أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - هاله ابوليل - - يامريم - رواية سنان أنطون التي تتضرع و تشكو من الإقصاء الطائفي و تهميش الأقليات .















المزيد.....


- يامريم - رواية سنان أنطون التي تتضرع و تشكو من الإقصاء الطائفي و تهميش الأقليات .


هاله ابوليل

الحوار المتمدن-العدد: 4851 - 2015 / 6 / 28 - 23:44
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    



ترصد رواية " يامريم " الصادرة عن منشورات الجمل 2012 أحداث العراق بزمن سابق وحتى وقتنا الحالي, يظهر فيها تغير الحكم عن طريق تغير الصّور فوق مكتب يوسف

من الملك فيصل الى عبد الكريم قاسم الى عبد السلام عارف و عبد الرحمن عارف وأحمد حسن البكر ثم صدام حسين.

لنجد أن الإغتراب بكل حالاته النفسي ,والقسري , والطوعي ,الإغتراب الداخلي والإغتراب الخارجي هو ثيمة العمل الذي تظهر في كل صفحات العمل, فمن حرب الى اخرى أخذت منهم كل راحة البال والهدوء وخاصة في ظل تنامي الحرب الطائفية بين السّنة والشيعة وأنفراد الأكراد في الشمال و بقية الأقليات كل ذلك جعل العراق يغلي تحت مرجل الحرب التي لا يبدو أنها ستنتهي الأّ بالإنقسام لا سمح الله .

" تتقاطع أحداث الرواية كما أشار المؤلف في نهاية الرواية مع حادثة الهجوم على كنيسة النجاة في بغداد سنة 2010. ولكن النص وشخصياته من نسج الخيال , هذه الملاحظة هي مدخل لفهم العمل المبدوء بنداء و رجاء إيماني "يا مريم " حيث تبدو ياء النداء هنا هي ياء التضرع والحماية ." حماية الأقليات بالذات .

.... تبدأ الرواية في وقت متأخر من ليلة سابقة وتشهد ارتفاعا في لهجة الحوار تتخلله صدامات بالرأي وتنتهي بآخر حديث تصاعد فيه الجدال بين بطلي الرواية يوسف ومها على أمل اللقاء في نهار اليوم الثاني للإعتذار والمصافاة ولكن ما حدث إنهم لم يلتقوا في صباح اليوم الثاني وكان من المفروض أن يشهدوا قداس الأحد سويا في نفس اليوم " في كنيسة النجاة " التي حدثت فيها التفجيرات في ذلك اليوم الذي يصادف ذكرى وفاة حنّة – أخت يوسف . وكل ذلك يجري خلال يوم واحد هو زمن بداية وإنتهاء الرواية بكل حمولتها الثقيلة بالرموز .

... أما الزمن الإسترجاعي, فهو بعيد جدا في الماضي يكاد يصل حتى حدود زمن الملكية في العراق ليتقدم بعدها بخطى سريعة في الزمن الحاضر .
...يدخلنا يوسف في حياته بذكريات تستدعيها الصور المعلّقة ,والتي رتّبها واعتنى بالمسافة الفاصلة بينها , لكي تكون تمهيدا للدخول في جوّ عائلته المسيحية الكلدانية , وتبدأ حفلة السرد بتقنية الإسترجاع عن طريق وسيط بصري وهي هنا الصّور الشخصية للعائلة وهي عادة قديمة لم تعد دارجة في عصرنا فلم يعد أحد يعلق الصّور على الجدران

ولذا عندما قالت له مها :" انت عيش في الماضي فقد عاد بذاكرته عن طريق صور العائلة ليحدثنا عنهم فردا فردا .

فيها سرد وصفي لكل فرد في عائلة وأحفاد سركيس - هذه العائلة الكلدانية التي تمتد جذورها للآلاف السنوات ,كانوا يعيشون في الكرادة في بغداد , وهاهم يتشردون في كل منافي الدنيا . طوعا لتحسين حياتهم أو هربا من كونهم ليسوا اصحاب الديانة المعتمدة للدولة أو تعرضهم للعنف الطائفي , وإعتبارهم كفار وعليهم دفع الجزية وهي هنا بمثابة (الضريبة ) فالجزية ليست ذات سمة اسلامية مخصوصة بل هي ضريبة قديمة كانت تدفع حتى قبل الإسلام .

خلال ( 157) صفحة فقط تكون صورة العمل قد إكتملت بدون حكي وأسهاب ممل لا داعي له

ووصلت الفكرة المبتغاة فيوسف الكلداني ؛ الرجل الكهل الذي ما زال متشبتًا بالأمل والحلم وأن عراق قديم سيعود كما السابق بنفس الروح الوطنية التي جمعتهم طوائفًا وأقليات أيام حرب إيران والعراق سنة 1982 بدون روائح التفرقة النتنة ولا مظاهر الطائفية المقززة ,فالوطن للجميع مسيحين, ومسلمين ,وأكراد وهذا كان في الماضي أما ما يجري في الأرض حاليا فهو يختلف وهذا ما سردته مها بلسان المتكلم ( الصوت الثاني في الرواية) والذي يحكي لنا حاضر ومستقبل العراق الذي مازال يعاني من التفجيرات والإرهاب .

فالعراق مهد الحضارات كان وما يزال وما يحدث الآن , إنما هي حرب مدبرة من اجل كسر شوكة العراق وجعله ضعيفا

فقد جاء على لسان" سعدون " المسلم السّني الذي كان يذهب مع يوسف للكنيسة ويشعل الشموع معهم

هاهو يقول في صفحة (82)

(( "ضاع البلد بين إيران والعربان والأمريكان".

" هاي سندس كدامك , مو متزوجة شيعي ؟ أشو ماجانت مشكلة قبل 15 سنة ".

في الرواية يظهر يوسف ذو إطلاع وثقافة على غير مابدا فيه صوت المستقبل –صوت الشباب

ففي جلسة مع حنة كان التلفزيون يعرض لهم سورة مريم التي تطلب منها أن تهز النخل ليتساقط عليها رطبا تعجبت وقالت : "هاي قصّة النخلة منين جابها محمّد؟ , ماكو هكي شي بالإنجيل ".

فقد كان موضوعيا في طرحه للأمور ومتقدما في فهم ما يريد لنا فيه رجال الدين - من كل الأديان بتحويلنا لقطيع يتبع الراعي فنحن خراف الرب التي يكفينا ما يلقمونه لنا وفي هذا إشارة لدور الدين كمرجعية سياسية للدولة وللكهنة والشيوخ من تخبئة بعض الحقائق فقد تفاجأت حنا المتديّنة ولم تصدق ماقاله يوسف "أن هناك أناجيل أخرى ,غير الموجودة والمعروضة بساطة, لا يريد - رجال الدين اطلاع الناس عليها.

الجدير بالذكر إنه يوجد في الرواية مقاطع كنسية باللغة الكلدانية وهنا عودة للجذور الغارقة في الحضارات ,,, في بلد كان دوما مهدا للحضارات .

,,, الرواية في صيغتها النهائية هي اطلالة قصيرة على ما تعانيه الأقليات في حكم منفرد بأقلية دون أخرى يرهب ويقتل باسم الدين .

في الرواية أيضا تاريخ سياسي لا يمكن تجاهله , عن اصدار قرار خلع الجنسية عن اليهود سنة

( 1950) بعد نكبة فلسطين بسنتين , هل كان ذلك تواطأ لتشجيع الهجرة الى فلسطين من قبل حكومات العراق في ذلك الزمان .

واشارات لماحة عما كانت تفعله العصابات الصهيونية لإجبار يهود العراق الذين كانوا يرفضون ترك العراق بإعتبارهم مواطنين عراقيين ولم يتعرضوا لأي ضغوطات

مما أجبر تلك العصابات الصهيونية لهدم كنائس يهودية لتخويفهم وإجبارهم للرحيل من العراق الى فلسطين المحتلة.

" يقول نسيم حزقيل اليهودي "أبويا سجل أسامينا بالتسقيط ورح نروح إسرائيل " صفحة 44


هناك صوتان سرديان في الرواية - كما قلنا سابقا , يتكلمان كل على حدة ,عبر أزمنة مختلفة .

احدهما من زمن الماضي ( ماضي العراق قبل أن يتفتت وتظهر على سطحه امراض الطائفية والعنصرية .

يتكلم به بطل روايتنا يوسف الكهل - المثقف , والذي عاش في زمن التآلف والتآخي والمتماسك ين أخوة يجمعهم نسيج الوطنية وحب العراق

صوت يعي مالآت السياسية وتدهور مصائرها بصوت العارف والمطلع على الأحداث على عكس الصوت الثاني الذي تكلم بصوت المتكلم أيضا

ولكن بصوت المفجوع والخائف , صوت المتردد والمتألم - صوت الأنثى المكسور الذي يصدر عن قلب مكلوم و مفجوع تتحدث عن زمن العراق بعد الدمار وبعد الإحتلال وبعد التفرق , تتحدث فيه عن عراق مفكك وأوصاله متقطعه , أنه صوت الصبية –الشابة مها التي كبرت ولم ترى أو تسمع سوى صوت البنادق والسلاح ولم ترى سوى الدمار , واشكال العنصرية المقيتة والطائفية اللعينة - انها صوت الأقلية المقموعة بنظرها وأن كانت متحاملة بأكثر مما ينبغي ولكنها استطاعت أن تنقل لنا صوت الشباب الجديد الذي لا يفكر بإعمار العراق وإعادته كما كان , بل الهرب منه بالهجرة كملاذ آمن تستطيع هناك أن تعيش بحريتها بدون أن تشعر كونها غريبة وان كان هذا ليس أكيدا كما قال لها يوسف يوما فهناك ستواجه التفرقة كونها ذات اصول عربية - حتى لو كانت مسيحية . ففي أهل الأرض جميعا تلك التفرقة والعنصرية المقيتة وان كانت تطفو على السطح في اماكن معيّنة الأّ أنها مطمورة حتى حين في بعض المجتمعات و تختفي في أماكن أخرى .وكل ذلك مردّه إختلاف الأديان وتعاليمه , مع أن الله واحد لكل البشر .

.. يظهر يوسف في الرواية كرجل مسيحي منفتح ومثقف ,غير ملتزم دينيا - معتدل تقريبا , بل ومتشكك أحيانا.

...ضمير المتكلم في الرواية , اعطى قوة لكلا الصوتين, ما جعل الصوت الواقعي المتفهم الصادر عن يوسف يجعلنا نتقبل حدة وتذمر الصوت الثاني بل نتعاطف معه , ونغفر لها ذلك الغلوّ الذي مبعثه عدم الإحساس بالأمان الذي تحمله بداخلها .

وتنتهي الرواية بموت يوسف في التفجيرات التي حدثت ,وكأن في ذلك قمع للصوت المعتدل المتمسك بارضه والذي يرفض الهجرة عنه

و الذي نحن بأمس الحاجة له من أجل بناء عراق قوي ولكن يبدو أن ذلك ليس وقت العودة للماضي كما صرحت مها في أحدى المرات " عيش انت بالماضي ".

في النهاية الحديث عن التمييز والتفرقة لا ينتهي وأن كانت نهاية الرواية مؤلمة الاّ إنها ترصد حركة تغير التاريخ الحالي في العراق ,وأن كانت تتحدث عما تعانيه الأقليات بشكل خاص فقد لفتت الإنتباه لمجمل الوضع المأساوي الذي خلفه الإحتلال الإمريكي الذي جاء بإعتباره منقذا كما توّهم البعض , فاسقط البلاد في حروب الهوية والأقليات , والتناحر الطائفي .

من الجدير بالذكر ان إصدارات الكاتب (سنان انطون ) استاذ الأدب العربي في جامعة نيويورك هم ؛

: روايتين وديوان شعر, وله ترجمات الى الإنجليزية؛

ديوان" في حضرة الغياب : لمحمود درويش ومختارات لسعدي يوسف بعنوان " أيهذا الحنين , .

أستطيع القول أن الرواية أطلالة على ماتعانيه الأقليات من إغتراب نفسي في المقام الأول استطاع سنان أن يرفع سقف المعاناة و أن يبعث الشعور بالتعاطف الى ذروة

التقبل والتأييد ,ورؤية رأي المهمشين من خلال سرد حياتي لمايدور خلف الأبواب ولايصرّح عنه بالعادة .



#هاله_ابوليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عناق عند جسر بروكلين - قراءة إنطباعية لرواية عناق على جسر بر ...
- -الخبز الحافي- وسؤال السّيرة الذاتية الصّريح و المفضي والمُل ...
- هاله ابوليل – قراءة في رواية (طابق 99) للروائية - جنى فواز ا ...
- قراءة في رواية - شوق الدرويش - للروائي حمور زيادة – سباق الب ...
- شوق الدرويش - للروائي حمور زيادة – سباق البوكر
- قراءة في رواية - حياة معلقة - للكاتب عاطف أبو سيف (سباق البو ...
- قراءة في رواية الطلياني - الطلياني رواية تشيّد على ركام العم ...


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - هاله ابوليل - - يامريم - رواية سنان أنطون التي تتضرع و تشكو من الإقصاء الطائفي و تهميش الأقليات .