُّورة الذكورية التي حُشي بهَا دماغ الشاب المُّتسَائل منذ صغره ، فهو لا شك سيدافع عنها برفض هذا الشاب المثلي ، وكَي يُؤكد أَنَّ الشَّاب استثناء ولا يخلخل صورتَه عن الذكورة والرجولة ، فَهو سَيقوم بضربه ، وسيسحله ، وسينظم جُموع من الذباب إلى هَذا الأمر ، وكي يعلنون أَنفسهم مُدَافعين عن الدين سيصيحون الله أكبر ، في تَمثيل حقير لما تفعله داعش بكل المخالفين لها .
لكل الذين يحملُون أَدنى إقصَاء للمُّخَالفين جنسيا لهم ،أي لأُولائك المثليين الذين يَقولون أن الغَّيرية الجنسية ليست هي الوحيدة المَوجودة في دائرة الجنس والحب ، أَقول لهم:
أولا ، أنَّ المثلية الجنسية قائمة بحكم الواقع ، وأَنَّ عَددا كبيرا ،ونسبة كَبيرة من الناس يولدُون بمُيول مثلية . وأقُول لهم ثَانيا ، أنَّ الطب ،والتَّحليل النفسي ،والطب النفسي ، عجز بشكل واضح عن إعطاء تفسير لهذه المثلية ،وكل ما قيل في هذا المجال هو تفسيرات لا تدعي الحقيقة .
وأقول لهم ثالثا إنَّ مجموعة من المثليين ذكورا وإناثا لهم من الأَخلاَق ما يَفوق غير المثليين جنسيا ، أي أُولائك الغيريين الذي يدعون السَّواء .
وأقولُ لهم رابعا أنَّ المثلية الجنسية ليست دليلاً لعدم سواء النفسي ، وليست دليلا عن انحرَاف ، فَالكثير من المثليين جنسيا لهم مَنَاصب محترمة ، وَيشتغلون في وظائف مهمة ، ومنهم المبدعين ،والكتَّاب ، والشُّعَراء ،والموسيقيين ، مما يعني أَن الإدعَاء بانحرافهم ،وعدم سَوائهم هو مجرد خرافة روج لهَا أعداء الإنسَان وخَالق الإنسان .
من الوَاجب إحترام الجميع ، كيفما كَانوا ،وكَيفَما كانت إختلافَاتهم معنَا ، فالحياة تسع الجميع .
إنَّ العنف أسوأ من المثلية الجنسية بكثير ، فمَا الذي فعله شاب فَاس كي يتعرض لتلك المعامَلة اللاإنسَانية ، إنه لم يهدد أَحَدا ،ولَم يَدعو أحدا ليكون مثليا مثله ، إنه مارس مادَعته إليه غريزته ،ومشاعره التي يحس بهَا ، فَبأي حق نُقيم أَنفسنَا حُكاما عَلى المُختلفين؟؟؟ .
لنفهَم هَذا الاختنلاف بين مفهومين . -1- مَفهوم الهوية الجنسية الجَسدية ، والذي يَعني الشكل المُورفولوجي والبدني الذي يحدد الذَّكر والأُنثى ، فجسد الأُنثى يَختلف عن جسد الذكر ،وإن كَان أمر هَذا المفهوم قَابل للنقاش ،فَليس الجميع مُتَفقون على أَنَّ هناك اختلاف كَبير بين الجنسين ،وهَذا له موضوع آخر إنْ شاء الله . -2- مفهوم الهوية الجنسية النفسية ، والذي يعني تلْكَ الهوية الوجدانية التي يُحسهَا الفرد ،والتي تَجعله يَميل إلى الأُنثَى أو الذكر ،وهذه الهوية أَحيانَا تَتناقض مع الهوية الجسدية ، فنجد نَساء يَحملن هوية نفسية ذكرية ، وشَبَابا يحملُون هُوية نَفسية أنثوية ،وهَذا ما يعطي سلوكات نراها مخَالفة ، لكنها في عمقها تُوافق الهوية النفسية الجنسية . لإضَافة المَعلومات لكل الإقصائيين ،والأَغبَياء،ومدعي الذكُورة والرجولة الخاوية *أكثر ،أقُول أنَّنا كُلنا نَحمل نَوعا ما المثلية الجنسية ،وبنسبَة مَا ، تَظهر في بعض الاستيهامَات ،وتظهر في بعض التَّخيلات الجنسية التي يَعيشها المرء ، ثُّم هُنَاك ما يسمى بالمثلية العَرضية والتي تظهر في السجون ، أو الزَّوايا ، أو غيرها من الأَمَاكن التي لا تظهر فيها الأَنثى، أو التي تقل تحركَاتها فيها ، فحين يشتد ابتعَاد المَرء عَن الأُنثى يمكنُه أن يَصير مَثليا عَرضيا .
لَنفهم أنَّ مَبدأ التَّعايش هُو الذي عَلينا أن ُنناضل من أَجله ، ولا يمكن السَّماح لمجموعة من الأَغبياء ،والدَّواعش الصغار أن يَفعلوا في البلد مَا يَشاؤون ، لنوقف هؤلاء الخوارج ، وكارهي الحياة ،والذين يَظنون أَنفسهم مدافعهين عن الفضيلة ، وأكثرهم فَضيلة لا يستطيع أن يُّطهر قَلبه من الخبث ،والحقد الذي يحمله . طهروا قُلوبكم أولاً ،وبعدَها سَتفهمون أنكم أَغبياء جدا ، وخاطئون جدا .
#سيومي_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حُب حُكُومي
-
بَحر حَليبي أبيض ُ
-
بصحبَة قرَاقُوش
-
عَزِيزي دونكِيشوط
-
مُر عليهم بقَصيدة ابن عَربي
-
حِكَايَةُ مُتْعَبْ مَع َالسَّيدَة ميم
-
ذِكْرَى
-
أحَدُ الرّفَقَاء
-
من السيسي إلى مُرسي ،تَغيير إتجاه البَوصلة .
-
كذب الحُكومة مُستَمِر
-
مَشروع ُ خُفَاش ٍ في الفصل
-
بَيْنَ الذَّاكرة وعَمليات الإدراك العقلية
-
دفَاعا عن أوزين
-
منطقة للكتابة
-
خطَل ُ الفُقَهاَء
-
بين الإِسْتصقَاء والإستصْحاءِ
-
عن الأخلاقِ والكَونِية
-
صنَاعَةُ الخوف الثَقيلة
-
التَّجربة الدِيمُقراطية في تَونس وحزب العَدالة والتَّنمية
-
ابن ُ رشد حَزين ٌ
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج
/ توفيق أبو شومر
-
كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
كأس من عصير الأيام الجزء الثاني
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية
/ سعيد العليمى
-
الشجرة الارجوانيّة
/ بتول الفارس
المزيد.....
|