|
كيف تستفز الصحفيين!!
عادل مرزوق الجمري
الحوار المتمدن-العدد: 1341 - 2005 / 10 / 8 - 09:38
المحور:
الصحافة والاعلام
قليلاً من سلخ الذات.. كيف تستفز الصحافيين؟.
"يرى 80% من الأمريكيين، أن الصحافة أخذت من الحرية ما يزيد عن حاجاتها، وانها أحيانا تتبجح"
الصحافيون، هم من يسببون المشاكل للآخرين، من قد يحرفون الكلم عن مواضعه جراء إستعجالهم من تسليم موادهم، وهم من قد تأخذهم أراءهم الخاصة نحو تزييف الوقائع، وهم من يخضعون أحيانا تحت ضغوط متعددة، فيجعلون من السيء حسنا، أو يهملون ذكر ما هو حسن، بل قد يتمادون بوصف الجميل بالقبح، وهم أحيانا يتلاعبون بمشاعر الناس، وبمصالحهم الحيوية. السؤال، كيف تستفز الصحافي؟، وكيف تجعله يعيد حساباته؟ وكيف تقتص منه؟، وكيف تلعب بأوراقه، وتحوله من الإنسان المتعالي الى ذلك الضعيف الذي يحاول تبرير مواقفه؟. إحد الكتاب الأمريكيين كتب مقالة هامة في هذا السياق، وذكر بعض الإستراتيجيات في إستفزاز الصحفيين، أخذنا منها البعض وأضفنا البعض الأخر، أملاً منا في القليل من "معاقبة الذات". هذه أحد عشر إستراتيجية خاصة، لتقويض الصحافي، ولربما تحطيمه!!. أولاً/ أنت وصحيفتك تكذبون. الصحافي محور عمله البحث عن الحقيقة، والمصداقية هي إحدى القيم الإخبارية الأساسية التي من المفترض أن يلتزم بها، وحين تتهمه بالكذب، فإنك تجعله خارج أخلاقيات المهنة. او تحديدا هو مثل الطبيب، حين تخبره بأنه لا يفهم في الطب شيئا. وهذه التهمة تخرجه مجملاً من نطاق الإنسانية، فضلا عن الصحافة كمهنة. ثانياً/ أنت وصحيفتك منحازون. الحيادية تمثل قيمة لا تنفك صحيفة عن إدعاءها، وحين توجه هذه التهمة له، فإنك ببساطة تقوض حقيقة عمله، وتجعله اداة بيد من ينحاز له، وبذلك يكون الصحافي عبارة عن دمية، او لعبة يلعب بها الآخرون، ولا أخفي عليكم، كم لهذا الوصف من تأثير سلبي ومحبط. ثالثا/ لم تكتب ما قصدته بدقة. إن فن الكتابة من مقومات نجاح الصحفي، فالصحافي الذي لا يجيد الكتابة والتعبير الصحيح عما ينقل له، هو ببساطة مشروع يقارب على الإنتهاء قبل البدء فيه، وهذا الإتهام هو ما سوف يشكك بمدى قدرته الكتابية، وعلى مدى فهمة للأحاديث الصحفية. رابعاً/ لم أقرأ أكثر من العنوان. كأي مبدع، يسعى الصحفي كل يوم الى ان يستمع الى التعليقات التي ستأتيه على ما كتبه يوم أمس، وحين يتفاجأ الصحافي بهذه العبارة، فللقارئ أن يتصور حجم الإحباط الذي سيلتف به، إن كماً هائلاً من الإحساس بالعجز سيسيطر عليه، فهو شيء مهمل، وما ينتجه غير جذاب او مرغوب فيه. وهو ضعيف في عنونة ما يكتب، لدرجة انك لم تقرأ له، سوى العنوان. خامساً/ انتم ترغبون في المزيد من الأرباح فقط. يعتقد الصحفي أن ما يقوم به هو خدمة تنموية وإجتماعية هامة، لذلك فهو لطالما يعتبر الصحافي عمله انه من أرقى الخدمات الإنسانية، وحين تقوم بإتهام الصحفي وصحيفته بانهم "يسعون وراء المال" فأنك ببساطة تشكك في قيمه، وفي كونه شخصاً يسعى الى تطوير المجتمع، وتصفه بإختصار الى صف من يحاول الكشف عنهم من مجرمين وفاسدين ممن يسرقون المال العام. سادساً/ اريدك أن تبرز هذا الكلام بالتحديد. لدى الصحافي، شعور بانه مبدع، وانه يتمتع بذكاء جيد، وله في مضامين حرفته، قواعد خاصة يلتزم بها، لذلك فهو يحمل أجندة خاصة للمهم والأهم، وما عليه ان يبرزه، وما يجب إهماله، وحين يقوم الصحافي بإجراء مقابلة خاصة او تحقيق صحفي خاص، فإنك تضغط عليه بشدة وتستفزه أيما إستفزاز حين تطلب منه التركيز على أمور معينة، فالمستتر من هذا التوجيه، هو " أيها الصحافي الغبي، عليك ان تهتم بهذا وهذا..ولا تتعلق بصغائر الامور". وهذا بالضبط ما يجعله يحس بالغضب، حتى وإن اعطاك إبتسامة عريضة، ووعودا بالتنفيذ لما تريد. سابعاً/ اين حسك الوطني يا هذا. الصحافة اكاديميا، هي سلطة رابعة، هدفها خدمة الوطن ومصلحته هي على قائمة اولوياتها. وحين تتهم الصحافي بأنه فاقد لوطنيته، فأنت كمن يقف الى وزير من الوزراء ليخبره بانه لا يهتم بمصالح الوطن، وأنه يغلب مصالحه الشخصية. وهذا ما قد يجعله في موقف محرج، سيفكر الصحافي بصمت لثانية، وسيعلق بصوت غير مسموع "بعد كل الذي أقوم به، من أجلك، ومن اجل الوطن، تقول لي، أني لست وطنيا.. من الوطني إذن؟". ثامناً/ لماذا لم تنشر رسالتي. في الغالب يستقبل الصحافي يوميا عشرات او حتى مئات الرسائل من القراء، والتي عادة ما يسعى من مرسلوها الى نشرها في الصحيفة، ولا أخفي عليكم، بأن أكثر الصحافيين يلقون بالرسائل قبل قراءتها، إلا المادحة منها، او التي تأتي من الجنس اللطيف، حتى يتباهى بها البعض أمام زملاءهم، تبيانا على قدرته الإبداعية في إجتذاب المزيد من المعجبات. وحين تسأله هذا السؤال، فهناك ثلاثة إحتمالات لا رابع لها، قد يكون ما كتبت ليس صالحا للنشر لعدة إعتبارات، او ان الصحافي لا يدري اين رسالتك "فقدت وسط الزحام" ، أو انه رماها بعد قراءة اول سطر منها. وفي الحالات الثلاثة، هو عاجز عن الرد!! تاسعاً/ انتم لم تكتبو الحقائق كاملة. في التحقيقات الصحافية، قد يتطلب إعداد تحقيق واحد أشهراً من العمل المتواصل، والمقابلات المتكررة. وحين تفاجأ الصحافي بهذه العبارة، فإنه يستذكر تلك الجهود بحسرة. فبعد هذا الجهد الكبير، هو لم يذكر الحقائق كلها!!. إذن ما معنى ما قام به؟، هل هو مضيعة للوقت؟ ام انك تتهمه بأنه تواطأ في عدم ذكره للحقيقة كاملة لمصلحة طرف ما، انت هنا ببساطة تلمح الى انه صحافي مأجور، وهذا ما قد يفقده عقله. عاشراً/ أنت وصحيفتك لم تعترفوا بالأخطاء التي إرتكبتوها. تسعى الصحيفة الى أن تكون مصدر المعلومات الدقيقة والحقيقية، وعلى القارئ أن يعرف ان تصحيح الاخطاء المعلوماتية هو مدعاة الى ترسيخ فكرة أن الصحيفة تكثر من خلط الحقائق بالأكاذيب، بمعنى انها ليست منبر الحقيقة والصدق. كما ان الحقائق هي على الأغلب حقائق ذاتية، والحقائق التي تغضبك، انت في الغالب ترفض تسميتها بالحقائق. معنى ان تخبر الصحافي بهذه العبارة، ان يتحول تحرير الصحيفة الى مزاجك، وحقائقك الخاصة بك. وهذا ما يجعل الصحافي يحس بأنك تطلب شيئا لن يحدث إلا إذا قمت بشراء الصحيفة كاملة، فحينها فقط، صحح ما تريد من حقائق، وأكتب حقائقك كما تريد. احد عشر/ أكتب عن هذا الأمر. البعض يعتقد ان الصحافي يستطيع الكتابة عما يريد، وقتما يشاء، وكيفما يشاء. وهذه خرافة مضحكة، فالصحافي قد يكتب عموده الشخصي عشرين مرة متتالية، حتى توافق عليها رئاسة التحرير، كما ان الصحافي الذي يعمل في الأخبار المحلية، يعطى اجندة خاصة يسير عليها، وهو ليس حرا في بحثه عن الاخبار، فيكتب ما يريد ويترك ما يريد. أنت حينما تطلب منه بإلحاح ان يكتب عن أمر ما، قد لا يخبرك ببساطة ان هذا الموضوع تحديدا ترفض رئاسة التحرير الكتابة فيه، ولا تقبل أي خبر أو تعليق أو مقالة عنه. اتمنى ان أكون قد وفقت في إعطائكم ومضة بسيطة، تساعدكم في استفزاز الصحافيين، لكن عليكم بالتروي في تفعيل هذه الوصايا، فالمجتمع بدون صحافة، جامد لا يتحرك، هو مجتمع محكوم بالجهل، وهذا ما يستفزكم الصحافييون به، وهو عبارة "انت تجهل الحقيقة"، فالصحافي دائما وأبدا، هو يعرف كل شيء!!.
#عادل_مرزوق_الجمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التسويق السياسي من خيار التأسيس لهوس المدافعة!!
-
المقهى - بوصفه مكانا آمنا للحب
-
المقاطعة بوصفها فعلا سياسيا لا عيبا تاريخيا
-
خفيفة في تاريخ البحرين ثقيلة على مستقبلها..
-
ما بعد الإمبراطورية الأمريكية
-
الصحافة المدنية والصحافات الأخرى
-
عقوبة واشنطن !!
-
!!الأمريكيون.. بطعم الشوكولا
-
نعم.. لمطرقة الإصلاح بالخارج.
-
التشكيل السياسي الأمريكي -تحت المجهر-:
-
ما يمنع الصحافة أن تتأدب؟
-
يتلاعبون بالإعلام والصحافة
-
من خيارات الإرهاب إلى المدنية العجوزة..
-
الولايات المتحدة، الإعتباطية المنظمة!!
-
صحافيون متعجرفون
-
كيف تدير مجموعات المعارضة العربية إعلامها؟: بعيداً.. عن الزو
...
-
قراءة في الحقل الإلكتروني معرفيا..
-
قنواتنا الحكومية كسيحة، والإتجاه نحو الغرب سيفشل
-
تأديب برابرة الليبرالية الجديدة
-
لماذا، وكيف تقرأ.. هذه الجريدة.. ؟
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|