|
أردوغان: الإرهاب كسياسة للنهضة الاقتصادية .
صالح حمّاية
الحوار المتمدن-العدد: 4852 - 2015 / 6 / 30 - 22:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا أضن أنه يمكن لشخصين أن يختلفا حول كون أرودغان كشخصية سياسة قادت تركيا، قد نهض نهضة قوية بالاقتصاد التركي ، فبنظرة بسيط على حال تركيا اقتصاديا زمن تسلم أردوغان مقاليد الحكم ، و حالها الآن فالفارق هائل ، لكن السؤال الذي يبقى يطرح نفسه بشكل ملح هو : هل يمكن القول أن السبيل الذي انتهجه أردوغان في سبيل النهضة بالاقتصاد التركي نهج يمكن إتباعه من طرف الحكومات الأخرى ؟ أم أن اردوغان في الواقع سار في أحقر الطرق الممكنة ليصل بتركيا إلى الحال التي هي عليه الآن ؟
شخصيا وبالنسبة لهذا السؤال فأرى الإجابة عليه تكمن في القراءة المتأنية لهذه الإحصائية التي نشرتها وكالة الأناضول قبل فترة والتي تقول "بلغ عدد السياح الواصلين إلى تركيا عام 2002، 12.927 مليون شخص، بينما بلغ العدد 31.655 مليون نهاية العام 2012، أي بزيادة بلغت 18.727 مليون " ( الحياة 27شباط 2013 ) مضاف إلى هذا ما نشره تقرير السياحة العالمية لسنة 2014 و الذي يقول فيه أن "تركيا قد أحتلت المرتبة الأولى عالميا بـ 91 مليون سائح العام 2014 " ( الشروق الجزائر 29/12/2014 ) و التساؤل المطروح هنا : من أين جاء كل هذا الكم الهائل من السياح فجأة على تركيا ليقفز العدد من 31 مليون في 2012 إلى 91 مليون في 2014 ، فهل حصل انفجار للحب في قلوب سكان العالم نحو تركيا ليزورها كل هذا العدد ؟ أم أن هناك شيء ما حصل وهو مربط الفرس !!
في الحقيقة وبعيدا عن فكرة الحب المتفجر الخيالية فنعم هناك شيء حصل ، و هو باختصار أن أردوغان قد صار يقود اليوم سياسة جديدة اخترعها للنهضة بالدولة خلافا لكل ما سبق ، فعلى خلاف الاستعمار والثورات الصناعية قديما التي انتهجت التوسع و الإنتاج للنهضة بالاقتصاد ، فأردوغان اليوم قرر أن يحطم منافسيه بالإرهاب بدل أن ينافسهم اقتصاديا ، فأردوغان وفي عالم يعج بالمنافسين الأقوياء أختار أقذر الطرق للنصر و هي افتعال الإرهاب و المشاكل في الدولة المنافسة لكي تسقط اقتصاديا ، وعليه وبدل أن يتكبد عناء المنافسة مع جيرانه ، فيكفي أن يدخلهم في حروب أهلية تجعل بالضرورة السوق التركي هو الأكثر جاذبية ، وبهذا الخصوص فالأدلة على هذا كثيرة ففي قضية سوريا مثلا ، فأردوغان هو المتهم الأول بتمويل الإرهاب في تلك الدولة ، وعلى حسب ما يقول السوريون فأردوغان قد استغل داعش و مثيلاتها كالنصرة وغيره لتحطيم الاقتصاد السوري وإفناءه ، وحاليا تركيا لا يخفى على أحد أنها ورثت جميع الأسواق التي كانت تصدر إليها سوريا ، بل وانه حتى بالنسبة للمصانع السورية ، فالحكومة السورية تقول انه قد تم تفكيكها ونقلها لتركيا ليزدهر بها الإقتصاد التركي هناك فيما بقيت الدولة السورية دولة من العصور الوسطى؛ وهذا طبعا عدى السياح الذين اعتدوا زيارة الدولة السورية ، والذين انتقلوا كلهم عقب القلاقل لزيارة تركيا ، وكما نرى هنا ، فتركيا قد نالت الكثير بدون ان تخسر شيئا ، فهي وبدل أن تدخل في تنافس على الموارد القليلة مع سوريا ، قد قررت تحطيمها و الاستراحة منها عقود طويلة إذا ظل من سوريا شيء .
وطبعا حين نقول هذا الكلام ، فهذا الكلام نفسه ساري على مصر ، فمصر تقريبا كانت هي الدولة الوحيدة التي يمكنها منافسة تركيا في المجال السياحي ، وقد كان السوق السياحي المصري يجذب على الأقل 18 مليون سائح ومرشح للتضخم أكثر قبل الأزمة التي بدأت مع 2011 ، لكن طبعا تركيا و بارتباطاتها مع عنصر الإخوان المسلمين ، هي اليوم تمارس تدمير ممنهج للسياحة المصرية ، فهجوم كالذي تم على معبد الكرنك وغيره الكثير كالقلاقل في سينا معقل السياحة الشاطئية المصرية لا يمكن إخراجه عن سياق سياسة اردوغان للنهضة الاقتصادية عن طريق الإرهاب ، فمصر وحال أن تصبح دولة غير آمنه ، فبداهة جميع سائحيها سيذهبون لأقرب دولة في المحيط الجغرافي ، وهنا بلا شك فهي تركيا؛ لهذا فلا عجب اليوم أن اردوغان حريص كل الحرص على دعم الإخوان المسلمين بكل ما أوتي من قوة ليمارسوا عملهم في تدمير مصر ، فهو حتى إذا لم ينصب خليفة للمسلمين كما كان يحلم بمعية الإخوان ، فهو الآن يجمع ريع الخلافة بمساعدتهم ، فإخوان أردوغان يدمرون بلدانهم ، ويحطمون بنيتها التحية، في المقابل اردوغان يجني الغنائم بمزيد من التمدد على حساب تلك الدول، وطبعا هنا الكلام نفسه يمكن قوله على الدولة التونسية و الحادثة الأخيرة التي مست السياحة بها ، فمن الملاحظات التي لا يمكن إغفالها ، هو أن تونس وفي عهد حكم النهضة ألإخواني فهي كانت بعيدة عن أي إرهاب يمس القطاع السياحي ، وقد انحصر جل الإرهاب حيها في محيط جبل الشعانبي لحسابات سياسية تتعلق بدور النهضة في تحالفات إقليمية لها أهدافها الخارجية ( بالتحديد محاولة زعزعة الاستقرار في الجزائر ) لكن طبعا مباشرة و بعد سقوط حكم النهضة ، فنحن نجد أن الإرهاب تحول نحو ضرب السياحة كما هي الجريمة في متحف باردو ، أو الجريمة الأخيرة التي طالت الفنادق في مدينة سوسة ، ففي فصل صيفي كهذا وإذا تم ضرب السياحة في تونس ، فبداهة المستفيد الأول هو صاحب أحسن مكان للجذب السياحي بعد تونس وهو تركيا اردوغان ، ولمن سيحاول النفي بزعم أن هذه إدعاءات نلصقها بالرجل ، فيمكن الرجوع لجميع التقارير الصادرة حول داعش ، والتي تتهم تركيا وقطر بتمويل الإرهاب في كل من سوريا و العراق و تونس ، وبتسهيل مرور الإرهابيين إلى هناك ، فسواء تركيا أو قطر فالجميع لديه فائدة بتمويل الإرهاب ، فمثلا "تركيا اليوم تشتري البترول السوري من داعش ما بين الـ 10 و18 دولارا للبرميل" ( الشرق الأوسط 10 يوليو 2014 مـ ) فيما ثمنه في السوق الرسمي في حدود 70 دولار ، و هذا عدى طبعا الكم الهائل من السياح التي تجنيهم بتشويه الصورة السياحية لكل من مصر وتونس و سوريا التي انتهت ، فتركيا جنت الملايين والملايين من السياح يزورنها بعدما ظلت الدولة الآمنة الوحيدة في المنطقة ، أما بالنسبة لقطر فهي أيضا تحوم حولها شبهات من هذا الباب ، فمحاولة تفجير مصنع الغاز في تيقنتورين في جنوب الجزائر ا يمكن فهمه سوى كسياسة لتوظيف الإرهاب في خدمة المصالح الاقتصادية ، حيث ولو حصل و تم تفجير هذا المصنع ، فالجزائر كدولة كانت ستخرج لفترة غير معلومة من سوق الغاز الطبيعي ، وطبعا لن يكون هناك من رابح من هذه القضية سوى طرف واحد وهي قطر ، قطر التي هي متهمة وبشكل مباشرة هي و النهضة برعاية الإرهاب .
على هذا اليوم حين نتحدث عن الإرهاب الذي يضرب العراق أو سوريا أو مصر أو تونس ، و كذلك الجزائر الأمس و اليوم ، فهذا كله لا يمكن فهمه سوى في إطار الحرب في سبيل النهوض الاقتصادي ، فاليوم صار من الصعب المنافسة في سوق يشهد منافسة شرسة بين أعضاءه ، عدى أن اللاعبين الكبار لم يبقوا الكثير من الفتات لتتقاسمه الدول الضعيفة ، لهذا فالمخطط الذي ينتهجه أردوغان وجماعه اليوم هو في توظيف الإخوان المسلمين وطوابير الجهاديين لتحطيم أسنان الدول الأخرى ، فهو وبدل أن يكلف نفسه عناء المنافسة ، فيمكنه تدمير تلك الدولة ووراثتها بكل سهولة ، وطبعا في إطار وجود طوابير العملاء من الإسلاميين الجاهزة لتنفيذ أي مخطط لضرب بلدانهم على غرار الإخوان و السلفيين ، فكل ما يكفي هو مدهم بالسلاح وبعض الدعاية الإعلامية وستجد كل ما تريده قد نفذ ، وهكذا و بكل سهولة ستحظى بنهضة اقتصادية بدون أن تجهد نفسك .
#صالح_حمّاية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجزائر بين خياري الدولة الحديثة، أو الإمارة الإسلامية .
-
شكوك حول جدية الحرب على الإرهاب .
-
ماذا لو ألغينا التعليم في الجزائر ؟ .
-
كلكم داعش .
-
قصة الدولة في -تنوره -.
-
سيقان عارية و إرهابيون .
-
بعد موجة العودة للدين لنجرب الابتعاد عنه .
-
وماذا عن القمع الديني يا صحافة .
-
لا جدوى من الإسلام إلا كديانة إرهابية .
-
مشكل الطلاق ليس قانوني يا سيادة الرئيس .
-
الهمجية كقيمة إسلامية رفيعة ؟ .
-
نحن المسلمون همج وسنبقى همج .
-
الإسلام ضد العالم .
-
الإسلام ساعيا لدمار الغرب بعد أن دمر الشرق .
-
الأدلة على عدم إسلام الحسن باتيلي .
-
إرهابكم يا مسلمين لن يجدي .
-
وماذا عن الكفر-فوبيا و الشرك-فوبيا ؟.
-
إذا شارلي ايبدو مؤامرة فماذا عن ولد مخيطر ؟ .
-
براءة الإسلام المتطرف من مجزرة -شارلي إيبدو- .
-
الخوف على فرنسا أولى من الخوف على المسلمين .
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|