لايمكن للمشاهد في مباراة كرم القدم أن يحقق هدفــــاً وأن حقق ذلك بأية وسيلة فهدفه باطل لاقيمة له ، مثلما لايحق للمتفرج في العمل السياسي أن يصدر تقييماً للمتفاعل في العمل والساحة السياسية أو أن يصدر شهادات بالوطنية وبالخيانة وهو يقف هذا الموقف المراقب للأحداث منتظراً حدوث نتيجة من نتائج هذا التفاعل ليتقدم بعد ذلك مهنئاً الفائزين في النتيجة .
والبطاقة الوطنية التي دأب البعض على منحها لاتتشابه مع البطاقة التموينية التي تمنحها السلطة العراقية مع المنة للمواطن العراقي فتعتبرها مكسباً وهبة من هبات القائد مع أنها قرار دولي جائر يسوق لأهلنا الغذاء الرديء والأدوية الفاسدة مقابل النفط الذي لم نسعد به مطلقاً ، فالبطاقة التموينية تغني من جوع وتسد الرمق أما البطاقة الوطنية فلا نعرف مصدرها ولاالأسس التي تدخل في تفاصيلها ولانعرف حجم الوطنية والتضحية عند من يقوم بإصدارها ، بل لاتعرف الموقف الحقيقي لهذا الشخص من القضية العراقية بشكل عام .
وفي مؤتمر لندن الأخير الذي عقدته بعض قوى المعارضة العراقية وأنتهى الى قيام بعض قادتها حشر بعض الأسماء ضمن لجنة التنسيق والمتابعة و التي لاتتمتع بماضي مشرف ولاموقف وطني وأبتلت بأرتكابها جرائم متهمة بها بمساعدة رموز السلطة ، و حصدت قيادة المؤتمر نتيجة ذلك صرخات الاستنكار والاحتجاج من الجماهير العراقية والأنسحاب والرفض المستمر لهذه الأسماء من قبل العديد من المؤتمرين وأخفقت بالتالي في أختيار هذه الأسماء .
وبالرغم من كون الأسماء معروفة للقاصي والداني ولاخلاف عليها وأن هذه الأسماء تعرف نفسها حق اليقين ولكن مسيرتها وصلافتها في مواجه الجماهير هو الذي يدفعها لتكون قائدة من قياادات المعارضة رغم أنف الجماهير ، ومع هذه الأسماء لاحظنا أن البعض يقوم بحـشر أسم الكاتب العراقي ( سعد البزاز ) .
والمتابع بأنصاف لمسيرة البزاز يجد أن الرجل كان من الأعلاميين العراقيين الناجحين وقد عمل من ضمن هذه الملايين العراقية والعربية والدولية ضمن ماكنة النظام الأعلامية ، وقد أرتقى وظائفه ومهماته بجدارة ، لكن الرجل خرج على السلطة في الوقت الذي كان يتبوأ أعلى المراكز والمناصب الأعلامية في الدولة ، وحينما خرج تمت مساومته للعودة والصمت على فضائح وجرائم النظام مقابل أعلى المراكز والأغراءات المادية التي تزخر بها قرارات السلطان لمن يكون بخدمته ، لكن البزاز ضرب كل هذا بعرض الحائط مصراً على المسير بخطى ثابتة في طريق المعارضة العراقية المستقلة متلمساً قيام سلطة وطنية ديمقراطية توفر للأكراد حقهم في الحكم الفيدرالي وللتركمان والأثوريين حقوقهم الأخرى وتكفل كرامة الأنسان في العراق ، وكان بأمكان البزاز وهو في أول خطواته بمعارضة النظام أن ينتسب مثلما أنتسب العديد من قيادات المعارضة الى كتلة سياسية أو طرف سياسي ليكون أحد قياداته ، لكن البزاز خطى أول خطواته الجريئة بأصدار كتاب ( الجنرالات آخر من يعلم ) ولاينكر أحد مالتأثير الكتاب المذكور على الصمت المطبق الذي كانت تعانية الثقافة والعقل العربي تجاه فضح أساليب العمل داخل عقل السلطة وكيفية تفكيرها وأسرارها ورغباتها وخيالاتها المريضة ، وأستطاع البزاز أن يفكك العقل المباشر والمحيط بالقيادة الدكتاتورية ويفضح مالم يقم أحد بفعله من الأشخاص ، مغامراً بحياته وسمعته وعائلته من بطش الحاكم وولده وقراراته بالتصفية والموت للمعارضين الفاعلين .
ولهذا أصدرت السلطة قراراً تفرض فيه مكافأة مادية لمن يلقي القبض على سعد البزاز وتعلن مطاردته بالنظر لتأثير العمل الثقافي والصحفي المضاد للسلطة الذي خطى به البزاز خطواته ، ولم يثن ذلك من همته ونشاطه وأستمراره في الكتابة وفضح السلطة وتقويض دعائمها وأعقب ذلك بكتاب ( حرب تلد أخرى ) ومن ثم كتاب عن ( القضية الكردية ) ، والأهم والأخطر هو مشروع جريدة الزمان التي أولت الشأن العراقي أهتماماً غير عادياً ، وفتحت صفحاتها للمعارضين العراقيين من كل الأطياف العراقية دون تمييز أو أختلاف ، وأصبحت الركن الذي يأوي اليه المثقف العراقي على أختلاف أفكاره وعقائـــــــــــده السياسية ، حتى أصبحت جريدة ( الزمان ) من الصحف العربية والدولية التي يحسب لها النظام ألف حساب ، وصارت الجريدة صوتاً عراقياً معارضاً وساحة أعلامية مفتوحة لكل الأفكار المعارضة للسلطة .
ومع هذا أستمر السيد سعد البزاز يكتب أفكاره وأرائه المضادة للسلطة والقمع والدكتاتورية ويدافع عن حقوق الأنسان وحق العراقي في التغيير الديمقراطي والحياة الحرة الكريمة ، وأذا كان السيد البزاز قد تم أختياره ضمن لجنة التنسيق والمتابعة في المؤتمر الأخير للمعارضة فهو يقف في مكانه الحقيقي الذي ممكن أن يكونه لأنه قدم أكثر من غيره ووقف المواقف حين كان غيره يراوح في مكانه أو يلوذ بالصمت ، وأثبت مواقفه بالفعل حين كان غيره لم يزل لم يترجم القول ، وأذا كان عمله الأعلامي مع السلطة يعتبر نقطة يمكن أن تحسب ضده فقبله الكثير من الأعلاميين من عمل مع النظام وأصبح من قيادات المعارضة .
أن الأنصاف يدعونا أن نقول كلمة الحق التي يراد لها أن تطمس ، أنه لايمكن مساواة البزاز بغيره من الأسماء التي يمكن أن تكون مثار خلاف وأتهام لأته خارج دائرة الأتهام ، كما أن الأنصاف يدعونا أن نتجه بالقول لمن يصادر المواقف ويمنع أستقراء الحقائق ويطلق الأحكام جزافا بغير موضوعية وبغير حيادية وبتأثيرعدم المعرفة أو بتأثير المواقف الشخصية ، نقول قليلاً من الأنصاف ومن خولكم أن تطلقوا الأحكام في هذا الزمن الرديء وكيف تعلمتم قياس المواقف والرجال بالمقلوب وبالصور المبتورة التي تشوش الحقيقة والموضوعية .
ليس دفاعاً عن سعد البزاز الذي فتح صحيفته للقضية العراقية مع أنها صحيفة عربية وخصص لها الصفحات الكبيرة قبل أن تنشأ الصحف المهمة المتخصصة بالشأن العراقي ، وعلى من يريد أن يسأل أكثر أن يتوجه بالسؤال من ضمائر الكتاب العراقيين الذين أحتوت الزمان كتاباتهم عن وجود الرقابة التي يفرضها سعد البزاز بصفته رئيس التحرير على مقالاتهم السياسية من عدمه ، ولم يسأل أحد عن عدد المرات التي منعت فيها الجريدة من التوزيع في أكثر من قطر عربي بسبب موقف وطني ومقال عراقي ، ولم يسأل أحد عن الهوية السياسية للعاملين في الجريدة ، بل لم يسأل أحد عن موقف البزاز من العراقيين المعارضين من المثقفين والشعراء في الأردن وكيف كان يمد لهم يد العون للصمود والأصرار على طريق المعارضة ضد السلطة حتى دون كتابتهم للمواد الثقافية ، ولم يسأل أحد عن عدم طلب البزاز من أحد أن يكتب موضوعاً عكس قناعته أو مادة وفق مزاجه أو قام بألغاء فقرة من مقال أو مقابلة صحفية ، ولم يسأل أحد عن البزاز الذي كان يتفقد الكتاب والشعراء والأدباء في المنافي ؟ ولم يسأل أحد عن العلاقة الحميمة بين البزاز وبين قيادات الأحزاب السياسية التي حضرت مؤتمر لندن أو لم تحضر منها ؟ وكيف يفتح جريدته لمقابلاتهم وتصريحاتهم ، و لم يسأل أحد عن العلاقة الأيجابية مع كل رموز المعارضة العراقية ؟ ولم يسأل أحداً لماذا لم يقم البزاز بتأسيس حزب أو تجمع في وقت بات فيه تشكيل الأحزاب والتجمعات أسهل من الكتابة في صحيفة ؟
لعله عارض مؤقت يصيب البعض حتى تختلط الأمور ، ولعله عدم المعرفة في الأساءة ، لكن الحقيقة لن تضيع أبداً مهما حاول القلة أن يقيسوا المسافات بالنصال الحادة ويقوموا بتصفية الأمور بأيديهم لابالغربال ، ولا يحتاج البزاز لمن يدافع عنه فمواقفه العملية التي تصب في خدمة شعبنا العراقي المدافع الحقيقي عنه ، أتمنى أن لا يخلط البعض الأوراق ولا يحشروا الأسماء في غير مواقعه .