سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 4851 - 2015 / 6 / 28 - 00:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (66) .
لم يكن فى ذهنى كتابة هذا المقال ولكن بشاعة وخطورة الإرهاب الذى طال تونس وفرنسا والكويت أمس الجمعة الحزينة 26-6- 2015 فرض نفسه على الساحة بالرغم أننى لست من هواة التعليق على الأحداث بل تناول الفكر والمناخ التى أنتج الحدث .
سأبدأ بتونس الحبيبة الجميلة التى تسير نحو التشويه والإنتهاك بعد أن كانت منارة المدنية فى العالم العربى لتتكرر ثانى عملية إرهابية كبيرة على أراضيها فى غضون ثلاثة شهور وتنال من السياح الأجانب فى محاولة إرهابية تستهدف إجهاض الإقتصاد التونسى وتقويض مجتمعه المدنى ليسقط فى هذه المرة 38 سائحا على شواطئ سوسة .
فى فرنسا المدججة بحضارتها وقوتها وميوعتها يطل الإرهاب الإسلامى عليها من جديد بعد حادث شارلى أبيدو بقيام إرهابى بقطع رأس مديره الفرنسى ليتوجه بعدها إلى مصنع للغازات بمدينة ليون ليعلق رأسه على سوره ثم يفجر نفسه مدمراً المصنع .
فى الكويت فجر إنتحارى داعشى مسجد للشيعة ليخلف 27 قتيل وأكثر من 200 جريح فى مشهد إعتدناه من الصراع السنى الشيعى كمنتج من إنتاجنا الخالص , فالجناة والمجنى عليهم من بنى جلدتنا , فلا جهاد ضد الغرب الصليبى بل جهادنا المقدس ضد الشيعة بذبحهم وتفجيرهم كذا نضال الشيعة فى قتل السنه , والمفترض أن الفصيلين مسلمان يؤمنان بالقرآن ورسوله ولكنها الثقافة العدائية المستوطنة التى لا تقبل أى فكر مغاير لتأكل النار نفسها وتحرق أصابعها .
لن أسترسل فى تفاصيل المشاهد الإرهابية فهى تملأ الإعلام والقنوات الفضائية والإنترنت ولكن لنعتنى بهذه الظاهرة الإرهابية السوداء فلا نكتفى بإدانة الفكر الإرهابى المتمثل فى طاعون السلفية الإسلامية بكل أشكالها وتمظهراتها بل سنعرض روشتة علاجية ,فالأمور لم تعد تحتمل نزاهة التحليل والإدانة .
روشتة علاج .
- لا حرية ولا حقوق لمن لا يؤمن بالحرية , فليس من المعقول أن تمنح الحرية والحقوق لمُجرم يبغى قتلك وترويعك وفقاً لإعتقاده لتدافع عن حقه فى الفكر من منطلق إيمانك بشعارات حقوق الإنسان وحق الإنسان فى التعبير والفكر .!
- يجب التعامل مع فكرة السياسة الأمنية التى تقول أن الأمن يعتنى بمنع وقوع الجريمة قبل وقوعها مستقبلاً وليس بمنظور أمنى يهرول للبحث فى الجريمة والجناة بعد وقوعها .
- من الخطأ التعامل مع الإرهاب كجريمة تخص صاحبها بل كوباء يهدد المجتمعات , فلا يجب إنتظار الجريمة حتى نبحث عن الفاعل لنعاقبه بل بإتخاذ الأساليب الوقائية لمنع حدوثها , فإذا كانت الدول الديمقراطية والمدنية تبغى حل مشكلة الإرهاب فيجب أن تحاصر وتعتقل كل من سيُقدم على الجريمة مستقبلاً وذلك من خلال فكره الإرهابى الذى يطرحه ويتبناه , فالعدالة المعتادة بمعاقبة مرتكب الجريمة لوحده لن تجدى فهناك مفرخة لإنتاج دائم ووفير من الإرهابيين .
- لا يجب ان تكون مواجهة الإرهاب بمواجهة العناصر الإرهابية فقط بل بمواجهة الفكر التراثى الذى أنتجه فمن الغباء الإكتفاء بمواجهة أمنية للعناصر إرهابية , فالمفرخة التى تنتجهم تعمل على قدم وساق بإنتاج المزيد من الإرهابيين من الجهة الأخرى لذا يجب مراقبة ورصد الأحزاب والتيارات السلفية بل المؤسسات والمرجعيات الإسلامية ومن يصنف حتى بالإعتدال كالأزهر صاحب الخطابين أحدهما معتدل أمام أجهزة الإعلام والثانى مدمر من خلال كتبه ومناهجه التى يدرسها .
- يجب تجرع الكأس المر والمواجهة الشجاعة الجريئة بمراجعة كل التراث الإسلامى الذى ينتج الإرهاب والكراهية والعنف وذلك بعزله وإقصاءه عن مناهج التعليم والثقافة الإسلامية فلا أمان لمن يمسك بفتيل بارود ويمد الحضانة الراعية للإرهاب بالمدد.
- لا يجب أن ننتظر حاملى شعارات تصحيح وتحديث الإسلام وحصره فى إطار دين شخصى وتخليصه من الأدلجة والسياسة , فهذا الأمر يتطلب تربية ثقافية ووقتاً وجهداً كبيراً ليعتنى بالأجيال المستقبلية وإلى حين إتمام هذا الأمر فلابد من فرض القيم المدنية والعلمانية ولو بالقوة وحظر ومعاقبة وإقصاء أى فكر رجعى داعى للكراهية والتطرف والإرهاب .
-لا يجب إعتبار المنتسبين للإسلام السياسى أصحاب فكر لهم حق التعبير عن أفكارهم مهما بدا على بعضهم أنهم الأكثر إعتدالا فهذا هو سر البلاء , فأنت تسمح بالفيروس الكامن بالوجود إلى أن يأتى له اليوم الذى يتوحش أو ينشطر منه فيروسات أكثر شراسة .
- لا يوجد شئ اسمه فكر وأحزاب إسلامية معتدلة وأخرى متطرفة فهذا هو الهراء بعينه , فمن يقال عنه معتدل هو من باب التقية والكمون وإستثمار الحالة الديمقراطية فى التواجد والإنتشار أى هو فكر أصولى عنيف ولكن بقفازات حريرية يدرك التوزانات ومتى يتوحش عندما يحين وقت التمكين , فالفكر الإسلامى فى جوهره لا يعترف بالحريات والديمقراطية وكل المنظومات المدنية , فالحاكمية لله ,فكيف تعتبرهم ضمن مكونات المجتمع السياسى المدنى .
- يجب حظر الفكر الإرهابى من التعبير عن نفسه وجذبه لمحبطين ومهمشين ومشوشين وذلك بحظر المساجد والجمعيات والكتب وأجهزة الإعلام التى تروج للفكر المتطرف وعزل وإعتقال أبواقه من دعاة وشيوخ وقيادات .
- يجب حظر ومعاقبة كل من يتفوه بتكفير إنسان أو فصيل أو جماعة حتى لو لم يرتكب جريمة إرهابية , ففكرة التكفير هى الدافع الأول لإرتكاب الجريمة مستقبلاً سواء بيده أو من غيره .
- يجب حظر مصادر تمويل الإرهاب التى لا تكتفى بجمعيات سلفية تقوم بهذا الدور بل من الدول التى تمول وتغذى الإرهاب بالمال والسلاح فيكفى القول أن داعش لا تمتلك القدرة على صناعة طلقة رصاص واحدة فمن أين جاءتها كل هذه الأسلحة ومن يعوضها عن الذخائر التى تستهلكها .!
- لا يجب أن تكون حلولنا بعد الحدث الإرهابى ليتذكر رئيس وزراء تونس بأن هنك 80 مسجد يروج للعنف والإرهاب وأن هناك جمعيات وأحزاب إسلامية تمول الإرهابيين الأصوليين فألم تكن تلك المساجد والجمعيات متواجدة قبل حادث سوسة .!
- من الخطأ ترويج فكرة سوء الأحوال الإقتصادية والتهمييش الإجتماعى كحجة لتبرير الإرهاب ووجود حاضنة له , فبالفعل لا نستطيع إنكار أن تدنى الأوضاع الإقتصادية والفقر يخلق مشاكل إجتماعية كثيرة ولكن لا يجب أن نبرر الإرهاب الإسلامى على هذا النحو , فلماذا لا تنتج دول أفريقيا وأمريكا اللاتينية وجنوب آسيا إرهاب ! ,كما ان الإرهابيين فى أوربا والسعودية مثلا يحظون بوضعية معيشية جيدة فإذا لم تكن من وظائف كحال إرهابى فرنسا فمن معاش الضمان الإجتماعى ..نحن نواجه يا سادة فكر فاشستى يتغلغل ويخرب ويمارس البشاعة من فكر وأيدلوجية بشعة وبأيادى ونفوس بشعة .
- يجب أن يكف الغرب والرأسمالية القذرة عن اللعب القذر , فالنار التى تشعلها من خلال تأجيج الصراعات ودعمها وإستثمارها من خلال تيارات إسلامية إرهابية كداعش والقاعدة والنصرة ألخ بغية تفتيت المنطقة العربية وإستنزافها فى حروب وصراعات من المؤكد سينالها من الحظ جانب.
- يجب التصدى الفكرى للطابور الخامس للإرهاب من المبررين الذين يروجون أن الإرهابيين صنيعة غربية وليسوا من الإسلام , فبالرغم من إعترافنا بالدور القذر للغرب فى هذا الصدد ولكن يستحيل أن يتوحش مجتمع بفعل مؤامرات غربية فلا ألف أمريكا قادرة على بث الفرقة والتناحر فى مجتمع سليم متماسك إلا إذا كانت ثقافته داعية للكراهية والعداء والتناحر , فالتناحر الشيعى السنى دليل على ذلك فهو موجود فى أحشاء التراث والتاريخ قبل أن تُخلق امريكا . فليكن هناك مؤامرات أنت تدركها فلماذا تنفذها ولا تتحاشاها.؟!
- يجب التعامل بقسوة مع كل من يحمل فكر إرهابى حتى ولو لم يُقدم على جريمة فإذا كان هناك دستور لمجتمع مدنى فكل من يناهض هذا النهج فلا مكان له فى المجتمع , وهذا الكلام موجه أيضا للدول الغربية التى إحتضنت كل الأصوليين على أراضيها منذ سبعينيات القرن الماضى وقدمت لهم الجنسية والدعم والضمان الإجتماعى ليتوالى إنتشارهم وتطرفهم لدرجة تكفيرهم للمجتمعات الغربية على أراضيها ومطالبتهم بإقامة الشريعة الإسلامية لتتوغل الأفكار السلفية وتتوحش وتنتج شريحة من المسلمين خطر على المجتمعات الغربية ذاتها لذا يجب طرد كل مهاجر لا يلتزم بنظام المجتمع المدنى الديمقراطى وليذهب لجنته الموعودة .
- فى خضم صراعنا مع المتاسلمين وتيارات الإسلام السياسى والتيارات الإسلامية الرجعية والإرهابية لا يجب وضع المسلمين فى سلة واحدة فالبفعل توجد شرائح عريضة من المسلمين نالت حظاً من الفكر الحداثى المدنى ولديها موقف من الإرهاب والتأسلم السياسى ولكننا نحذر ثانية أن ترك الإسلام السياسى والسلفى حراً طليقاً لن يضمن للمسلمين المعتدلين بقاء إعتدالهم بل سيكونوا وقود التطرف مستقبلاً .
- نحن أمام فكر إرهابى فاشسيتى لا يصح أن نعتبره وجهة نظر وحرية فكر فهذا من الهراء والميوعة والمثالية الحمقاء لذا لا يجدى سوى العزل والحظر والإقصاء بكل قوة وقسوة فلا مكان لأعداء الحياة والحرية . لا حل إلا بمجتمع علمانى مدنى .
دمتم بخير.
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته" - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحررمن الأنانية والظلم والجشع .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟