|
السراب
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 4851 - 2015 / 6 / 29 - 10:11
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا شك أن هذا هو الوقت الأنسب لقراءة الكتاب الموسوعي المهم: "السراب"، الصادر هذا العام 2015، للباحث والمفكر الإماراتي د. جمال سند السويدي، حتى نعرف خفايا وأسرار مطبخ التنظيمات الجهادية والجماعات التكفيرية التي تدمر العالم مع كل نهار جديد، وأن يتم تعميمُه في مكتبات الوطن العربي كافة، وفي صالونات النوادي الاجتماعية، وفي محافل الجامعات والمعاهد، حتى يتعلم الشبابُ خفايا ذلك الفكر الإقصائي المدمر، علّنا نفوّت على تلك الجماعات الإرهابية فرصة تجنيد شبابنا الغافل المغيّب، كما يجب ترجمة هذا الكتاب على نطاق واسع إلى عدة لغات أجنبية، حتى يعرف الغربُ بشكل عام حقيقة أولئك الخارجين عن ناموس الإنسانية، وحتى تقف على حقيقتهم الدموية جميعُ الدول الغربية سواءً تلك الذي تناصر أولئك الإرهابيين وتدعمهم إما لمصالح مشتركة أو لتقويض المجتمع العربي بزرع السرطان في جسده، وربما لأنها لا تعرف حقيقتهم، أو تلك الدول الغربية التي تقف على الحياد لأنها لا تكترث بهم، ولا بنا، فيوقن الجميعُ أن أولئك هم مغول العصر الحديث وأن على العالم أجمع أن يحتشد ضدهم ويضيق الحصار عليهم قبل أن تتوسع دولتهم الوحشية المزعومة وتغطي الأرض بالدم، وتملأ السماءَ بصرخات الثكالى. كما يجب أن تنتثر قطوفٌ ومقطفاتٌ من كتاب "السراب" في مناهج التعليم بالسنين الإلزامية الأولى المختلفة حتى نزرع في قلوب صغار النشء الطالع رفضَ هذا الفكر الوحشي الذميم، فننزع فتيل الفرص المحتملة لاختراق أولئك الصبية الأبرياء، على يد التنظيمات المتطرفة، حين يشبّون، بعدما يتعلمون جيدًا منذ صغرهم أن كل الشعارات التي ترفعها تلك التنظيمات حول العدل والمساواة والتُقى والإيمان، إنما هي سرابٌ في سراب، وكذبٌ في كذب، في حين أن كل ما يشغل رؤوس أولئك الإرهابيين ليس إلا مغانم السلطة وسرقة كراسي الحكم للتنكيل بالشعوب وإذلال الرجال، وسبي النساء، وسرقة الأطفال والثروات وتحطيم ميراث البشرية الثري، تماما كما تفعل داعش اليوم من جرائم أسطورية مع كل نهار يوم جديد، في كل بقعة من بقاع الأرض، بمجرد أن حازت بعض السلطان على أراض مستلبة فيما أسمته: "الدولة الإسلامية" أو “دولة الخلافة”. وهي التي بوسعنا أن نعتبرها نموذجًا مصغرا لما سيكون عليه مجمل العالم إن نجحوا، لا سمح اللهُ ولا قدّر، في أن يحتلوا بقاعًا أخرى من العالم ليرفعوا فوق أرضه علمهم الأسود الذي يحمل شارة الموت، رغم أن لفظَ الجلالة، واهبَ الحياة، يتصدّر هامته! يقع الكتاب في أكثر من 800 صفحة من القطع المتوسط. ويتكون من فصول سبعة، في أربعة أبواب، إضافة إلى المقدمة والخاتمة. يؤصّل الكتاب، في الباب الأول، المنشأ التاريخي والإطار النظري لنهج الإسلام السياسي، بين الواقع والخرافة متأملا وثوق الصلة، أو انعدامها، بين هذا النهج وبين صحيح الدين كما ورد في القرآن والسنة. ثم يتأمل العلاقة التاريخية المرتبكة بين الدين والسياسة عبر التاريخ والصراع المحتدم بينهما، وأواصر العشق التاريخي بينهما كذلك. أما الباب الثاني، فيأخذ بيد القارئ من باحة النظرية إلى ساحة التطبيق. حيث يحلل عبر فصول أربعة، أربعةَ نماذج من الجماعات الدينية السياسية. يبدأها بجماعة "الإخوان المسلمين" بوصفها الرحِم الحرام الذي لفظ كلَّ ما بعدها من تنظيمات وجماعات متطرفة، ثم "السلفيين" وهم الوجه التنظيري لكل ضربة سيف تُطيّر عنقًا وكل رصاصة تخترق رأسًا، ثم "السروريين"، نسبة إلى مؤسسها "سرور بن نايف"، وهو للمفارقة المضحكة معلّم رياضيات سوري نزح للمملكة العربية السعودية لتدريس الرياضيات، وليس له ناقة أو جمل في مناهج الفقه والشريعة، إلا أن له باعًا مخيفًا في نهج التكفير والجهاد، ويختتم الباب التطبيقي بالتنظيمات الجهادية التي تملأ العالم شرقًا وغربًا تنثر الرعب وتزرع الويل أينما حلّ رحالُها. ثم ينتقل بنا البابُ الثالث إلى أرض الدراسات الميدانية لاستقراء نبض الرأي العام حول فكر وسلوك الجماعات السياسية الدينية. وفي الأخير نصل للباب الرابع لنقف على الرؤية الختامية حول تلك الظاهرة المعاصرة التي تحيق مخاطرُها بالعالم وتهدد بتقسيمه وتدمير بنيته التراثية والحضارية كما لم تفعل القنابل النووية والهيدروجينية في بلاد الله. لنصل في الأخير إلى ملحق الهوامش والمراجع والفهارس في نهاية الكتاب الموسوعي المهم. الكتاب مُصاغ بلغة سلسلة عذبة وموثق بالمراجع التاريخية التي لا تقبل الشك، ويعدُّ في تقديري حجرًا عسرًا في طريق انتشار هذا الفكر الشيطاني الذي يهدد البلاد والعباد. وللكتاب أربعة ترقيمات دولية (ISBN)، اثنان يخصان النسخ الورقية من الكتاب في طبعتيه العادية والفاخرة، وواحدٌ يخص النسخة الإلكترونية المتوفرة على الشبكة العنكبوتية، والأخير خاصٌّ بالنسخة الصوتية لمن لا يقدرون على القراءة. أوصي، مجددًّا، بتعميم هذا الكتاب المهم في كافة المنابر الإعلامية والمكتبات والمدارس، وتسليط الضوء عليه على نطاق واسع، علّنا نحارب الدماء بالفكر، ونواجه قطع الرقاب بالمعرفة.
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وسيم السيسي... سُرَّ من رآك
-
في مهزلة التعليم.... المسيحيون يمتنعون
-
فانوس رمضان
-
درجة الإملاء: صفر
-
-الحرف-... في المصري اليوم
-
هدايا لم تُفتح منذ مولدك
-
مصرُ ... وشخصية مصر
-
شيخ الكافرين
-
رحلتي للسماء
-
رسالة من ذوي الإعاقة إلى الرئيس السيسي
-
سلطان القاسمي... أحدُ أبناء مصر
-
ليس بوسعي إلا السباحة ضد التيار
-
قبل أن تُحبَّ صحفية
-
عكاشة والسيسي
-
النظافة ليست من الإيمان!
-
بعضٌ من الحلم لا يفسدُ العالم
-
في أي دركٍ من النار يسكن الأوركسترا؟
-
رسالة من فاطمة ناعوت للرئيس السيسي بخصوص تهجير المسيحيين
-
حزب النور... على أبواب التمكين
-
خالد منتصر... أهلا بك في وكر الأشرار
المزيد.....
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
-
المغرب: إحباط مخطط إرهابي لتنظيم -الدولة الإسلامية- استهدف -
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة في الميدان اعطى دفعا قو
...
-
الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة بالميدان اجبر العدو على التر
...
-
أختري للعالم: هدف الصهاينة والأميركان إقصاء المقاومة الإسلام
...
-
اسعدي أطفالك بكل جديد.. ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 ع
...
-
شاهد: لحظة إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود وتسليمه
...
-
تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يو
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وال
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|