|
حريّة الصّحافة بالمغربْ.. الحقيقَة الغائبَة..
خالد ديمال
الحوار المتمدن-العدد: 4851 - 2015 / 6 / 28 - 20:59
المحور:
الصحافة والاعلام
في الحديث عن الإعلام، تحضر نظريات التواصل، التي يتناولها الصحفي سواء في مجال التكوين المهني أو الممارسة العملية، وفي منحاها تشكيل الإختيارات الثقافية والقيم التناظرية المبنية على القناعات الشخصية، في بنية إجتماعية معينة. هي محاذير الإعلام في إخضاعات الرقابة الدالة على التصور المسنود بالقوانين والأخلاق على السواء في محتويات الضبط الإعلامي، سواء في الإنتاج الخبري أو البحث عن المعلومة أو حتى في أساليب النشر، في النسق الديمُقراطي في عمومه. فمع الصعوبة التي يواجهها الصحافي في تغطية بعض الحالات، تُطرح مسألة تغيير القوانين، خاصة وأن النقابة الوطنية للصحافة المغربية، لم تطرح مادة لحماية الصحفيين، حيث يبقى الترافع وسيلة لمنع الخروقات التي تطال الصحفيين، ويتلخص في كونه طلب يهمُّ إصلاح الخرق تُجاه المسؤولين عن الإنتهاك، وعدم الإفلات من العقاب. وهي مسألة يجب طرحها بالمغرب أيضا، بمحاسبة من يعتدي على الصحفيين، سواء من يوجد في الأسلاك الأمنية، أو المافيات على أنواع إهتماماتها، أو من طرف الجماعات المتطرفة، خاصة وأن السلطات ما زالت لا تعطي أهمية للترافع، ولا تفتح نقاشات حول الإنتهاكات. الترافع المذكور للدفع به مؤسساتيا، يجب أن يشمل البرلمان، أو بعض اللجان البرلمانية، وبالتالي لابد من فريق للدفاع عن الصحفيين، تكون من بين مهامه فرز أسئلة مباشرة تُوجه لوزراء الإعلام، عن طريق برلمانيين هم في الأصل أصدقاء حرية الصحافة، على أساس أن يشمل هذا الترافع من خلال الأسئلة المطروحة، كل من يمارس مهن الإعلام، وكذا من يستعملون وسائل التواصل ممن تتوفر فيهم صفة ‘‘صحافي’’، أي أولئك الذين يمارسون مهامّ جمع المعلومات ونشرها وتحليلها بشكل منتظم. الترافع أيضا قد يكون بطريقة أخرى عن طريق ما يسمى ‘‘l’institution’’ أي ‘‘المَأْسَسَة’’، وتُختصر في توجيه رسالة مباشرة إلى السلطات المحلية تُشخّص نوع الإنتهاك الذي يطال الصحافي، مع إرفاقها بجميع المعطيات التي تهم نوع الإنتهاك وطريقة إرتكابه، والفاعلين فيه، كالإعتداء الجسدي على الصحافي، أو منعه من التصوير، مع إستحضار القوانين التي تكفل هذا النوع من التصوير للإحتجاج بها في مواجهة الإنتهاك، بموجب قاعدة بيانات توضح حدث الإعتداء، وتوقيته. هي منحنيات تلخص واقع الصحافة وعلاقتها بحقوق الإنسان، خاصة بعد تحول الصحافة إلى أهم وسيلة للحد من تغوّل السلطة، إضافة إلى كونها آداة لتشكيل الرأي العام الذي يراقب ممارسة السلطة، لمواجهة تغلب هذه السلطة، من خلال كشف خروقاتها وإنتهاكاتها للعموم، وتحذيرها من المشاكل، بالنظر إلى دورها الذي يروم إشاعة ثقافة حقوق الإنسان.. لكن، هل فعلا تلعب الصحافة هذا الدور؟؟.. وهل هي مخلِصة له خاصة مع وجود صحفيين ينتهكون حقوق الإنسان، من خلال تأليب قسم من السلطة أو تحريض المجتمع ضد زملائهم الصحفيين بدوافع نفسية أو مهنية. وهنا يُطرح التساؤل عن الكيفية التي يمكن من خلالها بناء الديمُقراطية بوجود حرب بين الدولة والصحافة، خاصة مع تضخيم حقوق الدولة؟؟.. في هذه النقطة بالتحديد، تظهر علاقة الصحافي بالحقوق، على مستوى التعاضد والتلاحم، لمواجهة الإنتهاكات، سواء المرتكبة من طرف أجهزة الدولة، أو ضد التضليل الإعلامي الذي يمكن أن يمارسه الصحافيون ضد بعضهم البعض. هي أسئلة تنعكس حتما على التحولات التي عرفتها الصحافة بالمغرب، بدءً من الحالة الحزبية، مرورا بالرسمية، وصولا إلى تلك المستقلة، التي لها علاقة بالتحولات الإجتماعية. هنا نتساءل عن الإنتاج الصِحافي، وكذا الوقائع التي يستند إليها الصحافي لإنتاج وقائع بعينها، على الأقل تلك المسنودة بالنظام الثقافي والإجتماعي، المرتبطة بصيرورة التاريخ التي تطرح إشكالات الإحتكاك الثقافي الناتجة عن مركّبات السوسيولوجيا، أو نمط العيش الكولونيالي، أو التركيبات السلطوية المحلية، كالمخزن والقبيلة والشرفاء والأراضي السلالية وملكية العقار، بمن فيها موضوع النساء السلاليات. هنا، نستحضر النمط القبلي في المغرب نموذجا، للتدليل على هذا التوجه، على الأقل في مستوى التعريف، عندما تختزل القبيلة في كونها ‘‘تنظيما إجتماعيا يتمتع بالإستقلالية’’، مع العلم أن هذا التنظيم، خضع لتعديلات يمكن إجتزاؤها في المقاربة السوسيولوجة التي تسري عليها هذه النسقية.. هذا النوع من المجتمعات يستند تنظيمها على وحدات العائلة، والتي تدخل في علاقات متشابكة مع وحدات من نفس مستواها ضد المجال المشترك. وهي عناصر الحياة الإجتماعية التي تدخل في تنافسات وصراعات وتفاهمات دون أن يصل الصراع إلى مستوى تناحري، بل إلى توازنات لإستمرار الحياة الإجتماعية. لكنها من أجل تحقيق هذه الغاية، تحتاج إلى عناصر التحكيم التي تمثلها ‘‘الزوايا’’. هذه النظرة التجزيئية للمجتمع القبلي، جعل البعض يميل إلى إستعمال هذه الخطاطة لفهم الحياة المعاصرة، من قبيل ‘‘جون واتربوري’’، من خلال كتابه ‘‘أمير المؤمنين.. واللعبة السياسية’’، وهو أول من إستعمل هذه النظرة التجزيئية. وقد إستعملها قراء الحياة السياسية المعاصرة، خاصة وأن لاشيء تغير، فالقبائل هي أحزاب اليوم، والزوايا التي كانت تقوم بالتحكيم، هو نفسه الذي يقوم به ‘‘المخزن’’ اليوم. والذي يقوم بدور إخماد الغليان السياسي وحل المشاكل الناتجة عن الصراع السياسي، والعمل بموازاة ذلك على تثبيت أسس النظام السياسي القائم. وهو الكتاب الذي يرجع إليه كل الصحافيين المغاربة، كمرجع لا بديل عنه لفهم النسق السياسي المغربي.. الآن، نحن على مشارف الإنتخابات، وهناك مفهوم الأعيان، وهو مفهوم مرتبط بالبادية أكثر من الحاضرة، بعدما خرجت من سياقه المجتمعي، إلى عابر للفضاءات الإجتماعية.. وهو الوصف الذي سيرجعنا إلى كتاب ‘‘الفلاح المغربي مدافعا عن العرش’’ الذي ألفه ‘‘هنري لوفو’’ الذي شغل أصلا وظيفة ضابط للشؤون الأهلية.. إن خلفية ‘‘لوفو’’ كموظف جعلته يفهم كيفية تنظيم المجتمع، ووظيفته القائمة على المراقبة والتحكم والوجاهة الإجتماعية. وبالتالي، ف‘‘واتربوري’’ أعدّ وقائعًا ما زال يكتبها الصحافيون.. يتبع..
#خالد_ديمال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإعلامْ البديلْ بالمغرب.. أيّة آفاق؟؟..
-
نقاشٌ هادئ حول مدوّنة الصحافة الجديدة بالمغربْ
-
واقع المرأة بين الخصوصية والكونية: -نحو تجاوز التوظيف الإيدي
...
-
واقع المرأة بين الخصوصية والكونية: -نحو تجاوز التوظيف الإيدي
...
-
تشغيل المرأة بين المساواة ومقتضيات الحماية الخاصة (2/2)
-
تشغيل المرأة بين المساواة ومقتضيات الحماية الخاصة (1/2)
-
الديمقراطية ناظم أساسي لمسارب الثقافة
-
البيدوفيليا: عندما يندغم الجنس بالإستغلال..
-
القانون فكرة متعالقة بحتمية الإنصاف ومتطلبات الوجود الإجتماع
...
-
ماذا بعد مدونة الأسرة الجديدة؟..
-
التغيير وإشكال الهوية
-
هاجس التغيير..جدلية الثقافة والسياسة.. أية علاقة؟ !..
-
ندوة - مجتمع المعرفة وتحديات الحداثة والتنمية-
-
الإنتخابات الجماعية بالمغرب: هل تحولت إلى أداة لقياس نبض الش
...
-
في حوار مع عبد الجليل العروسي، ممثل منظمة أوكسفام أنترناسيون
...
-
الإعلام وسؤال التنوير..بين التحرر الدينامي ووصاية السلطة.
-
القراءة فعل نفسي مرهون بمخاضات الشفهي والمكتوب في المتواصل ا
...
-
الحداثة بين التحول الدينامي وغموض المفهوم.
-
الممكن والمستحيل في المسألة الديمقراطية.
-
سمات الوضع الراهن بالمغرب
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|