حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 4844 - 2015 / 6 / 21 - 22:36
المحور:
المجتمع المدني
رحيل نقابي متميز
وداعاً ، "با التهامي لعسل"
عدت قبيل حلول رمضان ، لمدينة فاس ، التي يهواها الفؤاد ، ويعز القلب أهلها الكرام ، وكلي شوق عارم لرؤية بعض ممن أعز من الأحباب ، وأجل من الأصدقاء ، وأقدر من الزملاء ، وأحترم من المعارف ، و تغمرني رغبة استعادة ما عشت معهم من ذكريات سعيدة ، وما أكثرها.. وخاصة منها تلك التي تقاسمت فرحها مع رفاق درب النضال النقابي ، وعلى رأسهم جميعهم المناضل الفذ - الذي لم أره مند زمن ، ليس لتقصير أو إهمال مني ، ولكن لظروف فوق طاقتي - الذي جمعتني به مسيرة ربع قرن من ذكريات العمل النقابي - الذي تربطه بأهله علاقة أخوة وصداقة، وله فيها رصيد كبير من الوفاء والتضحية ، والنشاطات والإسهامات ما تشهد له بأصالة النضال وسعة أفقه ودقته ، وغزارة الثقافة النقابية ، والتمكن من أدواتها ولغتها "الحوار" الذي تميز به وغدا علما فيه ، حيث كان من بين النقابيين القلائل الذين كان يجرؤ على مناقشة القرارات ، والاعتراض عليها ، وطرح المقترحات الصالحة للمهنة ، والتي كان يعرف مسبقاً أنها لا ترضي السلطة ، بل وتغضبها ، في الوقت الذي كان فيه الآخرون يبصمون بالعشرة –كما يقال- على كل ما يقوله المخزن ، ويصفقون لكل خطوة يتخذها ، رغم خطأها أو ضررها على مهنتهم ، وذلك خوفاً أو تملقاً ..
لقد كان يوما أغبرا ، يوما بلا عنوان ، بلا ملامح ، بلا نور ، وبلا ضياء ، سقط فيه آمال اللقاء ، وتكسرت على نبأ الرحيل كل الأماني ، خبر رحيل "با التهامي لعسل " إلى جوار ربه ، رحيل أبكى ألمه القلوب قبل العيون ، وخفق له الجنان ، واهتز له الوجدان، واقشعرت له الأبدان ، رحيل اختزل أعواما طوالا من كرم الأخلاق ، ونبل السجايا ، وحميد خصال الود والإخاء ، والصدق والعطاء ، والإخلاص والوفاء في أعلى درجاتها..
بهذه المناسبة الأليمة ، أتقدم بأحر التعازي المشفوعة بعبارات المواساة إلى أسرة هذا الطود النقابي ،الكبيرة والصغيرة ، مستحضرا في هذه اللحظة المؤثرة مناقب الفقيد
وكرم أخلاقه ، ونبل سجاياه وحميد خصاله التي أهلته لأن يتربع عزيزاً في سويداء الأفئدة مع صفوة الأحباب والأصدقاء الحقيقيين الذين يعز إيجاد مثيل لهم ، ويصعب تركهم ، ويستحيل نسيانهم ، وتبقى مناقبهم منارة لمعارفهم وأصدقاءهم الذين لن ينسوهم ما امتدت بهم الحياة ويظل رسمهم محفورًا بالذكرة التي تظل تدعو لهم بالرحمة والمغفرة ..
ســــأودعك أيها الصديق ، بصمت وهدوء ، ســـأودعك وأتجرع كأس الوداع الأخير ، وإن كان متأخرا عن موعد الوداع...
حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟