عبدالواحد حركات
الحوار المتمدن-العدد: 4853 - 2015 / 7 / 1 - 22:43
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الداعشلوجيا تحول الإسلام لقناع .. وتلبس الدرع والخوذة بأمر جاهليو العصر ...!!!
الزمن والآفات .. رديفان عاركهما الإنسان مذ جاء وكان .. ولازال يعاركهما حتى يخرج من الحياة مداناً بجهالته وقبح سيرته , أو شهيداً لأجل مكرمته ...!!
لو .. ظل أبناء من طفوا مع " نوح " على اللوح مؤمنين كآبائهم , لكان للوجود والحياة سيرة أخرى أزكى وأروع وأثمن ... ولكان للفكر الإنساني توجه مختلف عن المنزلق الخطر التي اتخذه سبيلاً لبلوغ نهاية , تبدو على كل الأصعدة والتوقعات مؤلمة وفظيعة , فيضع العلم نبوءات الفيضان أو الانفجار أو الارتطام أو الاحتراق خيارات ختامية ونهايات محتملة لمسكننا الأرضي , وتجزم الشرائع بحدوث القيامة والبعث بزمن فساد ويأس ...!!
الداعشلوجيون مكمل أساسي لرحلة الآدميين على درب الشرائع , ووجودهم أو تصدرهم للمشهد الشرائعي مزامن لموسم التحول والتقول في الشريعة التي يتقولون باسمها ويجلدون بسياطها, وكما أظهرت اليهودية داعشلوجيوها الذين ترصدوا للمسيح " عيسى " وأمه وحوارييه , وأشعلوا العنف وأفرجوا عن جينات الافتراس باسم الشريعة بعد " موسى " بحوالي 1400 سنة , وافتتحوا الدرب لتلحقهم المسيحية بعدما أسرجت عقول جيل ثاني من الداعشلوجيين وشحذت فيهم الافتراس الصدئ , وأوكلت لهم مهمة اضطهاد الموريسكيين في إسبانيا , فابتكروا منهج ومفاهيم ومسميات معجمية مكللة بأشواك العنف والعداء , وباركت لهم الكنيسة التي لم ترى النور حتى عهد " قسطنطين " بعد عشرة أجيال من المسيح فعلهم وذئبيتهم , فجسدوا بزعامة " تركيمادا و بيلدا " لوحة داعلوجشية مسيحية المظاهر , مثلت بعد " 1400 سنة " من المسيح نضج فظيع للداعشلوجيا مقنع بمثل المسيحية والإنجيل ومتكأ على كنيستها . ..!!
تجلي الداعشلوجيتان اليهودية والمسيحية تم بتدرج مراحلي , خلال زمن مهيأ بخامات بـُـــــنَى الداعشلوجيا ومنطلقاتها وبواعثها وبيئتها الفكرية , وكما تعهد الزمن بمحتوياته وسكب عوامل التحلل بدرب شريعة " موسى/ عليه السلام " , وأعاد الكرة ثانية مع شريعة " عيسى/ عليه السلام " , جاء بذات العوامل ليعذ الكرة وللمرة الثالثة مع شريعة " محمد / عليه السلام ", ويعلن عن تجلِ ثالث وموسم أخير للداعشلوجيا المرتدية لأقنعة الإسلام .. ومكنها من إسراج عقول وضمائر جيل داعشلوجي ثالث , بعدما تزود وتمنطق وتفقه بذات الإكسسوارات الداعشلوجية , لتجسيد لوحة داعشلوجية محمدية المظاهر , معلنة حلول الموسم الداعشلوجي بعد " 1400 سنة " من بعثة نبي العرب الخاتم ..!!!
نزول القرآن في مكة حدد موعد الداعشلوجيا الأخيرة , ورغم فقد الضحية وفق النسق التقليدي المعتاد , وبسبب عدم وجود نبي أو شريعة جديدة , ابتكر جيل الداعشلوجيون الثالث ضحاياه , وخسف بالجميع في هاوية الكفر , وأحلل بهم طقوس الافتراس المسند للشريعة المحمدية , وجعلوا من جاهليتهم واجهة عصرية للشريعة ...!!!
" أبو الأعلى المودودي " مفتتح الداعشلوجيا المحمدية الفعلي , فبعدما اقتات مخرجات الحركة الديوباندية في الهند , سعى لمقارعة " المهاتما غاندي " باسم الإسلام وجعله عدواً معتقدي , ودافعاً لتأليف كتاب " الجهاد في الإسلام " ضمن الحراك العام المشحون بالبغضاء والطائفية في الهند , ونادى بتطبيق الشريعة , وجعل من الإسلام مصارع سياسي داخل الحلبات البرلمانية , وخصص له جماعة وفئة ضيقة تمثله وتتحدث باسم شريعته , وتصنف بها الآخر وتدينه , وجعلها وسيلته التي يعبر بها عن وجوده وشخصيته , التي درجت على مخاصمة الآخر , وتشربت القطيعة والعداء منذ الطفولة , وكان منعه من الالتحاق بالمدارس الإنجليزية بحجة الشريعة المغايرة أو المناقضة والمكتفية عن ذاك الآخر ,الذي مثلته تلك المدارس , حجر أساس لهيكل الداعشلوجيا الفظيع ...!!
البيئة الفكرية التي حملت " المودودي " من منطلقات الديوباندية المشتهرة بالتسامح إلي إحياء الجهاد , كانت مكتظة بمواجهات فردية وجماعية بين أتباع الهندوسية والمسلمين في الهند , وبزوغ " سوامي شردهانند " وتزعمه لحركة " "حركة إكراه المسلمين على اعتناق الهندوسية" ومقتله , وحدوث المواجهات المتسمة بالعنف سنة " 1926م " , أتاح الفرصة لتأسيس حركة مضادة تتوشح بالإسلام وتقترف الفعل باسم الشريعة المحمدية , فكانت " الجماعة الإسلامية – 1941 " السيف الذي أستل لتمثيل الشريعة في ساحات العنف حيث لا شيء عدا الموت .. .!!!
المواجهة بين الهندوس والمسلمون في الهند كانت تحمل ملامح الداعشلوجيا وتشرب من ينابيعها بشراهة مرعبة , وكان " قرار لاهور " الداعي لتكوين دولة إسلامية مستقلة شرارة البدء لمعركة العقائد الدامية, التي تساقطت فيها جثث المسلمين والهندوس , وتزعم مسلميها " محمد علي جناح " ليظفر بــ " باكستان / الأرض الطاهرة " ويؤسس دولة دينية إسلامية لم تنتهي " المعركة " , فباكستان تعيش حالة مواجهة وترقب وحرب معتقدية دائمة مع جارتها الهند " دولة الهندوس / غالباً " , وسطوة المؤسسين " المودودي وإقبال وجناح " وتوجههم إلي مشروع الخلافة لازال قائم ورائج , وقد تجاوز الهند واقتنى تاريخ وثقافة تؤهلانه للتعولم ...!!!
الفكر الشرقي وفلسفاته المشبعة المتمحورة على الذات أثر على تكوين الفكر الإسلامي , وصبغ منهج الفكر ومخرجاته بصباغ شرقية جنوب آسيوية ’ جعلت من الجنوب الآسيوي مرتكز الثقافة " الإسلاموية " ومعسكر عقائدي أثرت ميثولوجيات الشرق القديم في نتاج مفكريه وزعمائه , فصار للذات وللشخصنة أسبقية ولها تأثير في موضوعات الشريعة ومناهج الفلسفات التي تتغذي على أصولها ...!!
سقط " غاندي " وسط أتون معركة الهندوس والمسلمين , وسقطت معه آخر أماني الوفاق والتعايش السلمي بين طوائف الهنود , وصارت العقائد مخرج للأماني وعقبة كأداء في سبيل الأمن بذات الوقت والمكان .. وانتشرت أصداء الدعوة للخلافة وتأسس منهج الإسلام السياسي بالتقارب والتوافق بين رؤى وأطروحات وفتاوى " أبي الأعلى المودودي وأبي الحسن الندوي ومحمد طفيل وسيد قطب " .. فأصبحوا بالتقادم والتداول مدرسة فكرية ومنهج سياسي وقادة فكر ودعاة حرب مقدسة باسم الشريعة المحمدية , تجمهرت لأفكارهم الأدمغة وتقاطرت على نهجهم الجموع , وتحولت مواطنهم إلي مدارس ووجهة لمريديهم ومعتنقي مبادئهم وآرائهم ..!!
فترة المخاض أو مرحلة التكوين والتنشئة والتربية والتدريب توفرت لها ظروف عنف استثنائية , فصار لأحداث المواجهات بين الهندوس والمسلمين في الهند ومضاعفاتها , والأحداث الدموية التي عايشها مسلمو الجنوب الآسيوي في الصين والفلبين وتايلاند وبورما وسيريلانكا واندونيسيا وأفغانستان تاريخ يستشهد به دعاة العنف وأصحاب النزوع الداعشلوجي , وبات لكل حدث دموي تفسير معتقدي وتأويل معطوف على الشرائع .. وخلف الجيل المؤسس جيل جديد مشبع بالعنف كوسيلة نشر وتعبير وحماية للشريعة ومتدرب على معايشة العنف ومساكنته وتشريعه والتعامل به وامتهانه .. !!!
لا يمكن نكران وجود دعاة السلم بين ظهراني الحركات الإسلامية الناشئة بالجنوب الآسيوي .. وإن كان الرواج والتعاطي العالمي لممتهني العنف ومقترفيه قد رسم للإسلام وللمطالبين بالحقوق والعدالة من معتنقيه صورة دموية مرعبة , وبات الإسلام ولأسباب كثيرة لا تخلو من دسائس المخابرات وأعداء الإسلام التقليديين مثال ورمز للعنف عند البسطاء ومقتاتي المعرفة من الوسائل التي أدمنت معاداة كل "محمدي " .. !!!
بعد النضج وتكون السند والمؤسسة , وبعد اغتيال " أسامة بن لادن " تجلت الداعشلوجيا الإسلامية , وباتت خلافة " بن لادن " مشروع خلافة إسلامية , فقد أضحت هنالك دولة إسلامية افتراضية لها أتباع ومريدين ولا ينقصها سوى دار للخلافة , وأمسى البحث عن دارٍ للخلافة وخليفة مطلباً أساسي , وسيلة تحقيقه العنف الموجه لأعداء الشريعة المحمدية , حسب رؤى محتكريها المحملون بأحمال الداعشلوجيا الموروثة ...!!!
الأمريكان والإنجليز وحلفائهم شركاء أساسيون في تكوين جيل الداعشلوجيون الإسلامويون , وضخ الدماء بعروق الحركات الإسلامية المحتضنة لفكر العنف مكيدة مخابراتية انقلبت على مصمميها ورعاتها الأساسيين , ولعب التوافق الرهيب والمريب مع موعد وموسم الداعشلوجيا , بعد " 1400 سنة " من بعثة نبي العرب خاتم الأنبياء دوراً أساسي في ما يفعل باسم الإسلام والشريعة المحمدية ..!!.
العشرية السوداء في الجزائر , والأحداث الدموية التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط تجسد داعشلوجيا الجيل الأخير بأقسى صورها , والارتكاز على الشريعة لتبرير القتل وانتهاك الحرمات والتعذيب أو القتل والذبح يعد انحراف رهيب في تاريخ الإسلام , وإن كان مفتتح التغيير تم تحت شعارات مطلبية وبدعاوى الجوع والحاجة إلي ترسيم الديمقراطية وتوطين العدالة الاجتماعية وصيانة كرامة الإنسان الشرق أوسطي ’ إلا أن بروز وارتقاء الحركات الإسلاموية والزعماء الإسلامويين لسلالم السلطة السياسية وحيازتهم للحكم ’ أحدث انحراف وانزلاق مرعب في التغيير , فتحولت صراعات التغيير السياسية إلي حرب مقدسة معلنة باسم الشريعة المحمدية على غير المحمديين أو المحمديين الغير ممتهني للعنف المعارضين لمشروعات الإسلام السياسي السلطوية الملوثة ..!!
تكفير الأنظمة وذبح المسحيين وتهجيرهم من العراق أو سوريا بذريعة الشريعة فعل داعشلوجي موروث , ومقترفي هذا الفعل يشكلون مرحلة أخيرة ونهائية ستفضي بأبناء آدم إلي " دُهيماء " منتظرة .. وحالة الهرب والحرب التي يمارسها الليبيون منذ سنوات تجسد بطريقة ما " فتنة الأحلاس " التي وصفها النبي , ويبدو تشبث الداعشلوجيين بالعنف واستمرارهم في تعاطي الحقائق الملوثة خيار تدميري بالنسبة للإسلام والشريعة المحمدية ...!!
إن دحرجة الرؤوس على تراب " درنة " بالشرق الليبي أو على شاطئ البحر وهدر الدماء الآدمية عنوة يدلل على حقيقة انهيار الجناة روحياً , والتشبث بالتعصب وتحميل الشرائع السماوية ما ينافي سنن الله في خلقه يشي بالتشوه القيمي والمعتقدي لرواد هذا الفعل اللانساني , ولعل وجهة داعشلوجيو شبة جزيرة العرب المسيطرين على الإمارات الإسلامية المعلنة في ليبيا هي مكة ’ إذ يسعى الداعشلوجيون إلي إعادة سيناريوا الخلافة الإسلامية ’ وينادون بدخول مكة فاتحين وتجديد الفتوحات وتطبيق الشريعة تحت رايتهم وحكمهم ...!!
نهاية الداعشلوجيا ليست بعيدة , ولكنها ستكون فظيعة ومكلفة وستحدث تغير قيمي في الحياة البشرية وستفضي بالجميع إلي مرحلة بناء جديدة تتعامل مع الشرائع بصرامة أكثر وأكبر , وربما ترجع البشر إلي بدائية أخرى أفظع مما سبق..!!
ا
#عبدالواحد_حركات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟