|
إدراك متاخر أم تواطؤ مُسبق؟
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 4854 - 2015 / 7 / 2 - 21:40
المحور:
القضية الفلسطينية
بعد ثمان سنوات على الانقسام يتأكد ما كنا نحذر منه منذ 2004 ،من مخطط لفصل غزة عن الضفة في إطار مخطط إسرائيلي ومعادلة إقليمية ودولية جديدة تتجاوز ترتيبات وتفاهمات أوسلو.كل ذلك لم يعد في إطار التخوفات أو التوقعات الخيالية غير المسنودة على وقائع،بل انكشف المستور بعد أن أصبح الانقسام ممأسسا بقوة الأمر الواقع الذي تفرضه حماس،وبرضا ومباركة إسرائيل وأطراف عربية ودولية وأخيرا مصر،ونتيجة عجز السلطة ومنظمة التحرير عن وقف المخطط . ما نريد الحديث عنه اليوم هذه الصحوة المتأخرة و(الاكتشاف الخطير) للسلطة وحركة فتح وفصائل منظمة التحرير لهذا المخطط !. فبعد ثمان سنوات من سيطرة حماس على القطاع ،وبعد عشر أعوام من بدء تنفيذ مخطط الفصل ، ومرور عام على حكومة الوفاق الوطني دون مُنجز وطني يُعتد به ،ومع مؤشرات خروج حماس من تداعيات صدمة ثورة 30 يونيو وسقوط حكم الإخوان في مصر ،ومع المأزق المتعاظم للسلطة ولخيار حل الدولتين ... بعد كل ذلك أخذت التصريحات في الأشهر الاخيرة تتوالى من هذه الأطراف –حركة فتح ومنظمة التحرير والسلطة الوطنية - محذرة من وجود مخطط تشارك فيه حركة حماس لفصل غزة عن الضفة !. الغريب والمُثير للتساؤلات في هذه التصريحات ليس مضمونها بل توقيتها من جهة ،وتركيزها على حركة حماس دون الأطراف الأخرى التي تلعب دورا لا يقل خطورة عن دور حماس في صناعة الانقسام . أولا : بالنسبة للتوقيت هل هذه الجهات التي تقف على رأس النظام السياسي الفلسطيني وذات العلاقة بكل دول العالم،وتحت تصرفها العديد من الأجهزة الأمنية التي تنسق مع إسرائيل ومع دول الجوار الخ كانت تجهل وجود هذا المخطط واكتشفته أخيرا ؟ ! أم أنها كانت تعرف به مسبقا والتزمت الصمت طوال السنوات الماضية ؟ . إن لم يكونوا على علم بوجود مخطط الفصل فهذه مصيبة ، وإن كانوا يعلمون بما كان يجري ،وهو ما نعتقده ،فالمصيبة أكبر ،لأن السؤال المترَتِب على ذلك ،لماذا صمتوا كل هذه السنوات ولم يتحركوا إلا بعد أن نضجت الأمور وأصبحت دويلة غزة في مرحلة (التشطيبات الاخيرة) ؟ !. هل السبب أن البعض منهم متواطئ ومشارك في مخطط الفصل منذ البداية وتم إخراجهم من المعادلة لاحقا لصالح حركة حماس في مقابل فوائد ومصالح أخرى يحصلون عليها في السلطة الوطنية وفي أماكن اخرى ؟ أم أنهم كانوا يعلمون بالمخطط دون أن يشاركوا فيه ولكنهم كانوا عاجزين عن وقفه أو يراهنون على فشلة ؟. فأين كانت حركة فتح والسلطة الوطنية وكل فصائل منظمة التحرير طوال السنوات الماضية ؟ إن لم يكن هناك شبهة تواطؤ من البعض فهناك تقصير وخلل في التعامل مع قضية الانقسام ، حيث لم يتم بذل ما يجب من جهود للحيلولة دون حدوث الانقسام بداية ،أو منع تكربسه وتعمقه في نسيج المجتمع لاحقا. هناك أفراد من النخبة في السلطة ومنظمة التحرير وحركة فتح لهم ضلع في صناعة الانقسام بداية ومستفيدون منه لاحقا ، هؤلاء فقدوا ثقتهم بالشعب وقدراته وبالعمل الوطني ويعتقدون أنه لا يمكن إصلاح الوضع ،لذا لم يتركوا مناسبة إلا ومارسوا التحريض وإثارة الفتنة ليس فقط بين فتح وحماس بل بين أهالي الضفة الغربية وأهالي قطاع غزة ، وأجهضوا كل محاولة للمصالحة الحقيقية ،ويتلاعبون بحركة الناس ما بين الضفة وغزة ،ويقفون وراء إضعاف وتشويه حركة فتح ومنظمة التحرير،كما أنهم يناصبون العداء كل الوطنيين الشرفاء. بعض هؤلاء من الصغار الانتهازيين والمنافقين الذين وضعتهم الصدفة في موضع صناعة القرار أو قريبين من صُناع القرار ،قرابة مصاهرة أو قرابة شراكة مصالح اقتصادية ، هؤلاء يعملون في إطار تحقيق مصالحهم الخاصة ومحاولة جني مكاسب سريعة لاعتقادهم أن مَركب السلطة والمشروع الوطني على وشك الغرق والشاطر من يهبش أكبر قدر من حمولته . والبعض الآخر من هذه النخبة تعمل ضمن إطار أكبر ويشكلون خطرا أكبر على المشروع والقضية الوطنية. إنهم الذين عملوا مبكرا ،وما زالوا ،على تكريس الانقسام وفصل غزة حتى يستطيعوا تمرير مخطط تصفية الحالة الوطنية وتمرير مخطط التقاسم الوظيفي الذي يتم الاشتعال عليه في الضفة وبدأ تنفيذه فعليا في المسجد الاقصى. ثانيا: بالنسبة لكيفية التعامل مع الأطراف الاخرى بعيدا عن المناكفات السياسية الداخلية فإن حركة حماس ليست وحدها المخطئة والمتواطئة بل هناك أطراف عربية ودولية شاركت وما زالت تشارك في مخطط الفصل كما سبقت الإشارة. الغريب أن القيادة الفلسطينية والسلطة ومنظمة التحرير وحركة فتح لا ينتقدون أو يتحدثون علنا عن دور الأطراف الأخرى في الانقسام ،ولا يتخذون أو يطالبوا باتخاذ أي إجراءات في مواجهة هذه الأطراف المتواطئة ، بل نلاحظ علاقة طيبة وحميمية ومصالح اقتصادية رسمية وغير رسمية متواصلة ما بين القيادة والسلطة من جانب وكل من قطر وتركيا من جانب آخر ، كما لا تجرؤ القيادة والسلطة على انتقاد التحركات المشبوهة للرباعية ورئيسها ولا لممثل الأمم المتحدة ، كما لا نلمس جهدا ملموسا تجاه مصر سواء من جهة وقف إذلال الفلسطينيين وخصوصا أبناء قطاع غزة في مصر وفي مطاراتها وعلى معبر رفح حيث تتم عملية إذلال ممنهجة ، أو من جهة مشاركة مراكز قوى كبيرة في مصر في مخطط الفصل وصناعة دويلة غزة المسخ. أن تتحدث منظمة التحرير والسلطة الوطنية عن مخطط أو مؤامرة تشارك فيها حركة حماس وأطراف خارجية لفصل غزة عن الضفة فهذا لا يعني تبرئتهما من المسؤولية عما جرى ويجري،لأنهم اصحاب المشروع الوطني وعلى رأس السلطة الفلسطينية وكل ما يجري يتم داخل مناطق السلطة . إن مجرد انتقاد حركة حماس والتحذير من مفاوضات بين حماس وإسرائيل ومن مخطط فصل غزة لا يسقط المسؤولية عن القيادة الفلسطينية ولا يكفي لوقف تنفيذ هذا المخطط . [email protected]
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السياسة لا تعرف الفراغ
-
تحديات ومخاطر علم الاستشراف في العالم العربي
-
من سيناريوهات حل الصراع إلى سيناريوهات إدارته
-
هل غزة مقبلة على الانفجار بالفعل ؟ وفي مواجهة من ؟
-
التباس الموقف المصري من القضية الفلسطينية
-
حركة فتح : شرعية وديمومة الفكرة وتعثر التنظيم والممارسة
-
صحوة خليجية متاخرة : الاتفاق النووي سينقل (الربيع العربي) إل
...
-
اللاجئون الفلسطينيون من الريادة إلى التهميش والتصفية
-
ما بين د.عصام السرطاوي ود.احمد يوسف : عقلانية الفكرة ومنزلقا
...
-
مبادرات تتوالى ، فهل نحن مستعدون؟
-
هل تعي حركة حماس ما تفعل ؟
-
حكومة الوفاق وضريبة حماس
-
استهداف مخيم اليرموك استهداف لحق العودة وللكرامة الفلسطينية
-
فلسطين بوابة العرب لاستنهاض مشروعهم القومي
-
القادة العظام يصنعون أمجادا والقادة الصغار يبددون حقوقا وأوط
...
-
استخلاصات من نتائج الانتخابات الإسرائيلية
-
عودة مشروع -غزة أولا- ولكن بثمن أفدح
-
لكل أمة مشروعها الحضاري القومي إلا الأمة العربية
-
مقاربة مفهومية لتفكيك ظاهرة الإرهاب
-
المطلوب من المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية
المزيد.....
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|