أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - فاطمة ناعوت - درجة الإملاء: صفر














المزيد.....

درجة الإملاء: صفر


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4848 - 2015 / 6 / 25 - 13:18
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


لستُ أدري لماذا هاجت الدنيا وماجت بسبب تسريب أسئلة الامتحانات ووقوعها في أيدي الطلاب قبل موعد الامتحان! لماذا غدت تلك الظاهرة حديث المدينة ومحور تندّر الناس ودليلهم الدامغ (والأوحد فيما يبدو) على فساد المنظومة التعليمية؟! “الامتحان" هو الخطوة النهائية من طقس التعليم على مدار العام. فهل صلُحَ الطقسُ، ليغدو فسادُ خطوة النهاية كارثة؟ ما دليلُ الغاضبين والغاضبات من تسرب أسئلة الامتحانات، على أن هناك تعليمًا من الأساس؟ أم تراكم صدقتم تلك المهزلة السنوية التي تُفرّخ لنا كل عام آلاف الأميين، وأسميتموها "تعليما"، فثارث حفيظتكم اليوم من تسرّب الأسئلة وغياب مبدأ تكافؤ الفرص، فيختلط المجتهد بالكسول، والذكي الأريب اللبيب بالخامل العاطل البليد؟! كم مجتهدًا في كل فصل دراسي تبكون على جهدهم، في مقابل حشود الأميين الجالسين على مقاعد الدرس بجميع الصفوف الدراسية من الابتدائي إلى الثانوي، بل إلى الجامعة، ثم يتخرجون؟ مَن الأولى بالبكاء عليه؟ حفنةٌ محدودة من المتفوقين النجباء، لا خوفٌ عليهم إن تسرّب سؤالٌ أم لم يتسرّب؟ أم حشودٌ حاشدة من الأميين تلفظهم الجامعاتُ كل عام إلى الدولة ليشغلوا مناصبَها؟!
لماذا لم يغضب الغاضبون والغاضبات بعد تصريح السيد وزير التربية والتعليم بأن هناك 303 ألف طالب وطالبة بالمرحلة الابتدائية حصلوا على درجة "صفر" في الإملاء خلال اختبارات القراءة والكتابة التي أقامتها وزارة التربية والتعليم؟!
أين غضبهم حين يصطدمون كل نهار بعشرات من حاملي الشهادات يخفقون في كتابة أسمائهم على النحو السليم؟! أين يختبئ غضبُهم حين يشاهدون الأخطاء الإملائية والنحوية والصرفية تملأ الصحف وشاشات الفضائيات والإعلانات في الشوارع والمحال، بل وفي الكتب المدرسية وفي محطة القرآن الكريم بالإذاعة المصرية حين يقول المذيع بثقة: “أحاديثٌ قدسية"، غافلا أن "أحاديثَ" ممنوعةٌ من الصرف لا يجوز تنوينها بصفاقة، على الأقل في محطة تبثُّ القرآن الكريم، الذي معجزته اللغةُ والبيان؟!
متى يفطن أولئك الغاضبون والغاضبات إلى أن ما يُسمى "عملية تعليمية" ليست إلا ملهاة تراچيدية إغريقية ركيكة يؤديها ممثلون فاشلون تنتهي بموت كل طاقم التمثيل والجوقة والعازفين ليخرج الجمهورُ وقد حصدوا شيئًا من "التطهّر الأرسطي" والشعور ببعض الراحة الزائفة، فيصدق الناسُ أن أولادهم يتعلمون، ويصدق التلاميدُ أنهم يتعلمون، وتصدق الدولةُ أنها توظّف خريجين متعلمين، بينما كل ما سبق حفنةٌ من الأوهام المبكية، لا سيما حين تحدث في بلد علّمت العالم فنونَ الكتابة والتدوين منذ فجر التاريخ الأول؟!
بعد تخرجي من الجامعة قررت أن "أغيّر العالم"، شأن ما يفعل الشبابُ في فورة حماسته وتصديه لمشكلات مجتمعه. اشتريت سبورة وبعض الطباشير الملون ومائة كشكول وكراسة وأقلام رصاص ومجلدات لوحات عالمية وغيرها، ثم جمعت أولاد البوابين وغيرهم ممن أشفقتُ عليهم من التعليم الحكومي الفاشل وقررت أن أصنع منهم فلاسفة وعلماء صغارًا بعدما أعلمهم مبادئ المنطق والرياضيات والفلسفة والعلوم والآداب والفنون البصرية وغيرها مما تخفق مدارسُنا في تعليمه. منهجي كان: “ما لن يجدوه في مناهج التعليم النظامي”. قررتُ بدايةً اختبار مستواهم اللغوي، قبل الشروع في تعليمهم قصائد الشعر الأشهر والمعلقات وفنون الآداب الرفيعة. أخبرتهم أن يخرجوا كراساتهم لُأملي عليهم قطعة من الأدب العربيّ، حتى أحدد مواطن الموهبة اللغوية لديهم ومكامن قصورها لأنطلق من ترميمها قبل تشييد الطوابق العليا. فسألني أحدهم ببراءة: “إملاء منظورة يا ميس؟" ولم أفهم ما هي "الإملاء المنظورة"! فسألته؛ وأجاب بآخر ما يمكن لإنسان أن يسمعه! الإملاء المنظورة هي أن أكتب القطعة الإملائية على السبورة، ثم يقوم التلاميذ "بنقلها"، أو بالأحرى "رسم" الأشكال (الحروف) كما هي أمامهم، دون أية مقدرة على قراءتها أو معرفة ماذا تعني الكلمات المكتوبة. وكيف يتم تقييم الطلاب بعد الإملاء المنظورة؟! هل هناك احتمالٌ أن يفشل أيُّ طالب في "نقل" الحروف كما يراها؟ الإجابة المُرّة: نعم، يخفقون أيضًا!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الحرف-... في المصري اليوم
- هدايا لم تُفتح منذ مولدك
- مصرُ ... وشخصية مصر
- شيخ الكافرين
- رحلتي للسماء
- رسالة من ذوي الإعاقة إلى الرئيس السيسي
- سلطان القاسمي... أحدُ أبناء مصر
- ليس بوسعي إلا السباحة ضد التيار
- قبل أن تُحبَّ صحفية
- عكاشة والسيسي
- النظافة ليست من الإيمان!
- بعضٌ من الحلم لا يفسدُ العالم
- في أي دركٍ من النار يسكن الأوركسترا؟
- رسالة من فاطمة ناعوت للرئيس السيسي بخصوص تهجير المسيحيين
- حزب النور... على أبواب التمكين
- خالد منتصر... أهلا بك في وكر الأشرار
- تمرّد... وكتابُ التاريخ
- بذورٌ فاسدة
- انتحارُ الأديب على بوابة قطر
- حزب النور وحلم التمكين الداعشي


المزيد.....




- كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
- فيديو مروع يظهر هجوم كلب شرس على آخر أمام مالكه في الشارع
- لبنان.. عشرات القتلى بالغارات الإسرائيلية بينهم 20 قتيلا وسط ...
- عاصفة ثلجية تعطل الحياة في بنسلفانيا.. مدارس مغلقة وحركة الم ...
- مقتل مسلح وإصابة ثلاثة من الشرطة في هجوم قرب السفارة الإسرائ ...
- اتفقت مع قاتل مأجور.. نائبة الرئيس الفلبيني تهدد علنا باغتيا ...
- العثور على جثة الحاخام المفقود في الإمارات وتل أبيب تعتبر ال ...
- سكوت ريتر: بايدن قادر على إشعال حرب نووية قبل تولي ترامب منص ...
- شقيقة الملك تشارلز تحرج زوجته كاميلا وتمنعها من كسر البروتوك ...
- خبير عسكري روسي: واشنطن أبلغت فرنسا وبريطانيا مباشرة بإطلاق ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - فاطمة ناعوت - درجة الإملاء: صفر