|
مطلبا تحويل الإقليم إلى برلماني والعراق إلى رئاسي
ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن-العدد: 4850 - 2015 / 6 / 27 - 03:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أحزاب إقليم كردستان تطالب بالإجماع، باستثناء حزب رئيس الإقليم، بتحويل النظام في كردستان من رئاسي إلى برلماني. ونواب في مجلس النواب العراقي، أكثرهم من أنصار رئيس الوزراء السابق، يطالبون بتحويل النظام في العراق من برلماني إلى رئاسي. المعارضون في كردستان لمطلب التحول إلى النظام البرلماني، هم دعاة تأبيد رئاسة كردستان لمسعود البرزاني. وهذا يعني أنهم لن يكتفوا بالإبقاء على النظام الرئاسي، بل لا بد أنهم يخططون لتمرير تعديل يلغي تحديد عدد الولايات للرئيس، إلا إذا يخطط البرزاني، إلم يتحقق له ذلك، أن يبقي الرئاسة في عائلته. مع العلم لا يوجد في حدود معلوماتي دولة اتحادية (فيدرالية) تكون أقاليمها رئاسية، فللإقليم في الدولة الاتحادية رئيس حكومة، أو رئيس وزراء إقليم، أو محافظ حاكم، حسب اختلاف التسميات، أي رئيس سلطة تنفيذية محلية. وفي طليعة المطالبين بتحويل العراق إلى النظام البرلماني، دعاة إعادة إنتاج نوري المالكي رئيسا، ولو استطاعوا لعملوا أيضا على تأبيد رئاسته للعراق، لكنهم إذا نجحوا، ومن الصعوبة بمكان أن ينجحوا، فلعلهم يفكرون بمنح زعيمهم فرصة ثماني سنوات كرئيس واسع الصلاحيات، على أمل أن يجدوا حتى انقضاء هذه السنوات الثمان مخرجا يؤدي إلى تأبيد الرئاسة للمالكي بتعديل دستوري حسب الطلب. لكن يبدو إن هناك ممن يؤيدون هذا المطلب، ليس بالضرورة من موقع إدراك إن لوبي المالكي من يقف على الأرجح وراءه، بل تصوروا أو صُوِّر لهم، إن النظام الرئاسي سيُخرج العراق من المحاصصة. وهؤلاء لا يدركون إن رئيس السلطة التنفيذية، سواء كان رئيس مجلس الوزراء، كما في النظام البرلماني، أو رئيس الجمهورية، كما في النظام الرئاسي، لا يستطيع تشكيل الكابينة الوزارية، ما لم يستطع ضمان تصويت الأكثرية المطلقة لها. وما زالت الأحزاب والقوائم الانتخابية والكتل البرلمانية في العراق باقية على انقساماتها أثنيا وطائفيا، فلن يستطيع المكلف بتشكيل الحكومة، سواء رئيس الوزراء في النظام البرلماني الحالي، أو رئيس الجمهورية في النظام الرئاسي المطالب به، إنجاز مهمة تشكيل الحكومة متجاوزا هذه الانقسامات، وستكون حكومة الأغلبية، ليست حكومة أغلبية سياسية، بل حكومة أغلبية مكوناتية، دينية/مذهبية/أثنية، وبالتالي سيبقى انفراد المكون الشيعي بالحكم عاملا لخلق الأزمات وتفجير التوترات، مما يجعل أي رئيس للسلطة التفيذية مضطرا للإبقاء على المحاصصة من حيث الجوهر، وإن اتخذت من حيث الشكل والمسمى صورا وعناوين شتى. فالحل إذن لا يكمن في النظام الرئاسي، بل في إعادة رسم الخارطة السياسية، عبر وجود أحزاب سياسية، وليس أحزاب طوائف وأعراق، يكون كل منها عابرا للدين والطائفة والقومية. وبما إن هذا سيكون بعيد المنال، فسنبقى مضطرين إلى اعتماد المحاصصة المقيتة والمنافية لأسس الدولة المدنية الديمقراطية القائمة على أساس المواطنة، وستكون أقصى أمنياتنا أن يجري تجنب الخطاب السياسي الطائفي، والآخر العرقي، لحين انبعاث أحزاب جديدة، علمانية، تتوزع بين اليسار الديمقراطي، والليبرالية، والوطنية المحافظة، والوسطية، وربما أحزاب لمتدينين ديمقراطيين، لا أحزاب إسلامية، بعيدا عن الانغلاق على دين، أو طائفة، أو قومية. ولحين نمو هذه الأحزاب الديمقراطية العلمانية المواطنوية، سنحتاج جيلين أو ثلاثة أو أربعة أجيال، أو لعله أكثر وأكثر. وهذا لا يعني جواز اليأس، بل لا بد من مواصلة النضال من أجل تحقيق هذه الأهداف، مهما بدى طريقها صعبا وطويلا، فهو يأس متفائل. أما موضوعة النظام الرئاسي القائم على مستوى الإقليم والمتمسَّك به من قبل رئيس الإقليم وحزبه حصرا، أو على مستوى السلطة الاتحادية، كما يتطلع إليه المالكيون أو الظانون أن النظام الرئاسي يمثل مفتاح الحل لأزماتنا منذ 2003، فأقول الكل يعلم إن النظام البرلماني اللامركزي هو الأضمن للالتزام بأسس النظام الديمقراطي، من كل من النظام الرئاسي مقابل البرلماني، والمركزي مقابل الاتحادي. فليس المطلوب تغيير النظام من برلماني إلى رئاسي، بل المطلوب مواصلة عملية الإصلاح السياسي الطويلة. وفي تقديري إننا يجب أن نمنح للبرنامج الإصلاحي لرئيس مجلس الوزراء الحالي حيدر العبادي الفرصة والدعم الكافيين، والعمل على تعطيل فاعلية جهود المعرقلين للخطوات الإصلاحية. وإن كان ليس خيارنا المفضل، طالما كان عضوا في حزب إسلامي شيعي. وبما أن الإصلاح لا يمكن أن يحصل فوقيا، أي من الأحزاب المتنفذة، التي لا ترى مبررا لوجودها ما لم يكن بعضها أحزابا شيعية، وبعض آخر منها أحزابا سنية، وبعض ثالث أحزابا كردية، إذن لا بد من العمل لإجراء إصلاح تحتي، أي من جماهير الشعب، لتعتمد مع الوقت شيئا فشيئا ثقافة المواطنة، بدلا من ثقافة الانتماء للطائفة أو الدين أو العرق. وهذا نفسه سيحتاج هو الآخر إلى وقت ليس بقصير أبدا، لأنه يحتاج كشرط أساسي لامستغنى عنه تخلي الشيعة عن شيعيتهم السياسية، وتخلي السنة عن سنيتهم السياسية. لنعوّل إذن على جماهير الشعب، ولنشتغل على برامج التوعية والتثقيف الشعبيين، عبر الفن والأدب والكتب والإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والندوات، مهما بدت العملية الإصلاحية طويلة وشاقة، ولنكن واثقين بقوانين حتمية التاريخ، التي تحتم أن يكون المستقبل للأصلح والأصوب، للأكثر عقلانية والأكثر إنسانية، وبالتالي الأكثر تجسيدا لقيم الحداثة، لا لقيم الماضي. 26/06/2015
#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نصان من 2009: الغوص وذاك الغريب
-
دعوة لثورة النساء
-
أريد أن أطير
-
أشعر بالغربة
-
سيكون ثمة ضوء
-
في ذكرى 10 حزيران: الأولوية لمحاربة ودحر داعش ولكن
-
الدعوة إلى تغيير أسماء المدن والشوارع ما لها وما عليها
-
اعتماد دولة المكونات جريمة القرن بحق العراق
-
من «عصفورة حريتي» - حضور اسمه
-
نصان أخيران سقطا من «عصفورة حريتي»
-
نصان أخيران من «عصفورة حريتي»
-
ما بعد «عصفورة حريتي» - مناجاة الماقتين للظلم الحائرين في فه
...
-
من «عصفورة حريتي» - معنى الحب عند فيلسوف الحب
-
من «عصفورة حريتي» - هذيانات نوڤ-;-مبرية
-
النزعات الطائفية وانعكاساتها في عراق اليوم
-
ما سقط من «عصفورة حريتي» في نهاية السفر كان سراب
-
من «عصفورة حريتي» - معنى الحياة
-
ما سقط من «عصفورة حريتي» - أريد أن أطير
-
ما بعد «عصفورة حريتي» - المتكلمون باسم الله
-
ما بعد «عصفورة حريتي» - سكرة الكفر
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|