أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سمير إبراهيم خليل حسن - ٱلدليل فى ٱلِّسان ٱلعربى ٱلمبين















المزيد.....



ٱلدليل فى ٱلِّسان ٱلعربى ٱلمبين


سمير إبراهيم خليل حسن

الحوار المتمدن-العدد: 1341 - 2005 / 10 / 8 - 09:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هذا ٱلمقال هو بحث من كتابى "منهاج ٱلعلوم ٱلأول". وقد أدخلت فيه ما جدَّ من مفاهيم وما حدث من تطور فىۤ إدراكى للكلمة ٱلعربية فى كتاب ٱللَّه. وأردت نشره هنا لتسهيل ٱلعلم بٱلمنهاج ٱلذىۤ أتبعه فىۤ أعمالى على مَن يتابع مقالاتى على ٱلانترنيت. وبسبب أهمية ٱلموضوعات ٱلتى يتناولها ٱلبحث وهى من أساسيات إيمان ٱلمسلمين ٱلتىۤ أتت متأثرة بٱلشروح وبعلم لسان ٱللّغة ٱلفصحى.
وأول ما يجب ٱلعلم به أنّ ٱلِّسان يتكوّن من كلمات كثيرة. وهى صور لأشيآء تدلنا علىۤ أفعالها وصفاتها وأوقاتها وأماكنها. ويخضع ٱلِّسان فى تكوينه إلىۤ أطوار وٱصطفآء قبل أن يصل إلى ٱلبيان ٱلتفصيلى لسمات ٱلأفعال ٱلفاعلة فى تكوين ٱلأشيآء وجعلها عربية مبينة. وقد بدأ ٱلِّسان يتكوَّن مع نفخ ٱلرّوح فى قلب ٱلبشر:
"وعلَّمَ ءَادَمَ ٱلأسمآءَ كلَّها" 31 ٱلبقرة.
وهو أول ويندوز وبه بدأت صناعة لسان ٱلإنسانية جميعًا. وبه بدأت بخبرتها فى تعلم أسمآء ٱلأشيآء المبصرة وٱلمحسوسة وقرنها مع ٱلأسمآء ٱلمنزَّلة فى ٱلويندوز. وبذلك جرى ٱلتعرف على كلٍّ مِّنها بفعل ٱلروح ٱلنازل فى قلب ٱلبشر. ومنه خرج ٱلصوت ٱلذى يدل على تلك ٱلأشيآء. وقد ساعده فى ذٰلك تدريب ملـٰۤئكة. كما نفعل نحن ٱليوم فى تدريب أطفالنا على نطق ٱلكلام. وقد ٱقترنت ٱلإشارة إلى ٱلشىء برمزٍ صوتٍ يدل على ذٰلك ٱلشىء. ورجع ٱلمدرب على ذٰلك ٱلصوت ٱلدليل حتى كملت عملية تسطيره وخزنه فىۤ أوعية قلب ٱلمتعلم.
هٰذا ٱلأمر باقٍ إلى يومنا كما ذكرنا تدريب أطفالنا من ٱلولادة وحتى ٱلسنوات ٱلأولى من ٱلعمر. ثم يأتى طور ٱلتعليم مع ٱلرمز ٱلخطى. ويستمر إلىۤ أن ينتهى من ٱلتعليم ٱلعالى. فيبدأ فى ٱلنظر فى هٰذه ٱلأشيآء وأسمآئها ٱلصوتية وٱلخطية. ثم ٱلعمل وٱلعلم فى وسيلة ٱلكشف عن سنتها بٱلسير على طريق بدء نشأتها. فٱلعلم فى ٱلأشيآء وأسمآئها لا يأتى دفعة واحدة. بل يتراكم ليكوِّن لسانًا يدل على ٱلأشيآء ٱلمبصرة وٱلقريبة. وكذٰلك ٱلمسموعة ٱلموجودة فى ٱلغآئط أو ٱلصعيد ٱلذى يعيش فيه ٱلمتعلم (ٱلغآئط هو كل أرض منخفضة يجتمع إليها ٱلماۤء. وٱلصعيد هو كل أرض مرتفعة مكشوفة لا غطآء من نبات عليها. وفى وادى ٱلنيل يجرى ٱستعمال ٱلكلمتين كما تدل ٱلواحدة منهما).
لقد قام بٱلتعليم ٱلأول ملـٰۤئكة مهديون على هٰذا ٱلعمل. وجآءوا بهٰذا ٱلتعليم حتى كمل ٱلطور ٱلأول من ٱلِّسان ٱلأدمىّ. ٱلذى يتكون من أسمآء ٱلأشيآء وصفاتها ٱلظاهرة. ثم ٱنتقل ٱلتعليم إلى ٱلطور ٱلثانى. وبه بدأ ٱلتدريب على ٱسترجاع صورة تلك ٱلأشيآء. وهوۤ أول فعل تفكير فى هٰذه ٱلأسمآء يسوق ٱلمتعلم إلى فعل ٱلنظر فيها. وٱلتعرف على سجود ٱلأشيآء للمتعلم وما ينجم من مفاهيم:
"وإذ قلنا للملـٰۤئكة ٱسجدوا لأدم فسجدوۤا إلاۤ إبليس" 34 ٱلبقرة.
ٱلملـٰۤئكة ٱلتى خضعت لأَدم هى جميع ٱلكآئنات ٱلحية وٱلميتة ٱلمحسوسة وٱلقريبة ٱلموجودة فى غآئط وصعيد معيشته.
فكلمة "سجد" تدل على ٱلخضوع وٱلطاعة بفعل هداية من دون عصيان. وهٰذا ٱلسجود قآئم فى ٱلكينونة ٱلجسدية ٱلميتة وفى ٱلكينونة ٱلجسمية ٱلحية سوآء ءكانت بهيمة أم عاقلة. وٱلجميع يسجد لمنهاج ٱلهداية وفق منهاج جريان ٱلتسوية وٱلتكوين.
أما "إبليس" فدليله من دليل ٱلفعل "بَلَسَ" ٱلذى يبينه ٱسم "بلاسة" فى لسان ٱلعامة ٱلفطرى. وهو للقماش ٱلذى فقدت خيوطه تماسكها ببعضها. ومثل هٰذا ٱلقماش هو دليل ٱلفعل "بلس". وٱسم "إبليس" هو ٱسم لمن فقد ٱلحجَّة وخضع لسلطة ٱلهوى وٱلظن بعيدًا عن ٱلحق. وموقع فعل إبليس فى ٱلنفس ٱلبشرية:
"ونَفسٍ ومَا سَوَّـٰها(7) فَأَلهَمَهَا فُجُورَها وتَقوَـٰها(8) قَد أَفلَحَ مَن زَكَّـٰها(9) وقَد خَابَ مَن دَسَّـٰها(10)" ﭐلشّمس.
فإبليس ٱسم للفعل بلس. وهو فعل منهاج ٱلفجور ٱلملهم فى ٱلنفس. وإنَّ أول مسألة فى ٱختبار ٱلمنهاج ٱلملهم بدأها ءَادم هى سكنه وزوجه ٱلجنة (أرض تكسوها ٱلأشجار) بعد أن تعلّم أسمآء ٱلأشيآء فيها:
"ولا تقربا هٰذه ٱلشجرة فتكونا من ٱلظـٰلمين" 35البقرة.
ويظهر أن ءَادم وزوجه وصلاۤ إلى ٱلتقليم بين ٱلأشيآء. وأن ٱلدليل لديهما قد وصل إلى ٱلتفكير ٱلذى ينجم عنه ٱلتزام أو عصيان على ٱلأمر. ويبين لنا ٱلبلاغ أن ءَادم وزوجه لم يلتزما ٱلأمر "ولا تقربا هذه ٱلشجرة" بفعل منهاج ٱلفجور وفعله بلس. وقد خالف به ءادم وزوجه ٱلأمر فلم يسجد وفق ٱلهداية كما كان قبل تنزيل ٱلروح. وأظهر بفعله هٰذا ٱفتراقه وٱصطفآءه من مملكة ٱلهداية وٱلسجود. وهٰذا جعله يتلقى مناهج توسِّع قدرته ٱلجدلية:
"فتلقَّىٰۤ ءَادم من ربِّه كلمٰتٍ فتاب عليه إِنَّه هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحيم" 37 ٱلبقرة.
وبها بدأ طور وندوز ٱلكلمات ٱلتى تدل على ٱلموقف. وفيه دليل مسآئل غير حسية تنشأ فى ٱلقلب (ٱلقلب هو ٱلفؤاد ٱلذى صار يقلب ويفكر ويعقل ويحكم ويفقه. وعمل ٱلفؤاد ينقسم إلى فعل بٱلهداية وأفعال خزن للمعلومات ٱلتى جآء بها ٱلتعليم) ٱلذى جرى فيه ٱلتفكير بعد جريان ٱلإختبار ٱلحسى فى ٱلأشيآء. وقد جآء هٰذا ٱلعلم علىۤ أطوار. ويبيّن ٱلبلاغ أن ذٰلك كان مجزَّءًا ولم يأتِ دفعة واحدة:
"وإنَّه لفِى زُبُرِ ٱلأوَّلين" 196 ٱلشعرآء.
ودليل كلمة "زُبُر" يبينه ٱلفعل "زَبَرَ" ٱلذى يدل على قطع ٱلشىء أجزآء صغيرة. ويظهر ٱلبلاغ هٰذا ٱلدليل:
"ءَاتونِى زُبَرَ ٱلحديد" 96 ٱلكهف.
كما يظهر ٱلبلاغ تتابع ٱلرسل (ملٰۤئكة ومن بعدهم بشر) وتدرّج ٱلمعلومات للناس:
"فإن كذَّبوك فقد كُذِّبَ رُسُل مِّن قبلك جآءُوا بٱلبيَّنٰتِ وٱلزُبُرِ وٱلكتٰب ٱلمنير"184 ءال عمران.
لقد بدأت نشأة ٱلِّسان ٱلأَدمىّ مع خبرة حسية مبصرة. ثم نظرية زبرًا زبرًا. ثم "ٱلكتٰب ٱلمنير" ٱلذى ضمّ ما جآء فى ٱلبينات وفى ٱلزبر على فترات طويلة. وجرى تسطيرها خطوطًا علىۤ ألواحٍ أو قرطاس. وفى ٱلكتاب ٱلمنير منهاج لِّسلوك ٱلإنسان وفق خيرته مع ٱلملـٰۤئكة ٱلساجدة وفى ٱلمجتمع ٱلإنسانى على ٱلسَّوآء. وللإنسان ٱلخيرة فى ٱلأمر. يتبع ٱلمنهاج فيرقى به أو يتبع هوـٰه فيرتد إلىۤ أصله ٱلبهيم.
وإن ٱنتقال ٱلِّسان من طور إلىۤ أخر وصولاً إلى ٱلبيان ٱلتفصيلى فى ٱلِّسان يظهر زيادة فى عدد ٱلكلمات. كما يظهر تكوين ٱلمفاهيم. وأول وسآئل هٰذا ٱلانتقال كانت فى ٱلزبر. ٱلتى حملت معلومات وكلمات جديدة مخطوطة. مهدت لورود ٱلكتاب ٱلمنير فى كلٍ من صحف إبرٰهيم وموسى وٱلتورـٰة وٱلإنجيل. ليزداد قدر ٱلمعلومات وٱلكلمات فى ٱلنفس ٱلتى سيأتيها بيان وتفصيل ٱلمعلومات فى ٱلقرءان ٱلعربى ٱلمبين.
كماۤ أنَّ ٱلزيادة فى ٱلمعلومات لا تزيد عدد ٱلكلمات وحدها. بل تزيد عدد ٱلرموز (ٱلأبجدية) ٱلتى تتكون منها ٱلكلمات. كماۤ أن كلمات كانت تحمل دليلاً محدَّدًا فى ٱلأطوار ٱلأولى من ٱلِّسان ٱلأدمى صارت فى ٱلأطوار ٱلأعلى لا وجود لها فيه. فٱستبدلت بكلمة جديدة يناسب دليلها حاجة ٱلطور ٱلجديد. وقد ظهر أنصار للمعلومات وٱلكلمات ٱلجديدة عند ٱلانتقال من طور لسانى بدآئىٍّ إلى طور أخر. أخذوا بها وبدأوا ٱلسير فى سبيل ٱلطور ٱلذى يضم كلمات أوسع فى دليلها.
كما ظهر أعدآء قاوموا ٱلجديد وكذبوه. ونجم عن هٰذين ٱلموقفين ٱختلاف وٱفتراق. فتشعب ٱلناس فى ٱلأرض. كلّ مِّنهم يحمل معه طورًا لِّسانيًّا يوافق ٱلطور ٱلذى سبق ٱلاختلاف عند ٱلمكذبين وٱلطور ٱلجديد عند ٱلمصدقين.
ومع تتابع ٱلرسالات ٱلمناهج تتابعت ٱلأطوار ٱلِّسانية. ومع كل رسالة حدث تصديق وتكذيب. وكان هٰذا هو سبب ظهور ألسن متعددة تفترق عن بعضها بٱلكلمات وٱلدليل. ولما بلغ ٱلِّسان ٱلشّامىّ طوره ٱلأعلى (نسبة إلى بلاد ٱلشام وهو أكثر ٱلشعب ٱلِّسانية ضمًّا لأطوار ٱلِّسان ٱلأدمىّ). جآءت رسالة ٱللَّه فى ٱلقرءان لتكون رسالته للناس جميعًا على ٱختلاف ألسنتهم. يدعوهم فيهاۤ إلى لسان عربىّ مبين. يضمّ كامل ٱلمعلومات وٱلمنهاج ٱللازمين لبنآء روح ٱلخليفة ٱلذى بيّنه ٱلبلاغ:
"إنّى جاعل فى ٱلأرض خليفة" 30 ٱلبقرة.
لقد ضمّ ٱلقرءان ما ورد من تعليم مباشر علىۤ أيدى ملـٰۤئكة مهديين مرسلين وما جآء فى ٱلزبر وفى ٱلكتاب ٱلمنير. وفيه فريضة (ٱلفريضة من دليل ٱلفعل "فرض" ٱلذى يدل على "فرج وفتح وسع" ولا تدل على إلزام كما هو فى اللغة الفصحى) للناس ليوقفوا ٱختلافهم ٱلذى جعلهم شعوبًا وأممًا متعددة.
ودليل ٱلكلمة فى ٱلقرءان هو أعلى ٱلأطوار فى دليل ٱلِّسان. سوآء ءَكان فى ٱلكلمة أم فى ٱلبلاغ أم فى ٱلنبإ أم فى ٱلتوجيه أم فى ٱلوصية. وفيه تفصيل وبيان لمنهاج ٱلنظر وٱلبحث فى "كيف بدأ ٱلخلق" ٱلذى على ٱلإنسان ٱلساۤئر على سبيل ٱلخليفة أن يكشف عنه ليخلف.
وما نجده فى بلاغ ٱلقرءان أن ٱلكلمة منها ما جرى نسخه من ٱلألسن الشامية ٱلأولى نطقًا ودليلا.ً ومنها ما هو بديل لِّكلمة تُركت بفعل ٱلاصطفآء فى ٱلطور ٱلجديد ٱلذى جآء بٱلكلمة ٱلبديل. وهٰذا ما بيّنه ٱلبلاغ فى مسألة ٱلنَّسخ وٱلنسيان:
"وما ننسخ من ءَايةٍ أو نُنسِها نأتِ بخيرٍ منهاۤ أو مثلها" 106ٱلبقرة.
فهناك كلمات جرى نسخها ودليلها ينكشف تفصيله بٱلنظر وٱلبحث. فكلمة "ءادم" منسوخة وتدل فى ٱلألسن ٱلشامية علىۤ أول نفس ٱنتقلت من طور ٱلوحش إلى طور ٱلإنس. كما تدل علىۤ أصلها ٱلترابىّ من دون بيان وتفصيل فى مراحل ٱلخلق ٱلطورية.
وما نجده فى صحف موسى (ٱلنسخة ٱلبشرية فى لسان ٱللغة ٱلفصحى) يدلنا على ماۤ أدركه ٱلإنسان ٱلمحوِّل من دليل ٱلكلمة:
"وجبل الربّ الإلـه آدم تراباً من الأرض. ونفخ في أنفه نسمة حياةٍ فصار آدم نفساً حية" سفر خروج/ الإصحاح الثاني 7- 8.
هٰذا ٱلقول ٱلمحوَّل بإدراك إنسان من ٱلِّسان ٱلعبرىِّ إلى لسان يونانى وإلى لسان ٱللغة ٱلفصحى. يبين أصل ءَادم ٱلترابى. كما يبيّن أن ٱلنفخ جرى فى ٱلتراب فصار ٱلتراب "نسمة حياة". من دون إدراك للفعل ٱلجارى علىۤ أنه ٱلبدء فى صناعة ٱلحياة ٱلتى يأتىۤ ءادم فىۤ أعلىٰۤ أطوارها وليس فى بدايتها كما يظن ٱلمحوِّل. وتفصيل أطوار ٱلحياة يأتى به ٱلذين يسيرون فى ٱلأرض ينظرون كيف بدأ ٱٰلخلق.
وإنَّ دليل كلمة ءَادم فى ٱلِّسان ٱلعربى ٱلمبين (ٱلقرءان) يظهره ٱلنظر فى ٱلبلاغات ٱلمفصلة على أنَّه نفس حيَّة على مفترق ٱلسُّبل بين طور ٱلوحش (لقد فصل بين ءَادم وٱلوحش طور منسىٌّ هو طور "أدبا" ٱلذى يظهر فىۤ أساطير سومر) وطور ٱلإنسان. من بعد ٱنتقالها ٱلطورى من تراب (كينونة ميتة) إلى نفس (كينونة حية):
"كيف تكفُرُونَ بٱللَّهِ وكنتم أموٰتًا فأحيٰكم ثم يميتكم ثُمَّ يحييكم ثم إليه تُرجعون" 28 ٱلبقرة.
كما تظهر ٱلأطوار ٱلأخرى من وحيدات ٱلعلق (ٱلخلايا) إلى متعددات ٱلعلق إلى كمال تسوية ٱلبشر ٱلذى جرى نفخ ٱلروح فى قلبه وبدأ يتعلم "ٱلأسمآء كلها". ثم بدأ أطوار معلومات إلىۤ أن وصل إلى ٱلنظر فى تلك ٱلأسمآء وعلم كيف بدأت نشأتها ٱلأولى.
إن ٱلمعلومة فى نسخة ٱلكتاب ٱلمقدس تظهر مقدار علم محولها من لسانهاۤ إلى لسان ٱللغة. كما تظهر نقص قدرته على ٱلتفصيل فى كيف تحّول ٱلتراب ٱلميِّت إلى نفس حيَّة. وكذٰلك هو ٱلأمر فى ٱلكشف عن ٱلأطوار ٱلتى نقلت هٰذه ٱلنفس إلى طور ٱلبشر. فٱلمعلومة جآء بهاۤ إنسان لا يدرك سنَّة ٱلتطور ٱلتى فعلت فى هٰذا ٱلمسار.
ونجد فىۤ أعمال ٱلناس ٱلشارحة للقرءان مثل هٰذا ٱلإدراك. أمَّا ما نجده فى ٱلِّسان ٱلعربى ٱلمبين (ٱلقرءان) فيظهر تفصيلا يقترب منه عمل ٱلناظرين فى كيف بدأ ٱلخلق:
"هو ٱلذى خلقكم مِّن نفسٍ وٰحدةٍ وجعل منها زوجَها" 189 ٱلأعراف.
وفى ٱلقرءان بيان مسألة ٱلتفصيل:
"كذٰلك نفصّل ٱلأيـٰت لقوم يتفكَّرون" 24 يونس.
"كذٰلك نفصّل ٱلأيـٰت لقوم يعقلون" 28 ٱلروم.
"كذٰلك نفصّل ٱلأيـٰت لقوم يعلمون" 32ٱلأعراف.
"ولقد جئنٰهم بكتـٰبٍ فصّلنـٰه علىٰ علمٍ" 52 ٱلأعراف.
"كتٰب فُصّلت ءايـٰته قُرءَانـًا عربيًّا لِّقـوم يعلمون" 3 فصلت.
وهٰذا يوكِّد مسألة ٱلتطور وخصوصية كل رسالة وكل رسول قبل ٱلقرءان. كما يوكِّد توجُّه ٱلقرءان للناس جميهم. كونه يضم ٱلتفصيل فى بيان منهاج ٱلعلم فى ٱلأسمآء وكيف بدأ ٱلخلق. وكما يوكِّد ٱلتطور ٱلذى وجده ٱلإنسان الناظر لاحقًـا.
وما تبيّنه صحف موسى هو أن ٱلنفخ بدأ فى ٱلتراب وفيه نشأت "نسمة حياة". وهٰذا جآء عنه فى ٱٰلقرءان مقترنًا بٱلطور ٱلذى يليه:
"هو ٱلذى خلقكم مِّن نفسٍ وٰحدةٍ وجعل منها زوجَها" 189 ٱلأعراف.
فٱلنفس ٱلواحدة هى ٱلتى جرى فيها نفخ "نسمة حياة". وفصّل ٱلقرءان أن هٰذه ٱلنفس ٱلواحدة جرى خلقها من تراب ومن مآء. ثم جرى جعلها زوجًا فى ٱلطور ٱلتالى عليها.
لقد ضمّ تحويل صحف موسى نبأً عن حقٍّ أساس أنَّ ءَادم خُلق من تراب. وبزيادة علوم ومعارف ٱلمتلقى يوصل إلى تفصيل هٰذا ٱلخلق من دون تناقض مع ٱلأساس ٱلحق. فٱلتراب ٱلذى ينزل عليه ٱلمآء يهتز ويربو وتنبت فيه ٱلحياة. وهٰذا هو ٱلنفخ ٱلذىۤ أراده ٱلنبأ ٱلمحول بـ "نسمة حياة". فكلمة "نسمة" شامية منسيَّة فى ٱلقرءان. وتدل على بداية تبادل سور ٱلهوآء (ٱلغازات وهى كلمة محولة من ٱلِّسان ٱلانكليزىGas فٱلسور هى ٱلأجزاۤء ٱلدخانية ٱلتى يتكون منها ٱلهواۤء) داخل سور ٱلتراب وٱلمآء. وهٰذه ٱلحركة خفيفة وضعيفة. وهو ما تدل عليه كلمة "نسمة".
ونجد فى ٱلقول ٱلمحوَّل أنَّ ٱلمحوِّل لا يدرك أشراط ٱلتكوين ٱلحى (ٱلبيولوجى) وفى قوله معلومة تطابق إدراكه وقت ٱلتحويل.
وفى نور ٱلبيان ٱلقرءانى ونور بيان ٱلعلم ٱلناظر فى كيف بدأ ٱلخلق يزداد ٱلنبأ فى صحف موسى بيانًا وصدقًا. فكلمة "أنفه" تدل علىۤ أول ٱلشىء. وهو هنا نشأة ٱلحياة للنفس ٱلواحدة (وحيدة ٱلخلية) ٱنتقالاً مِّنَ ٱلتراب ٱلمتحول طينًا بٱلمآء ٱلنازل عليه. ويظهر أن "نسمة حياة" كانت مقدمة لطور جديد "فصار ءَادم نفسًا حيَّةً".
هٰذا يصدقه ٱلنبأ فى ٱلقرءان ويفصّل فيه بلسان عربى مبين. وقد جآء ٱلتفصيل فى خلق ٱلإنسان بدءًا من تراب وحتى ٱلطفل. ثم فصّل كيف جرى تعليم هٰذا ٱلطفل على تسطير ونطق ٱلأسمآء. ثم بيّن وفصّل كيف يكسب ٱلصبىّ وٱلغلام وٱلراشد وٱلعجوز ٱلعلم بوسآئل ٱلنظر وٱلبحث فى تلك ٱلأسمآء (راجع كتابنا ٱلاستنساخ).
وإن ٱلمفكرين على ٱختلاف وجهاتهم يرون فى كلمة "ءَادم" أنها تدل علىۤ إنسان راشد كامل ٱلتسوية. وما يبينه ٱلقرءان أنها تدل علىۤ إنسان لم يتجاوز سن ٱلطفولة وتعلم ٱلأسمآء. فكلمة "ءَادم" تدل على نفس واقفة بين ٱلبشر ٱلذى تعلم ٱلأسمآء وٱلإنسان ٱلذى بدأ ينظر فى تلك ٱلأسمآء عودة إلى "كيف بدأ ٱلخلق". وما جآء فى ٱلمعجم ٱلوسيط عن "ٱلأدمة" علىۤ أنها "باطن ٱلجلد تحت ٱلبشرة وفوق ٱللحم، ومن ٱلأرض ما يلي وجهها" هو صواب فيما تدل عليه ٱلكلمة فى هٰذين ٱلموقعين. أما ما تدل عليه فى نفس ٱلبشر كما نرى فهو ٱلتوسط بين ٱلبشر ٱلمصطفى من مملكة ٱلوحش ٱلبهيم وٱلإنسان وٱبنه عيسى.
أما قول بعض ٱلمفكرين عن ٱلمعلومة ٱلواصلة إليهم من ٱلتحويل لكتاب موسى علىۤ أنها لا تصمد أمام ٱلعلم ٱلحديث. فهو مؤشر على نقص ٱلدراية فى مسألة تحويل النبإ وٱلنبأ ٱلأصل فى لسانه ٱلذى صدّقه ٱلبلاغ فى ٱلقرءان:
"وءَامنوا بما نزّلت مصدّقًا لِّما معكم" 41ٱلبقرة.
وكذٰلك هو ٱلأمر فى بلاغ ٱلعلم ٱلناظر.
إن معلومة صحف موسى جآءها ٱلتصديق وٱلتفصيل فى ٱلقرءان وفى بلاغات ٱلبحث ٱلعلمى. وأنَّ ما يؤخذ من كتاب محوَّل (مترجم) فيه إدراك ٱلمحول ولا يكون وسيلة للمقابلة مع ٱلعلم ولا للتكذيب أو ٱلتصديق. ونجد أنَّ ٱلمحوِّل قد جمع بين صحف موسى وٱلتورـٰة. وٱسم "تورـٰة" من ٱلأصل "تَوَرَ يتور" وٱلاسم منه "تورة وتورـٰة" وهو يدل على عودة ٱلإرسال وتكراره مرَّة بعد أخرى (تستعمل ٱللغة ٱلفصحى كلمة "تارة" وتلحق بها كلمة "أخرى"). فٱلتورـٰة هو تكرار لصحف موسى وهى رسالة ربِّ ٱلعالمين. وقد عاد بهاۤ أنبيآء بٱلبينات وٱلزبر يذكّرون بها مرّة بعد مرّة لتثبيت ما جآء فيها فى قلوب ٱلناس قبل أن يرد إليهم ٱلبيان لكلِّ شىء فى ٱلقرءان.
ونرى أنَّ ٱلمعلومة ٱلمحولة من صحف موسى عن خلق "ءَادم" تشبه ٱلمعلومة ٱلتى تقدم للطفل ٱليوم حين يسأل والديه كيف أتىۤ إلى ٱلوجود. وجميعنا نعلم كيف يوقف ٱلوالدان وقد جمَّدهم ٱلسؤال. وسرعان ما يقدمون له معلومة لا تشبع سؤال ٱلطفل ٱلذى بدأ يسأل. ولا نعلم من يقول له أنه جآء بسبب نكاح بين وٱلديه وإلقاح وٱنتقال فىۤ أطوار خلقية متعددة حتى كمل خلقه وتسويته ثم خرج من فرج والدته. وجميعنا نترك أطفالنا مع معلومة تشبه معلومة محول نبأ خلق ءَادم حتى يبلغوا عمرًا يزداد فيه علمهم ويكتشفون أنَّ ٱلمعلومة تناقض ٱلعلم. ومنهم من يسارع إلى ٱلحكم على ٱلدِّين ويرـٰه فى طرف يعادى ٱلعلم. وهٰذا يوكد أنَّ ٱلتفصيل فى ٱلمعلومة للأطفال يوافق سنَّة تطور ٱلروح فى قلب ٱلوالدين. وما يقدمانه للولد فى جوابهما عن سؤاله يحكمه إدراكهما. فإذا تناقض مع ما يأتى من تفصيل فى ٱلبيان ٱلعلمى لاحقًا يجعله فى طرف يعادى ٱلدِّين. وإذا جآء ٱلجواب على قدر من ٱلعلم فى دليل ٱلنبإ يجعل ٱلولد رجلا يؤمن أنَّ ٱلدِّين وٱلعلم واحد.
لقد بيّن ٱلنبأ فى صحف موسى أن ءَادم خُلق من تراب. وزيادة علوم متلقى ٱلنبأ توصله إلى تفصيل فى هٰذا ٱلخلق من دون تناقض مع ٱلمعلومة. وءَادم هو ٱلنفس ٱلبشرية ٱلتى بدأت نشأتها فى ٱلتراب ووصل بها ٱلتطور إلى تلقى ٱلروح. ومع تتابع ٱلمعلومات فى ٱلبينات ٱلمبصرات وٱلزبر وٱلكتاب ٱلمنير وصلت إلىۤ إنسان هو عيسى. وقد جآءت كلمة ءَادم فى ٱلقرءان نسخًا مَّع ما تدل عليه فىۤ أطوار ٱلِّسان مشفوعة بٱلبيان وٱلتفصيل. وهٰذا دليل أحسن يبيّن لنا ٱلطفولة ٱلتى تسبق صيرورة ٱلإنسان ٱلخليفة.
إنَّ ٱللَّه فاعل لكل فعل فى ٱلوجود وٱلإنسان ٱلذى صار نفسًا حيَّة من أصل ترابى جُعل خليفة للفاعل ٱلخالق ٱللَّه. وكلما زاد تفصيل وبيان ٱلأيات لدى ٱلخليفة زادت قدرته على ٱلفعل إلىۤ أن يوصل إلى "فعّال لما يريد" وبه يجنِّب نفسه مقت ٱللَّه:
"يٰأيُّها ٱلَّذين ءَامنوا لِمَ تقولون مالا تفعلون/2/ كَبُر مقتًا عند ٱللَّه أن تقولوا مالا تفعلون/3/" ٱلصَّفّ.
ٱلكلمات ٱلتى تدل علىۤ أسمآء ٱلأشيآء ٱلظاهرة ٱلمحسوسة هى كلمات بداۤئية تدل علىۤ أشيآء قريبة يبدأ ٱلطفل ٱلتعرف عليها وتعلمها وتسطيرها فىۤ أوعية فؤاده (دماغه فى ٱللُّغة). ويبدأ ينطق بأصوات متميزة يدل كل منها على ٱسم من تلك ٱلأسمآء ٱلمعلمة فى فؤاده بتنزيل ٱلروح "وعلَّم ءادم ٱلأسمآء كلها". وٱلطفل ٱلذى يكمل تسطير ونطق ٱلأسمآء فى فؤاده يكون أكمل ٱلطور ٱلأول للانتقال من ٱلبشر ٱلوحش إلى ٱلأدمية. وٱلكلمة لديه لا يتجاوز دليلها ٱلإشارة إلى شىء فى حدود ما يظهر منه.
وٱلأدمىّ فى طور ٱلكلمة ٱلاسم لا يستطيع ٱليوم ولا من قبل أن يوصل إلى دليل يفصّل فى ٱلبيان ما لم يمتلك ٱلعلم فى دليل ٱلِّسان ٱلعربى ٱلمبين (ٱلقرءان) ٱلمرافق للسير وٱلنظر فى كيف بدأ ٱلخلق. وهٰذا يلزمه جهد لا يفتر عن ٱلبحث وٱلنظر فىۤ ءايات ٱلوجود وفى دليل ٱلبلاغ ٱلمبين ودليل ٱلكلمة ٱلعربية ٱلمبينة فى موقعها ٱلبلاغى لا فى مكان أخر. مع تذكر مسألة ٱلاصطفآء ٱلكلامى ٱلجارية فى جميع أطوار ٱلِّسان ٱلأدمى:
"ما ننسخ من ءَايةٍ أو نُنسِها نأتِ بخيرٍ منهاۤ أو مثلها"106 ٱلبقرة.
فٱلكلمة ٱلتى تكونت مع بداية تعلم ٱلأسمآء وحتى وقت ورود ٱلقرءان عبرت أطوارًا فى قَدرِ ٱلكلام وتفصيل ٱلدليل أوصَلَ ٱلأدمىّ إلى ٱلقدرة على تلقى ٱلبيان ٱلمفصل وحفظه وذكره وعقله وفقهه لدى جميع ٱلأمم ٱلتى تكونت بعد ٱفتراقها عن ٱلأمة ٱلأدمية ٱلواحدة. ولما كان ٱلبيان ٱلمفصل لا يلزمه كلمات أوجبتها قدرة ٱلمتلقى علىۤ إدراكها فى طفولته تركها ٱلبيان ٱلمبين ولم يستعملها مثل كلمة "نسمة". وٱكتفى بٱلبيان ٱلمفصل فى مسألة ٱلنشوء ٱلحى من "نفس وٰحدة". وكذٰلك تسطيرها فى "كتب ٱلأوَّلين" ومنها ٱلزبر وٱلكتاب ٱلمنير.
ومثلنا على ذٰلك كلمة "أَرعا" ٱلشامية تدل على ٱلأرض فى حدود علم ٱلمتلقى من أن ٱلأرض هى ٱلغآئط وٱلصعيد ٱلذى يعيش فيه مع أنعامه. وعندما ٱزداد علم ٱلمتلقى وتوسع دليل كلمة ٱلأرض لديه ترك كلمة "أرعا" لتدل على ٱلمرعى. وقد جآءته كلمة "إرِِث" لتدل على ٱلتراب ٱلصالح للزراعة وعلى ٱلطين وجسم ٱلإنسان ٱلفانى وٱلدفن فى ٱلتراب وٱلفخار. وهٰذه ٱلكلمة ٱلجديدة تدل على طور جديد من ٱلفهم وٱلإدراك لدليل كلمة أرض عند ٱلناس ٱلذين تلقوا صحف موسى وٱلتورـٰة. وبمقارنة كلمة "إرِث" مع كلمة Earth ٱلانكليزية ٱلِّسان نجد تطابقًا فى ٱلنطق وفيما تدل كل مِّنهما عليه. ونجد فى ٱلِّسان ٱلعربى أنّ كلمة "إرث" تدل على ما تركه ميت. وقد جآءت فيه كلمة "أَرض" لتدل على كوكب يختلط فيه ٱلميِّت مع ٱلحى ويسبح فى ٱلسمآء فى فلك. وتجرى فيه ٱلأفعال (صَوَعَ صَبَّ شقَّ مدَّ سطح بسط رسى دما همد وَسَعَ رَحَبَ غرق خزن صدع فرش ترب هَزَّ ربا صلح كفت نشأ نبت ذرأ فجر نبع بلع طحا خضر زخرف زين جنَّ حيا مات دبَّ طار سبح رعى زرع قرّ حلّ طاب أَمَّ أَبَّ سكن خلف عَمَرَ فسد زلزل رجَّ).
وإن جريان وٱجتماع هٰذه ٱلأفعال كان ٱلسبب فى نشوء كوكب ٱلأرض. وهٰذا لا نجد دليلاً عليه فى ٱلكلمات ٱلبدآئية "أَرعا وإرِث وEarth" وهى لا تدل على كوكب. كما لا تدل على جميع الأفعال الجارية العاملة على نشوء ٱلكوكب ٱلأرض.
ونجد لدى ٱلمفكرين ٱستعمالاً محدود ٱلدليل لكلمة "أرض" عندما يقولون "أرض ٱلمريخ" أو "أرض ٱلزهرة". فٱسم "أرض" لا يطلق على كوكب لا تجرى فيه ٱلأفعال ٱلفاعلة على نشوء ٱلأرض. ونرىۤ أن كلمة Earth مهاجرة من ٱلِّسان ٱلشامى عند طور بدآئى ٱلدليل إلى بريطانيا. وقد حدثت هٰذه ٱلهجرة قبل وصول ٱلروح إلى طور كلمة "أرض" ٱلتى تدل على كوكب صالح للحياة. وبتحويل ٱلكلمة إلى كلمة Earthمن دون توسيع لدليل كلمة Earth لدى ٱلناطقين بها يأتى بدليل بداۤئى للبلاغ ٱلمحوّل. وٱلإنسان ٱلذى يتكلم ويفهم ٱلِّسان ٱلانكليزى عندما يتلو ٱلبلاغ ٱلعربى ٱلمبين محوَّلاً إلى لسانه يفهمه بدليل ٱلكلمة فى لسانه ولا يوصل إلى دليل ٱلكلمة فى ٱلِّسان ٱلعربى ٱلمبين.
ولكى يكون ٱلتحويل مقاربًا لدليل ٱلبلاغ ٱلمبين يلزمه شرح وتفصيل فيه حتى يظهر ويبين ٱلدليل فى ٱلِّسان ٱلانكليزى. أو أن يُترك ٱلِّسان ٱلانكليزى ٱلبدآئى ٱلدليل ليتلو بٱلِّسان ٱلعربى ٱلمبين.
إن ألسن ٱلإنسان جميعها ترجع إلىۤ أصل واحد هو ٱلِّسان ٱلأدمىّ. وبه بدأت ٱلكلمات تدل علىۤ أشيآء ظاهرة محسوسة قريبة ٱلإدراك. ثم تطورت لتدل على ٱلأجزآء وٱلباطن. إلىۤ أن وصلت إلى ما قبل ٱلِّسان ٱلعربى ٱلمبين. كل قوم بلسانٍ بعد أن تفرَّع ٱلجميع عن لسان واحد وتفرّق فى كل ٱلأرض. ثم جآء ٱلِّسان ٱلعربى ٱلمبين طالبًا مِّنَ ٱلناس جميعًا ٱلأخذ به إن أرادوا ٱلوصول إلى ٱلبيان وٱلتصديق وٱلتفصيل. وبه إلى موقف ٱلخليفة وفى ٱلبلاغ بيان ٱلطلب وٱلتوجّه:
"قل يٰۤأَيُّها ٱلنَّاس إِنِّى رسولُ ٱللَّه إليكم جميعًا" 158 ٱلأعراف.
لقد تطورت جميع ٱلألسن بفعل ٱلنظر وٱلبحث وٱلعمران. وهى مهما زاد قَدرُها ٱلعلمى تبقىۤ أدنى من ٱلبيان وٱلتفصيل. وكذٰلك يبقىۤ إنسانها قاصرًا عن تحقيق موقف ٱلخليفة.
ونجد ٱليوم أن ٱلألسن ٱلشامية وٱلفارسية وٱلتركية وٱلأوردية وٱلانكليزية وٱلهندية وٱلفرنسية وٱلألمانية وٱلرّوسية وغيرها كثير. جميعها تُخرج مفاهيم عن بلاغ ٱلقرءان بتأثير دليل معاجم ٱللغة ٱلفصحى ودليل كلمات كل مِّنها وتطورها بمعزل عن ٱلبيان وٱلتفصيل. وينجم عن تلاوةٍ بلسانٍ أدنى من ٱلبيان وٱلتفصيل مفاهيم تقصر عن مفاهيم ٱلبيان وٱلتفصيل ٱلذى جآء فى ٱلِّسان ٱلعربى ٱلمبين. ونجد ٱلجميع يقولون عن خلق ءادم فى بلاغ ٱلقرءان وفى نبإ صحف موسى قولا لا يطابق ٱلحق ٱلذى جآء فى ٱلكتابين. وهم يغفلون عن دليل ٱلكلمة ٱلعبرية كما يغفلون عن دليل ٱلكلمة ٱلعربية. ويتصورون أن ٱلمعلومة فى ٱلكتابين تقول أن ٱللَّه جبل طينًا على هيئة إنسان ونفخ فيه فصار إنسانا كاملاً مِّن دون أطوار خلقية. وهٰذا يخالف ٱلحق فى ٱلكتابين. ولم يكتفوا بهٰذا ٱلقول ٱلظنى بل نجم عنه حكم على ٱلكتابين أنهما لا يتفقان مع ٱلعلم.
لقد قلت فى أعمالىۤ أن ٱلقرءان علم كلىّ. وهٰذا ٱلقول جآء على عَجَلٍ ويلزمه تفصيل بتأييد ٱلبلاغ:
"هٰذا بيان لِّلنَّاس وهدًى وموعظة لِّلمتقين" 138 ءال عمران.
ٱلبيان كشف وتفصيل للشىء. ودليله أوسع من دليل ٱلعلم. فٱلعلم من "عَلَمَ" وٱلاسم منه "عَلَم وعلامة". وهو يدل على حدود ٱلأشيآء فىۤ أبدانها وألوانها وأجزآئها وتقليمها عن بعضها. أما "ٱلهدى" فهو من "هدى يهدى" ويدل على ٱلإرشاد وٱلإظهار وتحديد ٱلسبيل ٱلذىۤ إذا سار عليه ٱلناس وصلوۤا إلى ٱلتصديق وٱلثقة. ثم تأتى "ٱلموعظة" لتدل على ٱلنّصح وٱلكفّ وٱلنّهى وٱلعهد. فٱلقرءان لا يضمّ فىۤ أنبائه وبلاغاته علومًا. كما هو ٱلعلم ٱلذى نعرفه. بل هو وعآء لجميع ٱلعلوم. ومنهاج لسلوك ٱلإنسان ٱلذى يسير على طريق صيرورته خليفة. وفى ٱلبيان كشف عن ٱلحق وفصل بين طرفيه (زوجيه) وإظهار وكشف عن كل مِّنهما. ويلزم للبيان علوم عديدة. وقد جآء فى ٱلبيان أنَّ كل شىء محكوم بٱلقَدرِ وٱلهداية:
"وٱلَّذِى قدَّر فَهَدىٰ" 3 ٱلأعلى.
"قدّر" حدَّدَ وعلّم ٱلعدَّة وٱلعدد.
وبيّن علاقة ٱلقَدرِ بٱلخلق وٱلهداية (ٱلخلق تبدله ٱللّغة بكلمة "تصميم" ٱلذى يرجع إلى دليل ٱلفعل "صَمَّ" ويدلنا على عطل فى ٱلسمع):
"قال ربُّنا ٱلذىۤ أَعطى كُلَّ شىءٍ خَلقَهُ ثمَّ هَدَى" 50 طه.
وبيّن سبق ٱلخلق للهداية ٱلتى لا تجرىۤ إلاّ فى قَدرٍ مخلوق. وربط كل ذٰلك بٱلخلق وٱلتسوية (ٱلتسوية بدلاً من ٱلتنفيذ ٱلذى يرجع إلى دليل ٱلفعل "نَفَذَ" ويدل على ٱختراق للشىء):
"ٱلَّذِى خَلَقَ فَسَوَّىٰ" 2 ٱلأعلى.
كل شىء هو خلق وقَدر وتسوية تجرى وفق هداية مُّحدَّدة. وبيّن أنَّ كل شىء يخضع ويطيع هٰذه ٱلهداية:
"أَلَم تَرَ أَنَّ ٱللَّه يسجدُ له مَن فِى ٱلسَّـٰموٰتِ ومن فِى ٱلأرض" 18 ٱلحج.
"وٱلنَّجمُ وٱلشَّجرُ يسجدان" 6 ٱلرحمن.
"ولِلَّه يسجد ما فِى ٱلسَّـمٰوٰتِ وما فِى ٱلأرض من داۤبَّةٍ وٱلملـٰۤئِكة وهم لا يستكبرون" 49 ٱلنحل.
ويبيّن أن ٱلهداية لا عصيان عليها:
"عليها ملـٰۤئِكة غِلاظ شِداد لا يعصون ٱللَّه ماۤ أَمرهم ويفعلون ما يُؤمَرُون"6 ٱلتحريم.
وجآء فى ٱلبيان أن ٱلسجود للهداية يقوم على سنَّة أساس لجريان ٱلفعل ٱلتكوينى من دون تداخل مع فعل تكوينىٍّ أخر وهٰذه ٱلسنَّة هى ٱلصَّلوٰة:
"أَلَم تَرَ أنَّ ٱللَّهَ يُسبِّحُ له مَن فِى ٱلسَّمٰـوٰتِ وٱلأرض وٱلطَّيرُ صَّـٰفٰتٍ كُلّ قد عَلِمَ صلاتهُ وتسبيحه وٱللَّهُ عليم بما تفعلون" 41 ٱلنور.
كل شىء يسبح (سبح تدل على ٱلجريان وٱلتقلب فى ٱلحركة حتى ٱلهلاك) ساجدًا لهدايته. وهو يصلِِّى على سباحة غيره من ٱلأشيآء فلا يعتدى عليها فى سباحتها ولا يتجاوز حدود ٱلهداية.
هٰذا ٱلبيان فيه كشف عن سنَّة ٱلخلق وٱلقَدرِ وٱلهداية وٱلتسوية وٱلسجود وٱلسباحة وٱلصَّلوٰة لكل شىء ميِّتًا كان أو حيًّا. وهو بيان للعلوم فى ظاهر ٱلأشيآء وفى باطنها وفى سنَّة كيف بدأ خلقها. وهو بذٰلك وعآء يوعى كل ٱلعلوم ٱلجارية فى ٱلأشيآء مع بيان ٱلمنهاج وٱلهداية للسير فى طريق هٰذه ٱلعلوم.
هٰذا هو بيان ٱلقرءان. وقد بيّن لناۤ أن ٱلإنسان ٱلذى يوصل إليه ويهتدى بمنهاجه. ويعيد تكوين روحه وفق هٰذا ٱلبيان وٱلمنهاج. ويجعل نفسه توافق سنَّة ٱلهداية ٱلعامة فى ٱلكون. من بعد علمه أن كينونته ٱلحيَّة تسجد كبقية أشيآء ٱلوجود للهداية ٱلعامة ولا مفرّ لها فى ٱلعصيان عليها. فيختار أن يزيد عليها فى سجوده طوعًا فيركع للَّه مطمئنًا لِّوعد ربّه بٱلجزآء ٱلحسن. وهو بذلك يصطفُّ مع أوْلـٰۤئك ٱلذين جآء عنهم فى ٱلبلاغ:
"وجوه يومئذٍ مُسفِرَة/38/ ضاحِكَة مستبشرة/39/" عبس.
ٱلفعل ركع يدل على ٱختيار ٱلنفس ٱلعالمة بٱلبيان للسجود فى ٱلقول وٱلفعل. وأنَّ ٱلركوع لا يوجد فى بقية ٱلأشيآء. وبوصول ٱلإنسان إلىۤ إدراك هٰذا ٱلبيان يفتح ٱلسبيل أمامه إلى موقف ٱلخليفة ٱلذى يفعل ما يقول ويريد. ولقد ضرب ٱللَّه لنا مثلاً على ٱلخليفة فى عيسى ٱبن مريم. وترك ءَايته لنا لننظر فيها كيف بدأت. فعيسى تكلم فى ٱلمهد وشفى ٱلأكمه وٱلأبرص وٱلأعمى وحَيَىَ ٱلميت وخلق من ٱلطين طيرًا. كل ذٰلك فعله بٱلأمر ٱلصادر عنه لأنه يفعل ما يريد. ويظهر لنا بعض ذٰلك ما جآء فى تحويل إنجيل "متى" إلى ٱللغة ٱلفصحى:
"وإذا أبرص قد جآء وسجد له قائلاً يا سيّد إن أردت تقدِرُ أن تطهرني. فمدَّ يسوع يده ولمسه قائلاً أريد فاطهر. وللوقت طَهُر برصه" الإصحاح 8/1,2.
"قم احمِلْ فراشك واذهب إلى بيتك. فقام ومضى إلى بيته" إصحاح 7, 9.
هذا لمفلوجٍ مطروح على فراش.
"وفي الهزيع الرابع من اللّيل مضى إليهم يسوعُ ماشياً على البحر" إصحاح14/25.
"فجاء إليه جموعٌ كثيرةٌ معهم عُرْجٌ وعُمْيٌ وخُرْسٌ وشُلٌ وأخرون كثيرون. وطرحوهم عند قدمي يسوع. فشفاهم" إصحاح 15/21.
هٰذه ٱلأمثلة وردت فى تحويل إنجيل متى من ٱليونانية إلى ٱللغة ٱلفصحى. وقد فعل ذٰلك من دون دوآء ومن دون جراحة. لقد فَعَلَهُ بٱلأمر.
إن قدرة ٱلفؤاد على تسطير وتخزين ٱلمعلومات وفكرها وعقلها وذكرها وفقهها وٱلأمر ٱلقول ٱلصادر عنه لا يمكن مساواته بملـٰۤئكة صنعية (كومبيوتر) تتولى ٱلخزن وٱلحساب وٱلإحصاء وٱلتحليل وٱلأمر. وإنَّ ٱلقُرءَ لما فى كتاب ٱلعلقة ٱلمسطور فى وَسَطِ قُطرِها ٱلذى لا يتجاوز طوله 0.1 مم عمل يلزمه جهد عظيم. فقد سُطِّرَت فى هٰذا ٱلكتاب معلومات تبيّن جميع أطوار خلق هٰذا ٱلكآئن صاحب ٱلعلقة بدءًا من ٱلنشأة ٱلأولى من تراب وحتى وقت ٱلقُرءِ له. وأن ٱلتفكير فى نقل هٰذه ٱلأساطير إلىۤ أوعية تخزين فى مَلَكٍ صنعى أمر يلزمه ٱلكثير من ٱلجهد. لأن ٱلأوعية ٱللازمة لوعى هٰذه ٱلأساطير قَدرها عظيم. فماذا عن أوعية ٱلفؤاد ووعيها (سعتها) للمعلومات ؟
ونسأل عمّا إذا كانت ٱلملـٰۤئكة ٱلصنعية تسجد لخالقها ٱلإنسان من دون إدراك منها لهٰذا ٱلسجود وتقوم بأعمال عالية ٱلتحكم وٱلسرعة. فكم هى قدرة ٱلفؤاد ٱلذى خلقها على ٱلفعل وٱلتحكم وٱلسرعة فى تحقيقه ؟
لقد جآء فى ٱلبلاغ :
"قال ٱلَّذِى عندَهُ عِلم مِّنَ ٱلكتـٰب أَنَاْ ءَاتيكَ به قبل أن يرتَدَّ إليك طَرفُكَ" 40 ٱلنمل.
وفيه بيان قدرة "ٱلذى عنده علم مِّنَ ٱلكتٰب" على ٱلفعل وٱلسرعة. فكيف يكون فعل وسرعة ٱلذى عنده علم ٱلكتاب كله ؟
إن ٱلأيات ٱلتى وردت فى ٱلقرءان جميعها يشملها ٱلطلب:
"قل سيروا فى ٱلأرض فٱنظروا كيف بدأ ٱلخلق" 20 ٱلعنكبوت.
وءَاية مريم ٱلتى ولدت من دون نكاح وءَاية عيسى وءَاية "ٱلَّذى عنده علم من ٱلكتٰب" جميعها مطلوب ٱلنظر فيها وٱلعلم فى كيف بدأت. وبٱلوصول إلى ٱلعلم فى كيف بدأت هٰذه ٱلأيات تبطل حاجة ٱلإنسان للملـٰۤئكة ٱلصنعية ويتولى قلبه هو ٱلفعل فى كل شىء بما فى ذٰلك ٱلخلق من طين.
ونحن أبنآء ٱلألسن ٱلشامية لا نزال نعمل ونكوّن مفاهيمنا بأدلة ٱلألسن ٱلشامية. ولم نصل إلى ٱلِّسان ٱلعربى ٱلمبين كما نظن. وما نتعلمه فى بيوت ٱلتعليم وفى ٱلكتب وٱلصحف ٱلمختلفة. وما نسمعه من وسآئل نقل ٱلمعلومات ٱلصوتية. جميعه من ٱلألسن ٱلشامية ٱلبدآئية ٱلدليل ومعه خليط ألسن أجنبية عديدة.
لقد جآء فى ٱلبلاغ أن قوم ٱلرسول (وهم قريش) "ٱتخذوا هٰذا ٱلقرءان مهجورًا":
"وقال ٱلرَّسُولُ يٰربِّ إِنَّ قومِى ٱتَّخذُوا هـٰذا ٱلقرءانَ مَهجُورًا" 30 ٱلفرقان.
هجرُ ٱلقرءان هو هجر للسانه ٱلعربى ٱلمبين ٱلذى يبين لنا ٱللَّهُ ٱلمأرب من جعله عربيًّا:
"لعلَّكم تعقلون" 2يوسف /3ٱلزخرف.
فهجرُ ٱلقرءان يسوق إلى هجرِ أفعال ٱلعقل. ويظهر ذٰلك من ٱتباع قوم ٱلرسول لقول ٱلذين كفروا:
"وقال ٱلَّذين كَفرُوا لا تَسمَعُوا لِهٰذا ٱلقُرءَانِ وٱلغَوا فيه" 26فصّلت.
وظهر ٱللغو فى ٱلِّسان ٱلعربى ٱلمبين فىۤ أعمال ٱلذين عملوا فى ٱلِّسان وفىۤ أعمال ٱلشارحين وٱلمحدثين. وٱنتشرت أعمالهم بين ٱلناس ظنًّا من ٱلجميع أن أعمالهم هى ٱلِّسان ٱلعربى ٱلمبين. فحرفوا كلمة "نسخ" ٱلتى تدل علىۤ إرجاع ٱلشىء ذاته. وجعلوها تدل على (زال يزول وأبطل يبطل). كما حرفوا كلمة "ءَاية" ٱلتى تدل على ٱلشىء بدءًا من "ٱلشهور ٱللونية" (ٱلشهور ٱللونية هى عدة ٱلتكوين ٱلتى نرىۤ أن كلمةquarks تدل عليها فى ٱلفيزياۤء ٱلجزئية وحتى ٱلنجوم). هٰذا فى ٱلكينونة ٱلميتة. ومن ٱلفطور وٱلنبت وحتى ٱلبشر فى ٱلكينونة ٱلحية. وقد قام ٱلذين عملوا فى ٱلِّسان بجمع ٱلكلام ٱلعربى ٱلمبين وخلطوا فيه جميع ما توصلوۤا إليه من ٱلكلام فى ٱلألسن ٱلشامية ٱلمتفرقة فى بلاد ٱلشامِ. وكلام من ألسن أجنبية تداخلت مع ألسن ٱلشام. وجآءت مجامعهم موافقة لطلب ٱلذين كفروا "وٱلغوا فيه". وجعلوا كلمة "لغة" علمًا على ٱلِّسان ٱلعربى ٱلمبين. وٱلكلمة تدل على ٱلباطل. وهٰذا ما أراده "ٱلذين كفروا" من طلبهم "وٱلغوا فيه". فحّولوا "ٱلقرءان" إلى "قراءة" لغوًا. وعملت هٰذه ٱلمجامع على تعطيل ٱلوصول إلى ٱلبلاغ ٱلمبين. وعزّرت ٱنتشار مفاهيم ٱلظن وٱلتخريص ٱلتى جآء بها زعم بٱلشرح وبٱلحديث. وحوصر ٱلبلاغ بٱللغو. وعَسُرَ على ٱلناس فى جميع ٱلألسن ٱلشامية وغيرها ٱلأخذ بٱلبلاغ ٱلمبين وٱلعمل وفق بيانه وهدايته وموعظته. ٱلذى يوصل ٱلناس جميعًا إلى ٱلأمة ٱلواحدة ذات ٱلِّسان ٱلعربى ٱلمبين.
إن جميع ٱلشعوب فى ٱلأرض. بما فى ذٰلك ٱلشامية منها. تنطق بألسنة تعود إلى مراحل مختلفة من تطور ٱلِّسان ٱلأدمى قبل وصوله إلى ٱلِّسان ٱلعربى ٱلمبين. وٱلكلمة فى جميع ٱلألسن غير كاملة ٱلبيان. وتلاوة ٱلقرءان بدليل كلمات تلك ٱلألسن لا توصل إلى ٱلبيان ٱلعربى. ويبقى ٱلذى يتلوا قاصرًا عن فهم وعقل وفقه ٱلبلاغ ٱلعربى ٱلمبين ومقارنة بلاغه مع ٱلعلوم فى كتاب ٱلكون. (ٱلشعوب ٱلمتقدمة فى ٱلعلوم تتلو وتدرس وتقرأ ما فى ٱلكينونة وتعقل ما ٱستخرجته من قرء مع ٱلقرءان وفق دليل لسانها ٱلمحّول إليه وفق زعم بشرح له فى لسان ٱللغة ٱلفصحى. وفى لسان ٱللغة ٱلفصحى لغو شديد يبطل فهم ٱلقرءان وتدفع أعمال ٱلعقل به إلى خارج ٱلحق حيث ٱلباطل وحده).
لقد بدأ ٱلإنسان من تعلّم ٱلأسمآء كلَّها. وهو فى كل مكان على كوكبنا ٱلأرض من منشإٍ علمى واحد. وسبيل ٱلجميع إلى ٱلبيان وٱلخليفة هو فى عبور ٱلأطوار ٱلمعرفية وٱلعلمية ٱلبدآئية إلى ٱلِّسان ٱلعربى ٱلمبين. وفيه رسالة مبينة للناس جميعًا:
"يٰۤأيّها ٱلنَّاس قد جآءكم ٱلرَّسُولُ بٱلحقِّ من رَّبِّكم" 170 ٱلنسآء.
"قل يٰۤأيها ٱلنَّاسُ إِنِّى رسول ٱللَّه إليكم جميعًا" 158 ٱلأعراف.
ٱلقول موجّه للناس جميعًا وليس لقوم من دون غيرهم. ورسالة ٱللَّه (ٱلقرءان) هى رسالة ٱللَّه للناس بلسان عربى مبين هو لسان للناس جميعًا (إن أرادوا ٱلوصول إلى موقف ٱلخليفة ٱلذى أدرك ووعِىَ ٱلبيان وٱلهدى وٱلموعظة وصار فعّال لما يريد كما فى مثل عيسى ٱبن مريم) وٱلعودة إلى ٱلأمة ٱلواحدة ٱلتى ٱفترقوا عنها بعد تعلم ٱلأسمآء.
إن كلمة ٱلبلاغ (منطوقة كانت أم مسموعة) تدل على كينونة. أو تكشف عن مشابه لهاۤ. أو تشير إلى صفة فيهاۤ. أو وقت حدوثهاۤ. أو ٱلفعل ٱلمكون لها. ويحدث ٱلدليل عن طريق ٱقتران كلمة ٱلبلاغ مع ٱلكينونة. ويجرى ذٰلك بٱلتعليم وٱلكسب لإحداث هٰذا ٱلإقتران ٱلذى يتولد عنه فعل ٱلدراية عن طريق ٱلعقل بين ٱلكينونة وكلمة ٱلبلاغ. فتنشأ أفعال ٱلحفظ وٱلذكر وٱلفكر وٱلفهم وٱلفقه. ويتكون ٱستعمال ٱلدليل.
وكسب ٱلدليل هو ٱلسبيل للعلم فى ٱلنطق أو ٱلخط. فعندما نتلو مخطوطًا أو نسمعه منطوقًا بٱلصوت تجرى فىۤ أفئدتنآ أفعال عقل ومطابقة بين ما نتلو عن طريق ٱلبصر أو ٱلسمع مع ما هو مسطور ومخزون فى ٱلأفئدة. وينجم عن أفعال ٱلمطابقة عقل وفكر وفهم وفقه لهٰذا ٱلمتلو. وهنا تبرز حسية ٱلتعليم ومطابقته للحق.
لقد وجدنا فى ٱلبلاغ:
"وعلَّم ءَادمَ ٱلأسمآء كُلَّها" 31 ٱلبقرة.
إن كسب ٱلدليل يجرى بٱلتعلم على معرفة ٱلأشيآء ووسم كل مِّنها بعلامة تفرقه عن غيره. وهٰذه ٱلعلامة هى ٱلصوت ٱلمنطوق أو ٱلخط ٱلمسطور ٱلذى يدل على هٰذا ٱلشىء من دون غيره. وكسب ٱلدليل يبدأ من ٱلشىء ويعود إلى بداية نشأته ٱلأولى. كما ظهر لنا فى ٱلنبأ عن خلق ءَادم. فقد وكَّدَ ٱلبلاغ أن ٱلعلم بٱلنشأة ٱلأولى يأتى لاحقًا على تعلم ٱلأسمآء:
"ولقد علمتم ٱلنَّشأة ٱلأولى فلولا تذكَّرون" 62ٱلواقعة.
وهٰذا يتم من خلال ٱلنظر وٱلبحث فى ٱلأشيآء. ومطابقة ما ينجم عنهما مع ٱلبيان وٱلتفصيل فى بلاغ ٱلقرءان.
ونوصل من فهمنا هٰذا عن كسب ٱلدليل إلى منهاج لتعليم أطفالنا يبدأ بتعليم ٱلأسمآء حسيًّا. ثم عودة إلىۤ أجزآئها وٱلأفعال ٱلجارية فى نشأتها. وهٰذا ليس فى بيوت ٱلتعليم ٱلتى يبدأ ٱلتعليم فيها بعد ٱلسنة ٱلسادسة. بل فى بيوتٍ يبدأ ٱلتعليم فيها من ٱليوم ٱلأول للولادة. يجرى فيها تعليم ٱلطفل على كسب ٱلدليل تعليمًا حسيًّا يقرن كلمة ٱلبلاغ بٱلحق ذاته. وإلا جآء ظنًّا وتخريصًا وخالف سنَّة ٱلفطرة.
لقد جآء ٱلِّسان ٱلعربى ٱلمبين إلى ٱلرسول محمد تلقيمًا فى قلبه. وقام ٱلرسول بنشره منطوقًا فى حديثه. كما قام بتسجيله مخطوطًا مسطورًا بخط يده. فٱلِّسان ٱلعربى ٱلمبين هو حديث ٱلرسول ٱلموحىۤ إليه من ربّه. وتلاوة هٰذا ٱلخط ٱلمسطور هى تلاوة لحديث ٱلرسول ٱلذى جآء عنه فى ٱلبلاغ:
"ٱللَّه نَزَّلَ أَحسنَ ٱلحديث كتـٰبًا متشـٰبهًا" 23 ٱلزمر.
وجآء ٱللغو بحديث أخر أبعد ٱلناس عن أحسن ٱلحديث. وظهر ٱللغو فى "معاجم ٱللغة" ٱلتى تكثر مفاهيم ٱلظن فيها. ونضرب مثلاً من "ٱلمعجم ٱلوسيط" فى كلمة "عَجَلَ":
(عَجَلَ، عَجَلاً وعجلَةً: أسرع، وسبق. أَعجلت البقرة: صارت ذات عجلٍ. وأعجلت الحامل: وضعت وليدها لغير تمامٍ. وأعجلَ فلاناً: استحثه، سبقه. عَجَّلَ للضّيف: قدَّم له العُجَالة. العِجْلُ: ولد البقرة. العِجْلَةُ: العُجالَةُ. العَجَلَةُ: السرعة، طوقٌ أو قرصٌ قابل للدوران. المِعجالُ من الحوامل: التي تضع وَلَدَها قبل أَوانه، مختصر الطريق. المُعَجَّلُ: المقدَّم ومنه مُعجَّلُ الصَّداق: ما يدفع من المهر عند عقد النكاح).
كلمة "عَجَلَ" دلّت فى "ٱلمعجم" على مفاهيم مختلفة مثل "ٱلسرعة وٱلسبق وولادة ٱلبقرة ذكرًا وإسقاط ٱلولد وٱلحثُّ وٱلضيافة ٱلسريعة وولد ٱلبقرة ٱلذكر وٱلطوق أو ٱلقرص ٱلقابل للدوران وٱلدفع المقدم". ونرجع بٱلكلمة إلى ٱلبلاغ ونبدأ بٱلتوجيه ٱلتالى:
"فٱصبر كما صبر أُولُوا ٱلعزم مِنَ ٱلرّسل ولا تستعجل لَّهم"35 ٱلأحقاف.
ويظهر من هٰذا ٱلتوجيه أن "عَجَلَ" تدل على نقيض "صبر". ويتابع ٱلتوجيه بيانه أن "عَجَلَ" يمنع ٱلإنسان من ٱلوصول إلى فهم وفقه أى مسألة:
"ولا تَعجَل بٱلقُرءَانِ مِن قَبلِ أَن يُقضَىٰۤ إليك وَحيُهُ وقُل رَّبِّ زِدنِى عِلمًا" 114طه.
فى ٱلتوجيه نهى "ولا تعجل" يظهر منه أن تحقق ٱلقضى يأتى عن طريق ٱلصبر وٱلانتظار. وهٰذا نقيض "عَجَلَ". ونفهم من ٱلتوجيه أن ٱلمستعجل ينجم عن نقص صبره "عِجل".
ونتابع ٱلتفصيل مع ٱلبلاغ:
"خُلِقَ ٱلإنسـٰن من عَجَلٍ سأُورِيكم ءَايَٰتى فلا تستعجلون" 37 ٱلأنبيآء.
"من عَجَلٍ" هو عن خلق ٱلإنسان. وهو ٱلبشر ٱلذى تعلَّم ٱلأسمآء كلَّها فصار ءَادمًا. وهٰذا يحدث بدءًا من ٱلولادة وحتى ٱلسنوات ٱلأولى من حياة ٱلطفل (ٱلطفل فى هذه ٱلفترة من حياته قليل ٱلصَّبر ويلحف فى ٱلسؤال ويطلب جوابًا سريعًا). وهى ٱلفترة ٱلتى يتعلم فيها تسطير وخزن وذكر ٱلأسمآء ٱلمحسوسة سمعًا وبصرًا. وهٰذا ٱلإنسان ٱلذى "خُلِق من عَجَلٍ" (هى فترة طفولته ٱلأولى) مطلوب مِّنه أن يصبر فى رؤية ٱلأيات ولا يستعجل فىۤ أحكامه قبل أن يقضىۤ إليه كيف بدأ ٱلخلق. وهٰذا ما يجب أن يُعلمَّ عليه.
كلمة "بشر" لا تدل علىۤ "إنسان". كماۤ أن كلمة "طين" لا تدل على "بشر". فٱلإنسان أصله بشر. كماۤ أن أصل ٱلبشر هو طين. وكلمة "إنسان" تدل على بشر تعلم ٱلأسمآء كلها. وهو كينونة حية تعمل وفق جدلية "حليم أَوّاه/ أواه حليم". وهى صفة أساس فى تكوين "ملة إبرٰهيم" كما يظهر ٱلبلاغ:
"إنَّ إبرٰهيم لحليم أوّٰه مُّنيب" 75 هود.
وفى هذا ٱلبلاغ نجد ٱلحلم ٱلذى يدل على ٱلصبر وٱلعزم. يسبق ٱلتأوّه ٱلذى يدل على خور ٱلإرادة ونقص ٱلصبر بسبب ٱلعجلة. ونجد ٱلتناوب فى هاتين ٱلصفتين:
"إنَّ إبرٰهيم لأوّٰه حليم" 114 ٱلتوبة.
ٱلتأوّه يسبق ٱلحلم. وجدلية "حليم أوّاه/ أوّاه حليم" تحكم سلوك ٱلإنسان ٱلناظر وٱلباحث فىۤ ءَايات ٱلوجود. وهو يوقع فى نقص ٱلقضى وٱلخطأ فيه بسبب ٱلعجلة. وهو يعود إلى ٱلعزم وٱلصبر وٱلانتظار حتى يُقضىۤ إليه ٱلصَّواب فى ٱلأمر. وإنَّ ٱلإنسان ٱلذى يقضى بٱلتناوب ٱلجدلى "أوّاه حليم/ حليم أوّاه" إلىۤ أن يصل إلى ٱلبيان ٱلتفصيلى تكبر فى مسطورات قلبه أقضية "حليم". وتنقص منه أقضية "أوّاه" ويوصل إلى موقف "فعّال لما يريد" ويتجنب مقت ٱللَّه.
لقد فصّل بلاغ ٱلقرءان فى مسألة خلق ٱلإنسان بدءًا من طين فجآء فيه:
"وبدأَ خَلقَ ٱلإنسَٰٰنِ من طينٍ" 7ٱلسجدة.
وهٰذا ٱلخلق بدأ بـ "نسمة حياة" وتتابع فىۤ أطوار متعدد:
"وقد خلقكم أطوارًا" 14 نوح.
فٱلأمر ٱلإلٰٰهى "فلا تستعجلون" موجَّه لإنسان عبر جميع ٱلأطوار بدءًا مِّن طين فىۤ أَجالٍ طويلة. جآء بعدها خلقه إنسانا "من عَجلٍ". وهو وقت نفخ ٱلروح فى قلبه. وطلب منه ٱلصبر وٱلعزم وهو ينظر ويبحث. وجآء تغليب ٱلحلم على ٱلتأوّه فى ٱلنظر وٱلقضى:
"ولا تعجل بٱلقرءان من قبل أن يُقضىٰۤ إليك وحيه" 114طه.
ٱلإنسان ٱلذى يستعجل يوقع فى ٱلكفر وٱلعصيان:
"قالوا سَمِعنَا وعَصَينَا وأُشرِبُوا فِى قُلُوبِهِمُ ٱلعِجلَ بكُفرِهِم" 93ٱلبقرة.
هؤلآء سمعوا ٱلتوجيه "فلا تستعجلون" و"ولا تعجل بٱلقرءان قبل أن يُقضىٰۤ إليك وحيه" ثم عصوا ذٰلك وأشربت قلوبهم بٱلاستعجال ونقص ٱلصبر فلا ٱنتظار ولا عزم لديهم وأفعالهم وأعمالهم وأقوالهم محكومة بٱلتأوّه وما ينجم عنها هو "عِجل".
كلمة "عِجل" لا تدل على ولد ذكر للبقرة. بل هو كل أمر أو شئ ينشأ من "قبل أن يُقضىٰۤ إليك وحيه". ونجد حال قول ٱلذين "أُشربوا فى قلوبهم ٱلعِجل" هو "هات من ٱلأخر". فهم لا يستطيعون صبرًا ويطلبون ٱلأمر من أخره. ونجد هٰذا ٱلموقف عند قوم موسى:
"وإذ وَٰٰعدنا موسىٰۤ أَربعين ليلةً ثمَّ ٱتَّخذتُمُ ٱلعِجلَ من بعدِه وأنتم ظٰلمون" 51 ٱلبقرة.
قوم موسى لم يصبروۤا إلىۤ أن يعود موسى. وٱستعجلوۤا أمرهم قبل عودته. وظنّوۤا أنَّهم أدركوا مأربه فبادروا مستعجلين وصنعوا جسدًا تمثالاً ظنوه أنه إلـٰه موسى. ويبين ٱلبلاغ ما فعلوه:
"وٱتَّخذ قومُ موسىٰ من بعده من حُلِيِّهم عِجلاً جَسَدًا لَّهُ خُوَار أَلم يَرَوا أَنَّه لا يكلمُهُم ولا يهديهم سبيلاً ٱتَّخذوه وكانوا ظـٰلمين"148ٱلأعراف.
ويظهر ٱلبلاغ غفلة هؤلآء عن ٱلحق "أَلم يَرَوا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلاً".
و"عجلاً جسدًا" تدل على أن ٱلجسد ٱلذى جآء به نقص ٱلصبر على ٱلانتظار هو "عِجل" ولا تدل علىۤ أنّه بقر أو يشبه ٱلبقر. لأن ما ينجم عن "عَجَلَ" هو "عِجل" وليس "بقر". سوآء ءَكان ذٰلك فى ٱلقول أم فى ٱلتجسيد. ويبين ٱلبلاغ موقف ٱلمستعجل:
"إنّ هٰۤؤلآء يُحِبُّون ٱلعاجِلَةَ ويَذَرُون ورآءَهُم يومًا ثقيلاً" 27 ٱلإنسان.
فٱلذين "يحبّون ٱلعاجِلَةَ" ينجم عن حبِّهم "عجول".
ويزيد ٱلبيان فى دليل "عجل" علىۤ أنه نقص ٱلصبر من عرض ٱلبلاغين ٱلتاليين:
"قالوا سلـٰمًا قال سلـٰم فما لَبِثَ أن جآء بعجلٍ حينئذٍ" 69 هود.
"إذ دَخَلُوا عليه فقالوا سلـٰمًا قال سلـٰم قوم مُّنكرون/25/ فَرَاغَ إلىٰۤ أهلِهِ فجآء بعجلٍ سمينٍ/26/" ٱلذاريات.
ويظهر من ٱلبلاغين أن إبرٰهيم جآء بطعام عِجلٍ لضيوفه بعد ٱلسلام وقبل ٱلسؤال عن مأربهم من ٱلزيارة. بل حتى قبل أن يتعرف عليهم فهم "منكرون" بٱلنسبة له ولا يعرفهم. وقد جآء وصف ٱلطعام ٱلعجل فى ٱلبلاغين بصفتين "حنيذ" وتدل على ٱلجفاف ٱلشديد. و"سمين" تدل على كثرة ٱللحم وٱلشحم فى ٱلجسم. ونجد كلمة "عِجل" فى ٱلبلاغين تدل على ٱلطعام ٱلذىۤ أحضره إبرٰهيم على عَجَلٍ. ويقوى ٱلدليل لأن ٱلطعام ٱلجافّ قد يكون لحمًا مُّجفَّفًا أو طعامًا سمينًا أخر كٱلألبان ٱلمجففة. ولا تدل كلمة "عجل" فى ٱلبلاغين ولا فى ٱلبلاغات ٱلتى سبق ورودها هنا على ولد ذكر للبقرة كما جآء فى ٱلمعجم ٱلوسيط وكذٰلك فى تفاسير ٱلشارحين. وٱلأطعمة ٱلمجففة جاهزة للأكل من دون طول ٱنتظار وحقُّهاۤ أن تكون عجلاً.
لقد دلت كلمة "عجل" فى ٱلمعجم ٱلوسيط علىۤ أشيآء حقٍّ (كٱلولادة قبل ٱلأوان وٱلعجالة). إلَّاۤ أنها دلت علىۤ أشيآء لَّيست من ٱلحقّ (ولد ٱلبقرة وصارت ذات عجل). ولم تدل على نقص ٱلصبر ٱلذى ظهر فى جميع ٱلبلاغات. كما جآءت فيه كلمة "ٱلعِجْلة" لتدل على "ٱلعُجالة" فى حين أن بنآءها فى ٱلمعجم يدل علىۤ أنثى "ٱلعِجْل" ٱلذى جآء عنه فى ٱلمعجم أنه (ولد ٱلبقرة). وبنآؤها يجعل حقّهاۤ أن تكون بنتًا للبقرة لغوًا يناسب ٱللغو ٱلذى جآء فيه.
ٱلِّسان ٱلعربى ٱلمبين هو جميع ٱلكلام ٱلذى جآء فى ٱلقرءان بعد ٱلأطوار ٱلتى عبرها ٱلِّسان ٱلأدمى بدءًا مِّن تعلّم "ٱلأسمآء كلَّها". وفيه كلام مصطفى من ٱلأطوار ٱلتى سبقت وكلام جديد بديل لِّكلام تركه ونسيه.
ولكى نخلّص أنفسنا من ٱللغو فإن ٱلمجامع ٱلِّسانية يجب قسمتها إلى قسمين. ٱلأول جامع ٱلِّسان ٱلعربى ٱلمبين وهو كلام ٱلقرءان حصرًا ودليل ٱلكلمة يستنبط من ٱلبلاغ ذاته. وٱلثانى جامع ٱلألسن ٱلشامية قبل ٱلعربى وفيه كلام جميع شعوب ٱلشام. وٱلمأرب منه معرفة دليل ٱلكلمة فى هٰذه ٱلألسن وٱلأطوار ٱلتى عبرتها وأصول وقرابة ألسن ٱلأمم ٱلأخرى مع ٱلأصل ٱلشامى.
إن ٱلمأرب من هٰذا ٱلمقال هو بيان أثر ٱلكلمة ودليلها فى صناعة ٱلمفاهيم عند ٱلناس ٱلذين تُبنى مواقفهم عليها. وأى تلاوة تستند إلى دليل ظنىّ جآء به ٱللغو ينجم عنها لغو. وٱلسؤال بدليل ٱللغو يأتى ٱلجواب عليه لغوًا. وإن وجود جامع لِّلِّسان ٱلعربى ٱلمبين بدليل ٱلبلاغ ٱلمرتل يساعد فى تحويل ٱلبلاغ إلى ٱلألسن ٱلأخرى ومنها "ٱللغة ٱلفصحى". وهٰذا يساعد أصحاب هٰذه ٱلألسن على فهم ٱلبلاغ وٱلعلم أن ٱلِّسان ٱلعربى هو ٱلِّسان ٱلذى عليهم أن يتقنوا ٱستعماله ويتركوا ألسنتهم ٱلقومية ٱلتى تعود إلىۤ أطوار ما قبل ٱلِّسان ٱلعربى ٱلمبين. ويكون ذٰلك أوَّل ٱلسبيل إلى تكوّن ٱلأمة ٱلواحدة بلسان عربى مُّبين.



#سمير_إبراهيم_خليل_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميثاق شعوب بلاد ٱلشام
- لماذا جعلَ ٱللَّهُ ٱلسَّبتَ مِنَ ٱلوصايا؟
- ٱلوطنية مفهوم كافرٍ
- لغو ٱلمتسلطين وٱلمثقفين
- ٱلتحريف وأثره على ٱلإدراك
- هل يستطيع مَن يزعم ٱلعربية أن يسلم للَّه ويتأنسن؟
- ٱلأبجديّة وقوى ٱلفعل
- ندآء يا حملة ٱلروح فى ٱلأرض ٱتحدوا !
- مكَّة وقريش
- حركة كفاية جنَّبت ٱلمصريين شرَّ ٱلقتال
- ٱلصَّلوٰة منهاج وقاية فى ٱلتكوين
- ٱلميراث وٱلتراث
- هل ٱلقردة وٱلخنازير دوآبّ ؟
- من ٱلديمقراطية إلى ٱلمدينية
- ٱعطِ خبزك للخباز ولو أكل نصو
- تحديثُ ٱلنَّفس يوصلهاۤ إلى حقوقها
- ٱلموقف
- فاستخف قومه
- ٱلكفر
- مفهوم ٱلسلطة


المزيد.....




- 144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سمير إبراهيم خليل حسن - ٱلدليل فى ٱلِّسان ٱلعربى ٱلمبين